وزراء ومحافظون ومديرو أمن يتقاضون مئات الآلاف
تحقيق- علي شيخون:
الفساد
هو المبرر الوحيد لتضخم دخول كبار المسئولين والوزراء ورؤساء الشركات
والهيئات العامة, لتتجاوز مئات الآلاف, خاصة أن معظم من يتقاضون هذه
الدخول يديرون شركات وبنوكا خاسرة, والعاملون فيها يتقاضون رواتب بمئات
الجنيهات.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] وبسبب جبروت الفساد, لم تستطع وزارات الثورة المتعددة بداية من رئيس مجلس
الوزراء عصام شرف وصولا الي وزير المالية الدكتور حازم الببلاوي الاقتراب
من هذا الملف, لأنه يمس في الأساس دخولهم ـ علي حد قول البعض ـ ودخول
أصدقائهم من باقي الوزراء والمسئولين.
في حفل زفاف ابنة أحد المسئولين جمعتني مائدة مع عدد منهم, كان بينهم
مسئول رفيع بالجهاز المركزي للمحاسبات, تحدثنا في أمور عديدة وانتقلنا الي
الأجور ففجر هذا المسئول مفاجأة حول تفاوت الأجور ـ لم أكن أعرفها ـ ان دخل
مدير الأمن أكثر ثلاثين ضعفا من دخل المحافظ حيث يتقاضي دخله من قرابة28
جهة وأعلي دخل لمديري أمن الجيزة والقاهرة, فرد عليه أحد الجالسين بأن وزير
الزراعة يتقاضي دخلا من47 جهة وجمعية واتحاد, وقال ثالث إن رؤساء البنوك
العامة دخولهم ضخمة وإن كانت هذه البنوك تحقق خسائر لايمكن أن تحصيها, وأكد
أحد الجالسين أن رؤساء المصرية للاتصالات وبنك التنمية يزيد دخلهما عن دخل
رئيس الولايات المتحدة الأمريكية.. وهكذا.
هذه الدخول هي عينة تشير الي وجود خلل شديد فهؤلاء المسئولون يحصلون علي
مئات الألوف من أموال الشعب في شكل مكافآت وعلاوات وبدلات دون وجه حق ودون
سند قانوني بمساعدة مجلس إدارة فاسد يشارك في الموافقة, في مقابل حصولهم
علي القليل وهو مشهد يتكرر في جميع المؤسسات, والهيئات والشركات العامة دون
استثناء, وهذا الوضع لا يمكن أن يستمر عقب الثورة, وهو السبب الرئيسي وراء
الوقفات الاحتجاجية وعدم تصدي الحكومة له ووضع حد أقصي زاد من حجم التوتر
وتعصب العاملين بهذه المؤسسات وعدم ثقتهم في المسئولين.
يري الدكتور محمود عبدالحي المدير السابق لمعهد التخطيط القومي, أن الحديث
حول وضع حد أقصي للأجور ينصب فقط علي العاملين في القطاع الحكومي وقد حدد
قانون الخدمة العامة جدولا للرواتب والعلاوات, إلا أن التشوهات المالية
ووجود دخول بعشرات ومئات الآلاف غير قانوني.
وأضاف الدكتور عبدالحي أنه منذ قرابة عامين تقدم باقتراح إلي وزير التخطيط
حول قضية الحد الأقصي للأجور والتشوه الحادث في دخول كبار المسئولين, بأن
يوضع كادر لكل وظيفة بشكل واضح حول دخله بكل شفافية, إلا أن هذا الاقتراح
لم ينفذ.
وأشار الدكتور عبدالحي الي أن بداية وجود رواتب بعشرات الآلاف جاء مع
برامج المعونات الأجنبية والتي كانت تحضر طاقما من المستشارين للوزراء
يتقاضون دخولا بعشرات الآلاف لمدة عامين أو ثلاثة, ثم ينتهي البرنامج ويضطر
الوزراء لتحمل تلك الدخول من ميزانية الوزارة, وقد اقترحت ـ والكلام
للدكتور عبدالحي عندما كنت مديرا لمعهد التخطيط علي الوزير, أن يستعين
الوزراء بمستشارين من معهد التخطيط وهو يملك خبراء في مختلف التخصصات ولن
يتقاضي الواحد منهم أكثر من عدة آلاف من الجنيهات, إلا أن الوزير رفض بحجة
أن الوزراء الآخرين لن يقبلوا إلا بمستشارين مقربين لهم.
وطالب الدكتور محمود عبدالحي بضرورة ايقاف حصول الوزراء وكبار المسئولين
علي مكافآت وبدلات من جهات عديدة تابعة لهم, وأن يكون لكل مسئول دخل ثابت
ومعلوم يدفع عنه ضرائب ويتقاضاه بكل شفافية ولا مانع من حصول أي موظف صغير
أو كبير علي حافز يكون أيضا معلوما ومحددا مقابل الإجادة أو الزيادة في
المهام وساعات العمل, وذلك للتشجيع علي الأداء المتميز والإضافي.
من ناحية أخري, يري أحد الخبراء الاقتصاديين ـ رفض ذكر اسمه ـ أن غياب
الدولة وانعدام تأثيرها وتلاعب أصحاب المصالح والاحتكارات قد شجع علي
الاعتداء علي أموال الشعب ونهبها, وعدم الخضوع لأي قوانين أو قرارات بل ضرب
بهذه القوانين عرض الحائط استنادا الي قوتهم التي حصلوا عليها. وبصفة
عامة, فإن بعض هؤلاء المسئولين الذين يحصلون علي دخول بمئات الآلاف غير
مؤهلين وليس لديهم خبرة, وكانوا في أقل وأدني السلم الوظيفي في المؤسسات
والشركات والبنوك التي كانوا يعملون بها, وتم استدعاؤهم من وظائفهم
واعطاؤهم وظائف كبيرة واسناد الاختصاصات اليهم من أجل القضاء علي طبقة
مديري العموم وفتح المجال أمام سرقة الأموال.