حوار العيون

بعد ان قضى يوما شاقا فى عمله خرج ليستقل المترو كالعادة وكعادته اشترى جريدة الاهرام

ليقرأها اثناء الطريق الى البيت . كل شىء كان عاديا المترو بزحامه الشديد وثرثرة الركاب

التى لا تنتهى والمشوار الممل الذى يتمنى ان ينقضى سريعا وفى احدى المحطات نزلت المرأة

العجوز التى كانت تجلس امامه لم يلحظ هو نزولها فقد كان منهمكا كالعادة فى قراءة الجريدة

التى يجد فيها من الاخبار ما يبعث فيه الامل فى ان الدنيا لاتزال بخير فكل الاخبار جميلة

والبلد فى احسن ما يكون . بينما هو كذلك يقلب صفحات جريدته لفت نظره ان المكان الذى

امامه قد تغير جالسه ووجد شابة فى منتهى الجمال تنظر اليه بتأمل عميق والى جوارها

طفلة جميلة جدا . نظر اليها ولم يصدق ان الصدفة قد تكون سببا فى جمعهما مرة اخرى

لم يجرؤ ان يتحدث اليها وهى ايضا اكتفت بحديث العيون يتبادلان السؤال والاجابة بأجمل

لغات العالم :

هى : كيف حالك ؟

هو : كم اتمنى ان ينطق لسانى لكنى اشعر ان احدهم يُمسك بلسانى ليمنعنى من محادثتكِ

هى : الم تزل خجولا كما كنت ... ااااااااه كان اجمل ما فيك خجلك

هو : الن تبادرينى بالحديث كالعادة لتقتلى خجلى واستطيع الرد عليكِ

هى : اه لو تدرى ما الم بى بعدك يا حلما عشته واستيقظت منه على كابوس

هو : اتمنى ان تنطقى ببنت شفه لاستطرد فى حديثى واحكى لكِ حالى وما وصلت االيه

هى : تُرى هل حققت أحلامك فقد كنت واسع الخيال لكنك مازلت كما كنت لم يتغير فيك

شيئا سوى بعض من الشعر الابيض الذى بدأ يحتل رأسك

هو : اشتاق الى سماع صوتكِ ليُحيى قلبى من جديد ....اااااه ما اجمله من صوت مذ حُرمت

منه كأنى حُرمت الدنيا ونعيمها .

هى : منذ متى وانت تقرأ الجرائد ايها العاشق الثائر ...لم تكن تقرأ سوى كتب الحب والغزل

هو : لم يتغير فيكِ شىء انتِ كما أنتِ لاجديد تُرى هل تزوجتِ ؟ وهل هذه الطفلة ابنتكِ؟

هى : تغيرت كثيرا ايها الرجل كنت اظن انك ستكون شيئا اخر تُرى هل فعلت بك السنون ما فعلت

بى . اعلم ان لديك العديد من الاسئلة وان خجلك يمنعك الحديث اما انا فيمنعنى الكثير من الحديث

لا اريد سماع صوتك فقد سئمت اصوات الماضى .

هو : هل تعلمين انى تمنيت كثيرا ان التقيك ولو مرة واحدة وكأن القدر شاء ان يكون هذا اللقاء

ولكنى لم اكن اتوقع ان التقيكِ ولا استطيع محادثتك وبث كل همومى اليكِ كما أعتدت

هى : حان موعد المغادرة وكعادتك تُفسد كل اللحظات الجميلة ايها الرجل الخجول . وداعا يا اخر

ما تبقى من ذكريات الماضى

هو : يرمقها بعينيه حتى تختفى عن عينيه ويحلم مجددا بلقاء جديد يستطيع ان يكسر فيه حاجز

الخجل فيحدثها ويصف له حاله بعد الرحيل

- لغة العيون لغة جميلة لكنها لغة غير كاملة فقد تظل العيون تداعب بعضها البعض وتتفاهم لكنها

لا تتمكن ابدا من وصف ما يصفه اللسان . الكثير من القصص تنتهى عند لغة العيون فتصبح حكايات

غير كاملة كحكايتنا التى لم نعرف منها سوى ان ثمة علاقة حب جمعت ابطالها فى الماضى .ذاك

الماضى الذى لم نعلم عنه شيئا فعين الخجول كلسانه محدودة الوصف وعين المرأة يشوبها دوما شىء

من الدهاء يمنع الناظر من فهم النظرة ليتوه فى عالم الحسابات لا نهاية له .

للعيون لغتها طبعا

ولكنها قد تكون لغه غير مفهومه للكثيرين منا

لانها تختلف عن لغة الالسن التي اعتادها الكثيرين منا ايضا

ولكن العشرة لوقت معين فد تفك طلاسم هذه اللغه

بقول شوقي

وتعطلت لغة الكلام ..وجاوبت عيناي في لغة الهوي عيناك

وذلك عندما زار مديتة زحلة بلبنان وكانت من اجمل المنتجعات حينها

فخاطب الطبيعة الجميله بقصيدة منها هذا البيت
............

.................

لغة العيون من اجمل اللغات فى عالمنا لكنها رغم جمالها يشوبها

تعابير اللسان التى تتوق كل الجوارح الى سماعها فالاذن تطلبها

والقلب ترتفع نبضاته حين يسمع جميل الكلمات لذا فهى لغة رغم

جمالها يشوبها النقص .شكرا ابوجمال على المرور الجميل

والتعليق القيم