كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Support

 

 الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: الإخوان المسلمون بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:42 pm

االاولى

ما أشبه الليلة بالبارحة، كأن التاريخ يعيد نفسه.
فمصر الآن بعد ثورة 25 يناير لا تختلف كثيرا عن مصر عقب ثورة 23 يوليو
1952، ففى الحالتين حاول الإخوان الوصول إلى الحكم، بكل الطرق، لكنهم
فشلوا فى الأُولَى، ونجحوا فى المرة الثانية. مَن يقرأ المقالات التى
كتبها الرئيس محمد أنور السادات عام 1954، عن جماعة الإخوان المسلمين يدرك
أن التاريخ يعيد نفسه، وأن الجماعة لم تتغير، بل يمكن ببساطة القول إن ما
كتبه السادات ينطبق بالضبط على ما يحدث الآن. يتحدث السادات عن الإخوان
قبل 60 عاما، وكأنه يتكلم عنهم الآن، يتحدث عن مرشد الجماعة الثانى،
الهضيبى، وكأنه يتحدث عن الدكتور محمد بديع أو المهندس خيرت الشاطر، يتحدث
عن إدمانها العمل السرى، وهو ما يحدث حتى الآن فيقول «الإخوان مُساقون
إلى هاوية لأنهم يلتزمون طريقة العمل فى سرية حتى بعد أن قام الشعب
بثورته»، ويقول «الإخوان يحرصون على العمل السرى والتنظيمات والتشكيلات
الخاصة كأنهم أمة أخرى.. وشعب آخر غير هذه الأمة والشعب المصرى». لم يتغير
شىء تقريبا، لم يتغير الإخوان، ولم يتغير منهجهم، تماما كما لم نتغير
نحن، ولم نتعلم الدرس.




1.نحن.. والإخوان المسلمون




يستطيع أى حاقد فى هذه البلاد أن يرمى قادة الثورة بأى تهمة يزيُّن له
الحقد أن يرميهم بها، يستطيع أى موتور أو أى مضلل أن يرمينا بسوء التصرف أو
بالجهل أو بالأنانية، وأن يقلب محاسن أعمالنا إلى أضدادها، ولكن تهمة
واحدة لن يستطيع إنسان ما بالغا ما بلغ من الحقد أو الجرأة أو القُحَّة أن
يلصقها بنا أو يفتريها علينا.. تلك هى تهمة التنكّر لديننا دين الإسلام
المتغلغل فى دمائنا.. المتأصل فى أعماق نفوسنا وقلوبنا ونحن مسلمون نفهم
ديننا على حقيقته، وندرك حدوده وتعاليمه، نرى الإسلام مجموعة من الفضائل
لا يكتمل الدين الحق إلا بها جميعا، وتنطوى تحت لواء هذه المجموعة من
الفضائل، الفدائية والصدق والاستقامة والوطنية والنأى بالوطن عما يفرّق
كلمة بنيه ويعرِّضه لنيران الفتن، ولهذا كنا أحرص الناس على بقاء جماعة
الإخوان المسلمين لاعتقادنا أنها جماعة صالحة تدعو لدين الله، ولما رسمه
الإسلام من أخلاق كريمة ترفع شأن المسلمين وتعزز مجدهم.. وهى نفس المبادئ
التى اعتنقناها عن إيمان ويقين لا لأنها مبادئ الإخوان المسلمين، بل لأنها
مبادئ الإسلام نفسه التى يجب أن يتمسك بها كل مسلم.

فإذا جاء اليوم هذا النفر الذى أراد أن ينحرف بهذه الجماعة الصالحة عن
أهدافها الصالحة، وزعم أننا نحارب الإسلام حين نحاربهم فلن يجدوا من يصدق
زعمهم، فلسنا نحن الذين نبيع ديننا بدنيانا، ولسنا نحن الذين نحرص على جاه
أو منصب بعد أن قدمنا رؤوسنا وأعناقنا نفتدى بها مصر.

إن جماعة الإخوان المسلمين جماعة سامية الأهداف نبيلة الأغراض، ولكنها
-ككل هيئة أو جماعة- تضم بين صفوفها بعض من تنطوى نفوسهم على دَخَل.. وليس
عجيبا أن يظهر أمثال هؤلاء فى مثل هذه الجماعة الصالحة، فقد ابتُلى بمثلهم
الإسلام فى مستهل دعوته، وابتُلى الرسول بأمثالهم من الموهنين وضعاف
العزائم والناكصين على الأعقاب ومحبى الجاه والسلطان أمثال أبى سفيان..
فليس عجيبا أن نرى بين هذه الجماعة المؤمنة بعض ضعاف الإيمان أو بعض
الساعين إلى الجاه والسلطان.. وحين يطغى الغرض الذاتى على الهدف النبيل
فمن الواجب على كل مسلم أن يجنِّب المسلمين شر هذه الفتنة، وهذا ما فعلناه
لا لحماية أنفسنا بل لحماية الدعوة النبيلة والقصد الكريم، بل ولحماية
الإخوان المسلمين أنفسهم ممن فرضوا عليهم السمع والطاعة.

هذا هو رأينا فليجادلنا فيه من يؤمن بقوله تعالى: «ادع إلى سبيل ربك
بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن
سبيله وهو أعلم بالمهتدين».



2.الإخوان مُساقون إلى هاوية لأنهم يلتزمون طريقة العمل فى سرية حتى بعد أن قام الشعب بثورته



هل تُحكم مصر على مذهب مالك.. أو مذهب أبى حنيفة.. أو الشافعى أو ابن حنبل؟

ويطلب إليك ممثل فريق الإخوان الأحرار أن لا تعجب.. ويرجونك أن تتريث حتى ينتهى من قصة الفريق الثالث.. فريق الأحرار فى الإخوان.

استفتاح..

ويستفتح الإخوانى الحر حكايته بسؤال عريض:

ماذا وجد الناس فى السنة السابقة التى نشرتها «الجمهورية» عن وجهة نظر
المصورين من الجماعة؟! وهل كان الخلاف الشديد والمعركة المفاجئة بين
القدامى والمحدثين فى الإخوان يدور حول قضية كبرى؟! وهل تفرَّق هؤلاء
وهؤلاء عند وجهة نظر عامة تخص مستقبل المواطنين جميعًا؟! وبعد.. فهل
تستاهل الحكاية الإخوانية كلها بهذا الشكل الذى ظهرت به حزبية بحتة بل
فردية على الأصح؟! هل تستاهل جذب المصريين وشغلهم من الاستعداد لمعركتهم
الكبرى ضد الاستعمار وإقامة الأسس المتينة لبناء الوطن الجديد؟

اللهم.. لا

اللهم لا.. اللهم وأنت تعلم أننا قد أدينا واجبنا.. وصارحنا الإخوان
برأينا فى سياسة الهضيبى الخائنة منذ تولى حكم الجماعة.. ثم صارحناهم فى
بيانات مكتوبة وزعت على الهيئة التأسيسية فى اجتماعها الأول بعد قيام
الجيش بثورته الكبرى فى 23 يوليو.. وفى اجتماعات أخرى بعد ذلك، ولكنهم
كتبوا هذه البيانات، وأخفوا أمرها عن الناس، لأن الذين كتبوها كانوا جماعة
الأحرار فى الإخوان.. الأحرار الذين أدوا أمانة الوطن عليهم.. وقالوا
للإخوان قولة الحق، وهى أنهم مساقون إلى هاوية لأنهم يلتزمون طريقة العمل
فى سرية حتى بعد أن قام الشعب بثورته.. ويحرصون على العمل السرى
والتنظيمات والتشكيلات الخاصة كأنهم أمة أخرى.. وشعب آخر غير هذه الأمة
والشعب المصرى الذى يستجمع قواه لوحدة المعركة الرهيبة التى تدور فعلا بين
مصر والإنجليز، وبين مصر والصهيونيين، وبين مصر والمعسكر والاستعمار كله!
اللهم إنك تشهد ماذا عملنا من أجل بلادنا العزيزة وكيف وأد المسؤولون فى
الإخوان من هؤلاء وهؤلاء أمرنا، وكيف أخفوا كلمة مصر كلها على لساننا..
حتى شاء الله أن يظهر فى بيانات المسؤولين للناس. اللهم وها نحن نؤدى كل
ما علينا للمواطنين فى هذا البيان الذى كتبناه ليُعلن على الناس.. فى
«الجمهورية».

بيان إلى الشعب والمسلمين

وبعد حمد الله والصلاة والسلام على رسول الله، فقد قامت دعوة الإخوان
المسلمين منذ أكثر من ربع القرن برسالة السهر على المعنويات، وتهذيب
الأخلاق ورعاية الأجيال المتتالية من الشباب.

ويستعرض البيان صورًا لما وقع على الإخوان من تعذيب وتشريد فى فترة
حالكة، والإرهاب فى العهود الحزبية الماضية، وصبروا على كل هذا.. واثقين أن
الله لن يضيع ثوابهم ولن يترهم أعمالهم.. ولكن..

الإخوان الانتهازيون..

ويقول البيان فى نبرة آسفة مريرة: ولكن للأسف الشديد انتهز بعض الإخوان
ممن لم يتشربوا روح الدعوة أو وصفوا بصفات الصلابة والكفاح غيبة الإخوان،
وعلى رأس المنتهزين «منير الدلة» وشقيق زوجته «حسن عشماوى»، ودبروا أمرهم
على اختيار «حسن الهضيبى» الذى لم يكن عضوًا فى الهيئة التأسيسية أو عُرف
بمؤهل من المؤهلات يشفع له فى تقلد هذا المنصب، اللهم إلا صلته بالسراى
بحكم النسب.

وتسأل، ولكن كيف رضى الإخوان بإسناد أمرهم إلى مثل هذا الرجل، فيقولون: لقد حذرنا، ولكنهم جميعا وقعوا فى خطيئة ارتضائه.. لماذا؟

لأنهم قد اضطروا إلى الرضا بالأمر الواقع، حرصًا على وحدة الإخوان، وبالنظر إلى الملابسات التى كانت تحيط بالموقف كله.

الدوائر الداخلية..

وتسأل عن هذه الملابسات فتُحيلك فرقة الإخوان الأحرار إلى ما جرى فى
صفوف الإخوان ودوائرهم الداخلية من اضطراب شديد وخلاف ومعارك طاحنة حول
منصب الإرشاد، ويتركون لغيرهم من الراشدين أو المحايدين مهمة تفصيلها فى
حلقة أخرى تنشرها «الجمهورية».

ثم يستطرد الإخوان الأحرار، قائلين فى البيان وبالنص:

مصر فى ثورة.. والهضيبى فى المصيف!!

قامت حركة الجيش المباركة والأستاذ الهضيبى بمصيفه بسيدى بشر، فلم يحرك
ساكنًا، ولم يظهر التشجيع الذى تستحقه، وأهمل التأييد والمساعدة الواجبين
عليه كرئيس لهيئة إصلاحية فى مثل هذا الظرف التاريخى الخالد.

الهضيبى.. وخاصته..

ثم توالت بعد ذلك مواقفه الشاذة حتى وصلت إلى الذروة، بنصيحة جمهرة من
الأعضاء وما نتج عن ذلك من انشقاق بين صفوف الإخوان، أما ما كشف عنه بيان
الثورة من اتصال بالإنجليز، فهذا ما لم يعلمه الإخوان، وإنما أراده مع
«خاصته المقربين» فى ما بينهم، ويستطرد الإخوان الأحرار قائلين:

والذى نريد أن نقوله: إن كثيرًا من الإخوان لم يقبلوا هذا الوضع،
ونصحوا مرارًا وتكرارًا الأستاذ الهضيبى و«جناحه»، وأن غضب الإخوان من
تصرفاته استمر واتخذ الهضيبى صورًا مختلفة جاوز بعضها حد النقد، ووصل
بعضها إلى قاب قوسين من النجاح فى حمل الهضيبى على الاستقالة لولا.. لولا
عوامل تعلق بالنظام الإدارى للإخوان.

فإذا تساءلت عن هذا النظام الإدارى الذى يعوق جماعة من الجماعات عن
إقرار الحق وإقصاء الباطل.. إذا تساءلت عن النظام الإدارى لجماعة الحازقية
تكون نتيجة للفوضى.. أحالك الإخوان الأحرار على المسؤولين فى الجماعة.. ثم
يعودون قائلين فى البيان:

أنى أتهم..

ولعل ما يعطى الرأى العام صورة لهذه المعارضة السريعة نذكر أن ممثل
الإخوان الأحرار قد أرسل خطابًا فى شهر مايو سنة 1952 إلى الأستاذ الهضيبى
صارحه فيه بالآتى:

- فساد سياسته.

- ممالأته للسراى وللطاغية.

- ممالأته لحاشية الطاغية.

الهيئة فقدت شعبيتها..

لقد نهجتم نهجًا سياسيًّا مالأتم به الأرستقراطية ممثلة فى الملك ورجال
بلاطه وحاشيته، وبذلك فقدت الهيئة صفتها القديمة الشعبية المكافحة، كما
هانت على الناس لما أظهرته من حقوق نحو نفسها.

ويقول ممثل الإخوان الأحرار: إن هذا الخطاب قد نشر بتفاصيله فى رسالة
بعنوان «منى.. إلى شهيد الإسلام» التى حاربها الهضيبى، وصادر إعلانها فى
مجلة «الدعوة» ووزع منها خمسين ألف نسخة.

لقد كاشفناهم..

ثم يقول الإخوان الأحرار بالنص:

ولقد كان لموقف الهضيبى من حركة الجيش أسوأ الأثر فى نفوسنا، الأمر
الذى جعلنا نسعى لمكاشفة الإخوان بحقيقة هذا الشخص الدخيل عليهم، ورفعنا
الستار عن مؤامرة تعيينه مرشدًا عامًّا لهم فى بيان طبعناه بإمضائنا فى 16
صفحة بعنوان (فلنتكلم بصراحة)، وكان ذلك فى أول اجتماع للهيئة التأسيسية
عقب حركة الجيش الموفقة.

فإذا قلت لجماعة الأحرار فى الإخوان: ولكن هذا كلام خطير وحقائق تجاوزت حدود المعقول.

إذا كنتم قد كشفتم عن خيانة الهضيبى ومحاربته للثورة منذ مولدها.. وإذا
كنتم قد أبرأتم ذمتكم ووزعتم بيانكم الذى سجلتم فيه خيانة الهضيبى للثورة
والشعب الذى قام بالثورة على أعضاء الهيئة التأسيسية للإخوان.. فكيف ظل
هذا الرجل فى مكان الصدارة بالجماعة!! وكيف بقى فى مكتب الإرشاد! وكيف؟

ويقول الإخوان الأحرار وبالنص:

لقد عمل الهضيبى على كبت تأثير هذا البيان بسيطرته المطلقة على الإخوان
وبعث إلينا بخطاب رقم 6234 يطلب إلينا الكف عن الكتابة، ولكننا لم نكف..
لأن غيرتنا على توجيه الدعوة التى انحرف بها وإسرافه فى العبث بمنهاجها، كل
ذلك جعلنا نتمسك بموقفنا فى مناهضته ودرء هذا الخطر الذى يحيط بالهيئة من
سوء تصرفاته، ثم.. ثم.. ها هى صورة طبق الأصل من البيان الذى وزعه
الإخوان الأحرار على الهيئة التأسيسية، يضعها الأحرار تحت تصرف
«الجمهورية» لتنشر أمرها على الناس.

بيان: «فلنتكلم بصراحة»..

تتسلم «الجمهورية» صورة من بيان الأحرار الخطير الذى وزع على أعضاء
الهيئة التأسيسية فى الاجتماع الذى عقد إثر قيام حركة الجيش المباركة..

ويبدأ البيان الخطير بهذا العنوان:

وبعد المقدمة يقول:

فما يخفى عليكم أيها الإخوة قداسة هذا الاجتماع، ولا المناسبة الطيبة
التى فاجأت البلاد على غير انتظار، فكانت كشهاب لامع شق الظلمات، فبدأها
بنسمات الصداقة على القلوب وتحية نَديَّة، وتأهبت البلاد بأسرها لاستقبال
العهد الجديد ولإرساء قواعده على أسس من العدالة والإنصاف وتحقيق إرادة
الشعب، والناس تسأل: أين الإخوان من هذا كله؟

ألا وإن هذه نقطة تحول خطيرة فى تاريخ البلاد، ألا وإن هذا اليوم الذى
تجتمعون فيه يوم من أيام الله له ما بعده، فأذكركم بما ذكر به «خالد بن
الوليد» المسلمين يوم اليرموك:

«هذا يوم من أيام الله لا يجوز فيه الزهو والفخر».

ويناقش البيان صورًا لنضال الجماعة ضد الأحزاب والرجعية وصورًا أخرى
للعذاب والتنكيل الكثير الذى وقع عليها، وكيف كان الأحرار يعجزون وهم فى
انتظار لحظة الحرية.

ثم يقول: وفتحت الدولة أبواب المعتقلات وخرج الإخوان أفواجا، وانعكست
بفضل الثورة هذه الاضطهادات وبالا على أعداء الشعب، وبدأ جنود الدعوة
ينتظرون أوامر المسؤولين فى الإخوان ليؤكدوا للرأى العام أمرين هامّين،
الأول: شعبية الدعوة التى كانت خصوصيتها الرائعة والثانى: خروجهم بعد
المحنة بواجب جديد هو تصفية حساب المحنة.. من افتراءات واعتداءات وتعذيب.

ولذاك أيها الإخوة الفضلاء كانت بالغة وأسفا فادحا، فقد أخذت الأيام
تمر دون أن يتحقق ذلك، بل تظهر عكس ما كنا نتصور فألقت كل تضحيات المحنة
وذكرياتها بما فيها من اغتيالات وتعذيب، ووقفت الهيئة أمام الحكومات
السابقة موقف الضعف والصغار والاستخزاء.. ونشرت فى صفوف الإخوان دعاية
مسمومة، مفادها أن الإخوان «مجروحون»، فيجب الهدوء حتى تندمل الجروح،
ونهجت الهيئة نهجا سياسيا الآن، به الأرستقراطية ممثلة فى الملك ورجال
بلاطه وحاشيته، وبذلك فقدت الهيئة صفتها القديمة الشعبية المكافحة، كما
هانت على الناس لما أظهرته من عقوق نحو نفسه وجمود لضحايا المحنة واستهانة
بذكرياتهم المقدسة.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:45 pm

شعب بثورته»، ويقول «الإخوان يحرصون على العمل السرى والتنظيمات
والتشكيلات الخاصة كأنهم أمة أخرى.. وشعب آخر غير هذه الأمة والشعب
المصرى». لم يتغير شىء تقريبا، لم يتغير الإخوان، ولم يتغير منهجهم، تماما
كما لم نتغير نحن، ولم نتعلم الدرس.
1-المرشد قال إن السادات لا يعرف كيف يخطب الجمعة ولا يعرف أصول الدين


ظهور الجناح الأرستقراطى..

وتحت هذا العنوان استطرد ممثل الأدوار فى بيانه الخطير يقول: عن السر فى هذه الخيبة المزدوجة ما يلى.. وبالنص:

السر فى ذلك -أيها الإخوة- هو فى ما أعتقد، مخلصا والله على ما أقول
وكيل، أنه عندما أشعلت نار المحنة على الإخوان كافة.. أعفى عدد قليل منهم
بفضل أحسابهم وأنسابهم وأموالهم.. فظلوا «أحرارًا» وتركز فيهم دولاب العمل
الظاهر، وعندما اغتيل فضيلة الإمام نقلت إليهم القيادة..

ثم يستدرك البيان قائلا:

وألفت نظركم أيها الإخوة إلى أننى عندما أنقد هذا النفر لا أتعرض
لأشخاصهم، وإنما أتحدث عن سياساتهم.. ويجب علينا هنا أن نتكلم بصراحة، وأن
لا نجعل لمجاملات الأفراد دخلا فى سياسة الدعوة.

أخذ هذا النفر -الأرستقراطى- يقود الهيئة ونحن فى المعتقلات، وآلت إليه
كل إمكانيات الإخوان حتى أوراق الإمام الخاصة، ولم يستطع هذا الجناح
الأرستقراطى إلا أن يتجه بحكم ذوقه ونشأته بالدعوة وجهة أرستقراطية لا
شعبية.

سعادة المرشد..

ثم يقول الأحرار فى بيانهم الخطير ما يلى وبالنص: وعندما خرج الإخوان..
رأى هذا الجناح الانتهازى فى اختلاف الرسميين على رئاسة الهيئة من قدامى
أعضائها فرصة يفرضون فيها مرشحهم الوحيد -سعادة الأستاذ الهضيبى بك- وقبل
المرشحون ذلك. وكما يقولون إنهم يفضلون الغريب على واحد منهم.

وكان المنطق السائد أن هذا الاختيار إنما قصد به تفادى الفُرقة، وأن
الإخوان إذا اجتمعوا على ذاك مهما كان هذا القائد ضعيفًا، فسيكون بفضل
التفاهم أقوى زعيم، وكان هذا صحيحًا وإن هم نسوا أن سلطات المرشد العام
تكاد تكون مطلقة، وأن الإخوان تعودوا الطاعة التامة، وإن نظامهم الإدارى
دقيق جدا، لذلك فإن ضعف المرشد قد ينال من قوة الجماعة.. الأمر الذى أثبتت
الحوادث للأسف الشديد صحته.

ويستطرد البيان بعد هذا الكلام العجيب قائلا:

ولقد كان الموقف منذ المحنة حتى الآن خاضعًا لنفوذ الجناح الأرستقراطى
الذى مكّن لنفسه أو مكنت الحوادث له عندما كان الأقطاب الطبيعيون
والحقيقيون للدعوة فى المعتقلات، وكان ذروة نجاحه انتخاب المرشد الجديد،
ولهذا فإننا نرى موقف الإخوان فى تقهقر دائم، وفى سير منتظم نحو «الخيبة
المزدوجة» فى الأمرين اللذين أشرنا إلى ضرورة الحرص عليهما وهما، أولا:
تصفية حساب المحنة مع المسؤولين عنها وتخليد ذكراها، والثانى: الاحتفاظ
بشعبية الدعوة.

عقوق وجحود..

ويستعرض البيان صورًا لعقوق الجماعة تحت نفوذ الجناح الأرستقراطى، أو
كما يقول بالحرف الواحد: تحت قيادة سعادة الهضيبى بك، صورًا للعقوق
والجحود.. ونحو مَن؟

نحو البطولات الشعبية التى بذل فيها الشهداء دماءهم لوجه مصر، لا فى سبيل شىء آخر.

نحو تاريخ الدعوة كلها عندما يسمح أقطاب الدعوة لأنفسم بمصالحة
المجرمين فى حق البلاد كلها من أمثال إبراهيم عبد الهادى الذى طلعت
الجرائد بصورته فى حفل ساهر يضم أعضاء من الإخوان يحفلون حوله إلى جانب
رجال من الحزب السعدى.. وليس هذا فحسب، بل تظهر صورة أخرى لمطلب إخوانى
مرموق يتأبط فيها ذراع أخطر واحد من ضباط البوليس السياسى عداوة وتعذيبًا
للإخوان، ثم يقول البيان:

على أن أسوأ أنواع العقوق والجحود يتمثل فى محاولة إغفال ذكرى الإمام
الشهيد حسن البنا والوقوف موقفًا سلبيًّا والتعلل بشتى المعاذير الواهنة.

أما إهمال المدفن.. مدفن حسن البنا، فهذا ما لا أستطيع أن أتحدث عنه
خشية أن أَصِم الدعوة بوصمة تسقطها من عيون الناس.. وتشمت فى المرشد.

سياسة المصلحة..

ثم يسجل الأحرار على الإخوان فى عهدهم الجديد سياسة الحزبية: والعمل الفردى الخبيث.. ولماذا؟ يقول البيان هذا النص:

لقد حل مكان المُثل الفرعية للدعوة منطق جديد هو كلمات: «المصلحة»
و«الوقت المناسب»، و«الهدوء»، و«السياسة»، واعتبار كل عمل صريح بريئا من
شوائب النفاق والمداراة والدوران.. طيشا وتسرعا.

ثم يناقش الأحرار فى بيانهم انحراف الدعوة الخطير عن الشعبية، فيقولون تحت هذا العنوان:

السياسة الملكية ومقابلة الهضيبى «بك» لطريد الشعب..

جرى الهضيبى بك على سياسة تناقض الشعب تمام المناقضة، وقد بلغت هذه
السياسة ذروتها عندما تفضل طريد الشعب بدعوة الهضيبى بك لمقابلته، واستمرت
المقابلة وقتًا طويلا، ومن المؤكد أنها لم تكن للسؤال عن النفس ولا
للدعوة بالرحمة على الشهيد، ومن المؤكد أيضا أن المرشد «الجديد» لم يعقل
الملك المفتون المغرور.. وقد خرج الهضيبى بك -بعد المقابلة الملكية- فرفض
أن يذكر فيمَ قضى هذه الساعات الطويلة -فى الرحاب السامى- ولم يقفز منه
حتى أعضاء المكتب «الذين ارتضوا لأنفسهم مذلة البقاء، وهم رغم ذلك أعضاء
إرشاد»، نعم لم يظفروا منه ببيان شاف، ولكن سياسة الإخوان بعد هذه
المقابلة قد وضحت للرأى العام، ومغزاها، فقد أخذ الهضيبى بك يصرح بأن
الملك أقوى الجبهات، وأن واجبنا الوقوف بجانبه.

قائمة الجرائم..

ثم أخذ بيان الأحرار فى سرد قائمة من الجرائم المنكرة التى قام بها
الهضيبى المرشد على مرأى ومسمع من الجماعة كلها، دون أن يقول له أحد غير
هؤلاء الأحرار: هذا منكر.. فيقولون بالنص:

أخذ الهضيبى بالفعل يطبق مظاهر هذه السياسة «المجرمة» فزار «حافظ
عفيفى» فى الوقت الذى كان فيه الشعب بأسره يلعنه ويراه صنيعة الاستعمار
ودسيسة الدفاع المشترك، وبينما كان الطلبة يهتفون بسقوط المجرم عفيفى..
تلقى الطلبة الإخوانيون أمرًا بالذهاب لتهنئة «معالى» حافظ عفيفى.. ثم أخذ
المرشد وحفنة من أعضاء المكتب يتجهون إلى القصر الملكى ليقدموا فروض
الطاعة والولاء فى سجل التشريفات، ولا شك أن القارئ يعرف بالطبع من هم
هؤلاء التشريفاتية فى «عابدين».

خسرنا الدنيا.. والدين..

ويقول البيان.. وبالنص أيضا:

وقد كانت هذه خيانة لمبادئنا، وعقوقًا لضحايانا، وتنكرًا للدماء التى
لم تجف، واحتقارًا للملايين من الفلاحين الذين كان الطاغية يسرقهم، كما
كان ذلك تلويثًا لمثالية وطهارة آلاف من شباب الجامعة والمدارس الثانوية،
وكانت هذه السياسة خطأ سياسيًّا جسيمًا، لأن الملك كما اتضح لم يكن أقوى
الجبهات، وبهذا خسرنا الدنيا والدين.

فاللهم.. إننا نبرأ إليك من هذه السياسات، فما هى من العقيدة فى قليل
أو كثير ولا يمثل هذا دعوة الشهيد، وإنما هى سقطة فرد لا تسأل عنها
الدعوة.

السياسة السلبية..

ثم يقولون فى صراحة تامة، وقد صاحب هذه السياسة الإخوانية الجديدة، بل
ونتج عنها الوقوف من كل الحركات الشعبية والقضايا السياسية موقفًا سلبيا
ومحاولة التملص من إيضاح الفكرة المعينة، أو موقف الدعوة أو العمل اللازم،
والانتظار والتعقل حتى يأتى القرار الحكيم بعد فوات الفرصة.

هيئة بلا صفات..

ويقررون علانية فى البيان هذا النص: وبهذا فقد الإخوان الصفة الإيجابية
والسلبية والتقدمية والكفاحية التى كانت لهم، وأصبحت هيئتهم أضحوكة
الهيئات، وصارت الهيئة لا تقدم ولا تؤخر.

وأخيرا.. وليس آخرا، يقول أحرار الإخوان: إنه لا يعيب الإنسان أن يخطئ
فى تطبيق إرادة العمل الشريف وفق مبادئه، ولكن العيب هو أن يقف مسلوب
الحركة مشلول الإرادة والأحداث تجرى فى كل ناحية.

أما كيف..

أجل.. أما كيف استبد الهضيبى بالأمر؟ وما قصة حياته الخاصة؟ وكيف صار رئيسًا لا مرشدا؟ وما موقف الهيئة من الثورة الشعبية الأخيرة؟

وبعد، أما كيف انتصر هذا الخط السياسى الآثم حتى صار نهج الجماعة فى
عهد الشعب الجديد؟ وكيف انهزم خط الأحرار فى الإخوان حتى انزوى ومات على
سوقه.. وكيف احتضر الذين كانوا يمثلون ضمير الشعب المصرى فى الإخوان بعد
قصة دامية فى معركة أسفرت عن قتل الأحرار وبقاء الأشرار.. فهكذا كانت قصة
الحلقة الثانية من الحكاية الإخوانية فى مصر.



جريدة الجمهورية 26 يناير 1954

2-الجماعة استخدمت القرآن فى بث العداوة بين صفوف الجيش والبوليس


كنا فى رمضان من السنة الماضية 1953..

وكان يوما فاتكا دعانى فيه جمال إلى مكتبه بمجلس قيادة الثورة لكى نقضى
فترة قبل المغرب على الطريقة التى تعودنا أن نسلى بها الصيام طوال أيام
رمضان، فالحديث يحلو فى هذه الفترة ويتشعب فى مختلف الشؤون.

وفى ذلك اليوم دخلت على جمال فى مكتبه فوجدت عنده زائرا عرفنى به وكان هو الدكتور خميس حميدة نائب المرشد العام للإخوان المسلمين.

كان الحديث يدور حول المشكلة المزمنة وهى سياسة الإخوان التى تقوم على
العداوة بسبب أو بغير سبب، والطريقة التى يتبعونها وقتذاك فى محاولة بث
هذه العداوة بين صفوف الجيش والبوليس من جهة أخرى، والطريقة التى يتبعونها
بين أفراد الشعب إلى اليوم بإشاعة الإشاعات مستغلين فى ذلك استجابة الناس
لما يرددونه من آيات كريمة أو حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكى
يوهموا الناس أنهم على حق.

وكنا نقول وقتئذ لمصلحة من يجرى هذا..؟

هل من مبادئ الدين أن نفرق الكلمة، وأن نستغل آياته التى أمر الله
سبحانه وتعالى أن يكون طريقا إلى الخير والإخاء والمودة.. أقول.. هل من
الدين فى شىء أن نستغل هذه الآيات لغرض شخصى أبعد ما يكون عن الدين وما
أمر به الدين..

كنا نقول كل هذا.

وأذكر أننى فى هذا اليوم انفعلت كأشد ما انفعلت منذ خروجى من السجن،
فقد تعلمت فى ذلك المكان أن لا أنفعل أبدا، ولكننى فى هذا اليوم كنت أروى
لنائب المرشد العام قصة تحدث بها أمامهم المرشد عنى لزميل من زملائى أعضاء
قيادة الثورة وطلب إليه إبلاغها لى. قال له بالحرف الواحد «لماذا يخطب
أنور السادات الجمعة؟ إنه لا يعرف كيف يخطب ولا يعرف أصول الدين، وقد
بلغنى أن بعض المصلين كانوا يصلون خلفه ثم لا يلبثون أن يعيدوا الوضوء
ويصلوا ثانية بعد أن يتركهم، وأوصل لى زميلى فى قيادة الثورة هذه الرسالة
التى قيلت له مباشرة من فم الهضيبى وفى منزل الهضيبى..

وأقول الحق: لقد انفعلت وكان انفعالى نتيجة الحسرة والألم من رجل يدعى
أنه قيم على دين الله.. وأنه يتحلى بخلق الدين وما أمر به الدين.

كيف ينطق بمثل هذا الحديث الذى إن دل على شىء فإنما يدل على نفس مسودة كالحبة السوداء؟

إن دينا من أديان الله لن يكون عليه قيم، فالله حده هو الذى ينزل
رسالاته من أجل الخير والعمران، وصلته سبحانه وتعالى صلة مباشرة بعيدة لا
تعرف قيِّمًا ولا وسيطًا.

ثم بلغ بى الانفعال إلى أوج قمته، فقلت للأستاذ خميس حميدة: «وأنا عندى
رسالة أخرى أرجو أن تحملها عنى لإمامكم الهضيبى.. قل له عنى وأمام من
تشاء إننى أحق منه بالإخوان..

نعم.. أنا أحق من الهضيبى بالإخوان.. فأين كان الإمام الهضيبى يوم كنت
أجتمع بالإمام الحقيقى المرحوم الشيخ حسن البنا الليالى الطوال سنة 1940،
سنة 1941، سنة 1942 ولم يعلم بهذه الاجتماعات حتى اليوم سوى الله سبحانه
وتعالى.

اجتمعنا فى مكتبه رحمه الله فى المبنى القديم.. واجتمعنا فى منزله رحمه
الله وفى غرفة المكتب التى على السلم عند الفجر حتى نبتعد عن المراقبة،
واجتمعنا فى منزلى بعين شمس بعد منتصف الليل، وبعد أن ضللنا البوليس الذى
كان يتعقبنا واجتمعنا عند الدكتور إبراهيم حسن وكيل الإخوان وقتذاك..

واجتمعنا على باب فصل المدرسة الذى كان يدرس فيه رحمه الله، وأخذنا الحديث حتى انقضت الحصة ونحن وقوف على الباب.


جريدة «الجمهورية» 9 سبتمبر 1954
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:47 pm

حين يجتمع الإخوان لا تسرى بينهم إلا أسطورة واحدة هى السمع والطاعة



اجتمعنا عند الفريق عزيز المصرى.. اجتمعنا فى كل هذه الأماكن وفى أماكن
كثيرة غيرها وفى ظروف كان البوليس السياسى يتعقبه فيه رحمه الله ويتعقبنى
أنا الآخر، وفى ظروف كانت مصائر الناس وأقدارهم يلعب بها ملك طاغية
مستهتر وحكومات منحلة.

ومع ذلك ومع كل هذه الظروف اجتمعنا.. ودبرنا.. ونفذنا.. أقولها ثانية.. اجتمعنا.. ودبرنا.. ونفذنا رغم أنف كل هؤلاء.

فأين كان الإمام الهضيبى فى تلك الأيام.. لا أحسه جالسًا نائمًا فى
كرسى القضاء فى الصباح وعلى الفراش الوثير فى المساء وقت أن كان مصير هذه
البلاد يتقرر ونحن نجرى ونتخفى ونقهر ونعيش تحت تهديد دائم ليس من أجل
أشخاصنا.. إنما من أجل البلاد.

أين كان الإمام الجديد يوم أن تكونت أول جبهة متحدة من الضباط الأحرار
والإخوان والبوليس سنة 1941 بقيادة الفريق عزيز المصرى، وكنت أمثل فيها
إخوانى الضباط الأحرار والإخوان المسلمين فى وقت واحد، وفى تفاهم تام مع
زملائى ومع الإمام الشهيد رحمه الله؟

لا أحسب أن أحدًا من الإخوان القدامى يعلم هذا السر حتى اليوم.. بل أنا
أقطع بذلك وأنا أقطع أيضًا أن أحدًا من الإخوان القدامى لا يعلم الدور
الذى كانت ستلعبه جماعة الإخوان المسلمين بالاشتراك مع الضباط الأحرار سنة
1942 والذى وصل إلى أدق التفاصيل بينى وبين المرحوم الإمام الشهيد، ولما
لم تنجح الخطة وقتذاك بقيت سرًا مكتومًا حتى اليوم من ناحية الإمام الشهيد
ومن ناحيتى أنا أيضاً.

أين كان الإمام الجديد فى كل هذا؟ وبعد هذا سنوات طوال أيضا.. بل أين هو اليوم؟

قلت كل هذا للدكتور خميس حميدة نائب المرشد العام، وقلت له أيضا: إننى
على استعداد لأن أتوجه إلى المركز العام للإخوان المسلمين، وأن أقف بينهم
خطيبًا لأقول كل هذا وأكثر من هذا.

والعجيب -وأنا أعرف الكثيرين من الإخوان المسلمين وأتحدث إليهم- أنهم
يجمعون فى ما بينى وبينهم على الشطط والخلل، الذى تتسم به تصرفات الإمام
الجديد.. ولكنك لن ترى إلا أسطورة واحدة تسرى بينهم حينما يجتمعون هى
أسطورة السمع والطاعة.

فهل يكون جمهور الإخوان كجمهور آخر انتشلته الثورة من براثن الإفك
والضلال، ذلك الجمهور الذى هتف فى يوم من الأيام لرجل من رجال السياسة
انكشف أمره.. نادى هذا الجمهور: «حرامى حرامى.. لكن عاوزينه»؟!


جريدة الجمهورية 9 سبتمبر 1954


2-اللقاء الأول مع حسن البنا


وصلنا من مرسى مطروح إلى القاهرة بأسلحتنا كاملة، وجمعتنى القاهرة
بأصدقاء منقباد.. وكانوا جميعا يفكرون فى ما كنت أنا أفكر فيه.. كانت
تسيطر علينا «فكرة الحياة».

وقررنا أن نتصل بعلى ماهر لنعرف منه جميع التفاصيل التى كانت تنقصنا عن
الأسباب والملابسات الخفية التى أدت إلى استقالته.. فقد كان كل ما نعرفه
هو برقية تشمبرلين «على ماهر يجب أن يستقيل»!

وقررنا أن نتصل بعزيز المصرى لنعرف منه كل التفاصيل الخاصة بمتاعبه فى
الجيش وتدخل الإنجليز، ولكى نأخذ رأيه فى ما نُقدم عليه من عمل كبير، وراح
كل منا يفكر فى الأجواء المحيطة به عن الوسيلة التى يتم بها الاتصال
بالرجلين دون إثارة شبهات المخابرات البريطانية.

وأخيرا جاءت الصدفة فى مولد النبى.

الزمن: ليلة مولد الرسول من عام 1940.

والمكان: سلاح الإشارة فى المعادى، وكنت آنذاك ضابطا برتبة ملازم فى
هذا السلاح… ومولد الرسول فى مصر موسم من مواسمها يعرف الأطفال فيه بعرائس
الحلوى والأحصنة الصغيرة الملونة، يركبها فرسان العرب. وتصرف فى البيوت
والدواوين والمجالس النيابية ودوائر السياسية وقصور الأغنياء الحلوى
الحمصية والسمسمية.. ثم لا شىء بعد ذلك!

وعلى هذا الوجه مرت بمصر تلك الليلة كما مرت بها دائما، ولكنها لم تمر
بى كذلك، فقد كانت من حيث لا أدرى ليلة البدء لأحداث كثيرة متتابعة سمع
المصريون أطرافا منها، بعضها خافتا كالمسدس والآخر مدوِّيًا كالقنابل
والمتفجرات!

الرجل ذو العباءة

كان جلوسنا فى إحدى غرف السلاح، نتناول العشاء ونتكلم.. وكان جنود
السلاح -وأغلبهم بطبيعة عملهم فى سلاح الإشارة فنيون متطوعون- قد اعتادوا
منى كثيرًا أن أحاضرهم، واعتادوا منى دائما أن أتناول طعامى معهم، وأن
أحدثهم بصراحة وأن يحدثونى بمثلها.

كنا فى أثناء استراحتنا وطعامنا، إخوانا مصريين لا ضباطًا وجنودًا..
ودخل علينا ونحن جلوس للعشاء فى ليلة مولد النبى جندى من جنود السلاح
الفنيين لم يكن موجودا بيننا منذ بدء هذه الجلسة، وقدَّم إلينا صديقًا له
يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد تظهر منه شيئًا كثيرًا.

لم أكن أعرف هذا الرجل إلى ذلك اليوم، ولم يُثر دخوله ولا ملبسه
اهتمامى، ولم يلفت نظرى، وكل ما هناك أننى صافحته، ورحبت به ودعوته إلى
تناول العشاء معنا، فجلس وتناول العشاء، وفرغنا من الطعام ولم أعرف عن
الضيف شيئا إلا بشاشة فى وجهه، ورقة فى حديثه، وتواضعا فى مظهره، ولكنى
عرفت بعد ذلك عنه شيئا كثيرا.

فقد بدأ الرجل بعد العشاء حديثا طويلا عن ذكرى مولد الرسول صلى الله
عليه وسلم. كان هو اللقاء الحقيقى الأول بينى وبين هذا الرجل وبينى وبين
هذه الذكرى. كان فى سمات هذا الرجل كثير مما يتسم به رجال الدين: عباءته
ولحيته وتناوله شؤون الدين بالحديث.. ولكنه بعد ذلك كان يختلف عنهم فى كل
شىء.. فليس حديثه هو وعظ المتدينين، ليس الكلام المرتب، ولا العبارات
المنمقة، ولا الحشو الكثير، ولا الاستشهاد المطروق، ولا التزمت فى الفكرة،
ولا ادعاء العمق، ولا ضحالة الهدف، ولا الإحالة إلى التواريخ والسير
والأخبار!

كان حديثه شيئا جديدا.. كان حديث رجل يدخل إلى موضوعه من زوايا بسيطة،
ويتجه إلى هدفه من طريق واضح.. ويصل إليه بسهولة أخاذة. وكان هذا الرجل هو
المرحوم الشيخ حسن البنا، مرشد الإخوان المسلمين.

الموعد الأول

وانتحى الرجل بى ناحية، وتجاذب معى حديثا قصيرا، أنهاه بدعوتى إلى
زيارته فى دار جمعية الإخوان المسلمين قبل حديث الثلاثاء. كانت الجمعية
آنذاك لا تزال فى دارها القديمة التى تشغلها الآن شعبة الجوالة التابعة
لها.

عينان من بعيد

وذهبت يوم الثلاثاء، ولم أكد أضع قدمى فى مدخل الدار حتى شعرت بكثير من
الرهبة، وكثير من الغموض. دخلت من حجرة كبيرة جدا من هذه الحجرات التى
عرفت بها الأبنية المصرية القديمة. وقطعت هذه الحجرة بأكملها لأنفذ من باب
صغير. ونفذت من هذا الباب لألقى أمامى شيئا كممر طويل بين حجرات.

ولم يكن هذا ممرًا، وإنما كان مكتبه. كان صفوف طويلة من الأرفف
المتقاربة الملتصقة بالحوائط، وقد صفت عليها مئات كثيرة من الكتب، ملأت جو
المكان برائحة الورق المخزون.

وعلى بعد كبير فى آخر هذا الممر، كانت هناك عينان فقط ترسلان بريقا
قويًّا هما كل ما يظهر من الرجل الجالس خلف مكانه، وتحدثت مع الرجل طويلا
فى ذلك اليوم.

ولكنه لم يفتح لى كل نصبه.. تحدث معى كثيرا، ولكنه لم يخرج عن دائرة
الدين أبدا. وحصر نفسه فى هذه الدائرة، ولكنه جعل يتسع بمحيطها شيئا
فشيئا، حتى أصبحت أفقا كبيرا مليئًا بالمعانى.

ورغم كل المحاولات التى بذلتها لأدفع به إلى حديث السياسة فقد فشلت،
ورغم كل ما تطرق إليه الحديث فقد ظل الرجل ملتزما ناحية الدين، وإهمال
الناس له، ورسالة الإيمان التى يجب أن يرتكز عليها جهادنا، ووجوب نشر هذه
الرسالة فى صفوف الجيش.

سؤال خطير

وتكررت زياراتى بعد ذلك للرجل، وبدأنا نتحدث فى كثير من الشؤون العامة.
وبدأت أوقن أن الرجل يطوى صدره فعلا على مشاريع كبيرة وخطيرة. لا يريد أن
يفصح عنها. كما أيقن الرجل أيضا أننى لا أنتوى الانضمام إلى جمعيته،
ولعله شعر أو أدرك أننى أعمل شيئا، وأنى لست أعمله وحدى. ولم يتردد الرجل
فى أن يعرض علىّ الانضمام إلى جمعيته، كما أنه لم يحاول أن يسألنى عن أى
صلة لى بآخرين. ولكنى فهمت أنه كان يدرك أشياء كثيرة من الحقيقة فى مناسبة
جاءت بعد ذلك بأيام.

وفى يوم ما نزلت معه وكنت ثائرا مكتئبا تملؤنى المرارة والألم. فقد
صدرت الأوامر فى ذلك اليوم بإعطاء الفريق عزيز المصرى إجازة من رئاسة
أركان حرب الجيش.

وكان معلومًا لنا أن وراء هذا العمل أيدى الإنجليز، وكان مجرد العلم
بهذا كافيا لإثارة نفوسنا ودفعنا إلى أى عمل قد يراه الكثيرون -فى مثل
ظروفنا- من أعمال الجيش!

الذين خانوا الجيش

فقد كنا نعرف ما أراده عزيز المصرى لجيش مصر من قوة ومنفذ، وكنا قد
بدأنا ننتعش بالنهضة الفعلية التى بعثها الرجل فى الجيش.. وكنا نسمع كثيرا
من القصص التى تروى عن محاولات عزيز المصرى الإصلاحية والمشكلات والعقبات
التى توضع أمامه، والأحابيل والشراك التى تنصب له، والتى عرفت بعد ذلك
-للأسف الشديد- أن الذى كان ينصبها له هم من كبار ضباط الجيش المصرى نفسه!

وكنا قد تحققنا من الشَّرَك الأخير، شرك الخيانة الحقيقية. هم من الضباط الكبار.

فقد جمع الفريق عزيز المصرى إجراءات الجيش كله ليسألهم عن مدى حاجتهم
فى أسلحتهم، وإلى جهود البعثة الإنجليزية، ومدى ما حققته هذه البعثة فعلا
من الإصلاح.

وكان الجيش كله ما عدا هذه الفئة يتمنى اليوم الذى تزول فيه وصمة
البعثة الإنجليزية من وحداته وأسلحته، وتكلم عزيز المصرى مع الضباط الكبار
كلام مصرى لمصريين، وكلام قائد لضباطه.

ولكنهم خرجوا من هذا الاجتماع لا ليفكروا ولا ليبحثوا ولا ليسكتوا.
ولكن لكى يذهبوا إلى السادة الإنجليز ويقصوا عليهم حديث قائدهم. وعادوا
إليه فرادى. عاد كل منهم وطلب مقابلته لكى ينهش فى لحم الآخرين.

ولعل كل منهم كان يرمى من وراء ذلك إلى الظهور أمام الرجل بمظهر الوطنى
نفيًا للشبهة عن نفسه، وإلصاقا بها فى الآخرين، وإذا حدث أن وقعت الواقعة
وعلم الرجل حديث الخيانة.

ولكن عزيز المصرى فهم كل شىء، وأدرك أنه بين جماعة من اللواءات لا يَفضُل واحد منهم أخاه إلا فى الخسة والدنس وبطلان الضمير.


الجمهورية 19 ديسمبر 1953
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالجمعة أكتوبر 19, 2012 12:56 pm

بدو أن مسألة اختفاء الأستاذ حسن الهضيبى تشغل أذهان بعض الناس.. وقد
سألنى البعض عن حكاية الاختفاء هذه وهل قبض على الهضيبى.. أو أنه مطلوب
القبض عليه؟


وقد كثرت التكهنات حول هذه الحكاية.. وبخاصة بعد الخطاب الذى أرسله
الأستاذ الهضيبى إلى الجمعية التأسيسية للإخوان أثناء اجتماعها الأخير يوم
الخميس الماضى، والذى قال فيه (فضيلته) إنه كان يود أن يلقاهم -أى يلقى
أعضاء الجمعية التأسيسية- ويسمع حديثهم.. لولا أن ظروفًا قهرية ألمت به
فأبعدته عنهم.. ومن حق الرأى العام أن يعرف الحقيقة كلها، فالهضيبى رجل
عجيب جدًا.. وحكايته طويلة جدًا..!



وبالرغم من أن نشر الحقيقة قد يضايق الأستاذ الهضيبى بل سوف يضيع عليه
نشرها فرصته الكبرى والأخيرة فى الظهور أمام الرأى العام بمظهر «البطل»
المطارد.. الذى تطلب الثورة رأسه!



أقول: بالرغم من هذا فإنى مرغم على نشر تلك الحقيقة حتى أستريح وأريح،
فالأبطال قد كثر عددهم فى هذه الأيام، وأصبحت البطولة هينة إلى حد كبير.



وقبل أن أستطرد فى سرد الحقائق أود أن أوجه للأستاذ الهضيبى هذا السؤال:



ما هى تلك الظروف القهرية التى ألمت بك يا سيدى والتى منعتك من لقاء أعضاء الجمعية التأسيسية والتحدث إليهم؟



إنما كان مفروضًا أن يوضح الأستاذ الهضيبى تلك الظروف حتى كان من
الممكن أن يعرف الرأى العام الحقيقة.. إذا كانت تلك الظروف -مثلا- هى أننا
نريد القبض عليه!



أما أن يفتعل الأستاذ الهضيبى «ظروفًا قهرية» من عنده ومن نسج خياله
فذلك معناه أنه يريد أن يظهر أمام أعضاء الجمعية التأسيسية للإخوان وأمام
الرأى العام بمظهر بطولى.. ولو مرة فى عمره!



إن افتعال البطولة مسألة سهلة لا تكلف صاحبها إلا بضع أكاذيب وروايات يطلقها ثم لن يخسر شيئا إذا لم يصدق أحد أنه بطل.



أما البطولة نفسها.. البطولة الحقيقية فقد تكلف صاحبها عنقه وعنق
الأستاذ الهضيبى فهو لم يتعرض للخطر من أجل أن يكافح فى سبيل مطالب الشعب،
ويناضل ويخوض مع الشعب معاركه، والبطولة كانت ستأتيه حيث يكون بلا حاجة
إلى افتعال أو ادعاء أو أكاذيب.



إننى هنا كما سبق أن ذكرت مضطر إلى ذكر الحقيقة.. حقيقة اختفاء الأستاذ الهضيبى عن الأنظار.



فنحن لم نطلب القبض عليه ولم نطارده، بل لم نفكر فى شىء من هذا.. بعد أن عرفنا من هو وماذا يريد.



وهو يعرف -فعلا- هذه الحقيقة، بل لقد كان يأمل أن نلقى القبض عليه بعد
عودته أخيرًا من سوريا.. وبعد أن أذاع هناك بيانه المشهور الذى هاجم فيه
الثورة.



والبيان المذكور كان نسخة طبق الأصل من بيان محمود أبو الفتح الذى
أذاعه هو الآخر فى الخارج والبيانان أصلهما موجود عندى لمن يريد أن يرى أو
يسمع، والهضيبى -وهذا سر آخر أذيعه- كان قد أشاع عن طريق بيانات أرسلها
إلى الإخوان أنه يتوقع أن تلقى حكومة الثورة القبض عليه عند وصوله إلى
مطار القاهرة.



وهو -الإمام الكبير- كان قبل سفره إلى الخارج موجودًا فى مصيفه
بالإسكندرية.. وعندما أبدى رغبته فى السفر لم تمانع حكومة الثورة وهى
الحكومة التى تعرف ماذا سوف يفعل هذا الإمام الكبير فى الخارج، وماذا سوف
يصرح به لأن موقفه من الثورة كان قد وضح تمامًا وبخاصة بعد اتصالاته
بالإنجليز.



لم تكن نية القبض عليه موجودة إطلاقا فى ذهن أحد.. بالرغم من نشاطه المادى وبالرغم من نواياه العديدة وأطماعه التى ليس لها حد.



وقد سافر الهضيبى -فعلا- إلى الحجاز ثم إلى لبنان وسوريا، وأراد هناك
أن يقيم الدنيا ويقعدها وهو يذيع تصريحًا إثر تصريح ضد حكومة الثورة، ثم
قبل أن يعود إلى مصر أذاع بيانه المذكور والذى كما قلت كان نسخة طبق الأصل
من بيان محمود أبو الفتح.



وقد وصل الهضيبى إلى مطار القاهرة ولم يجد فى انتظاره واحدا ليلقى القبض عليه كما ادعى.. أو كما أشاع أنصاره فى مصر.



ويخيل إلىّ أنه أصيب بالحزن الشديد لعدم القبض عليه.. ويخيل إلىّ أنه
شعر بأن خطته فى افتعال البطولة قد فشلت -هذه المرة- عندما وصل إلى بيته
سليما معافى.. وجلس هناك بين أنصاره ومريديه.



لم يعجبه إطلاقا هذا التسامح من الثورة، فهو كان يأمل أن يغطى كل ماضيه
الملىء بالأخطاء بدخول السجن وكسب عطف الذين يعرفون ذلك الماضى والحاضر
أيضا.



وقد كان عجيبا حقا أن يشيع الهضيبى.. أو ربما أنصاره أن الحكومة ألقت القبض عليه فور وصوله إلى مطار القاهرة.



وقد مرت أيام بعد وصول الإمام الكبير من سوريا، ثم بدأ يعيد الكرة لكى
يتم القبض عليه فأخذ يذيع بيانات ويهرب منشورات ضد حكومة الثورة لعل
وعسى.. لكن إنه أيضا خاب هذه المرة.



فهو يخرج من بيته ويعود، وهو يذهب هنا وهناك ولا يجد من يراقبه أو يتتبع خطاه لكى يلقى القبض عليه.



وضاق الإمام الكبير ذرعًا بهذا التسامح -الذى ليس له حد- من الثورة..
بل ربما تخيل أننا قد عرفنا حقيقة خطته -حول افتعال البطولة- فتركناه يفعل
ما يشاء.



وأخيرًا وبعد أن سرى اليأس إلى نفسه وتأكد أنه ليس فى النية -إطلاقا-
القبض عليه لكى يتحقق أمله العريض فى البطولة فكر وتدبر، وربما عقد
اجتماعًا ناقش فيه مع مريديه خطة جديدة تظهره أمام الإخوان والرأى العام
بمظهر البطل.. فكانت حكاية اختفائه.. وكان خطابه إلى الجمعية التأسيسية
للإخوان، الذى قال فيه إن ظروفا قهرية تمنعه من حضور الاجتماع.



كانت حكومة الثورة -إذن- هى التى خلقت تلك الظروف القهرية أو كان رجال
البوليس فى المدن والقرى يراقبون الأماكن والطرق والميادين ويقيمون
الدنيا ويقعدونها بحثا عن الإمام الكبير البطل.



وهو نفسه يعرف أن حكومة الثورة لو كانت تنوى القبض عليه لحققت بينها
فورًا.. وفى أى ساعة من ساعات النهار أو الليل، فهو ليس ببعيد عن متناول
أيديها.



لقد كان خطاب الأستاذ الهضيبى الذى أرسله إلى أعضاء الجمعية التأسيسية
يوم الخميس الماضى مليئا بالعجب، ففى كل سطر من سطوره يلمس المرء التناقض
الغريب فى منطق هذا الإمام الكبير المسلم.



ففى الخطاب المذكور -مثلا- تحدث الهضيبى إلى أعضاء الجمعية التأسيسية
عن دعوة الإخوان وأنا هنا أتطوع بنشر بيانه على الرأى العام.. قال فضيلته
فى خطابه المذكور بالحرف الواحد.



من أكبر العوامل التى تؤثر على سير الدعوة وتسللها وتشوه مقاصدها وتقلب
المستعمرين عليها بما أيقظوا من العالم الإسلامى وبما وقفوا فى وجه كل
معاهدة تمكن للمستعمرين أدنى تمكين من أرضهم، لقد استخفوا عندهم العمل
لإحباط هذه الدعوة بكل وسيلة، وهم لا يطعنون على الإسلام فى ذاته عداوة
لأهل البلاد التى يحتلونها، ولكنهم يطعنون على الإخوان المسلمين القائمين
بالدعوة، ويوعزون لبعض أهالى البلاد -الذين لهم مطامع عندهم- والذين
يستهويهم الحكم بأن يكونوا سواعدهم فى اضطهاد الإخوان المسلمين والشناعة
عليهم ورميهم بالنقائض.



انتهى كلام الإمام الهضيبى.. وهو كلام خطير فعلا -بالنسبة إليه على
الأقل- هو يعرف -إذن- الأسباب التى تعطل سير دعوة الإخوان وتشوه مقاصدها
وهو يرى أن المستعمرين هم أسباب هذا التعطيل وذلك التشويه، لأن دعوة
الإخوان قد أيقظت -كما يزعم فضيلته- العالم الإسلامى.



ونحن يسعدنا فعلا أن يساهم الإخوان فى يقظة هذا العالم الإسلامى، كما
يسعدنا أن يكون لهم موقف يتناقض مع وجود الاستعمار فى بلاد المسلمين، لكن
أن يزعم الهضيبى هذا وبلا حرج، فهذا ما يثير الأعصاب.. أعصابى أنا على
الأقل.



فهو كان مرشدًا للإخوان المسلمين وأمينًا على تلك الدعوة يوم أن كان فى
البلاد ملك خائن مستبد فاسد هو ظل الاستعمار فى هذه البلاد، فهل كان مما
لا يعطل سير الدعوة أن يهادن الهضيبى ذلك الملك الخائن، ثم يتذرع بصلة
النسب التى بينه وبين نجيب سالم ناظر الخاصة الملكية، فيتفق معه على هذه
المهادنة وأيضا على خطة أهدافها وعلى شل جماعة الإخوان وإبعادها عن محيط
الكفاح الشعبى ضد القصر والإنجليز.. لم تجد خطة الهضيبى مع صهره، ونتوج
بتلك الزيارة الكريمة للملك الكريم. كما وصفها -فضيلته- بالنص.



لما كانت يا سيدى الإمام الكبير «الدعوة» فى حاجة إلى رعاية القصر لكى
تمضى سيرها نحو أهدافها العظمى.. نحو إيقاظ العالم الإسلامى، وطرد
المستعمرين من بلاد المسلمين.



قل لنا بربك وفسر لنا واشرح وأسهب فى الشرح.. إذ ربما نحن مخطئون.



وهل كانت تصريحاتك بعد مقابلة فاروق عن الزيارة الكريمة وقولك: إن الأمر لولى الأمر.. مما يقوى سير الدعوة ولا يشوهها؟



أم هل كانت «الدعوة» التى تزعمتها لكى تسير بها نحو تحرير البلاد من
الاستعمار تفرض عليك -لكى تقوى الدعوة وتمضى فى طريقها- أن ترتكب فى حق
الشعب هذا الذى فعلته.. يوم أن توجهت لمقابلة مستر «أيفانز» المستشار
الشرقى للسفارة الإنجليزية وعرضك الكريم السخى عليه بأن ترتبط البلاد
ببنود سرية وبنصوص تحتم عودة القوات البريطانية.. دون أن يطلع الشعب
عليها؟!



ثم ما رأيك فيما دار بينك وبين «أيفانز» من حديث عجيب خطير؟!



وماذا كان ردك عليه حين سألك فى اتفاقية السودان.. عندما قابلته فى 9 فبراير 1953؟



إن «أيفانز» السياسى الأزرق الناب قد أوقعك فى الشرك! لقد خيل إليك -ما
فى ذلك شك- أنك تمثل قوة رهيبة فى مصر، فبدأت تساوم وبدأت تتخبط.. وكان
الله فى عونك.



أكان الاستعمار -إذن- يعمل على تشويه دعوتك وهو يراك وأنت تمثل تلك
الدعوة تبدى استعدادك للاتفاق معه فى السر؟! أى من وراء ظهر الشعب.. يا
فاضل.. يا مسلم!



لم يسبق لسياسى مصرى أن جرأ على أن يتقدم بمثل عرضك الذى يذكره مستر
أيفانز! ثم لماذا لا نذهب بعيدًا؟ لماذا لا أذكرك.. ما دمت قد قررت أن
دعوتك تناهض الاستعمار وتصارعه بأيام معركة القتال؟ إنك تقول: إن بعض
أهالى البلاد لهم مطامع عن المستعمرين والذين يستهويهم الحكم والذين يوعز
إليهم الاستعمار أن تكون سواعدهم عاملة فى اضطهاد الإخوان المسلمين
والتشنيع عليهم ورميهم بالنقائض.. فمن هم هؤلاء الأهالى؟



أهم نحن يا سيدى؟ أظنك لا تقصدنا.. وإلا فهل نسيت أننا نحن الذين خضنا
معركة القتال وكنا نحاول أن نزج بالجيش فيها بأسلحته وعتاده إلى جوار
الشعب؟ ثم هل تذكر أننا نحن الذين نطمع فى الحكم قد طلبنا منك أيام
المعركة أن تشترك فيها فرفضت وأصررت على الرفض وأظن أن ذاكرتك لم تخنك..
لهذا فأنت لا شك تذكر أنك أصدرت أوامر للإخوان بالابتعاد عن المعركة
متذرعًا بلا شك بقوله تعالى: «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» فاستجاب بعض
الإخوان لأمره، وتمرد البعض الآخر وخاض معنا المعركة ضاربا بأوامرك عرض
الحائط؟!



ونحن الذين تتهمنا بأننا نريد الحكم.. نحن الآن نريد الحكم يوم أن كنت
فى مصيفك أو فى فراشك لا أدرى، فقمنا نطرد الملك الخائن الفاسد «صديقك»
بعد أن ظللنا نكافح أعواما طويلة وأنت وراء مكتبك فى وظيفتك آمن مطمئن؟



مَنْ إذن الذى يستهويه الحكم؟! المناضلون والمكافحون أبناء الشعب أم الذى كان يجد الأمان والكرم فى قصر الخان وفى رحابه؟



إننى لأشد الناس فهما لموقفك لطول ما لمسته بنفسى من أعمال بطانتك..
فأنت يا سيدى تفتعل كل تلك المواقف البطولية.. وترتدى الآن قناعا غريبا
عنك لأن أسرة محمد على التى كانت تحميك وتقويك وتنفخ فيك لتعدك لحكم
البلاد لتحميها أنت بدورك تحت ستار الدين من الشعب قد سقطت، فأصبح أملك
العريض الكبير أسطورة، ولم تعد الورقة الرابحة فى أيدى المستبدين
والمستعمرين!



وترتب على الأسلوب الجديد الذى اتبعه أتاتورك والذى لم يكن ضمن برنامجه
أن فشلت دعوته.. وكانت النتيجة غير ما كان يرجوه ذلك الرجل لبلاده! لقد
كان معروفا أن وراءه تجارًا أرادوا أن يحطموه أو على الأقل ليشوهوه أمام
الرأى العام الإسلامى حتى يبدو كمستبد باطش وحينئذ يمكن إطفاء المشعل
الذى يحمله فلا تصبح تركيا دولة تشيع فيها المدنية والمعرفة، بل يشبع
فيها الظلام والاستبداد والقهر!



وقد كان ونحن هنا فى مصر لا يمكن أن نسمح لهؤلاء التجار بأن يكرروا
المأساة.. فيوقفوا الطوفان الذى بدأ يجتاح كل الأرض فى بلادنا منذ 23
يوليو عام 1952.. باسم الدين!



إن الله مع الحق والعدل والحرية والعمل والمعرفة.. وليس مع حسن إسماعيل الهضيبى!



الله مع الذين أطاحوا برأس الفساد، وأعادوا الأرض لزراعها، وأخرجوا
المستعمر بإصرارهم وإيمانهم بالشعب وليس سبحانه مع الذين هادنوا الفساد
والاستعمار والإقطاع.



إن الله معنا وليس مع الهضيبى.




الجمهورية 19 ديسمبر 1953
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 29, 2012 8:02 pm

ما أشبه الليلة بالبارحة، كأن التاريخ يعيد نفسه. فمصر الآن بعد ثورة 25 يناير لا تختلف كثيرا عن مصر عقب ثورة 23 يوليو 1952، ففى الحالتين حاول الإخوان الوصول إلى الحكم، بكل الطرق، لكنهم فشلوا فى الأُولَى، ونجحوا فى المرة الثانية. مَن يقرأ المقالات التى كتبها الرئيس محمد أنور السادات عام 1954، عن جماعة الإخوان المسلمين يدرك أن التاريخ يعيد نفسه، وأن الجماعة لم تتغير، بل يمكن ببساطة القول إن ما كتبه السادات ينطبق بالضبط على ما يحدث الآن. يتحدث السادات عن الإخوان قبل 60 عاما، وكأنه يتكلم عنهم الآن، يتحدث عن مرشد الجماعة الثانى، الهضيبى، وكأنه يتحدث عن الدكتور محمد بديع أو المهندس خيرت الشاطر، يتحدث عن إدمانها العمل السرى، وهو ما يحدث حتى الآن فيقول «الإخوان مُساقون إلى هاوية لأنهم يلتزمون طريقة العمل فى سرية حتى بعد أن قام الشعب بثورته»، ويقول «الإخوان يحرصون على العمل السرى والتنظيمات والتشكيلات الخاصة كأنهم أمة أخرى.. وشعب آخر غير هذه الأمة والشعب المصرى». لم يتغير شىء تقريبا، لم يتغير الإخوان، ولم يتغير منهجهم، تماما كما لم نتغير نحن، ولم نتعلم الدرس.



1. الله معنا وليس مع الهضيبى



عندما جاء الغزاة الفرنسيون إلى مصر، بدأ نابليون مع عمد الاستعمار الفرنسى فى بلادنا، ولم يجد كبير الفرنسيين أبدع من تجار الدين فى إقامة تلك العمد فى البلاد، وقد سجل التاريخ على هؤلاء التجار أنهم أجبروا الشعب على التزام الطاعة والتزام الهدوء والسكينة، فكبير الفرنسيين عالم جليل من علماء الإسلام!!.. وجنرالات فرنسا الذين بدؤوا يحكمون الأقاليم رسل خير وأمان بعثهم الله لضبط كيان أتباع محمد.

وعندما انتفض الشعب وعندما ظهرت طلائع ثورته على الاستعمار الفرنسى، كان تجار الدين قد حددوا موقفهم تمامًا من هذه الثورة، فخانوا الشعب ووقفوا إلى جوار نابليون، لكن ثورة الشعب اجتاحتهم وهى فى الطريق، وطردت القوات الفرنسية المحتلة من البلاد، بالرغم من تأييد تجار الدين لها..

عندما جاء الاستعمار الجديد -الإنجليزى- وتصدى عرابى العظيم، فوجئ البطل بتجار الدين يؤيدون دعوى الخديو فى أن مقاومة الإنجليز عصيان وخروج على الطاعة لولى الأمر!

وكتب بعضهم فى الصحف وألقى بعضهم خطبًا فى المساجد اتهموا فيها عرابى بالخيانة وبأنه لم يلتزم نص القرآن الذى جاء فيه قوله تعالى: «وأعدوا لهم…» فقال هؤلاء التجار الخونة إن معنى هذه الآية، إنه كان يجب على عرابى أن لا يقاوم القوات الزاحفة على البلاد، لأنه لم يكن مستعدًا.. وهكذا كان كفاح عرابى وكانت بطولته، وكان إيمانه بالشعب، خيانة فى نظر تجار الدين والانتهازيين وعملاء الرجعية والقصر..

وبعد أن استقر الأمر للاستعمار الإنجليزى، كان المشعوذون وتجار الدين من بين الفئات التى اعتمد عليها الاستعمار فى إطفاء الجذوة المقدسة، أى قتل الوعى بين الجماهير ووضع الغشاوات القاتمة على الأعين وإشاعة الوهم وفلسفة الخضوع للقدر..

ولعب تجار الدين دورهم التاريخى فى تقوية المستعمر وإضعاف الشعب.. ما كان تبجيلهم لملوك مصر وحكامها ودعوتهم إلى طاعتهم إلا جزءًا من عملهم الأثيم فى تثبيت أركان الاستبداد والاستعمار.

والدين إذن.. استغل استغلالا فى مصر لمصلحة أعداء الشعب ولم يستغل -إطلاقا- للقضاء على هؤلاء الأعداء. وفى تركيا عندما كان سلاطين آل عثمان يستغلون الإرهاب والذل والمرض والجهل بين ربوع البلاد وفى كل بلد خضعت لمشيئة خليفة المسلمين الغارق فى نعيم قصور يلدز.. أقول: إن تركيا هذه عندما كتب لها أن تتخلص من هذه المحنة على يد كمال أتاتورك خرج تجار الدين من جحورهم ليعلنوا على الملأ أن أتاتورك كافر، وأنه من عملاء الأبالسة.. فبلبلوا الأفكار وضللوا الجماهير حتى اضطر أتاتورك -لكى يحمى نفسه ونظامه- أن يتبع أسلوبًا عنيفا لا يتفق مع حركته الإصلاحية ومراميها..

كان أتاتورك مرغمًا لا شك على اتباع أسلوب البطش، فأصبح ديكتاتورًا بعد أن شعر بالخطر الذى يتهدده من جراء نشاط تجار الدين ضد دعوته التحررية.



2.الإخوان تخيلوا أن الثورة متوقفة على عطفهم وتعاونهم



إن الخطاب السرى الذى أرسله الإمام الهضيبى إلى الجمعية التأسيسية للإخوان أثناء اجتماعها الأخير ملىء بالمتناقضات، وقد حاولت أن أرد على ما جاء فى الخطاب فى مقال واحد، فرأيت أن المتناقضات التى اشتمل عليها الخطاب يجب الرد عليها بالتفاصيل، حتى أوضح للشعب والإخوان -من غير الهضيبى- الموقف تمامًا، فلا يبقى أمام الرأى العام شىء غامض يكشف موقف الثورة من الإخوان.. أعنى حسن الهضيبى وبطانته.

إن الذى يقرأ ذلك الخطاب السرى، وهو يقع فى خمس صفحات من الحجم الكبير، لا يملك إلا أن يطلب تفسيرًا لما جاء فيه.. ولا جدال فى أن الأستاذ الهضيبى عندما كتبه كان هدفه الوحيد هو الاستمرار فى تضليل الإخوان وجمعيتهم التأسيسية وخداع الشعب بتشويه الحقائق تشويهًا مثيرًا!

وحديثى اليوم عن فقرة خطيرة وردت فى الخطاب السرى المذكور، ويقول فيها الأستاذ الهضيبى لأعضاء الجمعية التأسيسية:

«إنكم لا شك ستعرضون لموقف الإخوان المسلمين من الحكومة وموقف الحكومة منه، ولا أريد أن أذكركم بما قام به الإخوان المسلمون فى الانقلاب الذى تم بخلع الملك، ولا بما أديتموه لرجال الانقلاب حتى تماسكوا وثبتت أقدامهم، ولا أريد أن أذكركم بما قلته فى جلسات الهيئة التأسيسية من أن أحدًا لم يعرض علينا التعاون معه فى شؤون البلاد، ولا ما ذكرته لكم مما اُدعِىَ علينا من علاقة مع الإنجليز.. لست أريد أن أذكركم بذلك، ولكنى سآتى إلى قرار حل الإخوان المسلمين واعتقالهم وإسناد شتى التهم إليهم، ثم الإفراج عنهم من غير تحقيق ولا سؤال ولا جواب..

أريد أن أقول: إن رجال «الانقلاب» بعثوا لنا قبيل الإفراج عنا بمن يقول: إنهم آسفون على ما كان منهم فى حق الإخوان المسلمين، وإنهم يطلبون منا أن ننسى الماضى وأن نتعاون معهم على ما فيه مصلحة البلاد.. فقلنا: إننا مستعدون للتعاون على ما فيه خير البلاد، وفى الحدود التى تقبلها دعوة الإخوان المسلمين، وما أكثرها، وأن من حقهم أن يفرجوا عنا بلا كلام، ولكن وهم يطلبون التعاون معنا، فإننا نرجو أن يفرج عن جميع المعتقلين.

وقد بلغنا بعد ذلك أن بعض المعتقلين من الضباط قدم للمحاكمة، فكلمتهم فى ذلك، وطلبت أن يلغى قرار حل الإخوان المسلمين.. واذكروا الكلام الذى قيل فى تبرير الحل والاعتقال، لأنه من غير المعقول أن نكون متعاونين والتهمة منسوبة إلينا، وقبل هذا كله بلا تردد، وحمد لنا ما أبديناه من استعداد لتناسى الماضى بلا كلام، واتفق معنا على أن يتم ذلك وأن نجلس فى بحر 48 ساعة للاتفاق على ما نتعاون عليه، وخرجنا فى مساء 25 مارس 1954، وحينما وصلت إلى منزلى زارنى البكباشى جمال عبد الناصر، والصاغ صلاح سالم، واستبشرنا بذلك، واعتبرنا أن ما قالاه من ضرورة التعاون أمر لا شك فيه، وكانت الأمور فى ذلك الوقت مضطربة بينهم وبين الرئيس محمد نجيب، فسعينا فى رجائهم بالانتظار حتى نعرف حقيقة الخلاف.

عرضنا عليهم الانتظار فلم نوفق ولم يطلب أحد منا التدخل، ثم مضينا فى المطالبة بما وعدنا به فلم يتحقق منه شىء إلا الإفراج عن الإخوان المسلمين، وبقى بعضهم فى المعتقلات».

انتهى كلام الأستاذ الهضيبى.. وأحب قبل أن أسرد الحقائق كما هى بلا لف ولا دوران، أن أقف قليلا عند قول الأستاذ الهضيبى عن الثورة إنها انقلاب، ففضيلته ينسى كل ما حدث تحت سماء مصر منذ 23 يوليو وحتى الآن.. أو هو يتناسى، فيسمى الثورة بالانقلاب..

إن الانقلاب هو يا فضيلة المرشد أن الذى حدث تحت سماء مصر فى 23 يوليو 1952 هو ثورة لا انقلاب.. ثورة قامت لتخلص الشعب من الانقلابات، فإسقاط النظام الملكى كان بناء على رغبة الشعب، والقضاء على الإقطاع كان أيضا كذلك، وكل ما تم هنا فى مصر منذ قامت الثورة لم يكن لحساب الاستعمار أو القصر أو الأقلية أو الإقطاع، بل كان كل شىء فعلناه يستهدف مصالح الشعب.

هى إذن ثورة لا انقلاب، فالانقلاب كان يحدث فى مصر عندما يجىء صدقى أو عبد الهادى إلى الحكم، حينئذ يكون فى أيدى جماعة لا يمثلون الشعب ولا يعبرون عن أمانيه أو لا يستهدفون إلا حماية من جاء بهم إلى الحكم، أى ولى الأمر صديقك!

وأعتقد أن الذى جعل الأستاذ الهضيبى ينسى هذه الحقائق كلها فيسمى الثورة «انقلابا» هو أن الثورة لم تعامله كما تعامل كل الثورات الخونة والمضللين والمنافقين!

لكن فى المستقبل القريب، والقريب جدًا، سوف يشعر الأستاذ الهضيبى بأن الذى حدث فى مصر هو ثورة.. وليس انقلابا!

وأبدأ فى سرد الحقائق كما هى، فأقول: إن الإمام الهضيبى لم يكن صادقًا -على الإطلاق- عندما قال فى خطابه السرى سالف الذكر: إن الإخوان قاموا بدور فى الانقلاب.

نحن نريد أن نعرف هذا الدور الذى تخيله الإمام الهضيبى.

«لا يزال المرء يكذب ويكذب فيصدقه الناس، ثم يكذب ويكذب فيصدق نفسه».

لماذا لم يسعف الخيال الإمام الهضيبى فيكشف لنا عن هذا الدور المزعوم الذى قامت به جماعته حتى قامت الثورة، ثم ما قامت به جماعته حتى قامت الثورة، ثم قامت به جماعته حتى تماسك رجال الانقلاب وثبتت أقدامهم؟!

لماذا اكتفى بتلك العبارة السريعة ووقف عند الزعم فقط.. ولم يسرد تفاصيل ذلك الدور؟!

لقد غادر الأستاذ الهضيبى مصيفه بالإسكندرية بعد طرد فاروق، وجاء إلى القاهرة ليمثل دور المكافح المناضل، بعد أن ظل طوال حكم فاروق خاضعًا.. وكان الأجدر به أن يتحدث عما قامت به الثورة وما أداه رجال الانقلاب للإخوان!

فقد أخرجناهم من المعتقلات، وأعطيناهم فرصة العمل بحرية لا حد لها.. وأصدر رجال الانقلاب عفوًا شاملا عن بعثة الإخوان من ظلمات السجون.. اتهمنا من أجل هذا كله بأننا من الإخوان، ونحن لم نطلب التعاون مع الإخوان -بالذات- كما زعم الأستاذ الهضيبى فى خطابه السرى.

والحقيقة أن الثورة عندما قامت حاولنا التعاون مع الجميع من أجل مصالح الشعب ومستقبله.. وعرضنا التعاون مع جميع السياسيين وكل الأحزاب.. فوجدناهم يستهدفون مصالحهم هم لا مصالح الشعب، فسراج الدين -مثلا- تردد ما علل ولمَ يتعللون.. وأنت تعرف لماذا تردد رجال الأحزاب وحاولوا أن يغرقوا على الثورة رغباتهم هم.. والرغبات لم تكن تحقق على الإطلاق مصلحة واحدة من مصالح الشعب!

وكان علينا أن نسقط من حسابنا أهداف الثورة، أى نسقط الشعب من الحساب لكى يقبل علينا هؤلاء الساسة ويتعاونوا معنا!

وأنت كنت واحدًا من هؤلاء الذين عرضنا عليهم التعاون.. فخيِّل إليك أن عرضنا هذا معناه أنك تمتلك عصا موسى، وأنك قادر على أن تطيح بالثورة، وأن بقاء الثورة متوقف على عطفك، أى على تعاونك.

فأردت أن تفرض وصايتك على الثورة، وأظنك تذكر رد جمال عبد الناصر عليك عندما طلبت هذا.. وكيف كان كاظما، بل وحاسما مما يملك من أن رجال الانقلاب -كما يجب أن نسميهم- لا يمكن أن يمكنوك من بلوغ أهدافك.. تلك الأهداف التى كان فاروق يمنيك بتحقيقها فهادنته وارتديت -فى عهده- ثوب الأرنب، ثم ما لبثت تسمع عرض الثورة عليك -بالتعاون- حتى ارتديت فجأة ثوب الأسد، فانظر كيف ينقلب الأرنب أسدًا، وتخيل أنت إمكان حدوث مثل هذه المعجزة!!

أما مسألة اتصالك بالإنجليز ومحاولتك إيهام أعضاء الجمعية التأسيسية بأنها أكذوبة فردى عليك القاطع وبلا حاجة إلى أن أشير إلى ما سبق أن قلته عن هذا الموضوع فى مقالاتى السابقة.. أقول: ردى القاطع هو بيانك أنت الذى نشرته لك فى الصحف!!

ثم ليسمع أعوانك.. وليسمع أعضاء الجمعية التأسيسية هذا الذى سوف أقوله الآن حتى لا تعود فتخدعهم أو تضللهم بخيالك الخصب.

إنك لو لم توضح فى خطابك -السرى- مسألة الاعتقال، والإفراج ولم تسرد الحقيقة وأن تذكرهم بقرار حل الإخوان، فأنت لا شك تعرف لماذا اعتقلتْك الثورة ولماذا صدر قرار الحل.. وأنت لم تقل الحقيقة أبدا حول هذين الموضوعين.. فاسمع إذن كل الحقائق وليسمع معك أعوانك، وليسمع الشعب أيضًا.. لقد اعتقل الهضيبى وأعوانه بعد ارتكابهم سلسلة من الجرائم فى حق الوطن.. لا فى حق رجال الانقلاب
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 29, 2012 8:05 pm

-الإخوان يعملون بوجهين فكيف نثق فى صدق نواياهم؟

بعد أن مدت لهم الثورة يدها -بحسن نية- وأخرجتهم من السجون ونفخت فيهم كانت -أى الثورة- تأمل أن يبدأ الإخوان فى تحقيق أهداف الدين لا أهداف تجار الدين، وفى تحقيق أهداف الدين الحقيقية خدمة كبرى للثورة.. أى للشعب.. لكن الهضيبى وأعوانه -وهم من ذوى الأطماع- استغلوا حسن النية هذا من الثورة، فبدؤوا يعملون بوجهين.

فأمام رجال الانقلاب يظهرون بمظهر الصديق العامل على معاونتهم لبلوغ كل الأهداف.. هذا أحد الوجهين!

والوجه الثانى للهضيبى وأعوانه هو أنهم بدؤوا يتجهون إلى العمل -السرى- وأين؟ بين صفوف القوات المسلحة.. بين الضباط وصف الضباط! فعملوا على تكوين خلايا سرية تخضع لتوجيهات الهضيبى وأعوانه.. وكان الهضيبى يخدع هؤلاء الضباط وجنود الصف بالأمانى العريضة، فكان يقول لهم مثلا: إن له نفوذا على الثورة وإنه سوف ينجح فى القضاء عليهم، ثم بعد ذلك يمكن أن توزع الأسلاب!

وهكذا كان الهضيبى -يتعاون مع الثورة- وهكذا كان الإخوان يثبتون أقدام رجال الانقلاب.. وهكذا كان دورهم فى الثورة!

بل لقد اتجه الهضيبى، صاحب الوجهين، إلى رجال البوليس.. فبدأ أيضا يمنيهم ويضللهم، ويكون من بينهم خلايا سرية استعدادا للقضاء على الثورة، كما كان يرجو ويحلم.. حتى تتحقق أهدافه التى جرفها الطوفان بعد إسقاط النظام الملكى.. هذا خلاف اتصالاته بالإنجليز ليمهد الطريق للانقلاب الذى يحلم به.. فأبدى استعداده للإنجليز بالاتفاق معهم وبعقد معاهدة سرية لا يعلم بها الشعب عندما يقفز إلى مقعد الحكم! وعرفت حكومة الثورة كل هذا فلم تقدم على إجراء عنيف لوقف هذا النشاط المدمر، فبدأت الحكومة تنصح وتنذر المرة تلو المرة، ربما ارتد هؤلاء المتآمرون عن غيهم فيعودوا إلى الجحور، لكن سياسة العمل بالوجهين استمرت وعين الثورة لا تنام.. وكان لا بد لكى لا تتعرض البلاد لنكسة تعصف بمستقبل هذا الشعب أن تأخذ الثورة هؤلاء المتآمرين بالشدة، خصوصا بعد أن بدؤوا يكونون تنظيمات سرية مسلحة!

والثورة قد أعلنت أنها ما قامت إلا لكى تمهد الطريق أمام الشعب، فتقوم حياة ديمقراطية نيابية سليمة لا مثل تلك التى كانت قائمة فى الماضى، وكان الشعب فى كنفها ضائعا لا يملك من أمر نفسه شيئا.. ولما كان وجود تنظيمات سرية مسلحة تخضع لإحدى الهيئات ما يتنافى مع الحياة الديمقراطية النيابية التى تستهدفها الثورة، وتعمل على أن يعيش الشعب فى كنفها.. ولما كان من بين نشاط تلك التنظيمات السرية المسلحة إشاعة الإرهاب فى البلاد وأعمال التدمير والطعن من الخلف.. وبهذا تكون الثورة كأن لم تكن، وتكون قد خضعت البلاد من النظام الملكى ومن فاروق لتسلمها لقمة سائغة لصنيعة الهضيبى.

فقد كان إذن من الضرورى -بل من المحتم- أن توقف الثورة هذا النشاط السرى المسلح، وتعيد الفئران إلى جحورها.. فكان أن اعتقل المرشد العام وأعوانه، لما شاءت الظروف الطارئة أن يعلن رجال الثورة فى مارس الماضى تنظيمهم عن المسؤولية، ولا أريد أن أناقش هنا تلك الظروف.. فموضوع اليوم خاص بالهضيبى وأعوانه..

أقول: شاءت الظروف أن يعلن رجال الثورة تخليهم عن المسؤولية، وصدرت قرارات 25 مارس بعودة الأحزاب وإنهاء الثورة، وجاء الأستاذ فؤاد جلال للرئيس عبد الناصر ليتوسط للإخوان، فرجاه أن يقابل الدكتور عبد القادر سرور، أحد أعضاء جماعة الإخوان، وفعلا تمت المقابلة فى اليوم نفسه الذى صدرت فيه قرارات الثورة.

وهذه هى حقيقة المسألة أسردها لكى لا يتوهم أحد ممن قرؤوا خطاب الهضيبى السرى أن ما رواه الإمام الكبير له قلل من الحقيقة..

تحدث الدكتور عبد القادر سرور مع الرئيس جمال عن الموقف الذى كانت تقفه البلاد.. وقال للرئيس جمال: إن الأحزاب تستعد لمعركة الجمعية التأسيسية، وليس من الخير أن تدخل تلك الأحزاب المعركة دون الإخوان، وطلب عبد القادر من الرئيس جمال أن يضرب صفحا عن الماضى، وما همنا أن قررنا أن تقوم الجمعية التأسيسية فى 23 يوليو، فمن الخير أن يطبق على الإخوان ما سوف يسرى على جميع الأحزاب، فيخرج من اعتقل منهم ليمارسوا نشاطهم، ووافق جمال عبد الناصر وقال له بالحرف الواحد:

سوف أصدر أمرا اليوم بإخراج الإخوان وإعادتهم، فنحن اليوم وقد انسحبنا من الميدان وحملنا المسؤولية للأحزاب لا أجد أمامى سببا لاستمرار اعتقالهم، وهنا طلب عبد القادر سرور الآتى:

- الإفراج عن ضباط الجيش من الإخوان المتهمين بتكوين تنظيمات سرية.

- أن تتم الثورة جميلها فتصدر بيانا تنفى فيه التهم التى وجهت للإخوان.

ورفض الرئيس جمال هذه الطلبات، وبعد ذلك توجه فؤاد جلال وعبد القادر سرور مع أحد الضباط إلى المعتقل، ثم عادوا بعد ظهر 25 مارس، وقالوا: إنهم قابلوا المرشد العام، وأنه الآن بعد صدور قرارات 25 مارس يريد أن يخرج مع زملائه من المعتقل، حتى لا تفوتهم الفرصة المعطاة للأحزاب.

وصدر الأمر بالإفراج عن جميع المعتقلين من الإخوان وغيرهم، وهذه هى الحقيقة، أما ما يقوله الهضيبى من أن رجال الانقلاب بعثوا إليه قبل الإفراج عنه من أنهم يأسفون أنهم يطلبون نسيان الماضى والتعاون.. إلخ.

فهذا هو الكذب مجسما، فإن رجال الثورة كانوا قد قرروا الانسحاب نهائيا من ميدان السياسة، فلما يأسفون، ولماذا يتعاونون مع غيرهم؟! لقد قال الرئيس جمال عندما طلب منه فؤاد جلال وعبد القادر سرور زيارة الهضيبى فى بيته.

إننى أقبل هذه الزيارة بكل سرور، لسبب واحد، وهو أننا أعلنا اعتزال السياسة والعودة إلى ثكناتنا، وفى هذه الحالة لن يقول قائل: إنى أذهب إلى الهضيبى طالبا معونته أو تأييده.. وأعتبر أن زيارتى له من باب تصفية الأعمال! وكان ما كان وثار الشعب على قرارات 25 مارس أو بعبارة أصح ثارت طبقات الشعب التى شعرت بأن مصالحها بعد اعتزال رجال الثورة السياسة أصبحت مهددة، وأن كل ما كانوا يفعلون فيه من أفعال تحقق تلك المصالح أصبح بعد تلك القرارات حلما مثلما كان يحلم فاروق، وألغيت قرارات 25 مارس على ضوء هذه الحقيقة وبناء على إرادة الشعب، وكان الإخوان قد استفادوا -طبعا- من قرارات 25 مارس، فهم قد خرجوا من المعتقلات، وهم يمارسون نشاطهم، فاستغلوا تلك الفرصة وبدؤوا ينشرون الأكاذيب والسموم بين الناس ويطلقون الشائعات، وعاد عبد القادر سرور مرة أخرى إلى الرئيس جمال عبد الناصر يعرض التعاون، فقال له جمال:

إننى غير مستعد للتعاون معكم، فأنتم تعملون بسياستين! سياسة تواجهوننى بها وسياسة تبينونها فى الخفاء، ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين.. وأراه الرئيس جمال المنشورات السرية التى يصدرها الإخوان ويهاجمون فيها الثورة بالأكاذيب والاختلاق..

وعاد جمال يقول له:

إننى لا أثق فى قيادتكم كما لا أثق فى صدق نواياهم.. لهذا فأنا لن أقبل التعاون إلا إذا عدتم إلى الحق وأنهيتم حملة الأكاذيب والشائعات والمنشورات المليئة بالكذب، ثم بعد هذا يمكن أن نحاول التفاهم، فإذا نجحنا فى التفاهم فلنحاول التعاون.

فهل كفة حملة الشائعات.. وهل كف الإخوان أو الهضيبى وبطانته بمعنى آخر عن إصدار المنشورات الكاذبة التى سطرت بلون الحقد والضغينة والحسد واليأس من المستقبل.. مستقبل الرجعية والانتهازيين أقصد؟!

لا، بل استمرت وزاد الكذب وتضاعف البهتان.. إن الهضيبى لا شك يريد أن يعوض ما فقده من هدوء ومهادنة أيام فاروق..

لكنه ينسى أن سنة التطور تقضى بأن الشعب إذا ما حصل على مكاسب يستحيل لأى قوة أن تنتزعها منه، لهذا فكل ذلك النشاط المخرب إن دمر فسوف يدمر أصحابه، لا الشعب.

جريدة الجمهورية 19 سبتمبر 1954

2-حسن الهضيبى يتوسط مجموعة من الضباط الأحرار ويظهر بينهم جمال عبد الناصر

إن موقف الأستاذ حسن إسماعيل الهضيبى من الثورة يدفعنا إلى مواجهته بهذه الحقائق التى تذاع لأول مرة على الرأى العام

إن الثورة كانت دائما تتغاضى عن مثل هذه المواقف وتلتزم منها موقفًا سلبيًّا ثقة منها فى وعى الشعب وتمسكه بأهدافها العظمى التى تصنع مستقبله العظيم

وكانت الثورة -ولا تزال- تؤمن بأن الشعب قد مرت به تجارب ضخمة هائلة تجعله يعرف أعداءه، وتجعله يكشف عن الزيف وأيضا تجعله يفهم أين الحق وأين الباطل

إن ثقة الثورة فى وعى الشعب لن تتزعزع ولن يُضعفها -إطلاقا- ما يقوم به بعض الانتهازيين من نشاط مدمر هدفه العودة بهذا الشعب إلى الوراء.. إلى أيام الرجعية والاستبداد والفساد السياسى

زعيم الانتهازيين

وقد استغل الانتهازيون هذه الثقة المقدسة لمضوا -بعد أن عرفوا أن لا أمل لهم فى تحقيق مطامعهم- يحاولون النيل من وطنية القائمين على الثورة، ويشككون فى أهدافهم، وفى الأعمال الجليلة التى كافحوا السنين الطوال من أجل تحقيقها. وقد تزعم الأستاذ حسن الهضيبى هؤلاء الانتهازيين طلاب الأسلاب والغنائم والطامعين فى أهداف خيالية، وبدأ فعلًا يناقش نفسه وهو يحاول أن يظهر أمام جماعة الإخوان كإمام مُخلص حر، هدفه تحرير الشعب، بل والشعوب الإسلامية كلها، من الاستعمار والفساد والظلم!

لهذا أرانى مضطرا -من أجل الشعب- إلى كشف الستار عن حقيقة ذلك الإمام الكبير وبطانته.

معارضة الإخوان

وقبل أن أبدأ فى سرد هذه الأسرار الخطيرة أحب أن أشير إلى أعجب فقرة وردت فى خطاب الإمام الكبير حسن الهضيبى، والذى أرسله إلى الجمعية التأسيسية فى أثناء اجتماعها الأخير، وأنا هنا -كما قلت- أتطوع بنشر خطابه على الرأى العام.

قال الإمام الكبير بالحرف الواحد فى خطابه سالف الذكر:

«هذا الذى فعله الإخوان المسلمون من معارضة الاتفاق مع المستعمرين ليس شهوة عندهم، وإنما هو أصل دينهم، فإن أحكام الإسلام تقتضى أنه إذا وطئت أقدام العدو أرض المسلمين وجب على كل واحد منهم صغيرًا وكبيرًا -والرجل والمرأة فى ذلك سواء- أن ينهضوا لدفع العدو أيا كان، حتى يعيدوه إلى عقر داره، وإذا كانت ليست لنا قدرة على ذلك حتى الآن، وإلى أن يمنحنا الله القوة لدفعهم، أو يوجد من أسباب ضعفهم ما يمكننا من ذلك، فليس لنا أن نرضى بوجودهم على أرض الإسلام بمقتضى اتفاقات نعقدها معهم، ولا أن نرضى بأن يربطنا معهم أى ارتباط كان. فإذا جلوا عن أرض الإسلام فللمسلمين أن يرتبطوا بالاتفاقات التى تقتضيها مصلحة الإسلام، وإذا كانت الحكومات ستضطر إلى قبول مثل هذه الاتفاقات فى ما يخالف هذا -الأصل- وجب على الإخوان المسلمين أن يحافظوا كل المحافظة على هذا الأصل حتى لا يقعوا فى ما وقع فيه غيرهم مختارين أو مضطرين إلى مخالفة الأصل الذى قدمته لكم».

أصل الدعوة!

ومنه ظهر أن فضيلته يرى أن أصل الدعوة -التى هو حريص عليها جدًا- تلتقى مع المسلمين رجالا ونساء أن يهبوا لمصارعة العدو، فلما وطئت أقدامه أراضيهم، وأن معارضة فضيلته لاتفاقية الجلاء ليست شهوة مثلا أو مِن بطانته، وإنما هو أصل فى دعوتهم.

فهل كان -إذن- أصل الدعوة هذا غير موجود عند مكابدى فضيلته استعداده لمستر إيفانس فى أثناء مقابلته المشهورة له لعقد اتفاق سرى مع بريطانيا لا يعلم به الشعب أو الإخوان أنفسهم.

بما تسمى هذا يا فضيلة المرشد؟! هل هذا أصل فى الدعوة، أم أنك تتفق مع المنطق فتسميه شهوة؟

اتفاقية الهضيبى

إن عقد اتفاق سرى يتعلق بمصير شعب مسلم فيه خداع تام للمسلمين، فهل يضمن -أصل الدعوة- الخديعة؟ وأنا هنا لا أريد أن أترك لك فرصة تكذِّب فيها هذه الحقيقة الضخمة، وأجدنى مضطرًا أن أقبلها حتى أقطع عليك الطريق.. طريق الادعاء والعمل بعديد من الوجوه.

ما رأيك يا صاحب الفضيلة فى هذه الحقائق: فى أبريل عام 1953 وبعد أن عرف رجال الثورة أنك اتصلت بمستر إيفانس، ووصلت معه إلى تحديد الخطوط الرئيسية التى على أساسها سوف يتم الاتفاق مع بريطانيا. اجتمع فضيلته بالأساتذة: الدكتور خميس حميدة، وحسن العشماوى، وعبد القادر حلمى، وفريد عبد الخالق، وصالح أبو رقيق، ومنير الدلة، وبررت أمامهم أنك تباحث فعلا الإنجليز. وقلت أيضا: وهذه هى الحقيقة الثالثة: إنك تؤمن بأن بريطانيا هى الصديق التقليدى لمصر، ثم قلت وهذه هى الحقيقة الرابعة: إنك وافقت على بقاء قاعدة قنال السويس العسكرية، ووافقت وهذه هى الحقيقة الخامسة على حق عودة القوات الإنجليزية إلى تلك القاعدة فى حال الهجوم على مصر أو أى دولة عربية.. أو..

وهذا عجيب جدا فى حال وقوع حرب عالمية ثم.. ثم قلت لهم يا فضيلة المرشد -وهذه هى الحقيقة السادسة- إنك وافقت فى أثناء مباحثاتك مع العدو على أن يبقى فنيون من جنود إنجلترا للمحافظة على القاعدة.

اعترافات وشهود

وإنى هنا فى حِل من إذاعة أمر آخر خطير لكى لا تجد فرصة تفلت بها من هذه الحقائق الرهيبة.. والسر تعرفه أنت ويعرفه الأساتذة الذين اجتمعت بهم لتبرر أمامهم اتصالاتك بالإنجليز.

لقد حضر هذا الاجتماع -أيها الشعب- البكباشى جمال عبد الناصر، والصاغ صلاح سالم، والصاغ كمال الدين حسين، وعقد الاجتماع سالف الذكر فى منزل منير الدلة. ومن الشهود على مسألة اتصالاتك تلك بالإنجليز كثيرون، فمن بينهم أعضاء من مجلس قيادة الثورة، وأعضاء من جماعتك، وكلهم سمعوا اعترافاتك والمبررات التى تذرعت بها أمامهم لتوضيح موقفك العجيب.

تصرفك هذا الذى ينطوى على الخداع وعلى الانتهازية وعلى الحقد الدفين نحو رجال قاموا فى غفلة منك بطرد صديقك فاروق وبالقضاء على المفاسد التى كنت أنت راضيًا بها بل ومدافعا عنها.

وشهد شاهد من أهله..

ولا تتسرع فتطلب كل ما ذكر -الآن- فسوف أسوق دليلا جديدا على خدعتك الكبرى تلك.. وهذا سر آخر خطى أجدنى مضطرا إلى إذاعته لكى أكشف نهائيًّا الأقنعة العديدة التى يضعها ذلك الرجل -الهضيبى- على وجهه..

والسر الخطير هو:

فى يوم الخميس الماضى -9 سبتمبر عام 1954- أى منذ ستة أيام فقط لا غير، وتحت سقف بيت الرئيس جمال عبد الناصر جلس الدكتور خميس، نائب مرشد الإخوان، والأستاذ عمر التلمسانى، والشيخ أحمد ثريت، والحاج محمد حمودة، وعدد آخر من شباب الإخوان المسلمين، وتكلم الدكتور خميس أمامهم جميعا، فشهد على كل تلك الحقائق الست التى ذكرتها أنا الآن.

ولم يكد الدكتور خميس ينتهى من حديثه حتى قفزت علامات الدهشة تترسم على وجوه الحاضرين من شباب الإخوان ومن كبار الإخوان. الدهشة لا لأنهم عرفوا أنك اتصلت بالإنجليز -فعلا- أو لأنك أبديت استعدادك لعقد ذلك الاتفاق السرى معهم. أو لأنك وافقت على عودة القوات البريطانية بمجرد قيام حرب عالمية، بل لأنك أوهمتهم -أستغفر الله- بل أكدت للإخوان أن مسألة اتصالاتك بالإنجليز تلك ليست إلا من نسج خيال جمال عبد الناصر.

إن جمال عبد الناصر رجل اعتاد أن يعمل ويعمل ويعمل.. لا أن يسرد حواديت..

وأنتقل إلى ما قاله أخى صلاح سالم أمس فى بيانه عن موقفك من الكفاح المسلح. وتمالك أعصابك يا إمام يا كبير، فإنى والله اضطررت إلى تعريف الناس بك وبحقيقة نواياك. وبحقيقة وطنيتك، وحرصك المزعوم على مصالح الشعب وعلى قضايا المسلمين، فقد ضقنا ذرعا بالصمت والسكوت عن أبطال هذه الأيام، ضقنا ذرعا باتهامات الانتهازيين والمضللين، لكنهم أبطال كفاح ونحن الكاذبون ونحن الخارجون على الدين وعلى التعب!! أليس هذا رأيك يا خليفة الله فى الأرض؟!

استعد إذن لسماع الحقائق لنقلها من تاريخك الملىء بالأكاذيب الكبيرة وبالبطولة المفتعلة المزيفة.. استعد لمواجهة الشعب عاريا ويلا لك.. تاجر الدين..

تاجر الدين

فأنت -مثلا- تقول فى خطابك الذى أرسلته من هيئتك إلى الجمعية التأسيسية للإخوان: إن الأصل فى الدين هو أنه إذا وطئت أقدام -عدو- أرض المسلمين وجب على رجالهم ونسائهم أن يهبِّوا لرد ذلك العدو عن تلك الأرض. أنت إذن وطنى وتؤمن بالله، يجب إخراج الغزاة والاشتباك معهم وردهم على الأعقاب، وأنت لا تطالب الرجال فقط فى بلاد المسلمين بأن يفعلوا هذا، بل وتطالب أيضا نساء المسلمين بخوض المعركة، وهذا كلام أوافقك عليه تماما يا سيدى، بل إن الذى لا يؤمن بهذا الذى قلته عن مصارعة المستعمرين والاشتباك معهم وردهم عن الديار ليس إلا عميلًا من خلافهم أو انتهازيًّا أو طامعًا فى غنم وفى أسلاب.. والذى لا يقول هذا ويفعله ما هو إلا مدعى ومضلل كبير ومتآمر على المسلمين وأوطان المسلمين.. والذى لا يقول هذا ويفعله ما هو إلا مخادع وذنب من الأذناب.. والذى لا يقول هذا الكلام الجميل ويفعله ليس مسلمًا ولا يؤمن -على الإطلاق- برسالة خاتم الأنبياء.. هذه وثائق يؤمن بها كل المخلصين المناضلين.. أحرار ولا تحتاج إلى أن يشير إليها الإمام الكبير.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 43

الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Empty
مُساهمةموضوع: رد: الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)   الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد) Icon_minitimeالإثنين أكتوبر 29, 2012 8:07 pm

-كيف اعترف الهضيبى لستة من كبار الإخوان؟

كفاح فى تونس

لكن أين كان -أصل الدعوة- عندما قُطعت المفاوضات بين حكومة الثورة وإنجلترا؟ ثم بدأت حكومة الثورة تعد نفسها لقيادة الكفاح المسلح فى القنال لطرد الغزاة، لماذا لم تقف يا إمام يا كبير إلى جوار الثورة وهى تستعد لتحقيق أصل الدعوة؟ لقد كان أخى صلاح يحسن الظن بك مثلنا جميعًا، فذهب إليك ليحدثك عن إمكانات الكفاح المسلح وعن ضرورة توحيد القيادة أثناء المعركة.. حتى لا يتسرب إلى الصفوف المناضلة عملاء أو أعداء يخربون ويشيعون الفوضى والهزيمة بين أبناء الأمة وهم يخوضون معركتهم المقدسة.

وظل أخى صلاح يتحدث إلى الهضيبى عن الموقف بصراحة.. ذلك الموقف الذى كان سيترتب عليه بعد قطع المفاوضات أن تبدأ معركة الكفاح المسلح، إذا لم يخضع المستعمرون لإرادة الشعب فيوافقوا على الجلاء، وبالشروط التى أملتها عليهم الثورة بلا أحلاف عسكرية، وبلا معاهدات سرية وبلا أى شىء يهدد مصالح الشعب أو يهدد رزقه ومستقبله.

وقد كان أخى صلاح متفائلًا إلى حد ما قبل أن يذهب إلى الهضيبى.. كان يعتقد أن الإمام الكبير لن يرفض أن يخوض الشعب معركة مسلحة ضد المستعمرين فى القنال.

والذى حدث هو أن الهضيبى كان يهز رأسه فى ترعد وفى خضوع وهو يحاول أن ينهى الحديث بينه وبين أخى صلاح.. ثم عندما بان أن صلاح قد بدأ يستنكر موقفه، وهو الذى يرأس تنظيمًا كبيرًا يضم آلافًا من الشباب والوطنيين المخلصين، والذين كانوا على استعداد لملاقاة المستعمر لولا أن قانون الجماعة ينص على عدم الاشتراك فى أى عمل حتى لو كان وطنيًّا بلا أمر من مكتب الإرشاد.. أو من المرشد على وجه التحديد.. أقول: عندما رأى الهضيبى أزمات الاستنكار على وجه صلاح سالم، قال له فى عصبية وهو منهمر الحديث بالحرف الواحد:

«إن الإخوان المسلمين مستعدون للكفاح -فقط- من أجل الإسلام لا فى سبيل القنال، فإذا كنتم -أى الشعب- ستحاربون فى القنال، والإسلام يطلب منا أن نحارب فى تونس، فسنترك القنال ونحارب فى تونس»!

وخرج صلاح من عند الهضيبى وهو مذهولًا لا يكاد يصدق أذنيه، هذه حكاية من تاريخ الإمام الكبير، فأين هذه القصة الحقيقية عن كلامه فى خطابه المذكور إلى الجمعية التأسيسية؟! أين أصل الدعوة هنا؟!

فقد كان الشعب يكافح فعلا فى تلك الأيام ويستشهد من أبنائه فى كل يوم عدد ليس بالقليل.. باسم الإسلام يقول الهضيبى: إنه لن يحارب فى القنال، لأن الإخوان يحاربون فقط فى سبيل الإسلام لا القنال.

ما معنى هذا الكلام يا ناس؟ أليس الكفاح فى القنال كان من أجل تحرير المسلمين من الأعداء وردهم عن الديار؟

ولماذا -إذن- لم يحارب الهضيبى فى تونس.. وفى تونس مسلمون يكافحون المستعمرين؟!

الواقع أن الهضيبى كان فى -تلك الأيام- يرى نفسه أمام الأمر الواقع، فعندما طلب منه صلاح سالم أن يأمر باشتراك الإخوان فى المعركة، شعر بأنه وقع فى مأزق، فهو المرشد الجديد الذى اختاره فاروق لكى يحد من نشاط الإخوان، ويجعل رسالتهم حبرًا على ورق.. هو المرشد الجديد الذى قابل فاروق واتفق معه على السياسة الجديدة للإخوان، وعلى ما يجب وما لا يجب.

وفاروق قطعًا كان لا يريد معركة مسلحة فى القنال.. يعود بعدها الشعب بعد النصر لكى يهدم القصر فوق رأسه ويفتك بأعوانه.. ثم يطهر البلاد من كل الفساد.

وربما كان الهضيبى يتوقع أن يكون هو من بين من سوف تنالهم يد الشعب.. بعد طرد الغزاة.

جريدة الجمهورية 19 سبتمبر 1954

2-الإخوان اليوم يؤدون لإسرائيل الرسالة.. لا من أجل الدين ولا من أجل الوطن.. بل من أجلك أنت يا إسرائيل

{قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا. أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا}.

صدق الله العظيم

نعم، فرحة من الأعماق بل فرحة من القلب.. افرحوا يا مسلمين.. افرحوا يا عرب، فقد أتى الفرج، وشمر الإخوان المسلمون عن سواعدهم ولبسوا الثوب الأسود بعد أن تآمروا زمنا وبعد أن حالفوا فاروقا عهدا طويلا.

افرحوا يا مسلمين.. وافرحوا يا عرب.. فإن قضاياكم التى تبنتها الثورة لا بد أن تحل سريعا.. افرحوا يا أهل السودان؟ فإن قضيتكم الوطنية التى انتكست على مر السنين بفضل فاروق وأعوان فاروق وحلفاء فاروق أمثال الهضيبى، وإن أهدافكم العظام التى عملت على تحقيقها وإن الاستعمار الذى تكاتفت معكم الثورة على إنهائه لا بد أن يزول، فقد هب الإخوان المسلمون من مرقدهم..

افرحى يا تونس.. وافرحى يا مراكش.. وافرحى يا جزائر.. فقد هب الإخوان المسلمون، ولا بد أن هذا العمل سيساعدكم على تحقيق أهدافكم التى عملت الثورة منذ اليوم الأول على تحقيقها وجندت فى سبيلها كل قواها وكل قوى العرب والمسلمين..

افرحوا يا مسلمين.. فإن الثورة التى نادت بجمع شملكم منذ اليوم الأول لقيامها والتى دعت إلى عقد مؤتمر إسلامى سنوى يبحث شؤونكم وأحوالكم ويعمل على تحسينها تجد الآن بجانبها الإخوان المسلمين يقولون:

«إن الدين احتكار وإن المؤتمر الإسلامى استعمار..».. وافرحى يا سوريا.. وافرحوا يا عرب.. فإن الجهود التى بذلت فى سبيل تقوية روابط العرب والعروبة والقضاء على الدسائس التى حيكت فى تقطيع الأوصال والأهداف التى حاربت الثورة من أجلها فى رفع شأن العرب والعروبة وزيارات صلاح سالم لتصفية القلوب والنفوس ولأم الجروح، لا بد أن ينجح سريعا، فقد هب الإخوان المسلمون بعد أن كشفهم الشعب فى مصر، هبوا إلى سوريا ليخدعوا أهل سوريا باسم الدين وباسم الإسلام..

افرحوا أيها الفلاحون.. يا من أشيعت بينكم العدالة لأول مرة فى التاريخ وملكتم الأرض، وكان هدف الثورة الأول أن تسلمكم وثائق التحرير من العبودية..

نعم.. افرحوا فقد هب الإخوان المسلمون بعدما نادوا فى أول الثورة بمعارضتهم لقانون تحديد الملكية، ثم تراجعوا وطلبوا أن تحدد بخمسمئة فدان..

افرحوا أيها المواطنون.. يا من حكمكم فاروق وأجداد فاروق.. يا من ذقتم ذل الاستعباد والاستغلال والاستبداد وكنتم تشتكون بلا سميع ولا مجيب حتى قامت الثورة، فقضت على الاستبداد والاستعباد والاستغلال، وعملت على القضاء على الظلم الاجتماعى والفساد السياسى.

افرحوا.. فقد هب اليوم الإخوان المسلمون بعد أن حالفوا فاروقا وحالفوا الأحزاب وهادنوا الفساد متخذين من ذلك وسيلة لأغراضهم حتى دب الفساد فى جماعتهم وبين صفوفهم..

افرحوا يا أصحاب المبادئ.. افرحوا يا أصحاب المثل العليا.. المبادئ التى حطمها الاستبداد والمثل العليا التى حطمها الاستعباد وتآمر عليها فاروق مستعينا بأعوانه أصحاب المصالح أمثال الهضيبى، بعد أن مناهم بالدنيا وقال لهم: «إن الدنيا خير وأبقى»، وبعد أن آمنوا بأن مهادنة الاستبداد ومهادنة الاستعباد هما السبيل الوحيد الذى يوصل إلى الأغراض -أغراضهم الخبيثة- ولو كان ذلك تحت اسم الإسلام وتحت سمع المسلمين.. قاموا اليوم يكافحون..

افرحوا أيها العمال، فإن حقوقكم التى سلبت زمنا طويلا فى ظل الملكية هذه الحقوق التى ردتها إليكم الثورة منذ أول يوم لها بعد أن ضحى بها الهضيبى فى سبيل إرضاء ولى النعم فاروق، الذى كان يدين له بالسمع والطاعة، ويطالبكم بأن تدينوا له بالسمع وبالطاعة، وأن تدوسوا كرامتكم وتهملوا حقوقكم.

افرحوا فلا بد أن النصر قريب، فقد هب الإخوان المسلمون.. افرحوا أيها الموظفون.. وافرحوا أيها الطلبة.. فإن عزتكم القومية التى داسها فاروق ومن تحالف معه أمثال الهضيبى وبمكانته فى سبيل الحصول على مركز زائل يقربهم من ولى النعم.. هذه العزة التى افتقدت منذ آلاف السنين حتى ردتها إليكم الثورة، فأصبحت مصر تحكم بأبنائها بعد أن تحالف عليها الخوارج أمثال الهضيبى حينما تعاونوا مع الملكية الأجنبية المستبدة..

هذه العزة التى لا تقدر بمال لا بد أن تقوى، فقد هب الإخوان المسلمون.. حقا هل يحق للمسلمين والعرب أن يخرجوا؟

وهل يحق للعمال والموظفين والمواطنين أن يفرحوا؟ إنها لمأساة مضحكة.. وشر البلية ما يضحك..

فقد هب الإخوان المسلمون متعاونين مع قوى الاستعمار الهدامة محققين أغراض الصهيونية من حيث يدرون أو لا يدرون.. إنها لمأساة مضحكة مبكية..

افرحى يا فرنسا، أيتها الدريقة فى الاستعمار وفى استعباد الشعوب، وزيدى من حملتك فى تونس والجزائر ومراكش، وشددى قبضتك على السودان الفرنسى وعلى المسلمين..

افرحى يا فرنسا، وهلل يا راديو باريس للإخوان المسلمين ولخيانات الإخوان المسلمين، وانتقم من مصر صاحبة «صوت العرب» الذى يدافع عن حقوق المسلمين والعرب الذى يحارب الاستبداد والاستعمار.

نعم، هلل يا راديو باريس، فقد أعطاك الإمام المسلم الهضيبى والفاجر عبد الحكيم عابدين من الأكاذيب ما تهاجم به مصر وشعب مصر وحكومة مصر، وأعطاك أيضا مادة تستخدمها طوال اليوم فى إذاعاتك العربية لتنقص من شأن مصر أمام العرب.

نعم، افرحى يا فرنسا.. فإن الهضيبى وبطانته اتخذوا من سوريا مركزا للنشاط، وبث الحقد والضغينة فى النفوس، وعزل سوريا عن مصر بالدعايات الخبيثة التى تعمل على خلق سوء تفاهم بين البلدين الشقيقين اللذين اتحدا فى أوقات الشدة وتعاونا على إزالة الهموم..

افرحى يا فرنسا.. فلن يستفيد من إساءة العلاقات بين سوريا ومصر.. إلا أنت.. وإلا مطامعك فى السيطرة والنفوذ..

افرحى يا إنجلترا.. فإن محاولاتك اليائسة التى بذلت للتفرقة بين العرب من أجل عزلهم عن مصر، هذه المحاولات الجبارة التى فشلت وقضى عليها صلاح سالم بزياراته المتعددة وهذه الدسائس والدعايات التى حيكت ضد مصر حتى نشعر بحرج موقفها حين يتخلى عنها إخوانها العرب.. كل هذه المحاولات التى فشلت يقوم بها الآن الإخوان المسلمون، لا من أجل الدين ولا من أجل الإسلام، ولا من أجل الوطن، ولكن من أجل الحقد الرخيص ومن أجل الأطماع الخبيثة.

افرحى يا إنجلترا.. ويا أمريكا.. فقد وجدتما الآن لكما حليفا ينفذ سياستكما من حيث يدرى، ومن حيث لا يدرى.. فقد هب الإخوان المسلمون..

افرحوا أيها الشيوعيون، يا من تريدون الفوضى والخراب.. ويا من هاجمتم الثورة من أول يوم قامت فيه، لأنها ستقضى على مبادئكم التى تبث الأحقاد فى النفوس، ولأن الثورة قضت على الاستبداد والاستغلال وأقنعت العدالة الاجتماعية فصارت بضاعتكم إلى بوار.

افرحوا أيها الشيوعيون فقد تحالف معكم الإخوان المسلمون، لا من أجل الدين، ولا من أجل الوطن.. ولكن من أجل الحقد الدفين.

افرحى يا إسرائيل.. يا من تحاولين زعزعة ثقة العرب فى نفوسهم والإيقاع بينهم والتفرقة بين أممهم، حتى يمكن لك أن تلتهميهم دولة وراء أخرى..

افرحى يا إسرائيل، فإن الإخوان اليوم يؤدون لك الرسالة.. لا من أجل الدين، ولا من أجل الوطن.. بل من أجلك أنت يا إسرائيل، وما فى نفوسهم من حقد دفين.. وافرح يا راديو إسرائيل.. فلن تبذل مجهودا بعد اليوم، فإن بيانات الإخوان المسلمين فى سوريا وأكاذيب الهضيبى أصبح فيها الكفاية لتحقق أغراضك وأهدافك.. وليس أمامك إلا أن تقول: «وشهد شاهد من أهلها».

وافرحى يا صحافة إسرائيل.. فإن عبد الحكيم عابدين يعطيك التصريحات مهاجما جمال عبد الناصر وحكومة جمال عبد الناصر، ومهاجما الثورة وأعمال الثورة.. وكفى الله المؤمنين شر القتال..

افرح يا فاروق.. وافرحوا يا أعوان فاروق، فإن حليفكم لن يتحرك عنكم وعن ولى الأمر دان له بالطاعة.. ودان له بالولاء..

تحرك حليفكم الإمام الهضيبى باسم الإسلام والمسلمين، وباسم الوطن والدين.. نعم تحرك حليفك الهضيبى يا فاروق، الذى هادنك وعاونك على قتل روح الشعب والقضاء على كفاحه، مستعينا بالتضليل باسم الإسلام وباسم الدين.

تحرك حليفك الهضيبى يا فاروق، الذى كان يطمئنك دائما بمناسبة ودون مناسبة، بتوقيعه فى دفتر تشريفاتك الكريم، معلنا لك الإمامة والسلام، حتى تفعل فى هذا الشعب ما تريد، فتدوس أقدامك، وتنتهك الأعراض وتسلب الأموال، وتستعبد النفوس وأنت مطمئن إلى أن الإمام الكبير مغمض عينيه ومخدر الناس بقوله: إن الدين يأمر بالطاعة لولى الأمر…

أما أنت أيها الشعب الباسل! أما أنت أيها الشعب المكافح، يا من كشفت دائما تجار السياسة والدين، فلا تخف ولا تنزعج..

فطالما خانك أبناء لك تحت أسماء زائفة، خانوك وخدعوك تحت أسماء براقة.. تارة باسم الحرية والديمقراطية، وتارة باسم الدين.. وهم فى كل هذا لم يكن لهم من غرض سوى الاستبداد والاستعباد والاستغلال…

فكشفت كيدهم ورددت خديعتهم إلى صدورهم..

{قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا. أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا}.

صدق الله العظيم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
 
الإخوان المسلمون \بقلم أنور السادات(متجدد)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الاخوان المسلمون والمصائب الكبرى
» ومع أنور العسكرى
» مكتبة الفنان أنور العسكرى
» حنان أنور عبد الفضيل (الصف الثانى الثانوى)
» انتبهوا أيها المسلمون ... !!!

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المـــنــتـــدى الـــعـــــــام :: قسم الحوار-
انتقل الى: