يا من ادركت رمضان

من طبيعة الإنسان الغفلة والنسيان , كما أن من طبيعة الحياة الدنيا الإغراء والإلهاء, وقد حذرنا المولى تبارك وتعالى من ذلك كله فقال سبحانه جل وعلاولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}.
وقد جاء التحذير من الاغترار بالحياة الدنيا في نصوص كثيرة , وسبب هذا التحذير هو أنه اذا اجتمع على الإنسان الغفلة والنسيان وحبُ الدنيا والاغترار بزخارفها فإن رغبة الإنسان في الخير تقل عندها يقسو قلبه ويغفل عن الدار الآخره ولا يكون له هم في هذه الحياة إلا الدنيا فتسيطر على قلبه وتملك عليه نفسه فلا يرى شيئاً غيرها, وحين يصل المرء إلى هذا الحد يكون في خطر محدق .

ومن رحمة الله بعباده أنه شرع لهم مايصلح حالهم ويُرجعهم إلى جادة الطريق. ومن ذلك أنه شرع لهم مواسم عظيمة لإصلاح النفوس وعلاج القلوب, ويأتي في مقدمة هذه المواسم شهر رمضـان الذي يُعتبر من أعظم مواسم الطاعة فرمضان منّةٌ عظمى ونعمة كبرى لمن عرف قدره, وأدرك فضله وعرف أسراره ومعانيه ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرٌ مما يجمعون).
إن إدراك رمضان وبلوغه نعمة في حد ذاتها ولكن لن نكون لهذه النعمة فائدة إذا لم نحقق منها شيئاً ونحقق ولو بعضاً من مقاصد الصيام ,إذ إن الغاية العظمى المرجوة من الصيام هي تحقيق التقوى, قال تعالى : ( ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) فالمؤمنون الصادقون يزدادون من الله قرباً
وإيماناً تراهم ركعاً سجداً يتلون كتاب الله آناء الليل وأطراف النهار ويعملون الخيرات ويرجون تجارة لن تبور .
(وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فعسى أولئك أن يتوب الله عليهم والله غفورٌ رحيم) فرمضان فرصة للمخلطين والمقصرين وكلنا مقصرون ومخلطون إلا من رحم الله . من أين لنا طهر الملاك؟ ومن ذا الذي لايذنب؟! : (كل ابن آدم خطّاء وخير الخطّائين التوابون) فرمضان فرصة للتوبة والإنابة والرجوع إلى الله وإصلاح الحال معه سبحانه, ولذلك الخاسر في رمضان خسارته لاتعوض , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف امرئ أدرك رمضان فلم يغفر له). فمن لم يصلح حاله في رمضان فمتى يصلح ؟ متى .. ولنتذكر إخوانا لنا وأحبابا وأصحابا كانوا معنا في رمضان العام الماضي ثم حال بيننا وبينهم الموت ونحن لانعلم آجالنا فقد لاندرك رمضان آخر. لذلك فلنغتنم فرصة الحياة .. فالحياة حلوة بالطاعة .. فعلينا بها .

منقوووووووول