حكاوي من قنا

موضوع: حكاوي من قنا الإثنين يناير 30, 2012 1:01 pm

يتميز
الإنسان علي أرض الصعيد بطبعه الحاد الأمر الذي يجعل عباراته وكلماته
أثناء الحوارات والنقاشات الطبيعية اليومية بينه وبين غيره من الناس تتميز
بالنارية فما من مجلس من المجالس إلا وسمعت به عشرات الكلمات المرادفة
للقتل والذبح والتدمير والإهلاك فيتمازح الرجل مع أخيه أو صديقة فيقول له
مثلاً "والله لو ما فعلت كذا .. لقتلتك " ويدعو إلي حفل أو وليمة فيقول له "
والله لو ما حضرت إلي عزومتي أو فرحي ...لذبحتك " والله لو صنعت كذا أو لو
سمعت عنك أو منك كذا ... لقاطعتك حياة وموت ويقول أحدهم قاصدا التضييق علي
غيره " والله لأشويك "

الجدير
بالذكر أن معان للعقاب الجسدي البسيط وخلافه من أنواع التأنيب وضع لها
"الصعايدة" مرادفات ضخمة فيقولون مثلا : " ابن فلان قتل ابن فلان " وهم
يريدون ضربه حتى أوجعه وأبكاه ، فمن يسمع هذه العبارة الصغيرة لا يفهم منها
إلا القتل بمعناه الواضح وهو : " إزهاق الروح " . وتحدث الطامة الكبرى ،
لولا كان حاضراً المجلس طفل صغير حيث يكون كلامه مصدقا لدى الجهات الضبطية
والقضائية ، والويل كل الويل ، لو تصادف لكان من أطلقوها في حقه أول من
يسأل عن سبب موته ، رغم أن ما قالواه ـ جملة وتفصيلا ـ في حقه .. لا يحمل
صبغة الجد من قريب أم بعيد ، فإلي متى تقع صيدا صهلا بين براثن ألسنتنا
وكلامنا الجاف ؟!

* ..........................................................................................؟

**
القاص / عبدالصبور بدر ( ساحل دراو) .. لقد لعبت طبيعة الصعيد الجافة ،
وشمسه التي تحرق الوجوه ، دورا أساسيا في تشكيل شخصية الإنسان ـ رجلا كان
أم امرأة ـ بمنطقة الصعيد ، حيث اتسمت هذه الشخصية بالجدية المبالغ فيها
وتلعب النشأة دورها أيضا في وضع محددات هذه الشخصية ، حيث يعامل الطفل منذ
سنوات عمره الأولى علي أنه رجل كامل الرجولة ، فلا يحق له أن يتصرف كأقرانه
من الأطفال ، فلا يأخذ حقه المشروع من اللعب والمرح و الوقوع في بوتقة
التصرفات الطفولية والصبيانية ، وإلا أتهم بأنه " عيل " وإن كان كذلك ـ
وتعامل الطفلة علي أنها امرأة متكاملة الأنوثة و النضج ، فتجدها تتصرف
وكأنها جدة في سنى عمرها المتأخرة التي يجب أن تتصف بالانطلاق والمرح منأن ،
فتجد الطفل ينشأ معقد لا يملك أسباب الحلول الوسط فالأأبيض عنده أبيض ناصع
والأسود لا درجات له إلا القتام و العتام ، فلا ليونة ولا مرونة في
تعاملاته أو حتى أثناء مزاحه ، فلا كاد تفرق أثناء استماعك لحوارات الناس
وهنا بين الجد أو الهَزر ، فكلها تتسم بالحدة و النبرة الجافة العالية
الصوت .

* ..........................................................................................؟

**
حسام الدين حمادة ( نقادة ) .. كانت البيئة الصعيدية فيما مضى بيئة مغلقة
علي نفسها تتميز بالجفاف والصلابة وقلة التأثر بالمجتمعات المدنية الأمر
الذي صضبغ طبائع الناس فيها بصبغة الأبيض منها ناصع البياض والأسود ليس له
درجات إلا العتمة ولا وسط بينهما فالإنسان الصعيدي كان شفافا وكان ما بقلبه
يجري طوعاً علي لسانه ، فهو لا يعرف المكر والخداع ، أما الآن فالوضع
اختلف كثيرا حيث التلفزيون و الدش والقنوات الفضائية والسموات المفتوحة
والانترنت فالبيوت الآن أصبحت تطلع علي أدق تفاصيل الأخبار العالمية لحظة
وقوعها ومع ذلك من ورث الإنسان الصعيدي عن أجداده وآباءه معظم طبائعهم من
جدية وصراعه وطبع ما زال يتميز بأنه طبع حاد لذا كانت حوارات الصعايدة حتى
ان المزاح تمتلئ بالألفاظ التي تحمل كل معاني الهلاك و الدمار والدم و
الخنق والقتل ولكنها مع ذلك ألفاظ مجرد ألفاظ لا تعبر عن حقيقة الأمور
والعلاقات بين النار ومع ذلك فهي ألفاظ وعبارات توقع أصحابها تحت طائلة
القانون حتى يثبت غير ذلك .

* ..........................................................................................؟

**
محمد عبدالمجيد ( كوم بلال ) .. كثيرا ما أسمع العبارات الدارجة : "
فلان يهبهب يهبهب وينزل علي مفيش " وثم تكون الطامة الكبرى لأن فلان هيهبهب
ثم ينزل في غياهب وظلمات السجون التي لا تعترف قواته بنقاء سريرة فلان أو
علان فما تعترف به هو أنه أقسم ليفعل كذا وكذا وشهد عليه احدهم وهو يصرح
بكذا وكذا إذن عهم : " لم ينزل علي مفيش " . فالحقيقة المرة أنه نزل ضيفا
غير مكرم علي ساحات المحاكم و عنابر السجون ، فهناك يصدق عليه المثل
العربي القائل " وجنت علي نفسها براقش " ولكن لا يعنينا الآن أمر براقش
وكيف جنت بنفسها علي نفسها فيما يعنينا هو أمر صاحبنا الذي أطلق للسانه
العنان فقتل وأحرق ودمر وأتى بأعليها علي أسفالها في جلسه واحدة أو عقب
مشاجرة بسيطة تحدث مثلها عشرات المشاجرات كل يوم مع الجيران فيحدث ما لا
يحمد عقباه إذا تعرض هذا الجار لحادث عارض يتصف بالشبهة الجنائية فقل لي
بربك من الذي سيسأل في أمره أولا طبعا صاحبنا الذي تشاجر معه وأقسم بغليظ
الأيمان بالأمس القريب ليفعلن به ما لم يفعل أمام جموع الناس حيث أخذته
العزة بالإثم والتفاخر بالشجاعة فأخذ يصول ويجول وينثرلا الكلمات يمينا
ويسارا ثم يعلن بعدها اليوم الذي ولدته فيه امه علي ما ضيع به نفسه وأورده
به لسانه من موارد الهلاك .

* ..........................................................................................؟

**
سيد حساني ـ محامي ( الهدايات ) ليس كل إنسان يؤخذ بأقواله أو حتى
بأفعاله فهناك الصبي الصغير وهناك المجنون وفاقد الأهلية كالمتخلف عقليا لا
نستطيع أن نقول هؤلاء مؤاخذون علي أقوالهم وأفعالهم في قليل أم كثير ولكن
الإنسان البالغ العاقل الرشيد الواجب عليه أن يدرك معنى ما يقول وما يفعل
حتى لا يكون صيداً سهلاً للوقوع في الخطأ وفي دائرة الحساب .

* ..........................................................................................؟

**
عيد عبدالحكيم كامل ـ سكرتير مدرسة نقادة التجارية .. علي كل إنسشان أن
يعرف أن ظروف الحياة تغيرت وأن طبائع الناس وضمائرهم تغيرت بالضرورة فما
عاد يصح ألا تضع كنترولا علي أقوالنا وأفعالنا حتى نتمكن في الوقت المناسب
من وضع حد يلطف من جو مناقشاتنا الساخنة ومناقشاتنا وحواراتنا الحادة
والرسول صلى الله عليه وسلم أعطى العلاج النافع لكل غاضب حتى لا يمتلكه
ويملكه غضبه ويتحكم بالتالي في كل ما يأتي أو ما يدع فأوصى الواقف بالجلوس
وأوصى الغاضب الجالس بالاتكاء وأوصانا حين الغضب بشرب الماء وبالوضوء لأن
الماء يطفئ الغضب كما يطفئ الناس وأن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم
وبصلاة ركعتين بذلك نطرد الشيطان فلا يكون له علينا من سبيل وخاصة في ظل
ظروف الحياة الصعبة التي تضغط علينا حتى تفلت منا أعصابنا فنتفوه بكل كلام
قاس وقبيح .

* ..........................................................................................؟

**
محمد أحمد جاد الرب ( الخطارة ) .. لابد أن تكون بيننا دائما مساحة عظيمة
من الود و الحب والتسامح فلماذا كل هذا التعصب وكل هذا الإصرار علي
الانتصار للنفس وبشتى الوسائل والطرق ، لماذا لا نترك هذه المساحة لتدخل
الأخيار لعقد المصالحات وإرجاع الحقوق إلي أصحابها ؟! لماذا لم نعد نسمع
كثيرا عن عقد الجلسات العرفية للمصالحات التي كان يجتمع فيها أهل الخير
لوضع الحدود للمشاحنات والمشاجرات والعصبية المقيتة فأصبحت قاعات المحاكم
تختنق بالناس والكل أصبح يلجأ في هذه الآونة للمحاكم ولأوهى وأتفه الأسباب
في حين أنه لو توجه بمشكلة لكبير العائلة لوجد له أكثر من حل ووفر علي نفسه
النفقات العظيمة التي تتعدى حقه مرات ومرات و التي ينفقها علي أتعاب
المحاميين وعلي الذهاب والإياب علي أبواب المحاكم وساحات القضاء .

* ..........................................................................................؟

**
الشيخ جابر عبدالحي صادق ـ إمام مسجد ـ .. لقد حرّم الله تعالى الإرهاب
بالفعل أو بالقول فلماذا نصر علي مخالفة تعاليم الأديان و سنة رسوله الكريم
صلى الله عليه وسلم الذي قال فيما معناه أن حرمة الإنسان عند الله تعالي
أعظم من حرمة الكعبة و المخلوقات جميعا وإن الإنسان بناء الله ملعون من هدم
بناء الله والكلمة شأنها عظيم فكلمة تبني وأخرى تهدم وتفتت اواصر الأرحام
.. حتى لو كانت مزاحا فلماذا يكون المزاح بالكلام الجاف واللغة المتغطرسة
.. أليس هناك في معجم اللغة غير الكلمات التي تحمل معاني منافية للرحمة و
المودة و المؤاخاة .

فالرسول
صلى الله عليه وسلم يقول " تبسمك في وجه أخيك صدقة " فما بالك بالكلمة
التي لها فعل السحر في النفوس فهي أما أن تكون جسرا للمودة و الرحمة وإما
أن كون هوة سصحخيفة تهوي بنا إلي مواطن الكراهية وقطع الأرحام ونجد أن كل
الأديان السماوية دعت تعاليمها إلي الرفق وإلي الرحمة والرسول صلى الله
عليه وسلم يقول " ما كان الرفق في أمر .. إلا زانه وما ينزع عنه غلا شانه "
فعلينا أن نتخلى بالصبر وسعة الصدر حتى نكون فعلا خلفاء الله في أرضه
فأرحموا من في الارض يرحمكم من في السماء .

منقووووووووووووووول
................

تقرير مفصل وجيد
ولكن وسط العصبيات ووسط الشدة الصعيدية كانت تحكم الناس اعراف وعادات
وكان الرجل يقول كلمته لا يتنيها وكان مسئولا عن افعاله ويعى جيدا معنى كلمة اصول
حتى فى القتل والعنف يعى صدى كلمة اصل وعرف ودين
لكن دلوقت بدأت التصرفات تبدو عشوائية بدون تفكر ولا ضوابط لها وظهر العنف وفقط
شكرا ابو جمال

نغم صحيح

كانت المرجله لها اصول وضوابط

تطبق حتي علي العدو قبل الصديق

ومنها علي سبيل المثال

عدوك لو دخل بيتك حرم قتله

عدوك لو عطاك قفاه متقتلهوش ...يعني بلاش الغدر والخيانه

وهكذا كانت القيم

شكرا زهره
..

تقرير جميل جدا وفيه وصف رائع للشخصية الصعيدية

بكافة اركانها وسلبياتها وايجابياتها ورغم تواجد السلبيات

الا ان الغالبية العظمى من ابناء الصعيد تتغلب ايجابياتهم

على سلبياتهم وحكاوى الصعيد لن تنتهى فكل يوم حكاية

جديدة نكتسب منها العبر .شكرا ابوجمال على الطرح القيم

شكرا سعيد

قد يكون ذلك صحيحا من وجهة نظرنا نحن ابناء الصعيد

وقد يراها البعض غير ذلك

ولكن المؤكد جدا اننا لو ارجعنا هذه العادات والتقاليد الي مصادرها

لرأينا انها من صميم العروبه بل من تكاد تكون لها مدلولاتها

من الشريعه الاسلاميه ايضا

هكذا تكون شيم العروبة
.............