نمص الرجال .. بقلم : احلام الجندى
عندما خلق الله آدم علمه الأسماء كلها وميزه على الملائكة بذلك قال تعالى "
وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انيؤنى بأسماء هؤلاء ان
كنتم صادقين ، قالوا سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم
الحكيم "البقرة آية 31،32.
وجعله نبيا ، وأمره بأن يعلم بنيه الحلال والحرام والحدود والحقوق
والواجبات وشرع الله، ولكن النسيان والتغير من طبع البشر لذا لم يستمر
ابناءه على ما تعلموه بل غيروا وحرفوا فظهر الفساد فى البر والبحر، فهذه
طبيعة البشر الذين خلقهم الله من طينة متعددة المعادن متباينة الصفات فمنها
اللين ومنها الصلب ومنها الصلد ، ومنها النفيس ومنها الرخيص ، لذا نرى
نفوسهم متقلبة بتقلب صفات المعدن الظاهر عليها فهذا متزن العقل، معتدل
الفكر، نافع للغير، صاحب رؤية ورسالة، يسعى بجد لتحقيق ما خطط له، وليس همه
الا رفعة دينه وعزة أمته ،
مثل هؤلاء قد لا يلتفتون الى ذواتهم ولا يهتمون كثيرا بدقائق شكلية يمكن
تجاهلها لعدم وجود وقت للإلتفات اليها ،واهمالها بجوار عظيم أولوياتهم .
وهناك معادن أخرى رخيصة سريعة الصدأ بل بملامساتها لما يجاورها قد ينتقل
أثرها ويعم الصدأ والتلف جميع ما يحيط بها ، مثل هؤلاء هم الذين يغيرون
المعروف الذي نزل من السماء الى منكر والحق الى باطل والفضيلة الى رذيلة
،وهم أول من يبتدئون ويبدأون بالمعاصى والمخالفات.
فلكل عمل مستحدث بداية ،والأعمال لا تتعدى أن تكون اما صالحة أو طالحة
،فمن ابتدأ عملا صالحا- أى سن سنة حسنة- لم يسبق اليه كان له مثل أجر من
تبعه فى ذلك دون ان ينقص من اجورهم شيئا الى يوم القيامة ، ومن ابتدأ عملا
طالحا –اى سن سنة سيئة- كان عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة
دون ان ينقص ذلك من وزر من تبعوه شيئا ، مصداقا لما روته ام المؤمنين عائشة
رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " من احدث فى أمرنا هذا ما
ليس منه فهو رد"
فهذا قابيل أول من خالف أمر الله وامتثل لهواه وقتل اخوه هابيل فكان عليه وزر قتله وقتل اى نفس الى يوم القيامة ،
وهؤلاء قوم سيدنا لوط عليه السلام مثل آخر للإبتداء بمعصية لم يسبقوا
اليها مصداقا لقوله تعالى " انكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء " وقوله
فى ذلك " ما سبقكم بها من أحد من العالمين " .
وفى زماننا هذا نرى شبابنا بل وبعض رجالنا يأتون بمعصية لم يسبقهم اليها
احد من العالمين ، قد يظن البعض انها ليست بكبيرة ولكنها والله كبيرة
مدلولها عظيم ، واثرها مهين ، إنها النمص ، فقد نهى عنها رسول الله صلى
الله عليه وسلم النساء ، ولعن من تفعلها ومن تفعلها لها بقوله " لعن الله
النامصة والمتنمصة "-وان اختلف الفقهاء فى وصف هذا النمص المنهى عنه
بالنسبة للمرأة والذى يستوجب اللعن وحكمه ، فمن قائل هو الإزالة الكلية
لشعر الحاجب ورسمه بما يخالف خلق الله ، ومنهم من يقول هو الأخذ من اصل
الحاجب وترقيقه وتشكيله ، وان كان هناك من يجيز ان تهذب المرأة حاجبها
تجملا لزوجها على الا يراها اجنبى ، كل هذا مع المرأة التى من اولى
اهتماماتها التجمل وابراز زينتها واظهار انوثتها .
أما اذا انتقلت هذه البلوى الى الرجال فقلّى بالله عليك اى رجل هذا الذى
شغله الشاغل مظهره والنظر فيما دق من تكوينه حتى اصبح تزجيج حاجبيه شغله
الشاغل ومن أكبر اهتماماته ، لقد بدأ الرجال هذه البلوى على استحياء بإزالة
الزوائد الرابطة بين الحاجبين وان كان فى تركها تشبها برسول الله صلى الله
عليه وسلم ، ثم ثنوا بإزالة الزائد من اعلى الحاجب دون اسفله ، ثم انتهت
الطامة بتزجيج الحاجب وترفيعه وتشكيله كما تفعل النساء تماما ،حتى أنك تنظر
فى وجه الشاب فلا تكاد تجزم هل هذا شاب ام فتاه ،- انا معلمة فى مدرسة
ثانوية فلست امعن النظر فى وجوه الرجال فإنى والله أغض بصرى الا ما كانت
أول نظرة -
ان الرجولة والنخوة والشهامة والجد و والعمل والمسئولية وتبنى القضايا
المصيرية وحمل هموم الأمة هى ما يجب ان يهتم به الرجال ، فهل رجل اصبح كل
اهتمامه رسم حواجبه ولبس الحلى الذهبية والتقليدية التى حرمها الشرع عليه-
من سلاسل وحظاظات واساور وغيرها مما لا أعرف اسمه- لما لها من تأثير خنوثى
فى التكوين وميوعى فى الطبع ، وتشبه بالنساء ،هل هؤلاء الرجال هم الذين
يمكن ان يقوموا بذلك ،
فكيف اذن تنهض امة اصبح رجالها نساء ،وقادتها خواء