طفل فلسطيني مات برصاص الغدر الاسرائيلي
ليل غشى بظلامه فجراً أغر *** وكهولة برزت على عهد الصغر
وطفولة سيمت عناءً في الصبا *** وهلال يوم ذاق خسفاً كالقمر
وربيع عمر في بدايته انتهى *** وشعاع نجم في مجرته طفر
ونهاية عند البداية أقبلت *** وبداية دون النهاية تحتضر
ليل تلبد بالمآسي وانتضى *** بقساوة تطوي البوادي والحضر
مأساة طفل في حداثة سنه *** رسمت معالمها الليالي والغير
صور تشيب لها الرؤوس تأسّفاً *** ويذوب وجداً عند رؤيتها الحجر
موت يحوم حول طفل يانع *** من كل ناحية تداعى وانهمر
من خلفه نذر الحروب تتابعت *** وأمامه دقت نواقيس الخطر
طفل صغير لم يجاوز أربعاً *** من عمره أًنّى يعي معنى الحذر
هو مسلم الأبوين لاشك اعتلى *** مجدافه موج المآسي فانكسر
هو مسلم زرع الأعادي حوله *** سبل الهلاك وأشعلوا جواً وبر
هو مسلم لاشك قد عصفت به *** تلك الحروب ولم يجد منها مفر
فقد الأقارب كلهم وجثى هنا *** يستقبل الموت المحقق إذ حضر
أطرافه توحي ببؤس مزمن *** أوهى قواه وهَدّه فجثى وخر
فقراته برزت لتحكي للورى *** قصصاً من الإرهاب في أجلى الصور
أضلاعه تنبي بوضع مؤلم *** وجثوه ينبي بأشياء أخر
والنسر يقبع خلفه متربصاً *** متشوقاً يرنوا لوعد منتظر
يبدو رحيماً رغم قسوة طبعه *** مترفّقاً رغم الشراسة بالفطر
لم يقترب من جسمه مسترهباً *** لم يشقه حياً كما فعل البشر
أعطى الأمان لروحه مستعظماً *** إزهاقها حتى يوافيها القدر
هو ميّت والموت صار لمثله *** أولى وأرحم من حياة في سقر
إن لم يمت بالجوع مات بغيره *** ليل المنايا حول مرقده انتشر
إن لم يمت فلسوف يحيى ميتاً *** في قبضة التنصير في حلو أمر
سيباع في سوق الرقيق ويشترى *** ليعود مسموم المبادئ والفكر
هو ميت في الحالتين وفقده *** روحاً أعز من الحياة بلا وطر
ماذا جنى ؟ ما جرمه حتى دنى ؟ *** منه الشقاء المستطير من الصغر
فيما العناء وعمره لم يرتكب *** جرماً ولا حتى على قلبٍ خطر
لم ينتهك عرضاً ولم يسفك دماً *** لم يفتعل حرباً ولم يوقد شرر
لم يقترف إثماً ولم يسلك غوى *** لم يقتلع نبتاً ولم يقطف زهر
ببراءة الأطفال عاش ولم يزل *** يمضي إلى ميعاده زاكٍ أبر
ما ذنبه ؟ ما إثمه ؟ ما جرمه ؟ *** لج السؤال ولم يوافيه الخبر
الذنب ذنب القائمين بأمره *** العاكفين على التسالي والسهر
الجاعلين من الكراسي غاية *** أسمى وأغلا من تعاليم السور
ألقوا به وبغيره في غابة *** مملوءة رعباً وشراً مستطر
هذه المآسي بعض بعض ذنوبهم *** وذنوبهم شتى فأنّى تغتفر
أين العدالة ؟ أين من شدقوا بها *** أين النظام العالمي المبتكر
أوليس ما يلقاه هذا الطفل في *** قاموسهم ظلماً بمختلف الصور ؟
أوليس ما يجري انتهاكاً صارخاً *** لحقوق إنسان وشيئاً لا يقر ؟
أوليس ما يجري يعد جريمة *** في حق عالمنا بشكل مختصر ؟
أم أن حق المسلمين وأرضهم *** ودماءهم في حكم شرعته هدر
أمن العدالة أن تدان ضحية *** ويكرم الجاني بدعم مستمر
أمن العدالة أن تشرّد أمة *** ويقال للمحتل قولاً معتبر
الحق أن العدل في منظوره *** أمن اليهود وما سواه فلا ضرر
هذا النظام العالمي وإنه *** ثديٌ إذا لمسته إسرائيل در
هذا النظام العالمي ومن رأى *** فيه الخلاص من العناء فقد قصر
أين الذين به تغنوا واحتفوا *** من قومنا وسعوا إليه بلا حذر
أين الذين دعوا إليه ومَجّدوا *** وبه أشادوا دون وعي أو بصر
هل يا ترى هذي المشاهد كلها *** تكفي لتجعلهم يعيدون النظر
هل يا ترى هذي المشاهد كلها *** تكفي لتصبح في مسيرتهم عبر
هل يا ترى هذه المآسي كلها *** يبقى لها في قلبهم أدنى أثر
قست القلوب ولم يعد في لينها *** أمل ولو كانت حديداً لانصهر
ممــــــــــــــــــا احزننــــــــي