يحكى عن رجلا بلغ صيته الأرجاء و شهد له الجميع بالحكمة و الرصانة
وصلت سمعته اطراف البلاد و حتى الذين يبعدون عن قريته
مسيرة عشرون يوما اصبحوا يعرفونه حق المعرفة.كان يدعى هذا الرجل ماماد الصادق الحكيم الذي لم يكذب في حياته قط.
تناهى لمسامع الملك عن الحكيم ماماد و طلب من جنوده أن
يحضروه في الحال و لما مثل ماماد بين يدي الملك. حدق
الملك في هذا الرجل الحكيم و قال:
ماماد, هل حقا انك لم تكذب في حياتك ؟
قال ماماد:
حقا. لم اكذب.
قال الملك:
ولن يجري الكذب على لسانك اليس كذلك؟
قال ماماد:
نعم..لن يجري ابد.
قال الملك:
حسنا قل الحق و توخى الحذر دائما ولا تكذب لأن الكذب
مجراه سهلا على اللسان و مغري.
كرت الايام و الليالي و طلب الملك من ماماد المجئ وكان
هنالك حشد كبير و كان يبدو على الملك اهبة الخروج للصيد
وكانت يد الملك تشد عرف خيله وقدمه اليسرى على الركاب و
قدمه الاخرى على الارض صار الملك يوجه الأمور لماماد قائلا:
امضي يا ماماد للقصر و ابلغ الملكة اني قادم اليوم للغداء و قل
لها تولم وليمة كبيرى و انت مدعو في هذه الوليمة ايضا..
قدم ماماد فروض الطاعة للملك و مضى للملكة عندئذ افتر
الملك عن اسنانه ضاحكا وراح قائلا:
لن نخرج لصيد اليوم و اذا ماماد سيكذب على الملكة,وغدا
سنضحك جميعا من قلة عقله و جهالته.
بيد ان الحكيم ماماد ذهب للقصر وقال للملكة:
ربما ينبغي عليكم تحضير وليمة كبرى للغداء اليوم و ربما لا,وقد
يأتي الملك عند الظهيرة اليوم وقد لا يأتي.
قالت الملكة:
بالله اخبرني هل سيأتي ام لا؟
قال ماماد:
لست ادري هل وضع قدمه اليمنى على الركاب ام انه انزل
قدمه اليسرى عن الركاب بعد ان غادرت من عنده.
انتظر الجميع مقدم الملك على احر من الجمر لكنه لم يأتي إلا
في اليوم التالي وعندئذ قالت له الملكة:
ان الحكيم ماماد لم يكذب اطلاقا.
حكت الملكة للملك ما قاله ماماد من كلمات رصينة. فأدرك الملك أنه
اسقط في هاوية الجهالة التي لا قعر لها و ان الحكيم ماماد لا يعرف السبيل للكذب أبدا و انه
لا يقول إلا ما يراه بأم عينه.
منقوووووووووول