بشير عياد يعزف إنما للرقص حدود

في دولةِ الإخوانِ الابتدائيّة المشتركة …. لن تستطيع
أنْ " تغمّض عينيك " ، لن تكونَ لديكَ القدرة على التخيّل أو التوقّع أو تصديق ما
تراه ، نحن الآن في مرحلة تعلّم "ركوب العَجَل " في حديقةِ القصر الجمهوري ، وما
عليك ـ أيها المواطن العادي ـ إلا أن تلزمَ اليمين دائمًا أثناء السير ، وأن تأخذ
كامل الحذر فقد تضيق بهم الحدائقُ الرئاسية فيخرجون إلى الشوارع فتُفاجَأ ـ
والعياذُ بالله ـ بمن يلبس فيك بالعَجَلَةِ أو الموتوسيكل أو الاسكوتر أو التوك توك
، اعتبر نفسك ـ على طول الخط ـ في "منطقة خَطَر " ، واحترس من المراجيح التي لم تكن
معروفةً في العصور القديمة ، فهي مراجيح ترقصُ في كلّ الاتجاهات ، ثم تعطيك وصلة
طويلة من " حَبّة فوق وحَبّة تحت " ( مع الاعتذار لخالد الذكر أحمد بن عدويّة ،
رضيَ اللهُ عنه وأرضاه ).

منذ أن نجح مستشارو السوء في أن
يقنعوا السيّد الرئيس بانتهاك حكم المحكمة الدستوريّة العليا بحل مجلس الشعب ونحن ـ
مصر ـ نتحرّك فوق رمال متحركة !! تحوّلنا إلى مضحكة للعالم ، عدا أمريكا راعية
الخروج على الشرعية والمحرضة الدائمة عليها ، وكانت هدية السيد الرئيس إلى قطاع
السياحة المشلول أن قامت معظم دول أوروبا الشقيقة بإلغاء حجوزاتها السابقة حيث لا
يليق أن ترسل رعاياها إلى دولة لا تحترم القانون ، كما جاء الرد السريع من البورصة
بخسائر وصلت إلى ثمانية عشر مليار جنيه ، ولكنني لم أندهش لردود الفعل العالمية ولا
المؤشرات البورصوية البرمائيّة ، ولكن كانت صدمتي من الكائنات الاستراتيجية التي
احتلت أوكار الفضائيات المنحطة ، هؤلاء الراقصون مع كل مطبلاتي ، الآكلون على كلّ
الموائد ، الآخذون بالجنيه والدولار والريال والدينار ، وبرغم ذلك فإن الصدمة من
الكائنات الاستراتيجية تظلّ في الحدود المتعارف عليها دوليا ، وتهون ـ مليون مرة ـ
أمام صدمتي ممن يسمّونهم فقهاء القانون الدستوري الذين وضعوني في موقفٍ مُحرِجٍ
أمام أطفالي باعتباري من أبناء حقوق الإسكندرية ، والذي يحدثُ في وسائل الإعلام
المقروءة والمسموعة والمرئية والانترنتّيّة جعلَ نصف المتحدّثين ـ على الأقل ـ
كاذبين ومنافقين ولا يفقهون شيئا في القانون ، وهذا يسيء إلى سمعتي أمام أطفالي
وجيراني الذين أصبحوا ينظرون إليَّ بنوع من الريبة كلما جمعتنا الصلاة في مسجد
الحيّ .

عن نفسي … أنا ضد قرار السيّد
الرئيس من اللحظة الأولى ، وقد صرخت عندما رأيت الخبر على شريط قناة النيل
الإخباريّة ، وقلت : يا لسوء البداية ، أمن أجل عيون الكتاتني وشركاه نضربُ بحكم
المحكمة عُرضَ الحائط ؟ وقلت : حتى لو كان الحكم معيبا إلى درجة البطلان ما كان
للسيد الرئيس أن يهدره وهو على الدرجة الأولى من سُلَّم الديموقراطية ( المزعومة )
، كان عليه أن يترك الأمر لمجموعة من الكتاتنية ليقوموا بالنخربة وإقلاق المحكمة
بالطرق القانونية كما يحدث في الدول المحترمة ، لكن أن يفعلها الرئيس بنفسه فهذه هي
الطامة الكبرى ، ولن أقول كلاما معادا ، غير أن هذا القرار جعلني أتذكّر حركة " فتح
الصدر " في ميدان التحرير التي أراد أن يثبت بها أنه محميٌّ بالله وبنا وليس
بالقميص الواقي ، وأعيد ترجمتها إلى أن " كلّ الأمور ستؤخذ هكذا … بعرض الصدر
"!!

تتكاثرُ الأخطاء فتفقس فقهاء
قانون يجلبون العار لكل المصريين وخصوصا أمثالي من أبناء كلية الحقوق ، وأبادر
فأقول إنني لا أقصد الذين جاءت آراؤهم ضد رأيي لا سمح الله ، ولكن إذا اختلف فريقان
ـ كبيران ـ فأحدهما كاذب ومنافق ويعمل انطلاقا من أهوائه الشخصية وليس من قواعد
القانون الذي أفنى عمره في دراسته ثم تدريسه ! اختلفَ الفريقان وأصبحت الهوّة
بينهما كالمسافة بين المشرق والمغرب ، وكلٌّ يعضّ على أسنانه ويتمسّك بأسانيده
ودفوعه ، فكيف تستقيم الأمور أمام المواطن الغلبان الذي لا علاقة له بكلّ هذا الرغي
وهذه الثرثرة إذا لم نستطع نحن ـ أبناء القانون ـ أن نستوعب ما يحدث أمامنا
؟

اللافت للنظر أن الصحف الكبرى
، وعلى رأسها " الأهرام " ، شاركت في توضيح هذا المفارقة العجيبة ، بوضع الضدّين
وجها لوجه ، وما عليك إلا تضرب كفا بكف أو تخبط رأسك في أي حيط ( على أن تحترس من
البوية ) ، ولا أدري هل فعلت الصحف ذلك من قبيل إتمام الواجب ، أم من قبيل فضح
هؤلاء وإرباك المجتمع ؟ أمّا القنوات والصحف الإخوانية فهي في حالة مندبة مستمرة
ولا يعوّل عليها ولا على المتحدّثين فيها ، فكلهم في اتجاه واحد : الثورة تضيع (
والثورة تستجير وتستغيث من تمحكهم فيها ) ، و" الشعب يريد تطهير القضاء" ( القضاء
الذي أعطاهم كلّ حقوقهم وحافظ عليها من إخراجهم من غياهب السجون حتى وصولهم إلى
الأغلبية البرلمانية المنحلة ، ثم رئاسة الجمهورية ) ، ثم ـ المصيبة الكبرى ـ
استمرار الدعوات إلى مليونيات بميدان التحرير الذي أعلن عن قرفه وراح يتقيّأ
الزفارة والروائح الكريهة من كثرة ما تُنتهكُ براءته التي كانت في أجمل ثمانية عشر
يوما في تاريخ مصر !

الغريب ، والمُضحِك المُبكي ،
هو خروج الإخوة الإخوانيين علينا بالقول " إن الذين يعارضون السيّد الرئيس وينتقدون
قراره هذا يريدون تكبيله وتعطيله عن تنفيذ برنامج المائة يوم الذي وعد به "! هذه
المجموعة من الزمّارين والمبرراتية يجب وضع كاتم صوت على أفواههم حتى لا يسيئوا إلى
الرجل الذي هو رئيس كلّ المصريين ، ومَن يحاول تعطيله أو تكبيله فهو خائن ، إن
الذين يعارضون أو ينتقدون فإنهم ينفذّون طلب السيّد الرئيس في خطابه في ميدان
التحرير ، هذه المعارضة وهذا الانتقاد هما "التقويم " من وجهة نظر المُعارض أو
المنتقد ، فإن كان على حق فله أجران ، وإن أخطأ فله أجر ، واتهامهم بتكبيل الرئيس
بهذا الانتقاد معناه أننا أمام رئيس ضعيفٍ تهزه جملة من هنا وكلمة من هناك ، ونحن
لا نقبل هذا في حقّه.

الإعلام المصري مليء بالثقوب ،
والقضاء المصري لا يخلو من البقع والبثور ، ووجهات النظر الخاصة النابعة من الأهواء
بها فجوات ومهالك ، أما موقف فقهاء القانون الدستوري الذي أخجلني بهذا الانقسام
والانشقاق فهو أنفاق مظلمة تقودنا إلى انعدام الثقة في القانون وأهله وفي القضاء
ورجاله ، وتحوّل "رمز العدالة " الجميل إلى راقصة خليعة ترقص على إيقاع الأهواء
الخاصة القاتلة ، ولذلك أقول لكلّ الزمّارين والطبّالين والمشخللاتيّة والذين
فضحونا : إنّما للرقص حدود !!

شكرا زهره

علي نقل هذا المقال الرائع

نعم انما للرقص حدود وللنفاق حدود وللكذب حدود

ولكن من يسمع ومن يقرأ
.............

هو كده ربنا عايز كده
على رأى نجيب الريحانى
والاستيعاب درجات
سبحان الله
والرقص له حدود طبعا
ودلوقت يدوخوا ويقعوا ان شاء الله من كتر الرقص
شكرا ابو جمال