إنها بلاد بعيدة, وأناس غرباء, ولأن
المسافات باعدت بيننا, فقد أسدل الستار علي ما كان يربطنا معا, إنها
تايوان, والتي هي جزء من الحضارة الصينية العظيمة, ولا أدري لماذا
تذكرت أحلام الفارس القديم لصلاح عبدالصبور وهو يقول بحرقة اعطيك ما أعطتني
الدنيا من التجريب والمهارة لقاء يوم واحد من البكارة, وهنا تتداخل
المشاعر, وتجد الذكريات تأخذك الي بعيد.. بعيد في الزمن, وتسيطر عليك
الهواجس والمخاوف, كيف جاء الإسلام الي هنا, وهل نحن ـ في مصر والشرق
الأوسط ـ مطالبون بأن نفعل شيئا لهؤلاء الذين يكافحون هنا.. هؤلاء الذين
يقبضون علي دينهم مثل القابض علي الجمر, ولعل البعض سوف يقول ألا يكفينا
ما نحن فيه من مشاكل؟!, وأحسب أن المسألة أعقد من ذلك, كما أن الضمائر
الحية يجب ألا تغض الطرف أو تصمت, ولابد من أن تمد يدها لكل الذين بحاجة
الي المساعدة.. دعونا نبحر في الرحلة مع المسلمين في تايوان.
الأقلية المسلمة في تايوان
لقد دخل الإسلام بلاد الصين بشكل عام في عهد( تانغ) عام651 م, في
عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه, حين قام بإرسال بعثة رسمية إلي
بلاد الصين برئاسة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. واستقبلهم إمبراطور
الصين( تانغ قاو زو) في العاصمة الصينية آنذاك( تشانغ آن). وبعد
تقديم الرسالة للإمبراطور من الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه وبعض
الهدايا المقدمة, سمح الإمبراطور للبعثة الإسلامية بالقيام بالدعوة
للإسلام ونشر مبادئ الرسالة المحمدية هناك, كما سمح الإمبراطور ببناء
مسجد للمسلمين في عاصمة الصين( تشانغ آن), ويعتبر هذا المسجد أول مسجد
إسلامي خارج أراضي الجزيرة العربية والبلاد الإسلامية في تلك الفترة.
وانتشر الإسلام في بلاد الصين, حيث واكب خمسة عصور صينية وهي عصر(
تانغ) وعصر( سونغ) وعصر( يوان) وعصر( مينغ) وعصر( تسينغ)
حتي قيام جمهورية الصين في عام1912 م, ووصل عدد المسلمين في بلاد
الصين إلي نحو خمسين مليون مسلم بنسبة تبلغ10% من عدد سكان بلاد الصين
البالغ عددهم خمسمائة مليون نسمة حسب إحصائيات عام1948 م.
كيف جاء الإسلام إلي هنا؟!
{ دخل الإسلام إلي جزيرة تايوان علي مرحلتين تاريخيتين: المرحلة
الأولي كانت في عام1661 م, حينما انتقل القائد العسكري الصيني
الشهير( جينغ تشانغ قونغ) بقواته إلي جزيرة تايوان من أجل مقاومة الحكم
المانشوري الذي ازداد خطره علي البر الصيني, وكان من بين أفراد ذلك
الجيش, نسبة لا بأس بها من المسلمين الذين حضروا إلي هنا مع عائلاتهم,
واتخذوا من ميناء( لو قانغ) جنوب تايوان و(دان شوي) شمال تايوان
مركزا لها, حيث بنوا فيها المساجد, وأخذ عددهم بالازدياد حتي بلغ
ثلاثين ألف نسمة في أيام السيطرة اليابانية علي تايوان. إلا أن أكثرهم ضل
السبيل لعدم وجود الأئمة والدعاة والمرشدين.
أما المرحلة الثانية, فقد بدأت مع انسحاب حكومة جمهورية الصين من البر
الصيني إلي تايوان مع الجنرال شيانج كاي شيك أمام القوات الشيوعية الصينية
في عام1949 م, وفي هذه المرحلة حضر إلي تايوان من المسلمين عدد يقدر
بعشرين ألف مسلم, ويقدر عدد المسلمين اليوم بنحو200 ألف, نحو خمسة
وخمسين ألفا وباقي المواطنين من العمال الوافدين, والمسلمون في تايوان في
وضع جيد بسبب حرية العقيدة, ويتكون المسلمون في تايوان من الهوي,
والأتراك, والأويغور, والقازاق, والصينيين, وتوجدستة مساجد في
تايوان موزعة في شمالي ووسط وجنوبي تايوان. يوجد مسجدان في مدينة
تايبيه, ومسجد في كل من لونغقانغ التابعة لمدينة تشونغلي ومدينة تايتشونغ
ومدينة قاوشيونغ ومدينة تاينان.
إلا أنه برغم قلة عدد المسلمين الموجودين في تايوان بالنسبة لعدد سكان هذه
الجزيرة, إلا أن نشاطاتهم الدينية المنبثقة من غيرتهم علي الدين
وإخلاصهم للعقيدة الإسلامية جعلهم موضعا للإعجاب والاحترام من قبل حكومة
جمهورية الصين في تايوان.
والفضل يعود كله إلي القيادة الحكيمة للجمعية الإسلامية الصينية التي تم
تأسيسها قبل نحو خمسة و سبعين عاما, وبمساعدة من حكومة جمهورية الصين في
تايوان, وتحت رعاية الجمعية الإسلامية الصينية في تايوان فقد تم إنجاز
عدة مشاريع إسلامية, منها.
أولا: بناء مسجد للمسلمين في مدينة تايبيه, فعندما وصل المسلمون إلي
تايوان في المرحلة الثانية من انتقالهم كمهاجرين من البر الصيني, لم تكن
لديهم المقومات المادية الكثيرة للشروع في إنجاز بعض من المشاريع المترتب
عليهم إنجازها, لذلك عمدوا إلي جمع التبرعات من أبناء الجالية الإسلامية
المتواجدة هنا خاصة رجال الاعمال ليشتروا بتلك التبرعات بيتا قديما ليكون
بمثابة المسجد لهم كبداية, لإقامة الصلاة ومكانا للقاءات والاجتماعات
للتباحث في أمور الدين وأوضاعهم الخاصة بهم. وكما يقال: الضرورة سيدة
الأحكام, فإن هذا المسجد المقام داخل البيت القديم أصبح لا يوفي
بمتطلباتهم الضرورية, لذلك فقد أقروا بالإجماع بناء مسجد جديد رغم أن
أحوالهم المادية لا تسمح بذلك, إلا أنهم عمدوا إلي بيع ذلك البيت القديم
واشتروا بقيمته قطعة أرض تبلغ حوالي ألفي متر مربع, ثم قاموا بالإقتراض
من البنك الحكومي في تايوان مبلغ أربعة ملايين دولار تايواني أي ما يعادل
مائة ألف دولار أمريكي, وبهذا المبلغ استطاعوا إنجاز مشروع بناء
المسجد. ويجب ألا ننسي مدي الرعاية الحكومية في تايوان لأبناء الشعب علي
اختلاف أديانهم ومذاهبهم, فبعد تقديم طلب للحكومة من أبناء الجالية
الإسلامية والقائمين عليها بإعفائهم من الفوائد البنكية المترتبة علي
القرض, والذي ليس لديهم الإمكانيات لتسديدها, فقد وافقت الحكومة علي
الطلب وأعفتهم من تسديد تلك الفوائد, وبهذا أصبح جامع تايبيه مكان لقاء
المسلمين الموجودين في تايوان والقادمين من خارج تايوان. ويضم المسجد
مكانا للرجال والذي يقع في الطابق الأول, ومكانا للنساء المسلمات في
الطابق الثاني. يعد مسجد تايبيه مركزا مهما للنشاطات الدينية للمسلمين في
الإقليم الشمالي لجزيرة تايوان, وموقعا لنشاطات التبادل الثقافي
والاتصال بين المسلمين في تايوان والعالم, ومكانا لاستقبال الشخصيات
الدينية من الخارج.
وبعد فترة طويلة تم بناء مسجد آخر في نفس المدينة تايبيه, إضافة إلي
بناء أربعة مساجد أخري في كاوهسيونغ( جنوب تايوان) و تشونج لي, و
تايشونغ و تاينان, وبهذا يكون عدد المساجد للمسلمين في تايوان ستة
مساجد.
ويتبع الجمعية جمعية الشباب المسلم الصيني وجمعية الثقافة الإسلامية
الصينية, وتوجد جمعية المسلمين الصينيين ورابطة المسلمين الصينيين.
ثانيا: بناء مقابرإسلامية, فبعد بناء المسجد, كان علي المسلمين أن
يبدأوا بإنجاز مشروعهم الثاني والذي يعتبر من الأهمية الكبيرة, نظرا
لاختلاف مراسم معاملة الأموات في الدين الإسلامي عن غيره من سائر الأديان
والمذاهب الأخري.
ومن أجل إتمام إنجاز هذا المشروع, والشروع به إلي حيز التنفيذ, قامت
الجمعية الإسلامية الصينية في تايوان بتقديم طلب إلي الحكومة بمنحها قطعة
من الأرض ليتم عليها بناء المقبرة الإسلامية, وتمت الموافقة علي الطلب,
وتقع المقبرة الإسلامية في منطقة( لياو جانغ لي) الجبلية شرق
تايبيه, حيث يرقد بها ضريح المرحوم الجنرال( عمر باي تسونغ سي)
الصيني وزير الدفاع الصيني الراحل ومؤسس الجمعية الإسلامية الصينية ورئيسها
الأول, إلي جانب حثامين المسلمين الصينيين في تايوان.
ثالثا: إيجاد وبناء مسلخ ومذبح إسلامي, نظرا لتعاليم الإسلام التي تنص
علي عدم تناول المسلم لحم الخنزير وشرب الخمر وتدخين الحشيش وتناول
المخدرات وجميع الأشياء التي تضر بالصحة, فشعر المسلمون في تايوان بضرورة
إيجاد مسلخ ومذبح إسلامي لحماية أنفسهم من الوقوع في بعض ما حرمه الإسلام
أولا, وللانصياع لما نصت عليه تعاليم الشريعة الإسلامية, ومرة أخري
وبإلحاح شديد من المسلمين, قامت الجمعية بتقديم طلب إلي الحكومة بتوفير
مكان خاص لإقامة مسلخ ومذبح إسلامي عليه اسوة بما كانوا عليه في البر
الصيني قبل مجيئهم إلي تايوان, ومرة أخري وافقت الحكومة علي الطلب,
وبهذا استطاع المسلمون الصينيون في تايوان أن يسيطروا علي أهم المشاكل التي
واجهتهم في الصين وسيطرتهم علي تلك المشاكل تعود أولا إلي المساعدة
الحكومية, وثانيا للرعاية والقيادة الحكيمة للجمعية.
رابعا: الإنجازات الثقافية التعليمية, بعد أن استطاع المسلمون قهر
المشاكل الحياتية العامة, وبعض الصعوبات التي تتعارض مع ما نصت عليه
تعاليم الدين الإسلامي, اتجهت جهودهم إلي النواحي الثقافية من أجل الحفاظ
علي المسيرة الإسلامية بين صفوف المسلمين وإحيائها في قلوبهم خوفا من
تخلخل العقيدة في ظل الظروف الاجتماعية التي يعيشونها, ومن أبرز
إنجازاتهم في غضون الستين سنة الماضية هي:
أولا: ترجمة معاني القرآن الكريم ومن ثم طباعتها وتوزيعها مجانا علي
أبناء الدين الإسلامي في تايوان, فباعتبار القرآن الكريم معجزة الدين
الإسلامي معجزة الرسالة المحمدية, فبالتالي يعتبر المنبع الإسلامي
للمبادئ الإسلامية السامية, وبما أن لغة القرآن الكريم هي لغة الضاد,
فمن هنا يصعب علي غير العربي فهم معانيه, فالترجمة أصبحت لزاما وأمرا
ضروريا للمسلمين غير المتكلمين للغة العربية من أجل فهم التعاليم والشرائع
والمبادئ والأحكام والآداب الإسلامية جميعها.
وترجمة معاني القرآن الكريم فكرة قديمة نفذت في البر الصيني علي يد
الشيخ( إدريس وان جين زاي) والحاج( خالد شي زو جو) رحمهما الله,
وطبعت ترجمتهما وتم توزيعها تحت إشراف الجمعية بالتعاون مع رابطة العالم
الإسلامي, إلا أن الترجمة بحد ذاتها تعتبر قديمة وفيها الكثير من المعاني
المبهمة غير المعروفة, مما يصعب علي القارئ فهمها, لذلك فإن الجمعية
تحاول الآن مرة أخري ترجمة القرآن الكريم ليسهل علي القارئ فهمه, ويقوم
بمهام الترجمة الشيخ يونس عبدالحي إمام و خطيب مسجد تايبيه السابق, بعد
أن أنيطت إليه هذه المهمة من قبل مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في
السعودية.
ثانيا: إصدار مجلة إسلامية دورية, ويعتبر هذا الإنجاز من أهم الوسائل
التي ستربط العلاقة وتوطد أواصر الاخوة بين المسلمين في تايوان والمسلمين
في شتي أنحاء العالم الإسلامي, ولتكن إحدي الوسائل الإعلامية في نشر نور
الإسلام بين أبناء الشعب الصيني في تايوان والشعوب المجاورة الأخري,
ولأهمية الوسيلة الإعلامية تلك, فقد قررت الجمعية إصدار مجلة دورية أطلق
عليها( لسان الحق).
وبرغم الصعوبات المادية والمعونة التي تواجه طريق سير المجلة فإنها ما
زالت تؤدي الرسالة, و تصدركل شهرين, وتعتبر المجلة هذه هي الأولي من
نوعها في الشرق الأقصي.
ثالثا: إرسال الطلبة المسلمين التايوانيين إلي البلاد الإسلامية للتعليم
والدراسة, فمن أجل الحفاظ علي الوعي الإسلامي وتربية الشباب المسلم
والحفاظ علي خط سير الإسلام في تايوان, قامت الجمعية بإرسال طلاب مسلمين
تايوانيين في بعثات دراسية مقدمة من السعودية وليبيا, لتعلم نصوص الدين
الإسلامي, ومن ثم العودة لإفادة المسلمين هنا في تايوان.
مطلوب بصورة عاجلة
والآن بعد هذه الرحلة الطويلة ماذا يريد المسلمون من المصريين, تقول
السيدة مريم ـ مسئولة الإعلام بالمسجد الكبير في تايبيه ـ إنها تتوقع
المزيد من المصاحف المكتوبة باللغة الصينية, كما أن لديها طلبا عاجلا من
الأزهر, وهو ارسال ائمة الي تايوان, واستقبال طلاب لتأهيلهم حتي يصبحوا
أئمة ويعودوا الي هذه البلاد ليعلموا الناس أصول دينهم, كما تتطلع الي
فرصة زيادة تأهيل الأئمة من أهل البلاد, نظرا لأن المعلومات محدودة,
والأمر الحيوي الآخر الذي تطمح إلية السيدة مريم هو مساعدة المسلمين هنا في
اقامة مدرسة ابتدائية حتي يتعلم أبناء المسلمين اللغة العربية وأصول الدين
والتاريخ الإسلامي.
وتؤكد السيدة مريم أنه مهما يكن, فلابد من وجود صعوبات تحتاج إلي مد يد
العون والمساعدة من العالم الإسلامي لحل تلك المشاكل والصعوبات, والتي
يصعب علي الجالية المسلمة هنا حلها بمفردها, ومن هذه الصعوبات:
أولا: نقصان المدارس الإسلامية وبالأحري عدم وجودها, فبسبب هذه
المشكلة يضطر أبناء المسلمين هنا إلي الذهاب إلي المدارس الحكومية
والأهلية, فلا توجد فرصة لتمكين هؤلاء الطلبة من تلقي العلوم والدروس
الإسلامية المتكاملة, الأمر الذي من شأنه تهديد مستقبل الإسلام مع مرور
الزمن في تايوان ويتم الآن تعليم أبناء المسلمين التايوانيين تعاليم
ديانتهم في دروس دينية بالمساجد والمخيمات التربوية في الاجازات الاسبوعية
والصيفية.
ثانيا: عدم توافر أو كفاية الأئمة والدعاة الأكفاء, وتنطوي هذه علي
تقدم الحياة في جميع نواحيها, ونظرا لاقتحام المجتمعات اليوم بموجبات
الفكر المادي, أصبح الناس يهتمون بالكسب المادي, وأصبح الوقت يقاس
بالنقود, لذلك أثرت هذه الظروف علي الراغبين في التطوع لخدمة الإسلام
والقيام والرعاية علي مصالحه, فلا تجد من يتطوع لحراسة المسجد وصيانته
دون مقابل وحتي ولو وجد بمقابل لربما بعد فترة قصيرة يترك عمله ليبحث عن
عمل آخر من أجل توفير مصدر رزقه.
ثالثا: مشكلة الزواج للشباب المسلم, بسبب ذوبان المسلمين في المجتمع
وعدم سكنهم في أحياء معينة, وتبعا لهذه المشكلة لا توجد فرص كافية
للتعارف بين الشباب المسلم والاتصال والترابط بينهم, فإذا ما فكر الشاب
المسلم في الزواج صعب عليه إيجاد شريكة حياته ضمن إطار الإسلام, علاوة
علي تأثر الشباب المسلم بالأفكار العصرية السائدة في حرية اختيار شريكة
الحياة دون الرجوع إلي والديه بأخذ رأيهما, ولعلاقة الزمالة الدراسية
والجيرة كبير الأثر في اختيار الشاب المسلم, لذلك فإنهم كونوا عائلات
جديدة دون التأكد من إسلامهم إن كانوا شبابا أو إسلامهن إن كن فتيات,
فلما نشأ أولادهم تعرضت العائلات المسلمة للتمزق والتفكك, وأمثال هذه
القضايا كثيرة, وتعد هذه من أكبر تحدياتنا الاجتماعية الحالية في
تايوان.
ومن جانبها تقول الطالبة أمينة التي تدرس بالمرحلة الاعدادية واحدي
المترددات علي المسجد الكبير: إن الدين الإسلامي يتم تدريسه في حصة
التاريخ بالمدارس, كما أن المسلمين الجدد لا يعرفون كثيرا عن الإسلام,(
وفقا لتقديرات السيدة مريم فقد تحول مؤخرا نحو40 شخصا الي الإسلام خلال
مدة قصيرة).
وتحكي أمينة كيف أنه لا توجد معلمات حتي يقمن بتدريس اللغة العربية
والدين, وأنه جراء ذلك, فإن الذين كانوا يحضرون الي المسجد للتعلم بعد
فترة يتوقفون عن الحضور لعدم وجود المزيد من المعرفة, بل يتم تكرار ما
سبق قوله من قبل الذين يعطون الدروس, وتروي بمرارة كيف أن الايمان ليس
قويا هنا, وكيف أن الشباب صار من الصعب التحكم في سلوكهم.
وكما تحكي أمينة التي درست في السعودية حتي وقت قريب في أثناء اقامتها مع
أهلها هناك, كيف أن وجودها في المدرسة الاعدادية كان مثارا للاستغراب,
وتقول: في البداية عندما ذهبت بالحجاب كان الجميع يستغرب من ذلك, وتقول
أمينة باعتزاز: لقد تعودوا الآن علي وجودي وصاروا يعرفون السر وراء
ارتدائي الحجاب, بل أنهم منذ عدة أشهر طلبوا من أمي الحضور الي المدرسة
للحديث عن الإسلام, ولقد لبت الدعوة, كما قامت إدارة المسجد الكبير
بعمل معرض في المدرسة لمدة7 أيام, وخلال هذه المدة سأل الطلبة
والمدرسون أسئلة كثيرة عن الإسلام وأعجبهم كثيرا.
و في النهاية قلت لأمينة ماذا تريدين من شيخ الأزهر؟.. فقالت بصوت واثق
وأمل كبير: نريد ارسال كتب اسلامية الي هنا ـ الي تايوان ـ ومعلمات,
هذه لمحة سريعة عن أحوال أخوة لنا في البلاد البعيدة مازالوا علي الحب,
ولم تزل قلوبهم مفتوحة لنا, وآمالهم علينا عظيمة, ورجاءهم فينا
كبيرا, فتري هل نستجيب؟. أحسب أن الأمل في الأزهر كبير جدا, وفي
محله.
السبت سبتمبر 08, 2012 1:17 pm
