فوتوجنيك
أنا مصور فوتوغرافي ..
بدأت هاويا , وانتهيت محترفاولا أدرى متى بدأت هوايتي ... بل أنى لا أذكر يوم من عمري لم احمل فيه بين يدي آلة تصوير ...فقط كان والدي من هواه التصوير أيضا ,وكنت و أنا صغير أجرى لأخطف آلة التصوير ,وأضمها إلى صدري فرحا ضاحكا كأني أضم كل ما في الدنيا ... وكنت إذا بكيت لا أسكت ألا إذا جاءت لي والدتي بآله التصوير .. وإذا أرادوا إن يسقوني (شربه )أو دواء مر ,تحايلوا علي باعطائى أله تصوير ..وعندماأصبحت في العاشرة من عمري ,ونلت الشهادة الابتدائية ,أهداني والدي اله تصوير...اا كاميره !!!!...من يومها وأنا أرى الدنيا وأرى الناس ,من خلال عدسه الكاميرا..لم يكن ما أراه بعيني يصلح للحكم على الأشياء ..
كان الحكم دائما لعدسه الكاميرا ..أي أنى لو رئيت رجلا بعيني لا أستطيع أن احكم عليه ....لاأستطيع أن أحبه أو اكرهه..لأستطيع أن احكم على أخلاقه ...اوإنما كل مايحدث لي أن يثير هذا الرجل اهتمامي أو لا يثيره ...فإذا أثار اهتمامي صوبت إليه العدسة والتقطت صورته ..ثم أنظر في الصورة , ومن خلالها أستطيع أن احكم عليه ..وأستطيع أن اعرف أخلاقه ..أستطيع أحبه أو اكره ...وأنت تعرف أن عدسه الكاميرا تعمل بالظبط نفس الطريقة التي تعمل بها عين الإنسان ..أي أن تركيبهاالميكانيكي هوا نفسه التركيب الفسيولوجي لعين الإنسان ..ورغم ذلك ...فأن هناك فارق بين ما تلتقطه عين الإنسان , وما تلتقطه عدسه الكاميرا ....فالمنظر الطبيعي الذي يبدو في الصورة الفوتوغرافية تجده مختلفا عن نفس المنظر إذا وقفت أمامه وتطلعت إليه بعينيك المجردتين ..إن في الصورة تفاصيل كثيرة لما تلتقطها عيناك ,وفيها تكامل وانسجام لا تستطيع أن تحس بهما بعينيك ,ولكن عدسه الكاميراأحست بهم ...وكذلك وجوه الناس..أن الوجه الذي تراه عينيك , يختلف عن نفس الوجه إذا التقطته أله التصوير ..فقط ترى عينيك وجه فتاه في غاية الجمال ..ولكنك إذا التقطت صورتهابالعدسة وجدتها في الصورة أقل جمالا ..بل قد لا تكون جميله أبدا ..وهذا الاختلاف هوالذي أدى إلى تقسم وجوه البشر إلى :اوجوه (فوتوجنيك )ووجوه (ليست فوتوجنيك) ..وهذا الخلاف بين عين الكاميرا وعين الإنسان وقد يبدو ضئيلا بالنسبة للرجل العادي ولكنه بالنسبة لفنان مثلي كبيرا ..
كبيرا جداا!!!..وقد بداء هذاالخلاف يحيرني منذ مده طويلة....كنت أسئل نفسي: ما الذى يجعل بعض الوجوه فتوجنيك والبعض الاخر ليس فتوجنيك؟؟؟ !!!...
من الناحية العلمية يستطيع أىأخصائي في التصوير أن يقول لك أن الظلال التي تلقيها ملامح الوجه هي التي تؤثرفي مدى صلاحيته للتصوير ..أي قد يكون وجهك جميل ,ولكن الظل الذي يلقيه أنفك على وجنتيك يجعل وجهك يبدو في الصورة مسطحا ,فيصبح وجهك ليس فتوجنيكيا!!!...ولكن هذا الكلام العلمي ليس صحيحا على إطلاقه فقد أجريت مئات التجار على ظلال الوجه , ورغم ذلك ظلت هناك وجوه فتوجنيك ووجوه غير فتوجونيك حتى لوتساوت الظلال بينهم !!!...وجدت نفسي بعد قليل أتساءل : اأيهماأصدق.... عين الإنسان أم عين الكاميرا !!..
أن كل منهما يرى نفس الشيء رؤيةمختلفة فأيهما أصدق فى رؤياه... هل ما نراه بأعيننا هو الحقيقة ,أم ما تراه عين الكاميرا ؟...وحيرني السؤال ....عشت شهورا طويلة حائرا ....ثم ..وجدت الاكتشاف العلمي الضخم ....وجدت الجواب ...أن عين الكاميرا أصدق من عين الإنسان !!...لا تندهش ...ولكن ,أسألني: لماذا ؟؟!!.. والمسألةبسيطة ...أن عين الإنسان تتعرض لمؤثرات كثيرة ....تتعرض للعاطفة.فأن عواطفك تؤثر في عينيك,
فترى الشخص الذي تكره دميما والشخص الذي تحبه جميلا ,,وبيت الشعر الذي يقول
وعين الرضي عن كل عيب كليلةولكن عين السخط تبدى المساويا)ليس مجرد بيت شعر, أنه نظريه علميه !!اكما إن عين الإنسان تتعرض لمؤثرات الجنس, فالرجل قد يرى المرأه جميله لمجردأنها أمرأه ,أو لأنه يشتهيها .كما تتعرض لمقتضيات المصلحة الخاصة كما يصورهالك العقل ...فإذا كنت محتاجا لرجل فأنك غالبا ما تراه أنسأن سمحا ينطق وجه بخف الدم في حين انه قد يكون سمج ثقيل الدم و.....و...اهذه عين الانسان ... اعين لا يمكن أن تكون صادقه ..لأنها عين ليست منزهه وليست محايدة ,أنما هي عين أثيره بين قلب الأنسان وعقله ...اأثيره ألأهواء !!..اولكن...ا
..عين الكاميرا ليست كذلك ..أنها عين نزيه...محايدة ... متحررة من الأهواء... عين لا تخضع للعاطفة ,ولا شهوه جنسيه ولا مصلحه خاصة..أنهاعين صادقه ..أن ما تراه الكاميرا حقيقة قاطعه...وما يراه الإنسان حقيقةمشكوك فيها..ولكن...هناك سؤال أعمق... وأخطر!!؟هل الفرق بين ما تراه عين الإنسان , وما تراه عين الكاميرا هوا مجرد فرق في الشكل ..في المظهرالخارجي...ا
...أى هل كل الفرق ينحصر في أن الوجه الذي تراه عين الإنسان جميلاقد يبدو في الصورة الفوتوغرافية أٌقل جمالا ...أم هوا فرق في الحقيقة التي تختفي خلف الوجه ...حقيقة الشخص نفسه أخلاقه ..طباعه ..نياته ...!!!
وبمعنى أخر ....هل تلتقط الكاميرا صوره الوجه فقط, أم تلتقط مع الوجه صوره الأخلاق والنيات؟؟
سؤال خطير!...لكنى وجدت الجواب..
الجواب هوا أن الكاميراتلتقط أيضا صوره الأعماق...
صوره أخلاق كل ما يقف أمامها... فأنت - أو على الأصح ,أنا - أستطيع أن اعرف أخلاق الشخص من صوره الفوتوغرافية... بل أنى لا أطمئن للشخص ألا بعد أن التقط صورته ,وأدقق فيها لأعرف أخلاقه ونياته!!..وكثير... كثيرا جدا ... يحدث ان تلتقي بشخص وترتاح إليه وتطمئن لنياته ولكنك إذا التقطت صورته ودققت النظر فيها وجدت ملامحه تنطق بالخبث, والجشع, وسؤ النيه ..وعليك فى هذه الحاله أن تصدق عين الكاميرا ولا تصدق عينيك , لأن عين الإنسان –كما قلت لك –مشكوك في صدقهما -...ا وأصبحت هذه نظريتي في الحياة....
أرى الناس والأشياء من خلال عدسه الكاميرا , واحكم على الناس والأشياء كما تحكم عليهم الكاميرا ...
حتى أنى قررت يوما أن أشترى سيارة مستعمله وكان صاحبه يبدو صادقا طيبا حسن النية ولكن يرغم احساسى بصدقه وطيبته صممت قبل إن اشترى السيارة على أن ألتقط له صوره .. ودققت النظر فى الصوره, فأذ به يبدو خبيثا, كاذبا, سيء النية ... كان وجه طبعا (ليس فتوجنيك ).....
ولم أشترى السيارة... وحمدت الله لأني لم أشترها فقد أشترهاصديق لي وتبن له بعد أن اشتراها إن (الأكس) مكسور وملحوم ...وضاع عليه الثمن الذي دفعه !!..
وكنت سعيد بأكتشافى ...وكنت أثير في الحياة وفى يدي عدسه سحريه تطلعني على خبايا النفوس ...عدسه الكاميرا!!..إلى أن التقيت بسعاد..
رأيت سعاد من النظرة الأولى ..جميله ..رائعةوجهها ينم عن البراءة ...وعينها تشعان بذكاء طيب هاديء..
وابتسامتها تطرق قلبك بحنان غريب...
وشعرها منسدل على كتفيها في راحة, كأنه منذ ولدت نائم فى مكانه لم يوقظه احد.
رأيتها كما أرى حلم عشت فيه عمري كله...
لم تسنح لي فرصه لتصويرها لأسابيع طويلةولكني لم أكن في حاجه إلى تصويرها... كانت صورتها تزدادوضوحا في عيني يوما بعد يوم ...وحديثها الشائق يقودني إلى أعماقها... أعماق من النور .....ا
...نور ومن تحته نور ....اوأحببتها ...اأحببتها الى حد أنى كنت أنسى الكاميرا وأنا بجانبها ...نعم ...إلى هذا الحد أحببتها..ا
...ثم ..التقطت لها صوره ...بعين الكاميرا ...لم التقط صورتها لأني كنت أريد أناعرفها أكثر ...لاء ...فكنت واثق من أنى لست في حاجه لأعرفها أكثر ...ا
.وذهبت لمعملي وحمضت الصورة , ثم أضاءت النور ونظرت إليها وانا مطمئن النفس ...واثق من النتيجه ..
ولكن ..أنها ليست فتوجنيك !!..
أن وجهها يبدو مسطحا ..باهتا ...وابتسامتها تبدو مفتعله ..وفى عينها خبث ..وبشرتها تبدو خشنه وكأنها بشره فتاه أنهكتها التجارب لا ..لا يمكن ...لابد أن شيء حدث وأنا ألتقطلها هذه الصورة ..!!؟؟التقطت لها صوره أخرى ..وثانيه ...وثالثه .. وعشرات الصور ..في أوضاع مختلفة .. من زوايا مختلفة... وعكست عليها النور من جميع الجهات..اوصورتها دون أن تدرى .. وصورتها وهى تدرى ...و...والنتيجةواحده..أنها ليست فوتوجنيك ..
أن عين الكاميرا لا تريد أن ترحمها ..
اعين الكاميرا لا تريد أن تكذب..اولكن من قال أن عين الكاميرا أصدق من عين الإنسان؟؟!!
ما هذه النظريه السخيفه التى ابتكرتها ,أمنت بها!!.
كيف اجعل هذه الإله الصماء -الكاميرا - تتحكم في منطقي وفى حكمي على الأشياء والناس, ثم أتركها تتحكم الأن فى عواطفى ....الاء....
هذه نظريه جوفاء..هذه سخافة..
أنى أحب سعاد... والحب هوا الحقيقة الحب هوا الصدق الحب هوا حياتيّّّّ...!!!هجرت الكاميرا ...تركتها ...لم اعد أرى الدنيا من خلال عدستها بل لما اعد ألتقط بها صورا... تركت التصوير الفوتوغرافي كل ما فعللته قبل إن اهجرالكاميرا والتصوير هوا أنى جئت بأحدي صور سعاد , وأجريت عليه بيدي رتوش كثيرة حتى بدت جميله ...جميله جداا..وأهديتها الصورة ذات الرتوش...
الصورة المزورة ...اثم تزوجتها...ا
-*-*-*-*-*-*-*-*
أتدرى ماذا حدث؟؟ابعد سنه طلقت سعاد...لقد كانت عين الكاميرا ,أصدق من عين الأنسان...وعدت الى الكاميرا ...ا