مرسى والانقلاب على الدولة

في تاريخ الأمم والشعوب لم نسمع عن رئيس انقلب على الدولة بمؤسساتها
وسلطاتها ونصّب نفسه "حاكماً بأمر الله" إلا الرئيس محمد مرسي.. فقراراته
نافذه بذاتها، ولا يجوز الطعن عليها أمام القضاء، كما لا يحق لأي جهة
قضائية أن تطعن فيما يراه الرئيس وجماعته في تشكيلة اللجنة التأسيسية،
وشرعية مجلس الشورى!

أي سخف هذا الذي أقدم عليه الرئيس المصري محمد مرسي، بإعلانه – غير
الدستوري- الذي ينصبه فوق كل السلطات؟ متجاهلا إرادة شعب ثائر لم تندمل
جراحه التي انفجرت في أعقاب ثورة 25 يناير على إرث ثقيل من القهر والظلم
والاستبداد..، لم يجرؤ النظام الساقط أن يتخذ مثل هذه القرارات الفاشية،
ولم يجرؤ أي احتلال أجنبي لمصر على مر تاريخها العريق أن يفعل بشعبها ما
فعله الرئيس مرسي وجماعته مؤخرا.

بمقتضى الإعلان – غير الدستوري- الذي أشعل الصراع في مصر، لا معنى لوجود
السلطة القضائية، بعد احتفاظ الرئيس بالسلطتين التشريعية والتنفيذية، وليس
من حق كائن من كان أن يطعن أو يعترض على قرارات الرئيس، وليس من حق القضاء
أن يطعن في تشكيلة الجمعية التأسيسية لكتابة دستور مصر والتي شهدت انسحابات
واعتراضات من أغلب الطيف السياسي المصري بسبب محاولة الإخوان السيطرة
عليها وتمرير دستور المرشد المعد سلفا، فهل هذا ما أقسم عليه الرئيس مرسي
باحترام القانون والدستور والعمل على حماية أمن مصر وسلامة المواطنين؟

لقد بات جليا أن الرئيس مرسي وجماعته في كفة، وشعب مصر بمختلف أطيافه
وطوائفه في كفة أخرى،.. قوى المعارضة من جانبها رفعت سقف التصعيد الذي قد
يشمل شرعية الرئيس نفسه، وتحذر من عصيان مدني يشمل عموم الدولة المصرية،
وتتداعى لمليونية حاشدة غدا الثلاثاء في ميدان التحرير وعموم ميادين مصر.

والرئيس من جانبه يُصر على عدم التراجع عن قرارته التي يهلل لها أنصاره
بلا وعي ولا أدنى شعور بالمسؤولية حيال عواقب المضي في الانقلاب على
الديمقراطية والإطاحة بالقيم الدستورية ويتداعون لمليونية مؤيدة للرئيس
وقرارته في نفس توقيت مليونية القوى المدنية.. فماذا لو التقت
المليونيتين..؟ النتيجة صراع شرس وصدام دموي.. فهل هذا ما يريده الرئيس ..؟
هل يريد أن تشتعل الحرب الأهلية بين المصريين لتحرق الأخضر واليابس من
أجل تدعيم أركان دولة الإخوان؟

نحن نحمّل الرئيس مرسي وجماعته مسؤولية كل نقطة دم تسقط من أي مواطن من
الطرفين سواء من مؤيديه أو معارضيه، ونحذره كذلك من خطورة المكابرة وتحدي
إرادة الشعب، ماعدا جماعته -بطبيعة الحال- التي ترى في قراراته حماية
للثورة، كما نحذره من خطورة الانقلاب على مؤسسات الدولة والتعدي على السلطة
القضائية.. "العمود الأخير في خيمة الوطن".

لمن لا يعلم فإن السلطة القضائية كانت السلطة الوحيدة التي لم تمسها يد
الإخوان قبل الانقلاب الذي أعلنه الرئيس مرسي مؤخرا، وهي الجهة الوحيدة
المنوط بها فتح ملفات الإخوان السوداء سواء من جهة عدم شرعيتها وعدم
قانونية ممارستها لأي أنشطة سياسية أو دينية، أو من جهة مسؤولية قيادات
الجماعة عن قتل المتظاهرين - وهذا ما أعلنه النائب العام المقال المستشار
عبد المجيد محمود وحذر من محاولة استهدافه شخصيا من قبل الإخوان-، أيضا
القضاء كان منوطا بفتح ملف تزوير الانتخابات لمصلحة مرسي، وفتح ملفه القديم
وتورطه بالتخابر مع المخابرات التركية والأمريكية وهروبه من السجن أثناء
الثورة ومسؤولية اقتحام حماس للسجون المصرية ولذلك كان بديهيا أن يجن جنون
الرئيس وجماعته للإجهاز على السلطة القضائية بهذا الإعلان الذي سيفتح باب
العنف في مصر والذي لا يعلم مداه إلا رب العالمين.

أنا أدعو كل القوى الوطنية والثورية الحرة إلى التحلى بأقصى درجات ضبط
النفس والمحافظة على سلمية الثورة المصرية التي شُوهت بأفعال الإخوان
وقياداتهم، وممارسة حق التظاهر السلمي والاعتراض على قرارات الرئيس بكل
الوسائل السلمية والتي من بينها إعلان العصيان المدني والاستمرار في الحشد
والضغط على الرئيس حتى يتراجع عن إعلانه وقراراته الباطلة وإلا فليس أمام
الرئيس وجماعته إلا مواجهة نفس سيناريو الرحيل الذي أجبر مبارك ونظامه في
عز جبروته على الرحيل.. (واللي عملها أولاني يقدر يعملها تاني)

حفظ الله مصر وشعبها من شر الإخوان ومن شر كل حاكم ظالم مستبد لا يقدر مصلحة بلاده ولا يحترم إرادة شعبها.

عادل بدوى

قسما بالله العلى العظيم ما نرضى بالذل ولا التجارة بالدين ولا الخداع ما حيينا وسخرنا اقلامنا للحق اينما كان ومهما حدث

» هيبة الدولة
» الدولة الميدانية
» دولة داخل الدولة
» عاجل :مجلس الدولة: والدة أبو إسماعيل مصرية 100% ولم تحصل على أي جنسية أخرى
» إحالة أبوحامد لنيابة امن الدولة العيا