كنت ممن يقال فيهم اذا رآهم الرائى لا يحملون هما ولا يدخل قلبهم البؤس والحزن
كانت ضحكاتى تتناثر هنا وهناك فتبهج الجميع مستمتعين بخفة ظلى وانا ينعكس على وجدانى هذا الانبساط فيرضينى ولو لم اكن راضيا
ما ظننت يوما اننى سأكون هذا الشخص ذو الملامح العابسة التى تخيف المحيطين بى من الاقتراب منى ..اشعر اننى قد بلغت من الكبر عتيا
ففالكبر ليس كبر السنين والايام وانما هو عجز النفوس وهرمها كيف فعلت بنفسى هذا لا ادرى ولكنى فعلت
التقيتها فتسارعت انفاسى ودقت طبول قلبى معلنة حالة التأهب القصوى لاستقبال شخصية ليست بالعادية تدرجت علاقتى بها حتى زاد تعلقى وفاق الحد
قد زادتنى هياما وحبا وشغفا واصبحت شغلى الشاغل انام واصحو عليها والثوانى فى بعدها تمر على كالسنوات اصحوا متلهفا عليها كلهفة طفل رضيع الى امه الحنون اصبحت لا اطيق ان يقترب منها احد سواى فهى ملكى انا ولن يعرف قدرها غيرى فلماذا تعطى من الوقت لغيرى وانا احق بها ولكن ماذا عساى ان افعل أأحبسها بين جدران قلعة عاتية شاهقة البنيان لا يقترب او يراها سواى ؟ اصبحت الام والصديقة والنفس اصبحت نفسى اذا جئتها مكبلا بالهموم والقيت بهمومى بين يديها بنظرة منها او بابتسامة ينمحى كل شىء ويزول واعود بكامل بهجتى لم ادرى كم من السنين والايام قد انقضت وانا على هذا الحال تأمرنى فألبى واطلب منها فتعرض عنى واسامح واعود فأنا لا استطيع العيش بدونها كيف لى ان احيا دون ان يرددلسانى اسمها ويهمس لها ويبدوا انها قد شعرت انها قد تملكتنى تماما وان الثمرة قد نضجت وحان وقت قطافها فركبها الغرور واستحوزت على حتى شعرت اننى عبد ذليل بين يديها وما اصعب واقسى هذا الشعور بالذلة والانكسار وما اصعبها دموع الرجال ...ولكن ما حيلتى ..اننى احبها نعم احبها أأخلص نفسى من سحرها
لا اجد منها خلاصا الا بالموت ولكن ايصل بى الجنون الى هذا الحد ازهق نفسى من اجل امرأة سعيت بكل الطرق الى ارضائها ولكنها لا ترضى ولا تهدأ ولا ترحم انكسارى
اصبحت كائنا اخر اعترانى الهم واعتزلت الجميع وخاصمنى النوم عيناى لا ينطبق لها جفن قمة العذاب لطفك بى يا قدير ....لماذا فعلت بى هذا ؟ لم تكتف عند هذا الحد ولكنها اصرت على وضع رتوش النهاية للمأساة ويبدو انها قد اصابها الملل فرسمت بريشتها خطوط النهاية واخرجتنى من عالمها بلا رأفة ولا رحمة
صرت بلا هدى اهذى ...ابكى ....اتألم ...احادث خيالها ....اتضرع الى الله ان يقبض روحى ويريحنى وكان هلاكى هلاك كل ما هو جميل بداخلى وادرت ظهرى للدنيا وما فيها فكل شىء لدى الآن سواء بدونها
لكنى لازلت احتفظ بصورها احادث الصور كم اجد فى هذه الصور ما لم اجده فيها من حنان وصدق الصور افصحت لى افصاحا وقالت لا تبك على امرأة اضاعت مثلك من بين يديها فهى الخاسرة ....الا يكفيك انى معك ....وابتسم وانحنى لأقبل الصورة فأشعر ان روحى قد عادت الى ياليتها تمتلك ولو جزء بسيطا من شعورك المرهف
وانظر لأجد الصورة صامته فقد اخرستها حتى وهى بالبعد تفرض جبروتها وسطوتها ...تبا لك ايتها المرأة كم اكرهك
ترى هل من امل فى حياة جديدة بعد ان اضاعتنى ...لا ادرى ولكن كل ما اعلمه الأن اننى اصبحت حطام رجل يخطو على الارض
ياااااه كل هذا حدث ؟ هكذا حدثت نفسى بعد ان قرأت تلك الاوراق المدسوسة داخل مرجع قديم كنت قد اخذته من مكتبتى ووضعته بين طيات ملابسى فى شنطة السفر
وجلست لأقرأ منه شىء يهمنى بعد ان وصلت والعائلة لشاطىء مرسى علم فلم اجد انسب من هذا المكان للقراءة وعثرت على هذه الاوراق التى كان قد مضى عليها اكثر من عشرة اعوام قرأت الاوراق وانا اتعجب كيف كنت؟؟؟ هل تتوقف الحياة ويصل المرء الى هذا الحد من اليأس بسبب قصة حب ؟ هل توجد امرأة تستحق كل هذا العناء
بالطبع لا ولكنه سحر الساحر كما فعل سحرة فرعون اذ القوا حبالهم وعصيهم فبدت للناظر كأنها افاعى ضخمة قاتلة
نعم للحب بريقه ولكن ليس بالحب وحده يحيا البشر .....ومخطىء من يظن ان الحياة تنتهى عند فقد احد مهما كان قدره فكما تتجدد الدماء فى العروق تتجدد ايضا الافكار فى العقول وتتجدد المشاعر فى القلوب كل يفنى ويزول كلها عوارض الحياة فى سكة السفر ...وبينما انا شارد اذا بصوت ابنتى الصغرى من خلفى تردد
ابى تركتنى وجلست ها هنا لتقرأ اجئنا هنا من اجل ان تقرأ ....ابتسمت وضممتها ..لا يا حبيبتى جئنا هنا من اجل تجديد الحياة واخذ قسط من السعادة بينكم
هيا اعطنى هذا الورق لاريك كيف اصنع مركبا يجوب هذا البحر ويخترقه ....هكذا قالت قبل ان تمد يدها لتأخذ الاوراق من يدى وتجلس بجانبى لتصنع مركبا تلو الاخر وتدفع به الى البحر وانا اضحك من داخلى لهوان ما بداخل الورق وقد كنت اظنه عظيما وها هو الآن اصبح مركبا بلا شراع يذهب فلا يعود ولكنه يسعد قلب ابنتى التى استطاعت ان تخلصنى من أخر قصاصات الماضى دون ان تدرى .
لعلى اكون قد استطعت التعبير بعض الشىء عن خلجات عالم الرجال فقد سئمت من التعبير عن المرأة وحدها