زهرة وعازف الناى \ بقلمى

ارهقتنى كثيرا بكثرة تمردها على ورفضها لكل شىء لم اجدها يوما انبهرت بما ننبهر به فى حياتنا الدانيا وكانت تنظر الى قائلة كل ينقطع ....كل يزول ....زار حينا يوما عازف ناى يعزف على نايه بعناية وبراعة شديدة فاستئذنتنى فى الذهاب ورائه والتمتع بألحانه ووجدتها فرصتى لاستريح منها قليلا فسمحت لها وانطلقت كالفراشة تتعقب الزهور انطلقت وانطلقت وكأنما فقدت كلى بانطلاقها فكيف يتثنى للفرد ان يحيا جسد بلا روح كيف اترك روحى هائمة واحيا بدونها ذلك ما اكتشفت انى لا اطيقه وخرجت انا الاخرى هائمة على وجهى ابحث عن روحى فى كل مكان اسأل عنها وعن عازف الناى فلا يدلنى احد الا ان لروحى رائحة لا تستطيع انفى ان تنكرها اشمها عن بعد اميال واميال تتبعت الأثر وكلما خطوت كلما اقتربت من مصدر الرائحة حتى وجدتنى على ابواب مدينة الاشواق اقف والمدنية محاطة بالأسوار والحراس 
احاول الاقتراب فيمنعوننى اسألهم عن زهرة فلا يجيبوننى وانهمرت دموعى وانهارت مقاومتى امام هذا الصدود فأشفق على احدهم وقال لى ان اقصى ما يمكنه فعله من اجلى ان يفتح لى الابواب فأنظر من مكانى فمدينة الاشواق لا يدخلها الا مشتاق 
وفتح الأبواب واذا بزهرة امامى تجلس بين يدى عازف الناى تستمع لمعزوفة تذوب فيها وجدا هى ومن حولها من الزهرات 
فتنسكب من عيونهم حبات لؤلوء لو قمت بجمعه لصرت من اغنى الأغنياء ثم ينهى عازف الناى عزفه فينصرف كل الى حاله واحاول ان انادى على روحى فلا تجيب ولا تسمعنى بالمره وكأنها فى شغل عن الجميع وآراها تخطو نحو نبع ماء ارى انعكاس الشمس فيه صافيا كالمرآة وتسقط يدها فى النبع وتلتقط من الماء بكفها لتشرب فيأتى عازف الناى سريعا اليها ويسكب الماء من يدها فتنظر اليه فى حيرة فيبادرها قائلا : لن تستطيعيه حبيبتى 
فترد عليه ظمآى ارجوك دعنى ارتوى 
فيرد عليها : اخشى عليكِ لن تستطيعيه 
فترد الزهرة : قطرة واحدة يا سيدى قطرة واحده اروى بها ظمآى 
فيمد يده ويغترف من النبع ليسقيها شربة فتتناولها بلهفة وما ان تصل الى جوفها حتى تبادره زدنى .....زدنى زدنى 
فيرد : لا استطيع لا املك لك زيادة ...كل بقدر عزيزتى
فتبكى وتنتحب ..وتقول بحق من خلق هذا الجمال زدنى 
بحق من اودع فى قلوبنا الاسرار زدنى ...بحق من اليه السفر والترحال زدنى...بحق من الهب شوقى زدنى 
زهرة تبكى وتنتحب وعازف الناى يبكى من اجلها ويحاول ان يشغلها بعزف عوده ولكنها تاهت عنه وعن نفسها 
وهنا اغلقت الابواب وقال لى الحارس انتهى وقتك وكان ما كان ولا راد لما اراد ...اتركيها وشأنها فهى فى شأن يغنيها عن الجميع 
مدن الأشواق تذوب بالأشواق من لهفة العشاق ...لحضرة الخلاق