أخلاق العلماء (فاروق جويده )

كان موقفا مترفعا ونبيلا من فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر حين رفض قرار فصل الدكتور القرضاوى من هيئة كبار علماء الأزهر الشريف رغم إجماع الأعضاء على فصل د. القرضاوى. وهذا الموقف الأخلاقى من شيخ الأزهر يعكس اخلاق العلماء الحقيقيين الذين كانوا دائما وساما على وجه الثقافة المصرية ومؤسساتها الدينية العريقة. فى العالم ازهر واحد وفى الدول الإسلامية يحتل علماء الأزهر مكانة خاصة. وكان من الصعب فى زمان مضى ان تكون هناك خصومات سياسية بين العلماء لأنهم كانوا يترفعون عن العبث السياسى. وفى بعض الأحيان كان للأزهر مواقف وطنية ولا نقول سياسية دفاعا عن الوطن، اما السياسة فقد كانت مجالا لا يمكن ان يقترب منه العلماء فهذا شأن غيرهم. والدكتور القرضاوى عالم جليل وله فى قلوبنا محبة ومكانة خاصة ولم يكن يوما طرفا فى صراع سياسى وكان قريبا من جماعة الإخوان المسلمين ولكنه لم يكن شريكا فى معاركهم وخصوماتهم مع السلطات العربية، هكذا كان د. القرضاوى ومعه عالمنا الجليل الراحل الشيخ الغزالى كنا نعلم ان الغزالى يميل كثيرا لفكر الإخوان ولكنه كان حجة فى ذاته ومن هنا جاء موقف د. القرضاوى فى المحنة الأخيرة التى تعرض لها الإخوان ووجدناه يصدر فتاوى لا تتناسب مع تاريخه الطويل فى الدعوة والفكر، والحقيقة اننى كنت ارفض تماما الحملة التى تعرض لها القرضاوى من كثير من الأقلام ولكن هذا لا يمنع ان لدينا عتابا طويلا على د. القرضاوى لأن الرجل بحكم تاريخه ومكانته وعلمه اكبر من كل التنظيمات والأحزاب والجماعات الدينية والسياسية وينبغى ان تكون مواقفه محسوبة فقط على ما يرضى الله ورسوله. انها لحظة صعبة تلك التى فرقت العلماء وهم قادة الفكر والرأى والمشورة وان الإنسان يشعر بحزن عميق حين يرى هذه الصراعات التى امتدت الى مسافات بعيدة بين ابناء الوطن الواحد وإذا كان لنا ان نلوم او نعاتب فإن مسئولية العلماء فى هذه المحن ان يكونوا صوتا للحق والضمير والدعوة الى الاستقرار والأمن. ان الأوطان هى الباقية وكل الأشخاص الى زوال حكاما ومحكومين. تحية للإمام الأكبر على موقفه النبيل وهكذا تكون اخلاق العلماء.