زهرة الجنوب ...........
عدد المساهمات : 26070 العمر : 43
| موضوع: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الأربعاء يناير 26, 2011 9:32 am | |
| الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(1 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب شيخ الأزهر قد يسألني البعض من السادة غير المتخصصين في علوم العقيدة, أو علم الكلام, عن جدوي الحديث عن الإمام أبي الحسن الأشعري, رغم أن هذا الإمام قد توفي سنة330 هـ( تقريبا)
أي منذ مائة وألف عام مضين من عمر التاريخ؟ ثم ما الفائدة التي يجنيها المسلمون في محنتهم هذه من مثل هذا الحديث, وهل يرجون منه ما ترجو أمة تمزق شملها وانتقض غزلها أنكاثا, ولاذت بركن قصي معزول عن رهانات عصرها وتحدياته, بعد أن كانت ملء سمع الدنيا وبصرها. وبعد أن كان العالم كله يحسب لها ألف حساب؟! إن الإجابة عن مثل هذه الاسئلة المشروعة تختصر رسالة الأزهر الشريف ورسالة العلماء الأفاضل ورؤيتهم في تحديد العلة.. يذكرنا واقع الأمة الآن بواقعها أيام الإمام أبي الحسن الأشعري, وبحاجة الي منهج, كمنهجه الذي أنقذ به ثقافة المسلمين وحضارتها قديما, مما كان يتربص بها من مذاهب مغلقة تدير ظهرها للعقل وضوابطه, وأخري تتعبد بالعقل وتحكمه في كل شاردة وواردة, حتي فيما يتجاوز حدوده وأدواته, وثالثة تحكم الهوي والسياسة والمنفعة, وتخرج من كل ذلك بعقائد مشوهة تحاكم بها الناس وتقاتلهم عليه. في مثل هذا الجو المضطرب, ولد الإمام علي بن اسماعيل الأشعري في البصرة سنة260 هـ وتوفي في بغداد سنة330 هـ تقريبا(935 م) وعاش سبعين عاما بين فرق ومذاهب وتيارات متصارعة ومتنافرة أشد التنافر. إلا أن مذهبين كان لهما دور حاسم في ظهور مذهب الإمام أبي الحسن الأشعري كإمام لوسطية أهل السنة والجماعة في تلكم الفترة الحرجة.. هذان المذهبان هما: مذهب المعتزلة ومذهب الحنابلة الذي وقف منه موقف النقيض. واسمحوا لي ـ بأن أطرح في كلمة موجزة تذكيرا تاريخيا بهذين المذهبين. أما المعتزلة فقد كانوا يعولون في مذهبهم علي العقل وأحكامه, غير أن إفراطهم في التمسك بالمنهج العقلي الصارم انتهي بهم, من حيث يريدون أو لا يريدون, الي القول بمقالات جارحة لمشاعر كثير من أهل الورع والتقوي من علماء المسلمين.. من هذه المقالات: قولهم بالوجوب علي الله تعالي, حيث قالوا: يجب علي الله ـ تعالي ـ أن يثيب الطائعين يوم القيامة, كما يجب عليه أن يعذب العاصين, ولازم ذلك إنكار الشفاعة, لأنها تصدم ـ عقلا ـ مبدأ وجوب الثواب والعقاب, ومنها: موقفهم من مرتكب الكبيرة من المسلمين حيث قالوا: إنه ليس بمسلم لانهدام ركن العمل, وليس بكافر لنطقه بالشهادتين, بل هو في منزلة بين المنزلتين. غير أن المقولة التي عاني منها المجتمع معاناة بالغة, وعذب كثيرون من أجلها عذابا أليما بالضرب أو السجن, هي قولهم: إن القرآن مخلوق, شأنه في ذلك شأن باقي المخلوقات, ثم إنكارهم أن يتصف الله بصفة الكلام قبل أن يخلق الإنسان المخاطب بهذا الكلام المحدث, ومع هذه المقالة تبقي الآيات القرآنية في هذه القضية وكأنها معطلة المعني, وكان يمكن لهذه المقالات أن تبقي وقفا علي الدرس والعلم والبحث, وأن يظل الجدل حولها حبيس قاعات العلم, لولا أن الدولة في ذلكم الوقت تبنت مذهب الاعتزال وفرضته علي الناس فرضا, وهذه هي المشكلة القديمة المتجددة, وأعني بها أن تتبني الدولة وسلطاتها أحد المذاهب الخلافية, وتعمل علي نشر وإقصاء ماسواه من المذاهب الاسلامية المشروعة التي تتسع لها نصوص القرآن الكريم والسنة الصحيحة. ويحدثنا التاريخ القديم والحديث أن الأمة هي التي كانت ـ دائما ـ تدفع الثمن غاليا لهذا الترف العقلي لنخبة من العلماء والدعاة يعيشون في القصور, وفي الغرفات المريحة, ويحتمون بأصحاب الجاه والمال والسلطان.. وهذا ماحدث في هذه الفترة من فترات الدولة العباسية, حيث تبني الخليفة المأمون هذا المذهب, وقرب إليه علماء الاعتزال, وبدأ في حمل الناس علي القول بأن القرآن مخلوق, وكتب للولاة رسائل يأمرهم فيها بألا يعينوا القضاة ولا يقبلوا الشهود إذا كانوا لايؤمنون بهذه المقولة. وأن يرسلوا الي بغداد العلماء والمحدثين الذين يرفضون مذهب الاعتزال لحملهم علي هذا المذهب, أو تعذيبهم وسجنهم, وكثير من العلماء الذين صمدوا قتلوا أو ماتوا في سجون المأمون والمعتصم.. وقد استدعي الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وضرب بالسياط حتي سال منه الدم, لأنه لم يقل بأن القرآن مخلوق, ومن حسن الحظ أن المعتصم لم يقتله فيمن قتلهم من الممتنعين عن القول بخلق القرآن, وكان ذلك سنة220 هـ. وقد استمرت هذه الفتنة أو المحنة, حتي جاء المتوكل فقلب للمعتزلة ظهر المجن, وأصدر أوامره بمطاردة مذهبهم ومعاقبة من يري رأيهم, بل صدرت الأوامر لوالي مصر أن يمثل بقاضي قضاتها الذي سبق له أن عذب الرافضين لمذهب المعتزلة أيام المعتصم والواثق, وأمر بضربه بعد ذلك, وكان من المنطقي أن يتصدر الساحة بعدئذ المذهب المقابل لمذهب المعتزلة وهو المذهب الحنبلي الذي يقرر أن القرآن قديم في معانيه وألفاظه وحروفه, وكما تسلط المعتزلة علي الناس, تسلط الحنابلة عليهم بقضايا لا ناقة لهم فيها ولا جمل. وقد أدي هذا المنهج المتشدد والذي لا يعول كثيرا علي قواطع العقل أدي بهذا الاتجاه الي الغلو والتجسيم الي الدرجة التي ينفر منها شعور المؤمن المنزه لله تعالي.
الإمام أبوالحسن الأشعري ـ ومنهج الوسطية(2 ـ2) بقلم: د.احمدالطيب
في جو مضطرب ومتناقص فكريا وعقديا والذي مثل كل من المعتزلة والحنابلة الغلاة طرفي النقيض فيه, ولد الأشعري الذي درس الاعتزال وأصبح أحد الأعمدة الكبري في مدرسة المعتزلة.
ثم ألمت به أزمة فكرية حادة من تلك التي تصيب النخبة العليا من أهل النظر والاجتهاد حين يتبدي لهم وجه الحق والصواب. وأغلب الظن أن اضطراب الفرق الاسلامية من حول الأشعري وتطاحنها ونزولها بهذه المعارك إلي العامة, هو ما دفع به إلي هذه العزلة بحثا عن الاسلام الصحيح الذي جمع به النبي صلي الله عليه وسلم بين أشد القبائل والبطون والعشائر تنافرا واقتتالا, وما لبث الأشعري أن أعلن علي الناس رجوعه عن هذا المذهب, وعزمه علي تأسيس مذهب أهل الحق الذي نسب إليه لاحقا. هذا ولم يكن الأشعري أستاذا في علوم العقيدة فقط, بل كان مؤرخا من الطراز الأول للعقائد ولمقالات الاسلاميين. وقد مكنه هذا التخصص من أن يضع يده علي مواطن الضعف والقوة في كل فرقة من الفرق التي ضمها مؤلفه الجامع المسمي مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ولعلكم تلمحون معي من عنوان هذا المرجع الكبير نزعة التصالح والسماحة وكراهة الشقاق حول أمور تسع الجميع, فهذه المقالات مقالات إسلامية, وهذه الاختلافات اختلافات مؤمنين يصلون إلي قبلة واحدة. ونزعة التصالح هذه هي الخصيصة الكبري التي اتسم بها مذهب الامام الأشعري الذي لا يكفر أحدا من المسلمين, يشهد لذلك نقده العلمي اللاذع لمذهب المعتزلة ولغلاة الحنابلة دون أن يكفر أحدا منهم وقد اكتفي بنقده لغلاة الحنابلة ببيان خضوعهم لأحكام الوهم وتمردهم علي أحكام العقل, ومن هنا ثقل عليهم النظر علي حد تعبيره. وقد بين الامام في صراحة أن كلا من المذهبين السابقين لا يعبر عن الاسلام تعبيرا كاملا, وأن أيا منهما لم يلق قبولا عند جماهير المسلمين.. وذلك علي عكس المذهب الذي استخلصه الامام الأشعري ومعاصره: إمام الهدي أبو منصور الماتريدي في بلاد ما وراء النهر, وشكلا معا جناحي أهل السنة والجماعة. ولايمكن بطبيعة الحال أن نذكر ـ ولو علي سبيل الاجمال ـ تفاصيل المذهب الأشعري, ولا نقاط الضعف التي كشفها في مقولات المعتزلة والحنابلة, وما الخصائص التي تميز بها مذهب أهل السنة والجماعة وأهلته لأن يسود الأمة الاسلامية شرقا وغربا إلي يوم الناس هذا. فهذا له موضع آخر اكثر تفصيلا غير أنه إذا كان للأزهر من آمال يرجوها للمسلمين فإنها تتمثل في أمور: أولا: نشر التراث الوسطي وإذاعته بين الناس لتقف به الأمة في وجه نزعات التكفير والتفسيق والتبديع, في خلافيات تسع الناس جميعا, وذلك حتي نتمكن من وقف هذه التداعيات التي توشك أن تقضي علي وحدة الأمة وقوتها.. والمذهب الأشعري هو الأجدر بهذا الدور, لأنه المذهب الذي يروي ابن عساكر عن إمامه الأشعري أنه حين قرب حضور أجله في بغداد قال لأحد تلامذته: اشهد علي أني لا أكفر أحدا من أهل هذه القبلة, لأن الكل يشيرون إلي معبود واحد, وإنما هذا كله اختلاف العبارات ثانيا: إحترام التوازن في الجمع بين العقل والنقل, وإنهاء الخصومة المصطنعة بينهما والتي تسيطر الآن علي بعض الأفهام. وهذا ما نجده بوضوح في تراث الإمام الأشعري وبخاصة في رسالته المعروفة بالحث علي البحث ـ في عنوان آخر ـ استحسان الخوض في علم الكلام. ولعل هذا ـ هو السر في احتضان الأزهر هذا المذهب منذ القدم وتعويله عليه في مختلف العلوم الاسلامية: في العقائد والتفسير والحديث وأصول الفقه وعلوم اللغة, وطبعه بطابع الوسطية والاعتدال, وتمكن هذا المعهد العريق من قيادة الأمة في طريق وسط بعيد عن التطرف وعن التميع معا. الأمر الثالث: إصلاح همم الأولويات المقلوب رأسا علي عقب, وإعادته إلي وضعه الصحيح, وذلك بالتركيز علي جوهر الدين, وعلي المتفق عليه بين المسلمين, ثم علي المشترك بين المسلمين وغير المسلمين من المؤمنين بالأديان الأخري, وأن نحتكم في ذلك إلي قوله تعالي: لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا علي إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فاؤلئك هم الظالمون إن الأزهر بما له من تاريخ عريق في الحفاظ علي الاسلام والدفاع عنه, يعلن للناس جميعا أن من أهم الدروس التي يمكن استخلاصها من السياق العام لفكر الامام الأشعري ضرورة العمل علي نشر الأمن والسلام بين الناس جميعا, ونبذ جميع صور العنف التي تروع الأبرياء والآمنين, ورفض ما يرتكبه بعض المنتسبين إلي الاسلام من جرائم التفجير والتدمير والترويع, وقتل النفوس البريئة العاملة, وفي الوقت نفسه يطالب الأزهر دول أوروبا وأمريكا أن تحث صناع القرار هناك علي ضرورة توخي العدل في سياساتهم, وأن يتوقفوا عن سياسة الكيل بمكالين في قضايا الأمة العربية والاسلامية, وأن يتحلوا بالجدية والمسئولية والانصاف وهم يتعاملون مع قضية القضايا في تاريخنا المعاصر وأعني بها قضية شعب فلسطين المشرد والمعذب والمظلوم, وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..
منقووول | |
|
امنـــــــه عضو vip
عدد المساهمات : 1455 العمر : 48
| موضوع: رد: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الأربعاء مارس 30, 2011 3:02 am | |
| يالله نحتاج أن نبذل جهد ونعرف الكثير حتى نصل لبر الأمان .
شكراً زهرة | |
|
احمد ابو عاصم مشرف منتدى الادب والفنون
عدد المساهمات : 1387 العمر : 45 الموقع : الرياض
| موضوع: رد: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الأربعاء مارس 30, 2011 3:16 am | |
| جزى الله الامام خير الجزاء فاعماله بها تنقيحات ذات طابع خاص شكرا ام شروق على الموضوع الجيد والذى يستحق الاطلاع | |
|
زهرة الجنوب ...........
عدد المساهمات : 26070 العمر : 43
| موضوع: رد: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الأربعاء مارس 30, 2011 11:49 am | |
| آمنة ابو مرح شكرا لكما وكلام دسم طبعا من فضيلة الدكتور دراسة تستحق الدراسة | |
|
امنـــــــه عضو vip
عدد المساهمات : 1455 العمر : 48
| موضوع: رد: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الأحد مايو 22, 2011 10:43 am | |
|
رفع الموضوع للفائدة .. رفع الله قدر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب في الدنيا والآخرة .. اللهم آمين
| |
|
ناصر عاشق أل بيت الطيب عضو جديد
عدد المساهمات : 24 العمر : 48
| موضوع: رد: الدكتور أحمد الطيب وكلام عن الأشعرية والوسطية الخميس مايو 26, 2011 12:42 am | |
| شكرا ثم شكرا لحضرتك علي هذا العمل الجيد اطال الله عمر فضيلة الامام الاكبر شيخنا الجليل الدكتور احمد الطيب ابن ال بيت الطيب
| |
|