ما إن تمكن من إحكام سيطرته علي
البلاد, حتي أصبح ديكتاتورا, ونصب زوجته نائبا أول لرئيس الوزراء,
وخلعت علي نفسها لقب أم المواطنين, وكان ابنهما ثالثهما في قمة السلطة,
وشيد الديكتاتور لعائلته قصرا جديدا من الرخام في قلب العاصمة, علي أنقاض
مركز تاريخي, بينما كانت الجماهير تتضور جوعا, وترتجف خوفا من شراسة
أجهزته الأمنية.
وكانت أجهزة أمن الرئيس الروماني تشاوشيسكو, الذي تولي السلطة عام1965, تتفوق عددا وعتادا علي جيشه النظامي.
وعندما وهنت صحته بدا أن زوجته إلينا تتأهب لاقتناص عرش رومانيا, ولا بأس
إن لم يكن ذلك ممكنا من أن يصبح ابنهما نيقو الرئيس المقبل للبلاد.
ولم يخطر ببال الديكتاتور وزوجته, أن رياح الديمقراطية سوف تعصف إن عاجلا
أو آجلا بالنظم الشمولية, ولم يفطن الي محاولات ميخائيل جورباتشوف الرئيس
السوفيتي الأخير لتغيير ملامح الوجه القبيح للشمولية منذ1985, وظن أنه في
مأمن من اصلاحات موسكو.
وعندما اندلعت الثورات الديمقراطية في أوروبا الشرقية عام1989, بفعل تأثير
جورباتشوف وأسباب أخري, وأطاحت بالنظم الشمولية, لم يحرك تشاوشيسكو ساكنا,
وظن أن أجهزته الأمنية قادرة علي قمع أي ثورة, وكان ظنه وهما وخيالا
سقيما.
فقد اشتعلت الثورة في رومانيا في23 ديسمبر1989, وتم اعتقال الديكتاتور وزوجته, وجرت محاكمتهما وإعدامهما رميا بالرصاص.
{{{
وصار تشاوشيسكو وزوجته مضربا للمثل علي النهاية الدموية للطغاة.
لكن الغريب أن الطغاة العرب تمكنوا من إقامة حائط صد لرياح ثورات1989, وظلوا يمارسون طغيانهم وفسادهم.
وكان أكثرهم دموية الجنرال السوري حافظ الأسد, وقرينه في حكم حزب البعث
العراقي صدام حسين, وكان الأسد قد اختطف السلطة بانقلاب عسكري عام1970,
وحكم البلاد عبر سلسلة من المذابح الوحشية من أبرزها مذبحة حماة عام1982
التي قتل في خلالها ما يزيد علي عشرين ألف سوري.
وكان الأسد وزوجته أنيسة لا يحفلان سوي بـسيناريو التوريث, مثلهما في ذلك
مثل طاغية رومانيا وزوجته, ولذلك أعد الأسد ابنهما باسل ليصبح رئيسا, لكن
باسل لقي مصرعه في حادث مرور.
وقبل أن يكفكف الجنرال وزوجته دموعهما, استدعي الأسد ابنه بشار من لندن,
حيث كان يدرس طب العيون, ودفع به دفعا ليصبح خليفته, وأصبح طبيب العيون
رئيسا, وصارت زوجته أسماء السيدة الأولي.
ولم يكن بشار وأسماء علي رغم صورتهما العصرية سوي صورة قاتمة لطاغية
رومانيا وزوجته, وهكذا كان مبارك وسوزان, وبن علي وليلي.. مجرد عائلات
حاكمة مستبدة وفاسدة.
{{{
وعندما داهمت ثورات الربيع العربي هذه العائلات الحاكمة, ظنت كما ظن طاغية
رومانيا وزوجته, انهم في ملاذ حصين بسبب أجهزتهم الأمنية, وهو ما لم يحدث,
وتقوض نظام بن علي ومبارك وعبدالله صالح.
أما الديكتاتور السوري فقد أطلق آلة القتل لإراقة دماء الشعب منذ اندلعت
الثورة في مارس2011 وحتي الآن, وهو لا يبالي بقتل شعبه, ولعل ما يؤرقه أن
أجواء الثورة تكدر صفو حياة زوجته, فلم يعد في وسعها أن تشتري بنفسها أحدث
الأزياء والأحذية والعطر.
وتكتفي أسماء بشراء ما يروق لها عبر الإنترنت باسم مستعار, ويقترن اقبالها
المتزايد علي الشراء برغبة دفينة في تزجية وقت فراغها وترويض شعورها
بالملل والضجر.
ومن المؤكد أن نوبة من القلق قد انتابتها عندما فرض الاتحاد الأوروبي
عقوبات جديدة علي نظام بشار, تتضمن حظر السفر لأوروبا علي عائلة الأسد وفي
مقدمتهم أسماء, لكنها يمكنها إن جرؤت, أن تزور بريطانيا, لأنها تحمل
الجنسية البريطانية, مثلما تحملها سوزان مبارك.
يا إلهي.. الطغاة العرب وزوجاتهم.. ذل للشعوب في النهار, وكوابيس مروعة بالليل.