وجهت صحيفة واشنطن بوست
الأمريكية أمس لطمة عنيفة إلي سمعة الولايات المتحدة كدولة نموذجية تعبر عن
الحريات وتحترم حقوق الإنسان, مؤكدة في تقرير لها أن لديها عشرة شواهد
أو أدلة علي أنها لم تعد بلاد الحريات
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] معتبرة أنها فقدت بريقها كدولة تحترم القانون.
وقالت الصحيفة في تقريرها إن وزارة الخارجية الأمريكية تحرص علي إصدار
تقارير سنوية حول انتهاكات الحريات وحقوق الإنسان في دول العالم المختلفة,
فعلي سبيل المثال, أصدرت الولايات المتحدة تقريرا ينتقد سياسات إيران
الداخلية والمحاكمات غير العادلة وتحجيم حريات الأفراد, وعددا آخر من
التقارير التي تنتقد دولا أخري تستخدم العنف والتعذيب, حيث أشارت الصحيفة
إلي أن تلك التقارير وما تحتويه من انتهاكات هي أمور حقيقية وموجودة علي
أرض الواقع في عدد كبير من الدول بالفعل, ولكن هذا لا يجعل من الولايات
المتحدة النموذج الوحيد والأوحد لدولة الحريات.
وتشير الصحيفة الي قائمة طويلة من القوانين والممارسات الموجودة داخل
الولايات المتحدة منذ أحداث11 من سبتمبر2001 التي غيرت شكل السياسة
الأمريكية الداخلية والخارجية والتي جعلت منها دولة لا تحترم حقوق الإنسان
ولا تتمتع بالحرية كما يتوهم الأمريكيون.
فعلي رأس القائمة- التي تضم عشرة أسباب- يأتي قانون السماح بقتل واغتيال
أي مواطن أمريكي إرهابي أو يشتبه في أنه إرهابي, الذي أصدره الرئيس
الأمريكي السابق جورج بوش الإبن, وحرص الرئيس الحالي باراك أوباما علي
استمرار وجوده, فقد أصدر أوباما أوامره العام الماضي بقتل أنور العولقي علي
الرغم من أنه مواطن أمريكي, فالولايات المتحدة هنا لا تختلف كثيرا عن دول
مثل إيران وسوريا التي تنتقدهم بشدة بسبب اتباع سياسة قتل مواطنيها.
وهناك أيضا القانون الذي يسمح بجواز احتجاز أي مواطن من قبل قوات الجيش
للاشتباه في ضلوعه في أي أعمال إرهابية, وعلي الرغم من ذلك رفضت الإدارة
الأمريكية أي محاولة لانتقاد هذا القانون أو توجيه تهم له بخرق الحريات
وخصوصية المواطنين داخل المحاكم الفيدرالية, مؤكدة علي ضرورة وجود قانون
ينزع الحصانه الشرعية للمواطنين في حالة تشكك الدولة فيهم, وهو ما تنتقده
الولايات المتحدة وبشدة في كل من الصين وكمبوديا. ويأتي قانون آخر ليؤكد
علي وجود قضاء استبدادي, فمن حق الرئيس الأمريكي- والكلام لايزال للواشنطن
بوست- أن يقرر إرسال المتهمين ليحاكموا في محكمة فيدرالية أو عسكرية دون
إبداء الأسباب بناء علي رأيه, وهو نفس الأمر الذي سخرت منه الولايات
المتحدة في عدد كبير من الدول من بينها مصر والصين.
أما القانون الرابع فهو قانون فرض المراقبة دون إخطار, فمن حق السلطات
الأمريكية استخدام سلاح الأمن القومي لمعرفة أي بيانات خاصة بالمواطنين
وإجبار الشركات والمؤسسات علي التصريح بها دون إعلام الأشخاص قيد المراقبة,
مع إجبار الشركة علي عدم إخطار العاملين لديها بذلك, ويطبق هذا القانون في
باكستان والسعودية وانتقدته واشنطن.
وبالنسبة للقانون الخامس, فمن حق الحكومة الأمريكية اعتقال ومحاكمة
المدنين الأمريكيين في محاكم عسكرية دون الإفصاح عن القرائن بحجة أنها
دلائل سرية قد تضر بالأمن القومي لا يجوز الإفصاح عنها. وعن جرائم الحرب,
فمن حق الولايات المتحدة عدم السماح للمحاكم الدولية والدول الأخري بمحاسبة
مواطنيها أو حتي التحقيق معهم فيما يخص ارتكابهم جرائم حرب.
وعلاوة علي ذلك, تمتلك الولايات المتحدة عددا من المحاكم السرية التي تخضع
المتهمين لمراقبة سرية من خلال أوامر مباشرة من رئيس الدولة, الأمر الذي
يخترق كل الخصوصية ولا يعبر عن اي حرية او شفافية علي الإطلاق. وفي السياق
نفسه, تفرض الإدارة الأمريكية حماية خاصة غير خاضعة للقضاء الأمريكي فيما
يخص الشركات التي تساعدها في التجسس علي المواطنين المدنيين. وأخيرا, فهناك
النظام التعسفي لتغيير إقامة أي شخص بالإجبار ونقله من الولاية التي يعيش
فيها إلي ولاية أخري دون إبداء أسباب بمجرد الاشتباه فيه.
وتختتم الصحيفة تقريرها قائلة إن الولايات المتحدة تحاول جاهدة ترسيخ فكرة
أنها أرض الأحلام والحريات, وأنها النموذج الوحيد للدولة التي تحترم حقوق
الإنسان, إلا أن هذا لا يعد سوي فقاعة هواء تحبس المواطنين بداخلها لتصرف
نظرهم عن حقائق كثيرة من حولهم.