كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Support

 

 الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:22 pm


وقف جميع المال على النفس ثم على الخيرات جائز

المفتي
علام نصار .
رجب 1370 هجرية - 25 أبريل 1951 م

المبادئ
1 - يجوز وقف جميع المال على نفس الواقف مدة حياته، ثم من بعد ذلك يكون وقفا على الخيرات .
2 - ينفذ ذلك فى حياته، أما بعد وفاته فيكون نافذا أيضا إلا إذا كان له عند الوفاة زوجة، أو أحد من الذرية أو أحد من ذرية والديه ممن يكون له استحقاق واجب، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون 48 سنة 1946 وللمادة 24 منه .
3 - إذا كان هناك أحد من هؤلاء وقت وفاته يبطل الوقف فى نصيب من يكون موجودا منهم إذا طالب بذلك فى الميعاد المنصوص عليه فى المادة 30 من القانون المذكور، ويكون صحيحا ونافذا للخيرات فيما عدا ذلك .
4 - يجوز للواقف الرجوع عن وقفه كله أو بعضه مادام حيا

السؤال
هل يجوز لسيدة أن توقف الآن جميع أموالها للخيرات، على أن يكون الصرف للخيرات بعد وفاتها، أما قبل الوفاة فتصرف ريع الوقف جميعه على نفسها بلا قيد ولا شرط، وهل يجوز لها حق الرجوع فى هذا الوقف والتغيير فى مصارفه أم لا

الجواب
إنه يجوز لهذه السيدة أن تقف جميع أموالها على نفسها مدة حياتها، ثم من بعدها على جهات الخير، ويكون نافذا بعد وفاتها إذا لم يكن لها وقت وفاتها زوج، ولا أحد من ذويها ولا من والديها ممن لهم استحقاق واجب، طبقا للفقرة الأخيرة من المادة رقم 23 من قانون الوقف رقم 48 لسنة 1946 وللمادة رقم 24 منه .
فإذا كان لها وقت وفاتها أحد من هؤلاء فإن الوقف يبطل فى نصيب من يكون موجودا منهم إذا طالب بذلك فى الميعاد القانونى طبقا للمادة 30 من القانون المذكور، ويكون صحيحا ونافذا للخيرات فيما عدا ذلك .
كما أنه يجوز لها فى حياتها الرجوع فى هذا الوقف كله أو بعضه، والتغيير فى مصارفه وشروطه طبقا للمادة 11 من قانون الوقف .
وبالله التوفيق

(7/249)

لباس الرجل والمرأة فى الإسلام

المفتي
علام نصار .
ذو القعدة 1370 هجرية - 22 أغسطس 1951 م

المبادئ
1 - لباس الرجل أو المرأة أمر عادى باق على أصل الإباحة، ما لم يكن ممنوعا بالنص أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه .
2 - التماس الرجل خاتما أو سوارا من حديد أو نحاس منهى عنه فى الإسلام .
3 - السلسلة والنظارة والساعة من نحاس أو حديد ليست من باب الحلية، فهى على أصل الإباحة ما لم يقارن لبسها ما يحرم أو يكره شرعا .
4 - التماس الرجل خاتما من ورق ( فضة ) وكان دون المثقال جائز شرعا

السؤال
من الشيخ ع أ أ ببيروت عن حكم تحلى الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس

الجواب
اطلعنا على الأسئلة المقدمة من الشيخ ع أ أ ببيروت بشارع البسطة الفوقا والتى سبق أن أجبنا عليها عدا سؤاله عن حكم تحلى الرجل والمرأة بلبس الخاتم والسوار والسلسلة والساعة والنظارة من الحديد أو النحاس - والجواب - أن التحلى بهذه الأشياء كما أشرنا فى فتوى سابقة لنا إلى حضرة السائل من الأمور العادية التى تخضع للعرف، ولتحقق المصلحة أو الضرر فى استعمالها وليست مما يتعبد به، وأن جميع العاديات مما لا ضرر فيه بالدين ولا بالبدن وكان مما يجلب مصلحة أو يدفع ضررا فهو مستحسن، ولا مانع منه مالم يكن ممنوعا بالنص، أو يقترن به معنى يقصد الشرع إلى التخلى عنه - وعلى هذا الأساس يختلف الحكم فى لبس الرجل أو المرأة خاتما أو سلسلة أو سوارا أو ساعة أو نظارة من الحديد أو النحاس، فإن الخاتم يلبس للتحلى .
وقد ورد فيه ما أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان من رواية عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رجلا جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم من شبه ( نحاس أصفر ) فقال مالى أجد منكم ريح الأصنام فطرحه، ثم جاء وعليه خاتم من حديد فقال مالى أرى عليك حلية أهل النار فطرحه، فقال يا رسول الله من أى شىء اتخذه قال اتخذه من ورق ولا تتمه مثقالا ) فهذا يفيد المنع من التختم بالحديد أو النحاس .
وقد أخذ به الحنفية - فصرح بعضهم بحرمته، كما جاء فى الدر المختار وصرح بعضهم بكراهته كما جاء فى الاختيار وغيره .
وأما ما ورد من أنه صلى الله عليه وسلم لبس خاتما من حديد وأنه قال للرجل الذى أراد التزوج بواهبة نفسها له صلى الله عليه وسلم ( التمس ولو خاتما من حديد ) فيحملونه على أن ذلك كان قبل النهى عنه، وقال بعض شراح الحديث إن التماس الخاتم لا يلزم منه استعماله ن بل يحتمل أنه أراد وجوه لتنتفع المرأة بقيمته، فهذا حكم الخاتم للنص عليه - أما ما عداه فما يعتبر منه حلية من فضيلة الخاتم كالسوار يأخذ حكمه، لأن الممنوع حلية أهل النار التى تمس جلودهم، والسوار فى ذلك أولى من الخاتم، أما السلسلة والنظارة والساعة من النحاس أو الحديد فليست من باب الحلية، وإنما تستعمل لما فيها من المصلحة، فهى على أصل الإباحة مالم يقارن لبسها ما يحرم أو يكره شرعا كما يعلم من الأساس الذى قدمناه .
والله أعلم

(7/250)

وقف خيرى

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
ذو القعدة 1372 هجرية - 22 يولية 1953 م

المبادئ
1 - تعطيا السبيل الموقوف والموقوف عليه، لعدم الحاجة إليه ، بحيث لا تكون فائدة هناك من إعادته، يقتضى ضم ما عين له لباقى ريع الوقف .
2 - كتاب الوقف إذا عطل من مدة بعيدة، وحلت محله مدرسة ابتدائية لا تدرس فيها المواد التى عينها الواقف، فإنها لا تستحق شيئا مما هو موقوف على الكتاب، مادامت المدرسة بنظامها الذى لا يحقق شيئا من غرض الواقفة .
3 - يعمل بشرط الواقف الصحيح، إلا فيما تقضى الضرورة بالعدول عنه، فيعدل عنه فى أدنى الحدود .
4 - يحقق غرض الواقف ما أمكن ذلك

السؤال
اطلعنا على السؤال المقدم من الصاغ ع أ أ المشرف العام لمكتب الخدمات الاجتماعية بوزارة الحربية - المطلوب به بيان كيفية صرف ريع وقف المغفور لها بنباقادن - الصادر منها أمام محكمة الباب العالى بتاريخ 28 من ذى الحجة سنة 1285 كما اطلعنا على كتاب الوقف المذكور، وتبين منه أن الواقفة قد وقفت جميع كامل السبيل الكبير وما يعلوه وما يلاحقه من الأبنية والمنافع والحقوق والمزملتين الكبرى والصغرى، وما يعلو ذلك من المكتب المعد لقراءة وتعليم الأطفال المسلمين على العادة فى ذلك، الكائن كل ذلك بشارع الصليبة الطولونية، وخصصت من ريع الوقف ما يلزم للإنفاق عليهما، ودوام النفع بهما، وشرطت بالنسبة للمكتب وما هو تابع له ومنسوب إليه أن يكون معدا من تاريخه لتعليم القرآن العظيم به وحفظه وتلاوته به، ولتعليم الكتابة العربية والتركية والفارسية، وتعلم علم النحو والصرف والحساب وما يماثل ذلك - واللغة التركية والعربية والفارسية على العادة فى ذلك، ونصت فى كتاب الوقف على أن ما فضل بعد ذلك من ريع الوقف بحفظ تحت يد الناظر لجهة الوقف المذكور لما تدعو الضرورة غليه من عمارة وغيرها فإن تعذر الصرف لشىء مما عين صرفه يضم المتعذر صرفه لباقى ريع الوقف المذكور، ويكون حكمه كحكمه وشرطه كشرطه فى الحال والمآل والتعذر والإمكان، وإن تعذر الصرف لذلك كله صرف ريع الوقف المذكور فى إقامة شعائر ومصالح ومهمات الحرمين الشريفين بالسوية بينهما، كما تبين من الطلب المقدم أن السبيل عطل من مدة طويلة، وأن المكتب أصبح مدرسة ابتدائية باسم مدرسة بنبا قادن تابعة لوزارة المعارف، ونظام التعليم فيها هو نظام المدارس الابتدائية

الجواب
إن تعطيل السبيل المذكور من زمن بعيد إنما كان لعدم الحاجة إلى السقاية منه بعد أن امتد العمران إلى جهة الصليبة، ووجدت المياه فى المنازل وفى كل مكان بها وبالقاهرة بأسرها، وهو أمر لامناص منه الآن ولا فائدة ترجى من إعادته كما كان .
ويعتبر ذلك فى العرف تعذرا يوجب ضم ما عين له لباقى ريع الوقف كما شرطت الواقفة، أما المكتب الموصوف بكتاب الوقف فقد عطل أيضا بلا مبرر من زمن بعيد، والمدرسة الابتدائية التى تحمل اسم الواقفة وحلت محله لا تمت إليه، ولا إلى غرض الواقفة من إنشائه بسبب من حيث العلوم التى تدرس ليها والغاية التى ينتهى تلاميذها إليها، فليس فيها تعليم القرآن الكريم وحفظه وتلاوته كما تريده الواقفة، إذ المفهوم من ذلك عرفا وفى الزمن الذى أنشىء فيه الوقف تعلم القرآن كله وحفظه كله كما هو المتبع إذ ذاك فى سائر الكتاتيب القائمة بمهمة تحفيظ القرآن للتلاميذ، وتخريج كثير منهم من حملة القرآن وقرائه وليس فيها تعليم لكتابة اللغة التركية والفارسية، وليست قاصرة على أبناء المسلمين كما شرطت الواقفة، ولا على العدد المنصوص عليه فى الحجة وكل ما لهذه المدرسة من صلة بالواقفة أنها تحمل اسمها فقط، ثم هى لا تخرج إلا حملة الشهادة الابتدائية المعروفة، وغرض الواقفة من إنشاء هذا المكتب وإدرار النفقة على تلاميذه ومدرسيه هو تخريج طائفة من قراء الكتاب الكريم وحفظته ملمة ببعض مبادىء العلوم الأولية، وفى ذلك نشر للقرآن وإكثار من حفاظه وتثقيف إسلامى لطائفة أبناء المسلمين .
وإذا كانت مسافة الخلف بين المدرسة والمكتب الموصوف كما بينا فهى لا تستحق شيئا من ريع هذا الوقف ما دامت بنظامها الحاضر، وكان من الممكن الميسور ألا يعطل هذا المكتب وأن تنفذ شروط الواقفة فى الحدود الممكنة التى تلائم التطور الحديث، وأن يؤدى رسالته كما رغبت الواقفة مع التجاوز عن بعض الشروط، بل من المصلحة الظاهرة فى الوقت الذى تضاءل فيه تعليم القرآن وتجويده كله وتعلم تلاميذه الخط العربى ومبادىء الحساب وما لابد منه من المواد، على أن يكون القصد الأولى إلى حفظ كتاب الله وترتيله، وما عدا ذلك فى المرتبة الثانية من الاعتبار، فيسد هذا المكتب فراغا ويدرأ حاجة ويحقق بقدر الإمكان رغبة الواقفة، ويصرف عليه من ريع الوقف ما يفى بحاجته ويلحق به من التلاميذ أكبر عدد ممكن ويصرف لهم ما يشجعهم على مواصلة الدراسة فيه من كساوى أو بدلها ومكافآت للمجدين وإعانات للفقراء منهم وكتب وأدوات، ويوضع له منهاج خاص لعله يكون منهاجا نموذجيا يشجع أهل الخير والدين على إنشاء أمثاله، وتسند إدارته إلى ناظر من العلماء يجيد القرآن، وله دراية بالنظم المدرسية وإداراتها، وينتقى له المعلمون الأكفاء، ويسمى باسمها ويتبع وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على الوقف إذا رغبت ذلك، أو مشيخة الأزهر، أو من ترى الوزارة أن يقام ناظرا بدلها على هذا الوقف الخيرى، وفى ذلك خير كثير، وكل هذا يستدعى أن يعرض الأمر على هيئة التصرفات بالمحكمة الشرعية المختصة لإقراره، والإذن بمخالفة بعض شروط الواقفة التى قضى تطور الزمن واختلاف العصر بالتجاوز عنها أو تحويرها على النحو الملائم لعصرنا الحاضر دون إسراف وشطط فى المخالفة والتغيير، والأصل الفقهى أن يعمل بما صح من شروط الواقفين إلا فيما تقضى الضرورة بالعدول عنه، فيعدل عنه فى أدنى الحدود ويحقق غرض الواقف بقدر الإمكان، وبالجملة يلزم تحقيق غرض الواقفة فى هذا المكتب بتعليم طائفة من أبناء المسلمين ما يسعدهم فى دينهم ودنياهم ويثقفهم ثقافة إسلامية تقيهم شرور أنفسهم، ونزعات مجتمعهم وتصون أخلاقهم من الانحلال والوهن، وتوجههم توجيها صالحا لما فيه الخير والفلاح ولعله من المقيد فى ذلك أن يستعان فى إعادة هذا المكتب ونظامه بالقانون الذى وضع لمدرسة عثمان ماهر باشا فى عهد نظارة المغفور له الأستاذ الأكبر الشيخ مصطفى عبد الرازق شيخ الجامع الأزهر بصفته ناظرا على وقفها، فإنه نظام واف دقيق، وقد أدت المدرسة فى ظله رسالة إسلامية خير أداء وكان فيها للمعاهد الدينية مدد صالح، وسيكون لهذا المكتب إذا أنشىء على غرارها أو على نحو قريب منها هذا الأثر المحمود - وحيث أمكن تنفيذ رغبة الواقفة على هذا النحو فلا يسوغ العدول عنه بحال، طبقا للقواعد الشرعية وعلى ناظر الوقف أن يطبق شرط الواقفة فيما يتعلق بحفظ ما لا بد من حفظه للعمارة والتجديد فى المكتب اتباعا للحكم الفقهى وشرط الواقفة، وللمادة 54 من القانون رقم 48 لسنة 1946 م الخاص بأحكام الوقف، وإذا فضل بعد ذلك كله شىء من الريع تطبق فيه المادة 19 من القانون المذكور - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال .
والله أعلم

(7/251)

وقف خيرى واستحقاقى

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
ذو القعدة 1372 هجرية - 30 يولية 1953 م

المبادئ
1 - الصهريج الموقوف وما أوقف عليه وقف خيرى، ولو لم يصرح الواقف بذلك، لجريان العرف على ذلك .
2 - وقف المنزل على الذرية وقف استحقاقى .
3 - الموقف على المنزل والصهريج بصرف ريعه مناصفة بينهما .
4 - تهدم الصهريج بعد وفاة الواقف واستغناء الناس عنه يبقى وقفا إلى الأبد عند الإمام أبى يوسف وعليه الفتوى، ويعود إلى ملك الواقف إن كان حيا ولورثته بعد وفاته عند الإمام محمد .
5 - ما يخص الصهريج فى الوقف يصرف إلى أقرب جهة بر عند أبى يوسف قبل العمل بالقانون 48 سنة 1946، أما بعده فيصرف إلى من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر الكفاية حتى صدور القانون 247 لسنة 1953 بشأن تعديل المصارف الخيرية .
وذلك بإذن المحكمة .
6 - يجوز بإذن المحكمة استبدال أرض الصهريج بما هو أنفع للخيرات

السؤال
اطلعنا على السؤال المقدم من السيد م أ أ وعلى صورة من كتاب الوصية الصادر من مجلس دمياط الشرعى فى الثامن من شهر صفر سنة 1282 وتبين منها أن الحاج م س أ أشهد على نفسه انه جعل ابنه السيد /س ناظرا على كامل وقفه السابق على تاريخه باقراره فى المجلس، وهو الثلاث ملاليح الكائنة بظاهر ثغر دمياط والمعدة لحبس الماء الملح حتى ينعقد ملحا المصروف ريعها جميعه على ملء الصهريج المعد لخزن الماء العذب بدمياط، وعلى عمارته ومرمته وعلى عمارة المنزل المعروف بسكن الوقف بالثغر، والموقوف على سكنى ذريته وعقبه ذكورا وإناثا ما دامت الإناث فى حاجة إلى السكنى، فإذا انقرضت الذرية كان ريع الوقف مصروفا للخيرات وتبين من السؤال أن هذا الوقف ليس له حجة وأن الصهريج قد اندثر واستغنى عنه، وأن المنزل قد هدم منذ نيف وعشرين عاما وبيعت أنقاضه - ثم استبدلت أرضه ولا يزال مال البدل موجودا بخزانة المحكمة الشرعية، وكان من بعد وفاة الواقف إلى الهدم مشغولا بسكنى أولاده وأولاد أولاده الذكور فقط، وآخر من سكنه من الذرية الطبقة الثانية ويوجد الآن على قيد الحياة أفراد من الطبقات الثالثة والرابعة والخامسة .
وقد ترك الواقف أربعة ذكور وأنثر وتوفى من الذكور اثنان عقيمان والباقى عن ذرية والمطلوب معرفة هل هذا الوقف بجميع أعيانه وقف خيرى أو لا - ولمن يصرف ريع الملاحات ومال البدل المذكور

الجواب
إن الصهريج وما وقف على ملئه وعمارته ومرمته وقف خيرى صحيح وإن لم يصرح فى الإشهاد بجهة البر الدائمة التى يصرف إليها ريعه مالا إذ قد جرى العرف على أن من وقف وقفا كهذا يريد تأبيده كما فى الوقف على المسجد المعين - وأما المنزل فلا شبهة فى أنه وقف أهلى، وإقرار الواقف فى حجته بأن الملاليح المذكورة وقف عليه وعلى الصهريج إقرار معتبر شرعا، فتكون هذه الملاليح المذكورة وقف عليه وعلى الصهريج إقرار معتبر شرعا، فتكون هذه الملاليح موقوفة عليهما بالسوية، وبتهدم الصهريج واستغناء الناس عنه بعد موت الواقف يبقى مكانه وقفا إلى الأبد على قول أبى يوسف الذى اخترناه للفتوى فى هذه الحادثة، وهو أولى من قول محمد بعودته غلى ملك الواقف إن كان حيا وورثته إن كان ميتا، لتعذر معرفة الورثة وقت الانهدام، ومعرفة ذرياتهم بعد مضى الوقت الطويل على وفاتهم .
وبناء على ذلك يصرف ما وقف على الصهريج إلى أقرب جهة بر إليه عند أبى يوسف كالمساجد أو المستشفيات أو نحوها .
ولكن بعد صدور القانون رقم 48 لسنة 1946 تطبق عليه المادة 19 منه التى تقضى بصرفه بإذن المحكمة على من يكون محتاجا من ذرية الواقف ووالديه بقدر كفايته، ثم إلى المحتاج من أقاربه كذلك، ثم إلى الأولى من جهات البر حتى صدور القانون رقم 247 لسنة 1953 بتعديل المصارف الخيرية الذى نشر بالوقائع المصرية بتاريخ 21 مايو سنة 1953، ومن حين العمل به تطبق أحكامه ن ويجوز بإذن المحكمة استبدال أرض هذا الصهريج بما هو أنفع للخيرات - أما المنزل وما وقف عليه فإنه وقف أهلى على ذرية الواقف الأحياء يوم إلغاء الوقف الأهلى - بمقتضى القانون رقم 180 لسنة 1952 فيصبح ملكا لجميع الموجودين من الذرية من سائر الطبقات بالسوية بينهم عدا الإناث اللاتى ليست لهن حاجة إلى السكنى فيه وقت صدور هذا القانون - ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال حيث كان الحال كما ذكر .
والله سبحانه وتعالى أعلم


منقووووووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:24 pm

الولادة بواسطة الطبيب

المفتي
حسن مأمون .
ربيع الأول 1377 هجرية - 16 أكتوبر 1957 م

المبادئ
1 - الأصل شرعا أن بدن المرأة كله عورة، عدا الوجه والكفين والقدمين، وأنه يحرم على الأجنبى النظر منها ما عدا ذلك إلا لضرورة كالطبيب، ولا يتجاوز ذلك قدر الضرورة .
2 - تعتبر حالة الولادة من حالات الضرورة التى يجوز للطبيب أن يباشرها بنفسه

السؤال
امرأة قالت ما هو حكم الولادة بواسطة الطبيب حتى لو كانت الحالة طبيعية .
وهل يحل كشف العورة لطبيب أعزب، وربما كانت أخلاقه سيئة

الجواب
المنصوص عليه شرعا أن بدن المرأة الأجنبية كله عورة عدا وجهها وكفيها وقدميها، وأنه يحرم على الأجنبى عنها النظر إلى ما عدا ذلك إلا عند الضرورة، كالطبيب والخاتن للغلام والقابلة والحاقن ، ولا يتجاوز هؤلاء قدر الضرورة، وفى التبيين وينبغى للطبيب أن يعلم امرأة إذا كان المريض امرأة إن أمكن، لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف، وإن لم يمكن فإذا لم يكن بد من نظر الرجل الأجنبى إلى عورة الأجنبية عنه فليستر كل عضو منها سوى موضع المرض، ثم لينظر ويغض بصره عن غير ذلك الموضع ما استطاع، تحرزا عن النظر بقدر الإمكان، وكذلك تفعل المرأة عند النظر إلى الفرج عند الولادة وتعرف البكارة، لأن ما يثبت للضرورة يقدر بقدرها .
والأصل فى ذلك قوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } النور 30 ، وقوله تعالى { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن } النور 31 ، أى يسترنها من الانكشاف كيلا ينظر إليها الغير .
وقال عليه السلام ملعون من نظر إلى سوءة أخيه فأما فى حالة الضرورة فإن الضرورات تبيح المحظورات فأبيح للضرورة شرب الخمر وأكل الميتة، وهذا لأن أحوال الضرورات مستثناة .
قال تعالى { وما جعل عليكم فى الدين من حرج } الحج 78 ، وقال تعالى { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } البقرة 286 ، وهذا هو حكم الشريعة فى النظر إلى عورة الأجنبية ولما كانت حالة الولادة من الحالات الدقيقة التى تستدعى مهارة الطبيب الحاذق إنقاذا لحياة الحامل، وحياة الجنين فى هذه العملية .
كما أنه لا يعلم قبل مجىء المخاض إن كانت هذه الولادة ستكون سهلة، أو عسيرة يخشى منها على حياة الحامل، واحتياطا للمحافظة على حياة الحامل ونجاح عملية الولادة تستثنى حالة الولادة من هذا الحكم العام، وتعتبر من حالات الضرورة التى يجوز للطبيب أن يباشرها بنفسه على أية حال كانت الولادة .
والله أعلم

(7/253)

العدل بين الأولاد

المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة 1377 هجرية - 2 يونية 1958 م

المبادئ
1 - المساواة بين الأولاد واجبة إن قصد بتفضيل أحدهم الإضرار بالآخرين .
2 - تجوز المفاضلة بينهم فى العطية إن كان لها سبب يقتضيها، كاحتياج أحد الأولاد لزمانة أو للزوم دين

السؤال
بالطلب م المتضمن أن رجلا أنفق على ولده الأكبر أكثر من 300 جنيه حتى حصل على البكالوريوس من الجامعة، كما أنفق فى زواج بنته الكبرى 200 جنيه وفى زواج بينه الثانية 250 جنيها وله بعد ذلك ولد فى السنة الأولى بمدرسة التجارة الثانوية وبنت فى ابتدائى عمرها 11 سنة .
ويرغب فى أن يكتب للولد الطالب ما يسوى مائة جنيه حتى يضمن إتمام تعليمه، وللبنت الصغيرة مثله لتستعين بها على الزواج فى المستقبل .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
إن النصوص الشرعية تقضى بوجوب التسوية بين الأولاد إن قصد بالتفضيل الإضرار، ويجواز التفاضل إن كان له سبب كاحتياج الولد لزمانته ودينه ونحوهما .
وعلى ذلك فيجوز للسائل شرعا بدون كراهة أن يعطى لولديه الصغيرين ما يريد إعطاءه لهما بأى طريق كبيع وهبة ووصية ولا يكون بذلك مفضلا لهما بقصد الإضرار بأولاده الآخرين .
بل على العكس ظاهر من استفهامه أنه يريد المساواة بينهم .
وقد أجاز قانون الوصية رقم 71/1946 م الوصية للوارث بالثلث، وينفذ فيه بدون إجازة الورثة .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم

(7/254)

المسح على الخفين وجمع الصلاة جمع تأخير

المفتي
محمد خاطر .
ربيع الآخر 1395 هجرية - 20 أبريل 1975 م

المبادئ
1 - المقرر فقها أن المسح لا يجوز شرعا إلا على الخف المصنوع من الجلد أو ما أخذ حكمه بشروطه .
2 - يجوز شرعا للمسافر الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند جمهور الفقهاء فى المسافة التى تقصر فيها الصلاة ( 81 كيلو ) إلا قليلا ولا يجوز ذلك عند الحنفية

السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل يعمل فى طنطا ويقيم فى القاهرة ويسافر يوميا من القاهرة إلى طنطا ثم يعود من طنطا إلى القاهرة .
وأنه فى فصل الشتاء يصل إلى منزله فى القاهرة بعد العصر .
وأنه لذلك حريص على أن يؤدى صلاة الظهر فى مكتبه بطنطا .
وطلب السائل لذلك بيان الحكم الشرعى فى الأمرين التاليين : 1 - هل يجوز له التوضؤ مع المسح على الجورب إذا كان طاهرا وارتداه على وضوء .
وهل يجوز لزوجته وبنته الوضوء مع المسح على الجورب الطويل اللتان تلبسانه تحت البنطلون الطويل أم لا .
2 - هل يجوز للسائل أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند عودته من عمله إلى منزله لأنه أحيانا ينشغل عن أداء صلاة الظهر فى موعدها بسبب عمله فى الشركة التى يعمل بها والتفاهم مع عملائها

الجواب
1 - عن السؤال الأول المقرر فقها أن المسح لا يجوز شرعا إلا على الخف المصنوع من الجلد أو ما أخذ حكمه وهو أن يكون ثخينا يمنع وصول الماء إلى ما تحته .
وأن يثبت على القدمين بنفسه من غير رباط - وألا يكون شفافا يرى ما تحته من القدمين أو من ساتر آخر فوقهما - إذا تحققت فى الجورب هذه الشروط وشروط أخرى مبسوطة فى كتب الفقه وأهمها أن يمكن المشى فيه ت جاز المسح عليه شرعا وإلا فلا .
وفى حادثة السؤال لا يجوز شرعا للسائل ولا لزوجته وبنته أن يمسحوا على الجورب لأن الظاهر من السؤال أن الجورب المسئول عن المسح عليه هو الجورب المعتاد لبسه عرفا وهذا الجورب لا تتحقق فيه الشروط التى ذكرناها .
والتى بدونها لا يجوز المسح عليه شرعا . 2 - عن السؤال الثانى اتفق الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد على أنه يجوز الجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير للمسافر سفرا تقصر فيه الصلاة وحدد الأئمة الثلاثة المذكورون مسافة القصر بأنه المسافة التى تبلغ نحو ( 81 كيلو ) إلا قليلا .
أما الحنفية فقد حددوها بالأيام فقالوا إنها مسيرة ثلاثة أيام ولياليها بسير الإبل ومشى الأقدام والسير المذكور هو السير الوسط .
كما قال الحنفية أيضا إن الجمع بين الصلاتين تقديما وتأخيرا لا يجوز شرعا إلا فى عرفة والمزدلفة للحاج فقط .
وفى حادثة السؤال .
المسافة بين القاهرة وطنطا - تزيد عن مسافة القصر التى حددها الأئمة الثلاثة - وعلى ذلك فيجوز للسائل شرعا أن يجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد .
ولا يجوز له شرعا الجمع بينهما عند الحنفية . وهذا إذا كان الحال كما ذكر بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/255)

نقل الدم من انسان إلى آخر

المفتي
حسن مأمون .
ذو الحجة 1378 هجرية - 9 يونية 1959 م

المبادئ
توقف شفاء المريض أو الجريح أو إنقاذ حياته أو سلامة عضو من أعضائه على نقل دم له من آخر، بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه فى شفائه وإنقاذ حياته، يقتضى جواز نقل ذلك الدم إليه للضرورة، وكذلك الحكم عند الحنفية إذا توقف ذلك على تعجيل الشفاء

السؤال
بالطلب المتضمن عن حكم الشرع فيما يتعلق بنقل الدم من إنسان إلى إنسان آخر

الجواب
إنه إذا توقف شفاء المريض أو الجريح وإنقاذ حياته أو سلامة عضو من أعضائه على نقل الدم إليه من شخص آخر، وذلك بأن لا يوجد من المباح ما يقوم مقامه فى شفائه وإنقاذ حياته، جاز نقل الدم إليه، لأن الضرورة تقضى بنقل الدم لإنقاذ حياة المريض ، أو سلامة عضو من أعضائه .
لقوله تعالى فى آخر آية { إنما حرم عليكم الميتة والدم } { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة 173 ، أما إذا لم يتوقف أصل الشفاء، فإن ذلك جائز أيضا عند بعض الحنفية نرى الأخذ به .
وبهذا علم الجواب عن السؤال .
والله أعلم

(7/256)

حكم التصوير

المفتي
أحمد هريدى .
5 ديسمبر 1963 م

المبادئ
1 - لا بأس باتخاذ الصورة التى لا ظل لها، وكذا الصورة المرقومة فى ثوب، ويلحق بها الصورة التى ترسم على الحائط أو الورق قياسا على جواز تصوير ما لا روح فيه، كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة .
2 - يجوز التصوير الشمسى للإنسان أو الحيوان إذا كان لأغراض علمية مفيدة، تعود على المجتمع بالنفع، مع خلوها من مظاهر التعظيم

السؤال
بالطلب المتضمن أنه توجد مخطوطات مصورة فى العصور الإسلامية - كالكتب الطبية - ففيها تصوير الحشائش فى كتاب ( الأدوية المفردة ) وتصوير بعض الحيوانات فى كتاب ( بيطرنامة ) ورسوم العقاقير النباتية والأعشاب الدوائية فى كتاب، ( الأفربازين والمفردات الطبية ( ورسم يبين طبقات العين وتشريحها فى كتاب ( العين ) وكذا الخرائط والمصورات الجغرافية فى كتاب ( صور الأقاليم السبعة ) وهو أول مصور جغرافي فى الإسلام .
وصور الأرض وأشكالها وطبيعتها واستدارتها وأطوالها فى كتاب ( نزهة المشتاق فى اختراق الآفاق ) للشريف الإدريسى، وكتاب ( المسالك والممالك ) لابن حوقل فهو يشتمل على عدة صور .
وأمثالها من المراجع الإسلامية، وكلها تمثل ذخيرة علمية وحضارة إسلامية تسامى أعظم الحضارات والثقافات العلمية .
ويعتبر نشرها من أعظم الواجبات لنشر حضارة الإسلام وثقافته، والتعريف بما كان له من فضل على الإنسان، ويريد الطالب نشر نماذج من هذه الكتب فى مؤلفه عنها المسمى ( تصوير وتحلية الكتب العربية فى الإسلام ) وطلب السائل الإفادة عن حكم الشريعة الإسلامية فى نقل ونشر هذه النماذج الموضحة بالرسوم والصور، كما هى فى أصولها المخطوطة

الجواب
ورد فى التصوير أحاديث كثيرة، منها ما رواه البخارى عن أبى زرعة قال دخلت مع أبى هريرة دارا بالمدينة فرأى فى أعلاها مصورا يصور فقال سمعت رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - يقول ( ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقى فليخلقوا حبة وليخلقوا ذرة ) قال فى فتح البارى شرح صحيح البخارى قال ابن بطال فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل، فلهذا أنكر ما ينقش فى الحيطان قلت هو ظاهر من عموم اللفظ .
ويحتمل أن يقصر على ماله ظل من جهة قوله كخلقى فإن خلقه الذى اخترعه ليس صورة فى حائط بل هو خلق تام .
ومنها ما رواه البخارى عن عائشة رضى الله عنها قالت ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر وقد سترت بقرام ( القرام ستر فيه رقن ونقش وقيل هو ثوب من صوف ملون ) لى على سهوة ( السهوة بيت صغير ضمن الدار ) لى فيها تماثيل .
فلما رآه رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - هتكه ( هتكه نزعه ) وقال أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله .
قالت فجعلناه وسادة أو وسادتين )، قال فى فتح البارى واستدل بهذا الحديث على جواز اتخاذ الصور إذا كانت لا ظل لها ن وهى مع ذلك مما يوطأ ويداس أو يمتهن بالاستعمال كالمخاد والوسائد .
ومنها ما رواه البخارى عن زيد بن خالد عن أبى طلحة قال إن رسول الله ت صلى الله عليه وسلم - قال ( إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة إلا رقما فى ثوب ) قال فى فتح البارى قال ابن العربى حاصل ما فى اتخاذ الصور أنها إن كانت ذات أجسام حرم بالإجماع .
وإن كانت رقما فأربعة أقوال الأول يجوز مطلقا على ظاهر قوله فى حديث البارى إلا رقما فى ثوب .
الثانى المنع مطلقا حتى الرقم الثالث إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وإن قطعت الرأس أو تفرقت الأجزاء جاز .
قال وهذا هو الأصح . الرابع إن كان مما يمتهن جاز، وإن كان معلقا لم يجز .
وقال صاحب الهداية ولا يكره تمثال غير ذى روح، لأنه لا يعبد .
وعلله صاحب العناية بما روى عن ابن عباس أنه نهى مصورا عن التصوير، فقال كيف أصنع وهو كسبى قال إن لم يكن بد فعليك بتمثال الأشجار .
والذى تختاره أنه لا بأس باتخاذ الصورة التى لا ظل لها، وكذلك الصورة إذا كانت رقما فى ثوب ويلحق بها الصور التى ترسم على حائط أو نحوه أو على الورق قياسا على تصوير ورسم مالا روح له كالنبات والأشجار ومناظر الطبيعة .
وبناء على ذلك يكون الرسم والتصوير الشمسى المعروف الآن للإنسان والحيوان وأجزائهما - إذا كان لأغراض علمية مفيدة تنفع المجتمع وتعود عليه بالفائدة مع خلوها من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة حكمه حكم تصوير النبات والأشجار ومناظر الطبيعة وغيرها مما لا حياة فيه - وهو الجواز شرعا .
ومما يذكر يعلم الجواب عن السؤال . والله أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:26 pm

اقتناء الكلاب فى المنازل

المفتي
أحمد هريدى .
26 أكتوبر 1968 م

المبادئ
1 - اقتناء الكلاب جائز للضرورة، كما إذا كان للصيد أو الحراسة وغيرهما وفيما عدا الضرورة فإنه غير جائز شرعا .
2 - شعر الكلب طاهر، ولمس المتوضىء له لا ينقض وضوءه .
3 - لعاب الكلب نجس عند الحنفية، وفى رواية عن الإمام أحمد

السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل نشأ من صغره محبا لكلاب واقتنائها، لما عرف عنها من الوفاء والإخلاف لصاحبها، وأنه من المحافظين على الدين، وأنه يقوم بأداء الفرائض وأنه مواظب على الصلاة، وأن الكثيرين من أقاربه يلومونه على تربية الكلاب لنجاستها وأن هذا قد دعاه إلى الاطلاع على كثير من كتب الدين، وأنه لم يستطع الوصول إلى نتيجة حاسمة فى مدى نجاسة الكلب .
ويذكر السائل أنه اطلع فى جريدة الأهرام منذ أكثر من عشرين عاما على فتوى من دار الإفتاء ردا على أسئلة كانت موجهة من بعض المسلمين فى أندونيسيا عن الكلاب وأنه يذكر أن الفتوى ذكرت أن الكلب حكمه حكم أى حيوان آخر وأنه ليس يجسا حتى لعابه .
ويطلب السائل الإفادة عما يأتى : 1 - هل اقتناء الكلب فى المنزل محرم مع العلم بأنه ينبه أهل الدار إلى الغرباء .
2 - هل جسم الكلب نجس ينقض الوضوء وإذا كان نجسا فما هى الأعضاء النجسة التى تنقض ملامستها الوضوء ( الأنف واللعاب مثلا )

الجواب
عن السؤال الأول المقرر شرعا أن اقتناء الكلاب مباح شرعا فى حالة الضرورة، كاقتناء الكلاب للصيد أو الحراسة وما شاكلهما، أما اقتناء الكلاب فى غير حالات الضرورة فلا يجوز شرعا .
عن السؤال الثانى حكى شيخ الإسلام ابن تيمية الخلاف بين الفقهاء فى طهارة الكلب ونجاسته فقال إنهم تنازعوا فيه على ثلاثة أقوال .
الأول أنه طاهر حتى ريقه وهو مذهب المالكية . الثانى أنه نجس حتى شعره وهو مذهب الشافعى، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد بن حنبل الثالث أن شعره طاهر وريقه نجس وهو مذهب الحنفية والرواية الثانية عن الإمام أحمد بن حنبل .
ثم قال وهذا أصح الأقوال . فإذا أصاب البدن أو الثوب رطوبة شعره لم يتنجس بذلك - وإذا ولغ فى الماء أريق وغسل الإناء .
ومن هذا يتبين أن اقتناء الكلب بالمنزل مباح شرعا إذا استدعت الضرورة ذلك، كما إذا كان الاقتناء للحراسة أو للصيد أو ما شاكلهما .
أما اقتناء الكلب لغير ضرورة تقتضى ذلك فغير جائز شرعا .
وأن شعر الكلب طاهر وملامسة الإنسان المتوضىء لشعر الكلب لا ينقض الوضوء .
أما لعاب الكلب فهو نجس فإذا أصاب الإنسان شىء من لعاب الكلب فإنه يتنجس .
وهذا هو مذهب الحنفية، والرواية الثانية عن الإمام أحمد، وهو الذى نختاره للفتوى .
ومن هذا يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم .
ے

(7/258)

الدعاية بتعيين هدايا لمن يشترى أكثر دون مقابل مشروعة

المفتي
أحمد هريدى .
11 نوفمبر 1968 م

المبادئ
1- الدعاية للمحلات التجارية بتقديم هدايا عينية لمن يشترى أكثر دون أدنى زيادة فى أثمان سلعها مقابل هذه الهدايا جائزة شرعا .
2- أوراق اليانصيب حرام لأنها نوع من أنواع القمار .
3- العب بالأزلام والنرد والشطرنج نظير مال يأخذه الغالب والرهان على مال، كل ذلك حرام شرعا

السؤال
بالطلب المقدم من السيد م أ ح من رعايا المملكة الليبية والمقيم بها قال إنه يملك شركة لتوريد مسحوق صابون ( تايد ) للغسيل فى المملكة الليبية، وقد اعتادت هذه الشركة أن تطرح فى الأسواق كل بضعة أشهر إنتاجا من هذا الصابون يحمل وسيلة جدية للدعاية والترويج، تتيح للمستهلك فرصة الاشتراك فى جزء من أرباح الشركة بحصوله على عائد من تلك الأرباح فى صور مختلفة ، تارة تكون نقودا داخل علب الصابون، وتارة تكون هدايا تمنح لمن يقدم أعدادا مختلفة من أغطية علب الصابون - مثل السيارات والثلاجات الكهربائية والتليفزيونات والراديوهات وغير ذلك من أنواع الهدايا المختلفة، كل ذلك دون أن تحمل المستهل أية زيادة فى ثمن علبة الصابون الذى تباع به فى الأسواق المختلفة - بل تتحمل الشركة كافة تكاليف هذه الهدايا على أساس أن ذلك نوع من أنواع الدعاية والمنافسة المشروعة فى المجال التجارى معترف به فى كافة الأسواق العالمية - وأضافت الشركة أخيرا وسيلة جديدة للدعاية تتيح لعدد أكبر من المستهلكين فرصة الاشتراك فى قدر أكبر من أرباح الشركة على نفس المنهج السابق فطبعت صورا عديدة من الهدايا التى قررت توزيعها ووضع ثلث صورة الهدية داخل علبة من علب الصابون، والثلث الثانى فى علبة أخرى وهكذا - وإذا ما تمكن مستهلك من تجمع أجزاء الصورة كاملة تقدم للحصول على الهدية المعينة بالصورة مجانا من أحد مراكز التوزيع المنتشرة فى المملكة الليبية - ولاقت هذه الدعاية الجديدة رواجا عظيما أتاحت لكثير من المستهلكين فرص الحصول على عديد من الهدايا، وبالتالى الاشتراك فى قدر من الأرباح - وتقوم الشركة بهذا كله تحن إشراف المسئولين بوزارة الداخلية الليبية - ولقد كان لذلك أثر سىء لدى شركات الصابون الأخرى المنافسة نتيجة لرواج التوزيع، واتساع نطاقه، وإقبال أكثر المستهلكين على إنتاج الشركة فشنت تلك الشركات هجوما على تلك الدعاية بدعوى أنها حرام شرعا لأنها نوع من أنواع المقامرة، وطلب السائل حكم الشريعة الإسلامية والفقه الإسلامى فى مشروعية هذه الدعاية التى تقوم بها الشركة على الوجه السابق بيانه

الجواب
فى المختار القمار المقامرة .
وتقامروا لعبوا القمار .. والميسر قمار العرب بالأزلام، وفى تفسير الألوسى كان للعرب أقداح تسمى الأزلام والأقلام وهى عشرة ت سبعة منها لكل منها نصيب محدد معروف لأولها سهم ولثانيها سهمان ولثالثها ثلاثة أسهم وهكذا إلى السابع له سبة أسهم .
والثلاثة الباقية غفل لا نصيب لواحد منها، وكانوا يذبحون الجزور ويقسمون لحومها أقساما .
ويضعون الأزلام فى خريطة توضع على يد عدل منهم يجلجلها ويخلطها ببعضها ثم يدخل يده فيخرج باسم رجل منهم قدحا وباسم آخر قدحا وهكذا، فمن خرج له قدح من ذوات الأنصباء أخذ النصيب المرسوم به ذلك القدح .
ومن خرج له قدح مما لا نصيب له لم يأخذ شيئا وغرم ثمن الجزور كله مع حرمانه .
وكانوا يدفعون هذه الأنصباء إلى الفقراء ولا يأكلون منها، وكانوا يفتخرون بذلك ويذمون من لم يدخل فيه .
وكان ذلك يحمل فى كثير على أكل أموال الناس بالباطل ودفع المقامرين إلى السرقة وتلف النفس وإضاعة العيال وارتكاب الأمور القبيحة والرذائل الشنيعة وإثارة العداوة والبغضاء بينهم .
فحرمه الله تحريما قاطعا بقوله تعالى { إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون .
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة .
فهل أنتم منتهون } المائدة 90 ، 91 ، وفى حكم ذلك المقامرة بلعب النرد والشطرنج وجميع أنواع القمار وجميع أنواع المخاطرة والرهان وعن ابن سبرين كل شىء فيه خطر فهو من الميسر .
وفى تفسير الجصاص . أحكام القرآن الميسر القمار .
قال ابن عباس المخاطرة قمار . وأن أهل الجاهلية كانوا يخاطرون على المال والزوجة .
وقد كان ذلك مباحا إلى أن ورد تحريمه، ولا خلاف بين أهل العلم فى تحريم القمار .
فإذا نظرنا إلى قمار العرب بالأزلام وإلى لعب النرد والشطرنج نظير مال يعطيه المغلوب للغالب وإلى الرهان وإلى كل صور المخاطرة - نجد فيها تعليق أخذ المال على حصول شىء غير موجود بالفعل، وهو على خطر الوجود قد يوجد وقد لا يوجد، وفيه أكل أموال الناس بغير حق ولا مسوغ شرعى، ويؤدى إلى المفاسد والشرور التى أشرنا غليها فيما نقلناه من تفسير الألوسى، ومن ثم حرمه الله تعالى ونهى عنه نهيا قاطعا - والصورة التى تعملها الشركة على سبيل الدعاية ليست قمارا وليس فيها معنى القمار وإنما هى تخصيص أنواع وألوان من الهدايا النقدية أو العينية لمن يشترون منجاتها وتضمن بذلك كثرة التوزيع واتساع نطاقه إلى حد يعود عليها بالنفع والكسب الوفير .
والمشترون لمنتجات الشركة لا يدفعون شيئا مطلقا نظير هذه الهدايا أو فى مقابلها، وإنما يدفعون فقط ثمن الصابون الذى يشترونه والذى توزعه الشركة بالسعر المحدد له والسائد فى الأسواق العامة، ولدى سائر الشركات دون زيادة قليلة أو كثيرة .
وبذلك يتمحض ما يحصلون عليه من أموال نقدية أو عينية هدايا من قبل الشركة، وبذلك أيضا يبعد صنيع الشركة عن اليانصيب الذى تقوم به بعض الجمعيات بطبع أوراق ذات أرقام معينة تبيعها للجمهور بثمن معين، وتخصص مبالغ مالية للأوراق ذات الأرقام كذا وكذا .
وبعد تمام التوزيع وبيع الأوراق تعلن عن أرقام الأوراق التى خصصت لها المبالغ، ويتقدم حاملو هذه الأوراق ومن وقعت فى أيديهم لأخذ المبالغ المخصصة لها كل بحسب ما خصص لورقته ورقمه .
هذا اليانصيب حرام وغير جائز شرعا لأنه من أنواع القمار وصوره، إذ تحصل فيه الجمعية على رأس المال جميعه من الجمهور مشترى الأوراق وتخصص جزءا مما تحصل عليه لبعض الأوراق، ويحصل صاحب الورقة الرابحة على المبلغ بالثمن الذى دفعه فى الورقة وهو زهيد لا يساوى شيئا بالنسبة لما حصل عليه فهى مخاطرة وقمار - يدفع قروشا على أمل أن يحصل على مئات الجنيهات .
وقد يحصل ذلك وقد لا يحصل . فهو يأخذ مال الغير بدون مقابل ومن غير سبب مشروع وبطريق المخاطرة .
أما عمل الشركة موضوع الاستفتاء فلا يدفع الجمهور شيئا مطلقا نظير ما عليه من الهدايا - وإنما يدفع فقط ثمن الصابون الذى يشتريه، وإذا حصل على هدية فهو يحصل عليها بدون مقابل تشجيعا له على شراء منتجات الشركة .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/259)

سلخ جلد الميت لعلاج حروق الأحياء

المفتي
محمد خاطر .
ذو الحجة 1392 هجرية - 3 فبراير 1973 م

المبادئ
1- للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك .
2- قواعد الدين الإسلامى مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر .
3- أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، إن حقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا .
4- قصر ذلك على الموتى الذين لا أهل لهم، أما من لهم أهل فلا بد من الإذن .
5 - يحتاط عند إصدار قانون بذلك، بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل

السؤال
طلبت وزارة الصحة المركزية - مكتب الوزير - المستشار القانونى بكتابها رقم 216 المؤرخ 18/10/1972- بيان رأى الدين فى الاستعانة بالطبقات السطحية من جلد المتوفين فى ظرف ثمانى عشرة ساعة بعد الوفاة لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء، حتى يتسنى للسيد الدكتور مدير معهد الحروق بوزارة الصحة فى حالة جوازه شرعا استصدار قانون

الجواب
بأنه بعد بحث هذا الموضوع من جوانبه جميعها - وجدنا أن هناك قاعدة يحرص عليها الدين كل الحرص، ويحوطها بسياج متين من رعايته - هذه القاعدة هى أن للميت حرمة تجب المحافظة عليها ويجب أن يكرم الميت وألا يبتذل، لأنه قد ورد عن الرسول صلوات الله وسلامه عليه النهى عن كسر عظم الميت لأنه ككسره حيا - ومن هذا يتضح لنا أن للميت حرمة كحرمته حيا، فلا يتعدى عليه بكسر أو شق أو غير ذلك وعلى هذا فيكون إخراج الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم فيه اعتداء عليهم غير جائز شرعا، إلا إذا دعت إليه ضرورة تكون المصلحة فيها أعظم من الضرر الذى يصيب الميت .
وذلك لأن قواعد الدين الإسلامى مبنية على رعاية المصالح الراجحة، وتحمل الضرر الأخف لجلب مصلحة يكون تفويتها أشد من هذا الضرر .
فإذا كان أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسمية والعميقة بالنسبة للأحياء يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت جاز ذلك شرعا، لأن الضرر الذى يلحق بالحى المضطر لهذا العلاج أشد من الضرر الذى يلحق الميت الذى تؤخذ الطبقات السطحية من جلده وليس فى هذا ابتذال للميت ولا اعتداء على حرمته المنهى عنه شرعا، لأن النهى إنما يكون إذا كان التعدى لغير مصلحة راجحة، أو غير حاجة ماسة وتطبيقا لذلك نقول إن أخذ الطبقات السطحية من جلد المتوفين بعد وفاتهم لعلاج الحروق الجسيمة والعميقة للأحياء جائز شرعا إذا دعت غليه الضرورة على نحو ما ذكرنا، وكان يحقق مصلحة ترجح مصلحة المحافظة على الميت .
ونرى قصر هذا الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم وليس فى هذا اعتداء على حرمة الميت، لأن الضرورة دعت إليه والضرورات تبيح المحظورات .
ولأن الضرورة شرعا تقدر بقدرها، فقد رأينا لذلك قصر الجواز على الموتى الذين لا أهل لهم .
وبهذا تتحقق مصلحة للأحياء الذين أصابتهم حروق جسيمة أو عميقة أعظم بكثير من الضرر الذى يصيب الميت الذى تؤخذ طبقات جلده السطحية وليس فيه امتهان لكرامته أو ابتذال له .
أما صدور قانون بذلك - فإننا نرى الاحتياط فيه بحيث يقتصر فيه على الحاجة الماسة فقط، وألا يتعدى الأموات الذين ليس لهم أهل - أما الأموات الذين لهم أهل فإن أمر أخذ الطبقات السطحية من جلدهم يكون بيدهم وبإذنهم وحدهم، فإذا أذنوا جاز ذلك، وإلا فلا يجوز بدون إذنهم .
وبهذا يعلم الجواب عما جاء بالاستفتاء .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/260)

حكم رضاع الكبش من أنثى الحمار

المفتي
أحمد هريدى .
7 مارس 1976 م

المبادئ
رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه، وبذا يحل بيعه وأكل لحمه

السؤال
بالطلب المتضمن أن كبشا رضع من أنثى حمار كانا يعيشان معا فى حظيرة واحدة مع بعض الأغنام والمواشى .
وقد تأكد لدى السائل هذا الموضوع - وطلب السائل الإفادة عما إذا كان يحل أكل لحم الكبش أو لا

الجواب
إن رضاع الكبش من لبن أنثى الحمار لا يوجب تحريم الكبش .
وبالتالى لا يحرم بيعه - جاء فى حاشية ابن عابدين على الدر المختار ص 333 الجزء الخامس ( وكره لحم الأتان أى الحمارة الأهلية ولبن الجلالة التى تأكل العذرة، كما حل أكل جدى غذى بلبن خنزير لأن لحمه لا يتغير .
وما غذى به يصير مستهلكا لا يبقى له أثر ) وطبقا لما ذكر يكون رضاع الكبش من أنثى الحمار لا أثر له فى تحريمه .
وبذا يحل بيعه وأكل لحمه . ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/261)

اقامة المتاحف وعرض التماثيل

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
جمادى الآخرة 1400 هجرية - 11 مايو 1980 م

المبادئ
1- القرآن الكريم ذم عبادة الأوثان وردد قصص الأقوام الوثنيين السابقين ومواقف الأنبياء معهم .
2 - التصوير الضوئى المعروف الآن للانسان والحيوان والرسم لا بأس بهما متى كان ذلك لأغراض علمية مفيدة للناس، وخلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم وإثارة الغرائز لارتكاب الفواحش والمحرمات .
3 - تحريم النحت والحفر الذى يكون تمثالا كاملا لإنسان أو حيوان .
4 - آثار الأمم السابقة وسيلة لدراسة تاريخهم علميا وسياسيا وحربيا، وأخذ النافع من هذا التاريخ .
وهذا يقتضى جواز إقامة المتاحف .
5 - اعتبار الآثار سجلا تاريخيا يلزم المحافظة عليه .
لأنه من الضرورات العلمية .
6 - جواز استعمال لعب الصغار ولو على هيئة تماثيل لتعليم الأطفال وتسليتهم، ودليل ذلك .
7 - حرمة وضع التماثيل فى المساجد أو حولها، وحرمة الصلاة فى المتاحف .
8 - يحرم الإسلام عرض الجثث الانسانية للموتى لما فيه من امتهان الإنسان الذى كرمه الله سبحانه

السؤال
بكتاب السيد المهندس مركز المنيا برقم 117 فى 13/2/1979 المقيد برقم 76 لسنة 1979 .
وفيه أنه قد وردت شكاوى من بعض المواطنين معترضين على إنشاء متحف للآثار على أساس أن هذا مناف لتعاليم وروح الإسلام وأنه لهذا يستبين الرأى الإسلامى فيما يلى : 1 - هل يحرم الدين الإسلامى إقامة المتاحف عموما .
2 - إذا لم يكن هذا محرما .
فما هى الأشياء التى يحرم عرضها فى المتاحف .
3 - يقال إن الإسلام حرم عرض التماثيل والصور المجسمة عموما سواء فى المتاحف أو غيرها من الأماكن فما رأى الدين فى ذلك خصوصا عرض التماثيل الفرعونية

الجواب
إن القرآن الكريم نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمة وثنية تصنع أصنامها وتضعها حول الكعبة المشرفة فكانوا يصورون ويعبدون ولقد ذم الرسول عليه الصلاة والسلام الصور وصنعها فى كثير من أحاديثه لعلة التشبيه بخلق الله ولعبادتها من دونه، ومن قبله جاهد الأنبياء عليهم السلام عبادة الأوثان واتخاذها آلهة تعبد من دون الله أو تقربا إلا الله { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } الزمر 3 ، ولقد ردد القرآن الكريم قصة إبراهيم عليه السلام مع الوثنيين فى كثير من صوره ليلفت الناس إلى إخلاص العبادة والعبودية لله رب العالمين وساق القرآن كثيرا من المحاجة التى جرت والمحاورات بالمنطق والاستدلال العلمى فيما بين الأنبياء وأقوامهم فى شأن عبادة غير الله فى العديد من السور .
إباحة التصوير والخلاف فيه ومن هنا كان اختلاف فقهاء الإسلام فى حكم التصوير المجسم التماثيل الكامل أو الناقص ، وحكم الرسم بين التحريم والكراهة .
إباحة التصوير الضوئى والرسم الذى تدل عليه الأحاديث النبوية الشريعة التى وراها البخارى وغيره من أصحاب السنن وترددت فى كتب الفقهاء أن التصوير الضوئى للإنسان والحيوان المعروف الآن والرسم وكذلك لا بأس به متى كان لأغراض علمية مفيدة للناس، إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة، وخلت كذلك من دوافع تحريم غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات .
تحريم النحت والحفر المكون لتمثال كامل لإنسان أو حيوان النحت والحفر الذى يتكون منه تمثال كامل لإنسان أو حيوان فإنه محرم .
لما رواه البخارى ومسلم عن مسروق قال دخلنا مع عبد الله بيتا فيه تماثيل فقال لتمثال منها تمثال من هذا قالوا تمثال مريم قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون وفى رواية الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم فهذا النص صريح فى أن نفس صنع التماثيل معصية ، وإنما كان ذلك سدا لذريعة عبادة التماثيل واتخاذها وسيلة للتقرب إلى الله كما كانت محاجة بعض الأمم السابقة حسبما حكى القرآن الكريم .
الآثار وسيلة لدراسة التاريخ وإذ كان ذلك وكانت الأمم الموغلة فى القدم كالمصريين القدماء والفرس والرومان، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملئوا جنبات الأرض صناعة وعمران قد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيا وسياسيا وحربيا نقوشا ورسوما ونحتا على الحجارة، وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمرا يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدم العلمى والحضارى النافع، وكان القرآن الكريم فى كثيرة من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير فى الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار والانتفاع بتلك الآثار، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها .
إذا منها تعرف لغتهم وعاداتهم ومعارفهم فى الطب والحرب والزراعة والتجارة والصناعة، وما قصة حجر رشيد الذى كان العثور عليه وفك رموزه وطلائمه فاتحة التعرف علميا على التاريخ القديم لمصر ، وما قصة هذا الحجر وقيمته التاريخية والعلمية بخافية على أحد .
والقرآن الكريم حث على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات فى هذا الموضع إذ كان كل ذلك .
كان حتما الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلا وتاريخا دراسيا، لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه، من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة .
منها قوله تعالى { أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور } الحج 46 ، وقوله تعالى { قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شىء قدير } العنكبوت 20 ، وقوله سبحانه { أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } الروم 9 ، وقوله تعالى { أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا } فاطر 44 ، إقامة المتاحف ضرورة لما كان التحفظ على هذه الآثار هو الوسيلة الوحيدة لهذه الدراسة أصبح حفظها وتهيئتها للدارسين أمرا جائز إن لم يكن من الواجبات باعتبار أن هذه الوسيلة للفحص والدرس ضرورة من الضروروات .
وقاعدة الضرورة مقررة فى القرآن الكريم فى قوله تعالى { وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه } الأنعام 119 ، وغير هذا من الآيات .
ولعل مما نسترشد به فى تقرير هذه الضرورة الدراسية والأخذ بها ما نقله أبو عبد الله محمد ابن أحمد النصارى القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره قول الله تعالى فى سورة سبأ { يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل } سبأ 13 ، من استثناء لعب البنات المجسمة من تحريم صنع التماثيل .
فقد قال فى المسألة الثامنة ما نصه وقد استثنى من هذا لعب البنات لما ثبت (عن عاشئة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزفت إليه وهى بنت تسع ولعبها معها ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة سنة) وعنها أيضا قالت (كنت ألعب بالبنات عند النبى صلى الله عليه وسلم وكان لى صواحب يلعبن معى) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينفمعن منه أى يتخفاء منه فيسر بهن أى يرسلهن ويبعثهن إلى ليلعبن معى .
أخرجهما مسلم . قال العللماء وذلك للضرورة إلى ذلك وحاجة البنات حتى يتدربن على تربية أولادهن .
ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له .
فرخص فى ذلك . وتخريجا على هذا كان الاحتفاظ بالآثار سواء كانت تماثيل أو رسوا أو نقوشا فى متحف للدراسات التاريخية ضرورة من الضرورات الدراسية والتعليمية لا يحرمها الإسلام لأنها لا تنافيه، بل إنها تخدم غرضا علميا وعقائديا إيمانيا حث عليه القرآن فكان ذلك جائزا إن لم يصل إلى مرتبة الواجب، بملاحظة أن الدراسات التاريخية مستمرة لا تتوقف .
حرمة وضع التماثيل فى المساجد أو حولها وحرمة الصلاة فى المتاحف هذا ويجب الالتفات إلى ضرورة البعد بهذه التماثيل وكافة الآثار عن المساجد إذ يحرم جمعها ووضعها فيها أو حولها أو قريبا منها، كما تحرم الصلاة فى الأماكن التى تحتويها (المتاحف) حتى لا تشتبه الأمور وتؤول إلى عبادتها وتصير بتقادم الزمان وضعف العقائد آلهة تعبد، ويسجد لها من دون الله الذى نعوذ به من كل سوء فى الدنيا والدين .
وبعد فإنه مما سلف يستبين الجواب واضحا على الأسئلة المطروحة .
بما موجزه أولا لا يحرم الإسلام إقامة المتاحف بوجه عام، لأن ما يحفظ بها من آثار وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة .
ثانيا لا يحرم الإسلام عرض أى شىء من الآثار ما دام حفظها وعضها بهدف الدراسة، ويحرم عرض الجثث الإنسانية للموتى لما فيه من امتهان الإنسان الذى كرمه الله سبحانه .
ثالثا وبناء على ما سلف لا يحرم الإسلام عرض التماثيل والصور المجسمة بالمتاحف للتاريخ والدراسة ويحرم عرضها على وجه التعظيم، كما يحرم صنعها لهذا الغرض .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/262)

حكم سماع الموسيقى

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
رمضان 1400 هجرية - 12 أغسطس 1980 م

المبادئ
1 - الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق فى أمور معينة .
2 - سماع الموسيقى وحضور بمجالسها وتعلمها أيا كانت آلاتها من المباحات ما لم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى والغواية والغزل والمجون مقترنة بالخمر والرقص والفسق والفجور ، أو اتخذت وسيلة للمرحمات أو أوقعت فى المنكرات أو ألهت عن الواجبات

السؤال
بالكتاب الوارد من مجلة منبر الإسلام المقيد برقم 217 لنسة 1980 باستطلاع الحكم الشرعى فى الموسقى منفردة معزولة عن أى لون من ألوان الفنون التى تصاحبها عادة بعد أن أثير هذا فى الندوة التى عقدها المجلس فى هذا الشأن واختلف الندويون بين مرحم ومبيح

الجواب
نقل ابن القيسرانى فى كتابه السماع ( س 31 و ص 63 وهو طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هجرية - 1970 م تحقيق الأستاذ أبو الوفا المراغى ) قول الإمام الشافعى الأصل قرآن وسنة، فإن لم يكن فقياس عليهما، وإذا اتصل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصح الإسناد فيه فهو سنة والإجماع أكبر من خبر المنفرد والحديث على ظاهره، وإذا احتمل الحديث معانى فما أشبه منها ظاهرة أولاها به، فإذا تكافأت الأحاديث فأصحها إسنادا أولادها وليس المنقطع بشىء ما عدا منقطع ابن المسيب وفى هذا الكتاب أيضا ( س 31 و ص 63 وهو طبع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية 1390 هجرية - 1970 م تحقيق الأستاذ أبو الوفا المراغى ) وأما القول فى استماع القضيب والأوتار ويقال له التغيير .
ويقال له الطقطقة أيضا فلا فرق بينه وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون استماعه لأنه ما لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة .
وأما الأوتار فالقول فيها كالقول فى القضيب، لم يرد الشرع بتحريمها ولا بتحليلها، وكل ما أوردوه فى التحريم فغير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صار هذا مذهبا لأهل المدينة، لا خلاف بينهم فى إباحة استماعه، وكذلك أهل الظاهر بنوا الأمر فيه على مسألة الحظر والإباحة .
وأما القول ( المرجع السباق ص 71 وما بعدها ) فى المزامير والملاهى فقد وردت الأحاديث الصحيحة بجواز استماعها، كما يدل على الإباحة قول الله عز وجل { وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوك قائما قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين } الجمعة 11 ، وبيان هذا من الأثر ما أخرجه مسلم فى باب الجمعة عن جابر بن سمرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما، فمن نبأك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب، فقد والله صليت معه أكثر من ألفى صلاة) وعن جابر بن عبد الله (أنه كان يخطب قائما يوم الجمعة فجاءت عير من الشام، فأنفتل الناس إلهيا حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلا فأنزلت هذه الآية) وأخرج الطبرى هذا الحديث عن جابر وفيه (أنهم كانوا إذا نكحوا تضرب لهم الجوارى بالمزامير فيشتد الناس إليهم ويدعون رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما) .
فهذا عتاب الله عز وجل بهذه الآية .
ثم قال ابن القيسرانى ( من 72 من المرجع السابق ) والله عز وجل عطف اللهو على التجارة وحكم المعطوف حكم المعطوف عليه وبالإجماع تحليل التجارة، فثبت أن هذا الحكم مما أقره الشرع على ما كان عليه فى الجاهلية، لأنه غير محتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم حرمه ثم يمر به على باب المسجد يوم الجمعة، ثم يعاتب الله عز وجل من ترك رسوله صلى الله عليه وسلم قائما، وخرج ينظر إليه ويستمع ن ولم ينزل فى تحريمه آية، ولا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة، فعلمنا بذلك بقاءه على حاله، ويزيد ذلك بيانا ووضوحا ما روى عن عائشة رضى الله عنها أنها زفت امرأة من الأنصار إلى رجل من الأنصار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما كان معكن من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو) وهذا الحديث أورده البخارى ( شرح عمدة القارىء على صحيح البخارى 146/20 هامش المرجع السابق ) فى صحيحه فى كتاب النكاح .
وقد عقد الغزالى فى كتاب إحياء علوم الدين ( ص 1150 ج - 6 لجنة نشر الثقافة الإسلامية 1356 هجرية ) الكتاب الثامن فى السماع وفى خصوص آلات الموسيقى قال إن الآلة إذا كانت من شعار أهل الشرب أو الخنين وهى المزامير والأوتار وطبل الكوبة فهذه ثلاثة أنواع ممنوعة، وما عدا ذلك يبقى على أصل الإباحة كالدف وإن كان فيه الجلاجل وكالطبل والشاهين والضرب بالقضيب وسائل الآلات ونقل القرطبى فى الجامع الأحكام القرآن ( ج - 14 ص 54 ) قول القشيرى ضرب بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم يوم دخل المدينة فهم أبو بكر بالزجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (دعهن يا أبا بكر حتى تعلم اليهود أن ديننا فسيح) فكن يضربن ويقلن نحن بنات النجار حبذا محمد من جار ثم قال القرطبى وقد قيل إن الطبل فى النكاح كالدف والكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفث ( أحكام القرآن لابن العربى ج - 3 ص 1494 ) ونقل الشوكانى فى نيل الأوطار ( ج - 8 ص 104 و 105 ) فى باب ما جاء فى آلة اللهو أقوال المحرمين والمبيحين وأشار إلى أدلة كل من الفريقين، ثم عقب على حديث (كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة ملاعبة الرجل أهله وتأديبه فرسه ورميه عن قوسه) بقول الغزالى قلنا قوله صلى الله عليه وسلم فهو باطل لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة ثم قال الشوكانى وهو جواب صحيح لأن ما لا فائدة فيه من قسم المباح، وساق أدلة أخرى فى هذا الصدد من بينها حديث ( ج - 8 ص 106 المرجع السابق ) من نذرت أن تضرب بالدف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ورده الله سالما من إحدى الغزوات وقد أذن لها عليه صلوات الله وسلامه بالوفاء بالنذر والضرب بالدف، فالإذن منه يدل على أن ما فعلته ليس بمعصية فى مثل ذلك الموطن، وأشار الشوكانى إلى رسالة له عنوانها إبطال دعوى الاجماع على تحريم مطلق السماع .
وفى المحلى ( ج - 9 ص 60 ) لابن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إنما الأعمال بالنيات ولكل امرىء ما نوى) فمن نوى استماع الغناء عونا على معصية الله تعالى فهو فاسق، وكذلك كل شىء غير الغناء، ومن نوى به ترويح نفسه ليقوى بذلك على طاعة الله عز وجل وينشط نفسه بذلك على البر فهو مطيع محسن وفعله هذا من الحق، ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها .
وفعوده على باب داره متفرجا .
وعقد البخارى فى صحيحه ( ج - 9 ص 171 فى آخر كتاب الاستئذان .
المطبعة الأميرية سنة 1305 هجرية على هامشه صحيح مسلم ) بابا بعنوان كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة الله .
وعقب فى الرشاد السارى على هذا العنوان بقوله ولو كان مأذونا فيه، كمن اشتغل بصلاة نافلة أو تلاوة أو ذكر أو تفكر فى معانى القرآن حتى خرج وقت المفروضة عمدا .
وفى الفقه الحنفى جاء فى كتاب البدائع ( ج - 6 ص 269 ) للكاسانى فيمن تقبل شهادته ومن لا تقبل وأما الذى يضرب شيئا فى الملاهى فإنه ينظر إن لم يكن مستشنعا كالقضيب والدف ونحوه لا بأس به ولا تسقط عدالته وإن كان مستشنعا كالعود ونحون سقطت عدالته، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه .
وفى مجمع الأنهر ( ج - 2 ص 198 ) فى ذات الموضع أو يلعب بالطنبور لكونه من اللهو، والمراد بالطنبور كل لهو يكنون شنيعا بين الناس احترازا عما لم يكن شنيعا كضرب القضيب فإنه لا يمنع قبولها، إلا أن يتفاحش بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر .
وجاء مثل هذا فى كتاب الدر ( ج - 4 ص 398 ) المختار للحصكفى وحاشية رد المحتار لابن عابدين وفى المغنى لابن قدامه ( ج - 10 ص 240 و 242 ) الملاهى على ثلاثة أضرب محرم وهو ضرب الأوتار والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها، فمن أدام استماعها ردت شهادته .
وضرب مباح وهو الدف فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال (أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف) أخرجه مسلم، وذكر أصحابنا وأصحاب الشافعى أنه مكروه فى غير النكاح وهو مكروه للرجال على كل حال .
وأما الضرب بالقضيب فمكروه إذا انضم إليه محرم أو مكروه كالتصفيق والغناء والرقص، وإن خلا عن ذلك كله لم يكره، لأنه ليس بآلة طرب ولا يطرب ولا يسمع منفردا بخلاف الملاهى، ومذهب الشافعى فى هذا الفصل كمذهبنا .
وفى لسان العرب اللهو ما لهوت به ولعبت به وشغلك من هوى وطرب ونحوهما، والملاهى آلات اللهو .
وفيه القصب كل نبات ذى أنابيب، والقاصب الزامر، والقصاب الزمار .
وفى المصباح المنير وأصل اللهو الترويح عن النفس بما لا تقتضيه الحكمة، وألهانى الشىء شغلنى، وفى فتوى للإمام الأكبر ( ص 375 - 385 فتاوى الشيخ شلتوت طبعة 1379 هجرية - 1959 م الادارة الثقافية بالأزهر ) المرحوم الشيخ محمود شلتوت فى تعلم الموسيقى وسماعها ك ان الله خلق الإنسان بغريزة يميل بها إلى المستلذات والطيبات التى يجدها لها أثرا فى نفسه، به يهدأ وبه يرتاح وبه ينسشط وتسكن جوارحه، فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة كالخضرة المنسقة والماء الصافى والوجه الحسن الروائح الزكية، وأن الشرائع لا تقضى على الغرائز بل تنظمها، والتوسط فى الإسلام أصل عظيم أشار إليه القرآن الكريم فى كثير من الجزئيات، منها قوله تعالى { يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا } الأعراف 31 ، وبهذا كانت شريعة الإسلام موجهة الإنسان فى مقتضيات الغريزة إلى الحد الوسط، فلم تترك لا نتزاع الغريزة فى حب المناظر الطيبة ولا المسموعات المستلذة وإنما جائت بتهذيبها وتعديلها إلى مالا ضرر فيه ولا شر .
وأضاف الإمام الأكبر فى هذه الفتوى أنه قرأ فى الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادى عشر المعروفين فيه بالورع والتقوى رسالة هى (إيضاح الدلالات فى سماع الآلات) للشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى قرر فيها أن الأحاديث التى استند بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفوسق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك، وعليه كان الحكم عنده فى سماع الأصوات والآت المطربة أنه إذا اقترن بشىء من المحرمات أو اتخذ وسيلة للمحرمات أو أوقع فى المحرمات كان حرامات، وأنه إذا سلم من كل ذلك كان مباحا فى حضوره وسماعه وتعلمه .
وقد نقل عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوا يسمعون ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمحرم، وذهب إلى مثل هذا كثير من الفقهاء وانتهت الفتوى إلى أن سماع الآلات ذات النغمات أو الأصوات لا يمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة وإنما يحرم إذا استعين به على محرم أو اتخذ وسيلة إلى محرم أو ألهى عن واجب ونخلص من هذه النقول من كتب فقه المذاهب وأحكام القرآن واللغة إلى أن الضرب بالدف وغيره من الآلات مباح باتفاق على الحداء وفى تحريض الجند على القتال وفى العرس وفى العيد وقدوم الغائب وللتنشيط على الأعمال الهامة، وأن الاختلاف الذى ثار بين الفقهاء وجرى فى كتبهم كان فى حل أو عدم حل الاشتغال بالموسيقى سماعا وحضورا وتعلما إذا صاحبها محرم كشرب الخمر أو غناء ماجن أو غزل أو كانت الموسيقى مما يحرك الغزئز ويبعث على الهوى والفسوق كتلك التى تستثير فى سامعها الرقص والخلاعة وتلك التى تستعمل فى المنكرات المحرمات كالزار وأمثاله أو فوتت واجبا .
وهذا ظاهر مما قاله ( انظر الهوامش السابقة ) فقهاء المذهب الحنفى من أن الضرب غير المستشنع لا بأس به ولا يسقط العدالة وفسروا المستشنع بأن يرقصوا به فيدخل فى حد الكبائر .
وظاهر أيضا مما قال به ابن ( انظر الهوامش السابقة ) العربى المالكى فى أحكام القرآن من أن الطبل فى النكاح كالدف - وكذلك الآلات المشهرة للنكاح يجوز استعمالها فيه بما يحسن من الكلام ولم يكن رفثا .
ومن جملة ما قال به ابن قدامة فى المغنى ( انظر الهوامش السابقة ) نقلا لمذهب الإمامين الشافعى وأحمد فى هذا الموطن يتضح أنه لا يخالف أو يختلف مع ما قال به الفقه الحنفى والمالكى وأورده من قيود .
ثم إن ما جاء فى عبارات الفقهاء ( انظر الهوامش السابقة ) من إجازة الضرب ببعض الآلات دون بعض يبدون أن المنع فى بعضها إنما هو للآلات التى تدفع سامعها لفحش القول أو الرقص وليس لذات الآلات، كما يدل على هذا قول فقهاء ( انظر الهوامش السابقة ) الحنفية الذى سبق نقله، ومال قال به الفقه الحنبلى والشافعى ( انظر الهوامش السابقة ) من انضمام المرحم أو المكروه كالتصفيق والرقص هو المحرم، وما قال به ابن العربى المالكى ولم يكن معه رفث .
لما كان ذلك وكانت القضية قد واجهها الفقه على هذا الوجه وتصدى لتحقيق النصوص فيها صاحب كتاب السماع ( انظر الهوامش السابقة ) وهو محمد بن طاهر ابن على بن أحمد بن أبى الحسن الشيبانى أبو الفضل المقدسى المعروف بابن القيسرانى من رجال الحديث وقال إنه لا فرق بين استماع القضيب وبين الأوتار إذ لم نجد فى إباحته وتحريمه أثرا لا صحيحا ولا سقيما، وإنما استباح المتقدمون اسماعه لأنه لم يرد الشرع بتحريمه فكان أصله الإباحة كما تصدى لذلك الشيخ عبد الغنى النابلسى الحنفى فى رسالته ( انظر الهوامش السابقة ) المنوه بها آنفا التى قرر فيها أن الأحاديث التى استدل بها القائلون بالتحريم على فرض صحتها مقيدة بذكر الملاهى وبذكر الخمر والقينات والفسوق والفجور ولا يكاد حديث يخلو من ذلك .
وهذا أيضا قول ابن حزم ( انظر الهوامش السابقة ) إن الأمر مرتبط بالنية .
فمن نوى ترويح نفسه وتنشيطها للطاعة فهو مطيع محسن، ومن لم ينو لا طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلى بستانه متنزها وقعوده على باب داره متفرجا .
وأيضا قول الغزالى ( انظر الهوامش السابقة ) فيما نقله الشوكانى فى تفسير الحديث الشريف (كل هلو يلهو به المؤمن فهو باطل) لا يدل على التحريم، بل يدل على عدم الفائدة، ومالا فائدة فيه من قسم المباح .
كما قال الشوكانى . لما كان ذلك كان القول بالتحريم على وجه الإطلاق خاليا من السند الصحيح قال تعالى { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب } النحل 116 ، والقول بأن تحريم سماع الموسيقى وتعلمها وحضورها من باب سد الذرائع أو من باب أو درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ليس مقبولا لأن الموسيقى وإن كان قد يصاحبها الخمر والرقص وغير هذا من المنكرات إلا أن هذا ليس الشأن فيها دائما ، ومن ثم صار مثلها مثل الجلوس على الطريق .
ففى الحديث الشريف ( شرح السنة للبغوى 3338/12 ) الذى أخرجه مسلم فى صحيحه عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إياكم والجلوس بالطرقات فقالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها .
فقال فإذا أبينهم إلا المجلس فأعطوا الطريق حقه .
قالوا وما حق الطريق يا رسول الله قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
ومن هذا نأخذ أن من المباحات ما يحرم إذا اقترن به محرم ، وعندئذ تكون الحرمة طارئة، بمعنى أنها ليست حكما أصليا .
لما كان ذلك .
كان الوقوف عند الوسط ( الموافقات للشاطبى ج - 4 ص 258 وما بعدها طبع المكتبة التجارية تحقيق المرحوم الشيخ عبد الله دراز ) من الأقوال هو الأولى بالاتباع .
ومن ثم نميل إلى أن سماع الموسيقى وحضور مجالسها وتعلمها أيا كانت آلاتها من المباحات ما لم تكن محركة للغرائز باعثة على الهوى والغواية والغزل والمجون مقترنة بالخمر والرقص والفسوق والفجور، أو اتخذت وسيلة للمحرمات أو أوقعت فى المنكرات أو ألهت عن الوجبات، كما جاء فى تبويب ( ارشاد السارى ج - 2 ص 171 على هامشه صحيح مسلم ) البخارى فإنها فى هذه الحالات تكون حراما كالجلوس على الطريق دون حفظ حقوقه التى بينها ذلك الحديث الشريف لأن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله ( أعلام الموقعين لابن القيم ج - 1 ص 32 ) قال جل شأنه { قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون .
قل إنما حرم ربى الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغى بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } الأعراف 32 ، 33 ، قال ابن العربى ( أحكام القرآن ج - 2 ص 782 ) من معانى (زينة الله) جمال الدنيا فى ثيابها وحسن النظرة فى ملابسها وملذاتها قال تعالى { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } الأعراف 157 ، قال الشوكانى ( نيل الأوطار ج - 8 ص 105 ) الطيبات فى الآية تشمل كل طيب، والطيب يطلق بإزا المستلذ، وهو الكثر المتبادر إلى الفهم عند التجرد عن القرائن ويطلق بإزاء الظاهر والحلال وصيغة العموم كلية تتناول كل فرد من أفراد العام، فتدخل أفراد المعانى الثلاثة كلها ولو قصرنا العام على بعض أفراده لكان قصره على المتبادر وهو الظاهر .
وقد صرح ابن عبد السلام فى دلائل الأحكام أن المراد فى الآية بالطيبات المستلذات .
والله سبحانه وتعالى أعلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:28 pm

الزى الجامعى وهل يجوز الحضور بالجلباب

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الأول 1401 هجرية - 14 يناير 1981 م

المبادئ
1 - الالتزام بلبس الثياب وستر البدن للرجال والنساء أمر شرعى واجب الامثتال لثبوته بالقرآن والسنة .
2 - هيئة الثيات وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصليها ترك الشارع بيانها باعتبارها أمورا دنيوية لتعرف بالضرورات والتجارب والعادات .
3 - أمر الناس موكول إلى أولياء الأمور فيهم كل فى موقعه ولأولى الأمر على الناس الطاعة فيما لا معصية فيه، وهذا يتناول المسائل المباحة التى لم يرد فيها نص صريح .
4 - هيئة الزى وما يلبسه الطلاب والطالبات من المباحات التى تخضع للعرف والعادة، ولا دخل للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة فى تحديد رسمها وهيئتها .
5 - على الجامعة أن تلزم الطالبات بارتداء الزى السابغ الساتر لجميع الجسد دون الوجه والكفين ، ودون أن يشف أو يحدد تفاصيل الجسد .
والطلاب بالزى الذى استقر العرف على ارتدائه فى الجامعات أو تراه مناسبا .
6 - لا يجوز للطلاب الخروج على تنظيمات الجامعة فيما تفرضه من زى فى النطاق المشروع

السؤال
بكتاب اتحاد كلية الفنون الجميلة بالاسكندرية الوارد بدون رقم وبلا تاريخ، والمقيد برقم 350 سنة 1980 بالسؤال التالى ما هو الزى الذى يجب أن تلزم به الجامعة الطلاب الطالبات وهل يجوز أن يحضر الطلاب بالجامعة بالجلباب فى فصول الدراسة

الجواب
قال الله سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم { يا بنى آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين } الأعراف 31 ، وقال سبحانه { وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بنى إخوانهن أو بنى أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون } النور 31 ، وقال سبحانه { يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب 59 ، وجه الله سبحانه وتعالى فى الآية الأولى الخطاب عاما شاملا إلى بنى آدم ليشمل الرجال والنساء والمسلمين وغير المسلمين .
آمرا إياهم بالزينة أى بلبس الثياب للستر والزينة عند اجتماع يلتقى فيه بنو آدم، سواء كان ذلك فى المسجد أى مسجد، أو ناد أو مدرسة أو جامعة، وبهذا تكون هذه الآية الكريمة قد قررت أصلا من أصول الاصلاحات الدينية والمدنية، يدل لهذا ما ذكره المفسرون فى أسباب نزولها من أن العرب كانوا يطوفون حول البيت متجردين من الثياب، رجالا ونساء على حد سواء وهذا الأمر قد كان سائدا فى كثير من أمم الأرض، بل إنه مازال إلى اليوم فى بعض البلاد الأفريقية والآسيوية التى لم يدخلها الإسلام .
ولم تحدد هذه الآية نوع الثياب ولا هيئتها (الموديل) لأن الإسلام يشرع أصولا صالحة لكل زمان ومكان، فالأمر العام أن يأخذ الإنسان زينته عند كل اجتماع مع الغير حسب وسعه وقدرته وفى نطاق عرف زمنه وعادات قومه، وما اصطلح عليه الناس من هيئة للزى ورسمه وحب الزينة وتهيئة الثياب أمر مشروع فى الإسلام، ارتفع بهذه الآية إلى مرتبة الواجبات المفروضات، لأن الزينة بهذا المعنى من أسباب العمران، وفيها إظهار استعداد الإنسان لمعرفة سنن الله وآياته، والانتفاع بما خلق من نعم امتن بها على عباده، كما استنكر قول من يقولون بتحريم الطيبات من اللبس والطعام وسائر الطيبات، نجد كل هذا واضحا فى قوله سبحانه { قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا فى الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون } الأعراف 32 ، وقوله تعالى { والله جعل لكم من بيوتكم سكنا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين .
والله جعل لكم مما خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون } النحل 80 ، 81 ، كل ذلك دون إسراف أو اتخاذه وسيلة التكبر والاستعلاء على الناس ففى القرآن الكريم الكثير من أوامر الله الناهية عن الإسراف والتبذير والتكبر على الناس والتعالى عليهم، وإنما إظهارا لنعمة الله وشكرا له فقد روى أبو داود عن أبى الأحوص عن أبيه قال (أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ثوب دون (يغنى غير لائق) فقال ألك مال قال نعم .
قال من أى المال قال قد آتانى الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق .
قال فإذا آتاك الله فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته) وفى هذا الباب أحاديث كثيرة أخرجها الترمذى وأبو داود وغيرهما .
ثم اختص الله النساء بالآيات الأخرى (31 سورة النور و 59 سورة الأحزاب) ففى آية سورة النور كان أمر الله للنساء المسلمات بألا يبدين زينتهن للناظرين، ثم استثنى فيها بعض الناظرين وما يجوز للمسلمة إظهاره من الزينة لغير هؤلاء .
قال العلماء إن ظاهر الزينة هو الثياب والوجه والكفان ، يباح للمرأة المسلمة أن تبدى هذا لكل من دخل علهيا من الناس ، ويؤكد هذا المعنى ما رواه أبو داود عن عائشة رضى الله عنها قالت (إن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق (تظهر ما تحتها من جسدها) فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها يا أسماء إن المرأة إذا بلغت الحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه) .
وذهب بعض العلماء إلى أن المرأة إذا كانت جميلة وخيف من وجهها وكفيها الفتنة فعليها ستر ذلك ( كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 12 ص 218 وما بعدها ) وفى آية سورة الأحزاب أمر صريح واضح لكافة بنات ونساء المؤمنين بأن يسترن أجسادهن بارخاء الجلاليب عليهن حتى لا يبين ولا يظهر من أجسادهن إلا ما قضت ضرورة التعامل بإظهاره وهو الوجه والكفان على ما تقدم بيانه .
والجلاليب جمع جلباب وهو ثوب أكبر من الخمار وروى عن ابن عباس وابن مسعود أنه الرداء .
وقال أبو بكر ( أحكام القرآن لأبى بكر بن العربى ج - 2 ص 1586 ) بن العربى فى تفسيره اختلف الناس فى تفسير الجلباب على ألفاظ متقاربة عمادها أنه الثوب الذى يستر البدن .
وبهذا المعنى كانت هذه الآية آمرة لجميع بنات ونساء المسلمين بستر أجسادهن، وإذا ضمت إليها آية سورة النور كان هذا الستر من قمة الرأس إلى أخمص القدمين فيما عدا الوجه والكفين وفى رأى بعض الفقهاء والقدمين، وعلى ألا تصف الملابس الجسد أو تبدى تفاصيلة، وقد بينت السنة الشريفة أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم وبيانه للنساء ألا يبدين أجسادهن لغير أزواجهن ومن جاءوا بعدهم فى آية سورة النور .
( كتاب الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 14 ص 243 وما بعدها ) لما كان ذلك كان الالتزام بلبس الثياب وستر البدن للرجال والنساء أمرا شرعيا واجب الامتثال لأنه ثابت بالقرآن والسنة .
أما هيئة هذه الثياب وطريقة إحاطتها بالجسد وتفاصيلها، فإن الشرع أمرا شرعيا واجب الامتثال لأنه ثابت بالقرآن والسنة .
ومن أجل هذا لم يكن للرسول صلى الله عليه وسلم لباس خاص لا يتعداه إلى غيره، وقد نقلت كتب السنة أنه كان يلبس الضيق من الثياب والواسع منها، وكذلك الصحابة والتابعون ولم يرد عن النبى عليه الصلاة والسلام ولا عن أحد من أصحابه أو التابعين صفة أو هيئة خاصة للثياب سواء للرجال أو للنساء .
وإذ كان ذلك وكانت حاجة الناس إلى من يقودهم ويسوس أمورهم ويقوم بصالحهم، وكان أمر الناس موكولا إلى أولياء الأمور فيهم كل فى موقعه الذى يتولى الأمر فيه .
كان لأولى الأمر على الناس الطاعة فيما لا معصية فيه .
ووجوب إقامة أولى الأمر، قد استنبطه فقهاء المسلمين من نصوص القرآن الكريم ومن السنة الشريفة، فقد فهموه من قول الله سبحانه { وإذ قال ربك للملائكة إنى جاعل فى الأرض خليفة } البقرة 30 ولزوم طاعتهم فهموه من قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم فإن تنازعتم فى شىء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } النساء 59 ، قال كثير من العلماء إن أولى الأمر فى هذه الآية هم الأمراء والولاة والعلماء، وفى هذا قال ابن تيمية (ان المراد بأولى الأمر، أصحاب الأمر وذووه وذلك يشترك فيه أهل اليد والقدرة وأهل العلم والكلام .
كما قال (أولو الأمر صنفان الأمراء والعلماء) .
( تفسير الألوسى ج - 5 ص 66 و السياسة الشرعية لابن تيمية ص 162 طبعة سنة 1961 م دار الجهاد ) فحاجة المجتمع ماسة إلى ضرورة إقامة ولى يرجع إليه فى تنظيم شئون الناس، وجمهور الفقهاء على أن إقامة الحكام وولاة الأمر من فروض الدين، قال ابن تيمية (إن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين، ولا قيام للدين إلا بها فإن بنى آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، ولا بدلهم عند اجتماعهم من رأس، حتى قال النبى صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود (إذا خرج ثلاثة فى سفر، فليؤمروا عليهم أحدهم) لأن الله أوجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل) .
وهذا أمر يكاد يكون متفقا عليه بين الأمة الإسلامية جميعا .
( الفصل فى الملل والنحل لابن حزم ج - 4 ص 87 ) وإذا كانت إقامة أولياء الأمور من الواجبات التى لا تستقيم الحياة والنظام إلا بها كانت ظاعتهم واجبة شرعا فيما لا معصية فيه، امتثالا لأمر الله فى تلك الآية الكريمة، وتحقيقا لمعنى الولاية، حتى لا تتفرق كلمة المسلمين، وضمانا لانتظام أمور الدولة .
ففى الحديث الشريف (لا طاعة لبشر فى معصية الله) . أخرجه ابن أبى شيبة عن على رضى الله عنه .
لهذا قال العلماء إنه يشترط لطاعة ولى الأمر، ألا يكون أمره بمعصية متيقنة، وهذا يتناول المسائل المباحة التى لم يرد فيها نص صريح وكانت بهذا موضع الاجتهاد، فالامتثال فى المباح أمرا أو نهيا لا يترتب عليه معصية، فتجب طاعة ولى المر إذا أمر بفعل المباح أو بتركه .
وقد سبق لعمر بن الخطاب رضى الله عنه أن تعرض لتحريم المباح فى بعض الصور، فإن أكل اللحوم المشروعة مباح بنص القرآن الكريم { أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم } المائدة 1 ، { كلوا من طيبات ما رزقناكم } البقرة 172 ، جاءت هذه الإباحة من غير تقييد ببعض الأيام دون بعض، ودرحج المسلمون على ذلك منذ عهد النبوة، ولما كانت خلافة عمر رأى أن يمنع الناس من أكل اللحم يومين متواليين أسبوعيا، فكان يأتى مجزرة الزبير ابن العوام بالبقيع ولم يكن بالمدينة غيرها فإذا رأى رجلا اشترى لحما يومين متتابعين ضربه بالدرة وقال (ألا طويت بطنك يومين) .
( عمر بن الخطاب لأبى الفرج الجوزى ص 68 ) وهذا اجتهاد من الخليفة الثانى أداه إلى حظر تناول اللحم يومين متتاليين حتى يكون هناك مجال لتداوله بين الناس، وقد كان اللحم مباحا طوال جميع الأيام على ما يقتضيه نص القرآن الكريم .
ومنع عمر كبار الصحابة من التزوج بالكتابيات، وقال أنا لا أحرمه ولكنى أخشى الإعراض عن الزواجب المسلمات، وفرق بين كل من طلحة وحذيفة زوجتيهما الكتابيتين، فاالزواج بالكتابية مباح عند من فعله من الصحابة بنص القرآن الكريم، ولأن النهى عن نكاح المشركات لا يشمل الكتابيات، ومع ذلك اجتهد عمر وهو ولى أمر المسلمين ورأى المصلحة فى منعه وإن كان لا يحرمه، والتزم بأمره صحابيان من أهل الاجتهاد ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبى ج - 3 ص 68 ) ولقد ابتنى على هذا ما قال به الفقهاء من سلطة ولى الأمر فى تغيير المباح إلى الوجوب أو التحريم، بما لا يختلف مع أصول الشريعة أو يناقضها وأن عليه أن يتحرى مصلحة الناس فى نطاق أحكام الشرع، وما جرى به العرف والعادة الصحيحان .
وإذ كان تحديد هيئة الزى أو الثياب من المور التى لم يرد فيها نص فى القرآن والسنة، بل لم تعرض نصوصها لهذا التحديد، لأنه من الأمور التى تختلف فيها الأحكام، باختلاف العصور والأعراف ، كان هذا من الأمور المنوطة بولى الأمر، وكان تحديد للناس جميعا أو لفئة معينة جائزا، ولقد جرت عادة المسلمين وعرفهم، بل وعرف وعادة الناس جميعا على تحديد زى لرجال الجيش والشرطة وتحريمه على غيرهم، إذ المقوصد بهذا أى يندس فى مزاولة المهام المنوطة بهم من ليس منهم، وليكونوا معروفين لعامة الناس وخاصتهم، لأن الشريعة - كما قال ابن القيم ( أعلام الموقعين ج - 3 ص 14 - 22 ) - مبناها وأساسها على الحكم والمصالح، فهى عدل كلها ورحمة ومصالح وحكم .
وإذ كانت هيئة الزى وما يلبسه الطلاب والطالبات من المباحات التى تخضع للعرف والعادة، ولا دخل للنصوص الشرعية من الكتاب والسنة فى تحديد رسمها وهيئتها .
كان لأولى الأمر، فى الجامعات والمدارس بمقتضى ما تقدم من القواعد الشرعية - أن يلزموا الطلبة والطالبات بالزى الذى يرونه مناسبا، بحيث لا يكشف عورة ولا ينبىء عنها، ويمتنع على هؤلاء مخالفة ما يراه أولياء الأمر فى الجامعة أو المدرسة، باعتباره أمرا تنظيميا من صاحب الاختصاص المنوط به رعاية المصلحة شرعا، وباعتبار أن ما يأمرون به لم يمنعه نص شرعى، بل أوجب القرآن طاعة أولى الأمر مادام ما يأمرون به لا يدخل فى دائرة المعاصى، بمعنى أنهم لم يأمروا بفعل ما حرم الله، ولم ينهوا عن فعل ما ألزم الله به الناس، وما عدا هذا فيجوز أن يضع له ولى الأمر من الأنظمة ما يرى فيه مصلحة للناس ولكيان الحكم، اتباعا لما فعل عمر بن الخطاب فى المثالين سالفى الذكر مع أن كلا منهما مباح بنص القرآن .
لما كان ذلك ففى واقعة السؤال يكون على الجامعة أن تلزم الطالبات بارتداء الزى السابغ السائر لجميع الجسد من الرأس إلى القدم فيما عدا الوجه والكفين دون أن يشف عما تحته أو يحدد تفاصيل الجسد، وأن تلزم الطلاب بالزى الذى استقر العرف فى المجتمع على ارتدائه فى الجامعات أو الزى الذى تراه مناسبا، ولا يجوز للطلاب الخروج على تنظيمات الجامعة فيما تفرضه من زى فى النطاق المشروع، فإذا كانت الجلابية ليست زى الجامعات عرفا، فلاى يجوز للطلاب ارتداؤها داخل الجامعة وكان عليها أن تلزمهم بذلك ، باعتبار أن القائمين على الأمر فيها هم من أولياء الأمور فى نطاقهم يعملون للمصلحة المنوطة بهم، ماداموا لم يأمورا بمعصية امتثالا للقرآن الكريم، ولحديث الرسول عليه الصلاة والسلام، ففى الصحيحين أن النبى بالغ فى الترغيب فى طاعة الأمراء فقال (من أطاعنى فقد أطاع الله ومن أطاع أميرى فقد أطاعنى) وروى البخارى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اسمعوا وأطيعوا وان استعمل عليكم عبد حبشى كأن رأسه زبيبة ما اقام فيكم كتاب الله) .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/264)

اطلاق اللحى

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
شعبان 1401 هجرية - 21 يونيه 1981 م

المبادئ
1 - إطلاق اللحى من سنن الإسلام التى ينبغى المحافظة عليها .
2 - إتلاف شعر اللحية بحيث لا ينبت بعده جناية توجب المساءلة بالدية على خلاف فى مقدارها .
3 - إطلاق الأفراد المجندين اللحى اتباع لسنة الإسلام، فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها

السؤال
بالكتاب 60/81 المؤرخ 16/66/1981 المقيد برقم 194 سنة 1981 وبه طلب بيان الرأى عن إطلاق الأفراد المجندين اللحى، حيث إن قسم القضاء العسكرى قد طلب الإفتاء بخصوص ذلك الموضوع، لوجود حالات لديها

الجواب
إن البخارى روى فى صحيحه عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (خالفوا المشكرين، ووفروا اللحى، واحفو والشوراب) وفى صحيح مسلم عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) وفى صحيح مسلم أيضا عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (عشر من الفطرة قص الشارب، وإعفاء اللحية، والسواك، واستنشاق الماء، وقص الأظفار، وغسل البراجم ( البراجم مفاصل الأصابع من ظهر الكف (بتصرف مختار الصحاح) ) ونتف الإبط، وحلق العانة، وانتقاص الماء .
قال بعض الرواة وتسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة) .
قال الإمام النووى فى شرحه حديث (احفوا الشوارب واعفوا اللحى) أنه وردت روايات خمس فى تلك اللحية، وكلها على اختلاف فى ألفاظها تدل على تركها على حالها، وقد ذهب كثير من العلماء إلى منع الحلق والاستئصال بين فقهاء المسلمين فى أن إطلاق اللحى من سنن الإسلام فيما عبر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم فى الحديث السابق الذى روته عائشة (عشر من الفطرة) .
ومما يشير إلى أن ترك اللحية وإطلاقها أمر تقره أحكام الإسلام وسننه ما أشار إليه فقه ( تحفة المحتاج بشرح المنهاج وحواشيها ج - 9 ص 178 فى باب التعزير ) الإمام الشافعى من أنه (يجوز التعزيز بحلق الرأس لا اللحية) وظاهر هذا حرمة حلقه على رأى أكثر المتأخرين .
ونقل ابن قدامة الحنبىل فى المغنى ( ص 433 ج - 8 مطبعة الامام فى باب التعزير ) أن الدية تجب فى شعر اللحية عند أحمد وأبى حنيفة والثورى، وقال الشافعى ومالك فيه حكومة عدل .
وهذا يشير أيضا إلى أن الفقهاء قد اعتبروا التعدى بإتلاف شعر اللحية حتى لا ينبت جناية من الجنايات التى تستوجب المساءلة، إما بالدية الكاملة كما قال الأئمة أبو حنيفة وأحمد والثورى، أو دية يقدرها الخبراء كما قال الإمامان مالك والشافعى .
ولا شك أن هذا الاعتبار من هؤلاء الأئمة يؤكد أن اللحى وإطلاقها أمر مرغوب فيه فى الإسلام وأنه من سننه التى ينبغى المحاظفة عليها .
لما كان ذلك كان إطلاق الأفراد المجندين اللحى ابتاعا لسنة الإسلام فلا يؤاخذون على ذلك فى ذاته، ولا ينبغى إجبارهم على إزالتها، أو عقابهم بسبب إطلاقها - إذ (لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق) وهم تبعون لسنة عملية جرى بها الإسلام .
ولما كانوا فى إطلاقهم اللحى مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يؤثموا أو يعاقبوا، بل إن من الصالح العام ترغيب الأفراد المجندين وغيرهم فى الالتزام بأحكام الدين ، فرائضه وسننه، لما فى هذا من حفز همتهم، ودفعهم لتحمل المشاق، والالتزم عن طيب نفس حيث يعملون بإيمان وإخلاص .
وتبعا لهذا لا يعتبر امتناع الأفراد الذين أطلقوا اللحى عن إزالتها رافضين عمدا لأوامر عسكرية، لأنه - بافتراض وجود هذه الأوامر - فإنها - فيما يبدون ت لا تتصل من قريب أو بعيد بمهمة الأفراد، أو تقلل من جهدهم، وإنما قد تكسبهم سمات وخشونة الرجال، وهذا ما تتطلبه المهام المنوطة بهم .
ولا يقال إن مخالفة المشركين تقتضى - لأن - حلق اللحى، لأن كثيرين من غير المسلمين فى الجيوش وفى خارجها يطلقون اللحى ، لأنه شتان بين من يطلقها عبادة اتباعا لسنة الإسلام وبين من يطلقها للمجرد التجمل، وإضفاء سمات الرجولة على نفسه، فالأول منقاد لعبادة يثاب عليها، إن شاء الله تعالى، والآخر يرتديها كالثوب الذى يرتديه ثم يزدريه بعد أن تنتهى مهمته .
ولقد عاب الله الناهين عن طاعته وتوعدهم { أرأيت الذى ينهى .
عبدا إذا صلى . أرأيت إن كان على الهدى . أو أمر بالتقوى .
أرأيت إن كذب وتولى . ألم يعلم بأن الله يرى } العلق 9 - 14 ، والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/265)

الغاء الوقف الأهلى وسنده

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
شعبان 1400 هجرية - 29 يونيه 1980 م

المبادئ
1 - وقف المسجد صحيح نافذ لازم شرعا، متى توفرت شروطه .
2 - وقف غير المسجد عند جمهور الفقهاء صحيح على خلاف فى لزومه وفيما يجوز وقفه وما لا يجوز .
3 - عدم لزوم الوقف وجواز الرجوع عنه مذهب أبى حنيفة ويرى باقى الأئمة لزومه من وقت حصوله على خلاف فى ذلك .
4 - الوقف يتم الإرادة المنفردة، ولا يكون إلا مؤبدا، وأجاز البعض تأقيته .
5 - الوقف فى مرض الموت ولو لكل أملاكه صحيح بإجازة الورثة وإلا كان كالوصية صحيح فى الثلث باطل فيما عداه .
6 - تصرف ولى الأمر بالمصلحة فيما بتعلق بالأمور العامة وصدور قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات من هذا القبيل

السؤال
من السيد / .
بجامعة الملايو - ماليزيا بالكتاب المحرر فى 9 من شهر جمادى الآخرة سنة 1400 هجرية 24 من أبريل سنة 1980 المقيد لدينا برقم 175 سنة 1980 وقد جاء به أن السائل قال إنه قد استولى ولا يزال يستولى على فكرى وهمى من حين لآخر سؤال ولم أجد له جوابا شافيا مقنعا وأتوقع الرد على هذا لما فى الرد من مصلحة تهم المسلمين، وبالأخص مسلمى ماليزيا ، .
وسؤال كالآتى بعد الاطلاع على المادة الأولى من قانون الوقف (الوقف الأهلى) رقم 180 لسنة 1952، حيث تنص على أنه (لا يجوز الوقف على غير الخيرات) مما يبدون لى أن هذه المادة تشير إلى إلغاء الوقف الأهلى إن صح تصورى .
فهل يعتبر هذا إلغاء مشروعا لدى الشرع، فإذا كان كذلك فما وجهة نظر الفقهاء فى ذلك استنادا إلى الحجج المعتبرة لديهم والله يوفقكم مع رجائى التفضل فى الرد عليه

الجواب
إن الأصل فى جواز الوقف وشرعيته هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر رضى الله عنه حينما شاوره فى أرض له بخيبر، حبس أصلها وسبل الثمرة)، وقد اختلف أفهام الأئمة وفقهاء المذاهب المعتبرة فى معنى هذا الأثر ومداه تبعا لاختلاف ما وصل إلى كل منهم من الروايات لهذا الحديث، وما روى من آثار أخرى عن وقوف لبعض الصحابة رضى الله عنهم .
وتبعا كذلك لاختلاف مداركهم لمدلول تلك الآثار، ولقد أدى هذا إلى اختلافهم فى خصائص الوقف وحقيقته اختلافا بينا واسع المدى، ولعل فقهاء المذاهب الإسلامية لم يتخلفوا على عقد من العقود الشرعية اختلافهم فى الوقف .
ونوجز عناصر كل ذلك فيما يلى اتفاق واختلاف اتفقت كلمة الفقهاء على أن وقف المسجد صحيح نافذ لازم متى توافرت الشروط، ولا يعرف - فيما طالعنا من كتب الفقه التى بأيدينا أن أحدا منهم خالف فى أصل صحة وقف المسجد ولزومه بشروطه وإن تفاوتوا فى بعض الأحكام التفصيلية .
أما وقف غير المسجد فقد تشعبت فيه أقوالهم ، فمنهم من قال ببطلانه وهذا مروى عن على بن ابى طالب وعبد الله بن عباس وابن مسعود من فقهاء الصحابة، وبه قال شريح من فقهاء التابعين ومروى أيضا عن الإمام أبى حنيفة وعن أبى جعفر الطبرى ، فقط روى عن ابن مسعود قول لا حبس إلا فى سلاح أو كراع، وروى ابن أبى شيبة موقوفا عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قوله لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع، وروى الطحاوى فى شرح معانى الآثار أن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أنزلت سورة النساء وأنزل فيها الفرائض نهى عن الحبس وآثار أخرى رواها الطحاوى وابن حزم .
(معانى الآثار ج - 2 ص 649 والمحلى لابن حزم ج - 9 ص 175 وفتح القدير للكمال بن الهمام الحنفى المصرى ج - 5 ص 42) .
وذهب جمهور الفقهاء وأئمة الأمصار إلى جواز وقف غير المسجد وصحته على خلاف بينهم فى لزومه، وفيما يجوز وقفه وما لا يجوز، وحججهم فى هذا مشروحة ومستفيضة فى مواضعها من كتب الفقه .
ومما سلف يتضح أن ما ذهب إليه بعض فقهاء الصحابة والتابعين قول له أدلته، ويصح الاستناد إليه والأخذ به متى دعت إلى ذلك مصلحة الأمة وخيرها، وإن خالف ما عليه جمهور الفقهاء .
أما عدم لزوم الوقف وجواز الرجوع عنه فهو قول افمام أبى حنيفة نفسه فى اصح الروايتين عنه وقول زفر بن الهذيل (المبسوط للسرخسى ج - 12 ص 37 والفتاوى الخانية ج - 3 ص 285 وشرح معانى الآثار للطحاوى ج - 9 ص 175) .
أما لزوم الوقف الصحيح الناجز من وقت حصوله، لا يباع ولا يرهن ولا يوهب ولا يورث ولا ينقض فهو قول باقى الفقهاء على اختلاف بينهم فى لزوم الوقف وعدم لزومه .
ولقد اختلف الفقهاء كذلك فى عقد الوقف، فقالت طائفة إنه يتم بالإرادة المنفردة، ولا يتوقف انعقاده وصحته وثبوت الاستحقاق للموقوف عليه إلى القبول، وطائفة ثانية تقول إن الأصل فى العقود أنها رباط بين متعاقدين وهذا يقتضى اشتراط القبول، والوقف من العقود فلابد فيه من القبول، هذا بينما ذهبت طائفة ثالثة إلى أن الوقف لابد أن يظهر فيه معنى القرية، فى حيز أن طائفة رابعة لا تشترط ذلك .
ثم من قال من الفقهاء إن الوقف عند غير لازم وللواقف فسخه .
قال أيضا إن الزوم وعدمه تابع لمشيئة الواقف، ولا يجبر على إنفاذه لو أراد الفسخ، وأن لوارثته كذلك هذه المشيئة والاختيار .
ومن قالوا بلزوم الوقف متى انعقد صحيحا اختلفوا، فمنهم من جعله لازما بالنسبة للعقد وللشروط وللموقوف ومن وقف عليه، وتبعا لهذا منعوا الواقف من اشتراط الحق فى الاستبدال أو التغيير فى المصارف والشروط، لأن فى هذا منافاة لمقتضى العقد وهو اللزوم، ومنهم من أجاز للواقف اشتراط كل ذلك ورتب عدم لزوم الوقف فيما يشترط فيه التغيير .
ثم جرى الخلاف أيضا فى أبدية الوقف أو عدمها فمنهم من قال إن الوقف لا يكون إلا مؤبدا، ومنهم من أجازه مؤبدا ومؤقتا .
كما وقع الاختلاف فى ملكية الموقوف، وهل يخرج بالوقف عن ملك الواقف لا إلى مالك، أو يبقى فى ملكه، أو يخرج إلى ملك الموقوف عليه وإن كان جهة عامة .
ولقد ترتب على هذا الاختلاف أن تنوعت تعاريف الفقهاء للوقف فراعى كل منهم حقيقة الوقف وخصائصه التى انتهى إليها اجتهاده .
وفى تأبيد الوقف وتأقيته كانت أقوال الفقهاء متنوعة حيث ذهب الإمامان أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمهما الله تعالى إلى أن التأبيد من شروط صحة الوقف وأن توقيته مبطل له، وأن التأبيد قد يكون صراحة فى القعد، أو يجعل مآل الاستحقاق فيه أخيرا إلى جهة بر لا تنقطع غالبا كالمساكين ومصالح المساجد .
ونقل عن الإمام أبى يوسف رحمه الله تعالى قولان أحدهما أنه لا يشترط التأبيد لصحة الوقف، وأنه بعد انقطاع الجهة الموقوف عليها يرجع ألوقف إلى ملك الواقف أو لورثته، جاء هذا القول فى أوائل كتاب الوقف فى المبسوط للسرخسى ج - 12، وجاء فى أجناس الناطفى فروع دالة على هذا القول وقال الناطفى إن عليه الفتوى، وفى فتح القدير وإذا عرف عن أبى يوسف جواز عوده إلى الورثة فقد يقول فى وقف عشرين سنة بالجواز، لأنه لا فرق أصلا .
أما القول الآخر عن أبى يوسف فهو أنا التأبيد شرط لصحة الوقف، لكنه لا يشترط النص عليه ولا جعله لجهة لا تنقطع، لأن لفظ الوقف والصدقة منبىء عن التأبيد .
أما وقف المساجد فلا بد فيه من التأبيد لأن التوقيت ينافيه ، ولأن المسجدية جهة لا تنقطع، فمتى وجد من الواقف ما يدل عليهما حصل التأبيد .
(فتح القدير للكمال بن الهمام على شرح الهداية ج - 5 ص 64 وما بعدها والإسعاف ص 71 وما بعدها) .
وذهب الفقه المالكى إلى أن التأبيد فى الوقف ليس شرطا لصحته فيصح مؤبدا، ومؤقتا، إذا لم يتأبد الوقف رجع بعد انقطاع جهته ملكا لمالكه أو لورثته، وإذا تأبد لا يباع ولا يوهب ولا يورث .
(حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج - 4 ص 100 إلى ص 105 طبع دار الطباعة سنة 1287 هجرية ) .
ولفقهاء المالكية تفصيلات فيمن يستحق الوقف المؤبد بعد انقطاع مصرفه .
وقد جاء فى إجارات المدونة انه لا بأس بأن يكرى أرضه على أن تتخذ مسجدا عشر سنين فإذا انقضت كان النقض لمن بناه .
(منح الجليل شرح مختصر خليل ج- 4 ص 36 أوائل الوقف) وهذا واضح فى أن المسجد يصح أن يكون وقفه مؤقتا كسائر الوقاف، وأظهر الأقوال فى فقه الإمام الشافعى أن الوقف لا يكون إلا مؤبدا .
(التحفة ج - 2 ص 322) . وفى فقه مذهب الإمام أحمد بن حنبل لا يصح الوقف مؤقتا (الفروع لابن مفلح ج - 2 ص 867) .
وفى المغنى لابن قدامة (ج - 6 ص 214) المطبوع مع الشرح الكبير أن الوقف المنقطع، وهو ما لا يعلم انتهاؤه، فالوقف مع ذكر ما ينقطع به يصح، وبه قال مالك وأبو يوسف والشافعى فى أحد قوليه، وقال محمد ابن الحسن لا يصح وهو القول الثانى للشافعى .
وفى الاختيارات لشيخ الإسلام ابن تيمية (ج - 4 ص 101) ان مأخذ الوقف المنقطع هو أن الوقف هل يسح توقيته بغاية مجهولة أو غير مجهولة فعلى قول من قال لا يزال وقفا لا يصح توقيته، وعلى قول من قال يعود ملكا يصح توقيته، فإن غلب جانب التحريم فالتحريم لا يتوقف، وإن غلب جانب التمليك فتوقيته جميعه قريب من توقيته على بعض البطون، كما لو قال وقفت على زيد سنة ثم على عمر سنة ثم على بكر سنة .
وذهب فقه الإمامية إلى صحة الوقف الؤقت لمدة صراحة، والمؤقت ضمنا بذكر مصرف ينقطع، وقالوا بانتهاء الوقف بانتهاء المدة وانقطاع المصرف (جواهر الكلام ص 638) .
مسلك القانون المصرى فى التأبيد والتأقيت وسنده لهذا الاختلاف فى تأبيد الوقف وتوقيته أخذ القانون المصرى رقم 48 لسنة 1948 بمذهب الحنفية فى المجسد فلابد من تأبيده، وكذلك الموقوف على المسجد حيث لا يجوز الرجوع ولا التغيير فيه، وعدل القانون عن هذا المذهب فيما عداه إلى الأخذ بقول القائلين بجواز تأبيد الوقف الخيرى وتوقيته تيسيرا على الناس فى فعل الخير .
وقد أخذ فى جواز تأقيته بالمدة وبذكر مصرف ينقطع مع التصريح بعودته ملكا بعد الانتهاء بمذهب المالكية .
وهو أيضا مذهب الإمامية وأحد قولين فى مذهب الإمام أحمد بن حنبل وإحدى روايتين عن الإمام أبى يوسف فيما إذا ذكر الواقف جهة تنقطع، وما اقتضاه التوقيت فى المدة على ما ستظهره الكمال بن الهمام فى فتح القدير، واعتبر الوقف مؤبدا إذا أطلق عن التأبيد والتوقيت أخذا بالرواية الأخرى عن أبى يوسف .
كما أخذ هذا القانون بوجوب توقيت الوقف على ما عدا وجوه الخير، ومبنى هذا القول بجواز توقيت الوقف، والقول بعدم جوازه أصلا .
فمن وقت الوقف من تلقاء نفسه بمدة معينة لا تجاوز 60 ستين سنة جاز وقفه، ومن وقته بطبقة أو بطبقتين جاز أيضا أخذا بقول القائلين بجواز توقيت الوقف، وإن تجازو ذلك صح وقفه على الطبقتين، وفى المدة المذكورة فقط، وبطل فيما عدا ذلك أخذا فى الجائز بقول المجيز، وفى الباطل بقول من قال بعدم جواز الوقف أصلا .. وتصحيح الوقف فى بعضه وإبطاله فى بعض آخر بمعنى إعطاء كل أمر منهما حكما لم يعط للآخر، لا مانع منه فقهاء وإن كان العقد واحدا، إذ لو وقف فى عقد واحد ما يجوز وقفه وما لا يجوز صح الوقف فيما يجوز وقفه وبطل فيما لا يجوز وقفه، ولو وقف المريض مرض الموت كل أملاكه ورد الورثة وقفه صح وقفه فى الثلث وبطل فيما زاد عليه .
بهذه الأحكام جرى نص المادة الخامسة من هذا القانون إذا جاء بها وقف المسجد لا يكون إلا مؤبدا، ويجوز أن يكون الوقف على ما عداه من الخيرات مؤقتا أو مؤبدا وإذا أطلق كان مؤبدا، أما الوقف على غير الخيرات فلا يكون إلا مؤقتا ولا يجوز على أكثر من طبقتين .
تصرف ولى الأمر فى التشريع وغيره ومناطه شرعا من القواعد الشرعية ان تصرف الإمام (ولى أمر المسلمين) منوط بالمصلحة، نص على ذلك الإمام الشافعى إذ قال (منزلة الإمام من الرعية منزلة الولى من اليتيم) .
وأصل هذه القاعدة ما أخرجه سعيد بن منصور فى سننه عن البراء ابن عازب قال قال عمر رضى الله عنه (إنى أنزلت نفسى من مال الله بمنزلة والى اليتيم، إن احتجت أخذت منه، فإذا أيسرت رددته، فإن استغنيت استعففت) .
وهذه القاعدة واردة بعنوان القاعدة الخامسة فى كتابى الأشباه والنظائر لابن نجيم المصرى الحنفى وللسيوطى الشافعى .
وقد أسندها ابن نجيم إلى الإمام أبى يوسف أيضا، وساق واقعات عن الخليفتين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، ثم قيد القاعدة بأن فعل الإمام إذا كان مبنيا على المصلحة فيما يتعلق بالأمور العامة لم ينفذ أمره شرعا إلا إذا وافقه، فإن خالفه لم ينفذ وأورد أمثلة لهذا القيد .
إلغاء الوقف الأهلى فى مصر وهل يجيزه الشرع تقدم أن فقهاء المذاهب قد اختلفوا فى تأبيد الوقف وتأقيته، بل إن منهم من قال إن الوقف باطل أصلا وغير جائز، وفى نطاق هذا وما سبق تفصيله صدر القانون المصرى رقم 180 لسنة 1952 ونصت مادته الأولى على أنه لا يجوز الوقف على غير الخيرات .
ونصت مادته الثانية على إنهاء كل وقف لا يكون مصرفه فى الحال خالصا لجهة من جهات البر .
وجاء فى المذكرة الإيضاحية لهذا القانون إن نظام الوقف نشأ لتشجيع التصدق على الفقراء من طريق حبس الملك على وجه التأبيد بيد أن تطور الأوضاع الاقتصادية فى عالم اليوم كشف عن مسافة الخلف بين آثار نظام الوقف وبين ما تتطلبه الأوضاع الاقتصدارية من حرية تداول المال وما جد فى ثناياها من معانى البر، ولذلك أضحى نظام الوقف أداة لحبس المال عن التداول، وعقبة فى سبيل تطور الحياة الاقتصادية على نحو جعل الفقراء فى طليعة ضحايا هذا النظام، ذلك أن نصيبهم من خيرات الوقف تضاءل حتى أصبح عديم الجدوى، فضلا عن أن حبس الأموال حال دون استثمارها على وجه يفسح مجال العمل والكسب الكريم لهؤلاء الفقراء ، وهذه هى أرفع صور البر وأبلغها فى معنى التقرب إلى الله وبصدور تشريع الإصلاح الزراعى للحد من الملكية الزراعية صار من الضرورة التنسيق بين نظام الوقف وبين أغراض للإصلاح، وكانت مناسبة موفقة لإعادة النظر فى هذا النظام على الأقل فيما يتصل بحبس الملك على غير الخيرات، وقد قصد من مشروع القانون إلى إلغاء نظان الوقف على غير الخيرات حتى يتسنى تطبيق أحكام تشريع الإصلاح الزراعى على الأراضى الزراعية الموقوفة التى يتمتع فيها المستحقون بحكم الواقع بمركز لا يختلف فى جوهره عن مركز الملاك فى الوقت الحاضر - وحتى يتسنى إطلاق طائفة جسيمة من الأموال من عقالها لتصبح عنصرا من عناصر التداول .
وهذا الذى أفصحت عنه المذكرة الإيضاحية بيان للمصلحة العامة التى استهدفها هذا القانون من إنهاء الوقف على غير الخيرات (الوقت الأهلى) .
ولما كان تقدير المصلحة منوطا بولى المر المسلم - كما سبق بيانه وتأصيله - كان ما انتهى إليه القانون واقعا فى نطاق الشرع، إذا قد تقدم أن من الفقهاء من قال بعدم لزوم الوقف بل وببطلانه وعدم جوازه أصلا .
وأخذا بفقه هؤلاء كان لولى الأمر فى مصر إصدار هذا القانون باعتباره مقلدا، له أن يختار من أقوال الفقهاء ما يراه مناسبا لمصالح الناس وله أن يأخذ حكما من مذهب فى مسألة وحكما فى مسألة أخرى من مذهب آخر على ما حرره علماء أصول الفقه فى أحكام التقليد والتلفيق والتخريج .
وكما سلف القول كان جائزا تصحيح بعض الوقف وإبطال بعضه الآخر .
فحين استبقى القانون الوقف على الخيرات اتبع قول القائلين بلزوم الوقف عليها، وحين أنهى الوقف على غير الخيرات (الأهلى) اتبع قول القائلين بعدم جواز الوقف أصلا وبطلانه، وذلك تلفيق فى التشريع تجيزه أقوال الفقهاء وعلماء أصول الفقه .
ولا شك أن المصلحة التى تغياها هذا القانون واضحة ظاهرة لأن تطور الأنظمة الاقتصادية اقتضى إطلاق الأموال المحبوسة عن التداول حرصا على تعميرها، وزيادة غلاتها وخبراتها حين تؤول ملكا خاصا لمن استحقها، ومن ثم تكون هذه المصلحة شرعية جاءت فى إطار القواع المتقدمة، وأقوال الفقهاء المختلفة فى شأن الوقف المشار إليها .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/266)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:29 pm

التداوى بالخمر

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الآخر 1399 هجرية - 12 مارس 1979 م

المبادئ
الخمر حرام ويجوز التداوى بالمحرم عند الضرورة بشروط معينة

السؤال
بالطلب المتضمن بيان رأى الدين فيما إذا كانت الخمر هى العلاج الوحيد بدون بديل لشفاء مريض مسلم .
والحكم الشرعى فى ذلك

الجواب
إن الخمر رجس محرم قطعا بقول الله تعالى فى سورة المائدة { يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون } المائدة 90 ، وقد أبان النبى صلى الله عليه وسلم فى أحاديث كثيرة تحريم الخمر أيا كانت المادة التى أخذت منها .
ومن هذه الأحاديث (كل مسكر خمر وكل خمر حرام) رواه الإمام مسلم فى صحيحه .
وقوله (ما أسكر كثيره فقليله حرام) رواه الإمام أحمد وابن ماجه والدار قطنى .
وقد اختلف فقهاء المذاهب فى إباحة التداوى بالمحرم ومنه الخمر .
فمنع التداوى بالمحرم فقهاء مذهبى الإمام مالك وأحمد بن حنبل، وأجاز التداوى به فقهاء مذهب الإمام أبى حنيفة فى القول المختار وفقهاء المذهب الشافعى فى أحد الأقوال وذلك بشرطين أحدهما أن يتعين التداوى بالمحرم بمعرفة طبيب مسلم خبير بمهنة الطب معروف بالصدق والأمانة والتدين .
والشرط الآخر ألا يوجد دواء من غير المحرم ليكون التداوى بالمحرم متعينا، ولا يكون القصد من تناوله التحايل لتعاطى المحرم، وألا يتجاوز به قدر الضرورة .
هذا وأساس هذه الإباحة الضرورة، لأن صون نفس الإنسان عن الهلاك من الضرورات الخمس التى هى مقاصد الإحكام فى الإسلام .
وقد استدل الفقهاء الذين أجازوا التداوى بالمحرم عند الضرورة بالشروط السابقة بآيات القرآن الكريم التى أباحت المحرمات عند الضرورة، ومنها قوله تعالى فى سورة البقرة { فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه } البقرة 173 ، ولما كانت إباحة التداوى بالمحرم حسبما تقدم فى قول فقهاء المذهب الحنفى، وقول فى مذهب الإمام الشافعى للضرورة ، وكانت الضرورة تقدر بقدرها، فإنه ينبغى ألا يتمادى المريض المسلم فى تعاطى المحرم استغلالا لحال الضرورة .
فإن الله سبحانه يعلم السر وأخفى . وعلى المسلم الحريص على دينه أن يتحرى الصدق، وأن يبتعد عن الشبهات استبراء للدين، وألا يسوغ لنفسه رخصة أباحها الله دون حاجة وضرورة، وأن يجد ويجتهد فى طلب مشورة أكثر من طبيب مسلم قبل الإقدام على التداوى بالمحرم .
هذا وإنه مع التقدم العلمى فى كيمياء الدواء لم تعد حاجة ملحة لاستعمال الخمر فى التداوى لوجود البديل المباح .
ومما تقدم يعلم الجواب عما جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/267)

تفضيل الابن البار بالمال وحرمان العاق منه

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الآخر 1400 هجرية - 18 فبراير 1980 م

المبادئ
1 - تفضيل بعض الأولاد ببعض من المال دون بعض مكروه ويجوز ذلك مادام هناك سبب يدعو إليه .
2 - عقوق الولد لأمه وتعديه عليها يبيح تفضيل غيره عليه فى العطية

السؤال
بالطلب المتضمن أن للسائلة ابنين أنفقت على تربيتهما وتعليمهما حتى كبرا، والتحق كل منهما بوظيفة يتكسب منها، وقد زوجت أحدهما وهيأت له أسباب الراحة بالسكن فى شقة ملائمة على حسابها، ولكن هذا الابن الذى تزوج وأنجب أولادا بدأ يعاملها بقسوة، بل ويعتدى عليها بالضرب والشتم والسب العلنى فهو عاق لدرجة أنها لا تطيق رؤيته .
أما الولد الآخر فهو بار بها يعطف عليها ويحترمها ويقدرها ويعترف بفضلها، ويبذل قصارى جهده للعمل على إرضائها ، وأن السائلة إزاء ذلك تريد أن تتصرف فى مالها بحيث لا ينال هذا الولد العاق شيئا منه .
وأن تعطى ذلك المال السائلة كما تقول فى مالها لأى إنسان آخر دونهما، أو أن الولد البار قبل التصرف لنفسه .
هل يكون فى تصرفها هذا شىء تحاسب عليه أم ماذا

الجواب
عن النعمان بن بشير قال قال النبى صلى الله عليه وسلم (اعدلوا بين أبنائكم .
اعدلوا بين أبنائكم . اعدلوا بين أبنائكم) رواه أحمد وأبو داود والنسائى .
وروى مسلم وأبو داود وأحمد عن جابر قال (قالت امرأة بشير انحل ابنى علاما (أى اعطه عبدا) وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان (أى زوجته وسماها) سألتنى أن أنحل ابنها غلامى .
فقال له إخوة قال نعم .
قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته . قال لا . قال فليس يصلح هذا، وإنى لا أشهد إلا على حق) ورواه أبو داود من حديث النعمان بن بشير .
قال فيه (لا تشهدنى على جور . إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم) .
هذا وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على كراهية التفاضل أو التفضيل أو إفراد بعض الأولاد ببعض المال أو كله .
ثم اختلفوا هل يحرم ذلك التخصيص أو التفضيل بينهم فيرى أبو حنيفة والشافعى أن ذلك لا يحرم وقال الإمام مالك إنه يجوز إعطاء الرجل بعض ماله لبعض ولده دون بعض .
وقال الإمام أحمد بن حنبل إن التفاضل بين الأولاد أو تفضيل بعضهم على بعض أو تخصيصه لا يجوز، ومن فعل ذلك فقد أساء .
والذى نختاره للفتوى ما قال به الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعى بشرط أن يكون هناك سبب يدعو إلى تخصيص بعض الأولاد بشىء من المال دون بعض .
وقد قال بهذا أيضا فقهاء الحنبالة، كما جاء فى كتاب المغنى لابن قدامة فى باب الهبة إذا قال فإنه خص بعضهم لمعنى بقتضى تخصيصه لحاجة أو زمانة (أى مرض طويل مزمن) أو عمى أو كثرة عائلته أو استغاله بالعلم أو نحوه من الفضائل فذلك جائز وكذا لو صرف غطيته ومنعها عن بعض ولده لفسقه أو بدعته أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصيه الله فله ذلك، ولا شك أن عقوق الابن وتعديه على أمه بالضرب والشتم والسب من أكبر الفوسق والآثام لأن الله أمر بالبر بالوالدين، وجعل برهما قرين عبادته فقال { واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا } النساء 36 ، وغير هذا من الآيات والأحاديث الوفيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الشأن .
ومنها حديث أبى هريرة رضى الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال (يا رسول الله من أحق بحسن صحابتى قال أمك .
قال ثم من قال أمك . قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك) رواه البخارى .
وإذا كان ذلك كان للسائلة أن تصرف مالها غلى البار من أولادها إثم عليها فى ذلك، وإن كان الأولى من هذا أن تعفو وتصفح وتدعو لولدها العاق بالهداية والتوفيق وتترك المال على ذمتها، فإن الآجال بيد الله { وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا وما تدرى نفس بأى أرض تموت } لقمان 34 ، وفى العفو عن الإساءة الكثير من الآيات الكريمة منها قوله تعالى { فمن عفا وأصلح فأجره على الله } الشورى 40 ، وفى الحديث الشريف (أحسن إلى من أساء إليك) .
وبهذا علم الجواب عن السؤال . والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/268)

الصيد الواقع فى الماء


المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ربيع الآخر 1400 هجرية - 23 فبراير 1980 م

المبادئ
1 - الصيد حلال شرعا ما لم يكن لمجرد اللهو أو تعذيب الحيوان أو كان فيه ضرر بالناس .
2 - إذا وقع الصيد فى الماء فأخرج ميتا لا يحل أكله

السؤال
بالطلب المتضمن أنه يوجد لدى أهالى الصحراء الغربية موسم لصيد الطيور فى شهرى أغسطس وسبتمبر من كل عام، والصيادون يكونون بجوار البحر الأبيض المتوسط، فأحيانا يضربون الطيور بالبندقية فتقع فى البحر وينزل أحدهم لإخراجها منه وأحيانا يجدونها لا تزال بها حياة فيذبحونها فيكون أكلها حلالا، وأحيانا يجدونها ميتة وليس بها حياة .
وقد اختلفت الآراء فى ذلك فبعض العلماء يقول إن أكلها حلال .
والبعض يحرم أكلها بعد إخراجها من البحر ميتة . وطلب السائل الإفادة عن حكم الدين فيما أخرج من البحر ميتا

الجواب
إن الصيد من الحلال الطيب الذى أباح الله أكله والانتفاع به ن وهو مباح إذا لم يترتب عليه إضرار للناس بإتلاف مزارعهم، أو إزعاجهم فى منازلهم أو كان الغرض منه مجرد اللهو أو اللعب أو القمار وتعذيب الحيوان .
وإلا فيحرم، وقد ثبت حل الصيد وأكله بالكتاب والسنة والإجماع .
أما الكتاب فقوله تعالى فى سورة المائدة { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه } المائدة 4 ، وقوله تعالى أيضا { وإذا حللتم فاصطادوا } المائدة 2 ، وأما السنة فما رواه البخارى ومسلم أنا أبا ثعلبة قال (قلت يا رسول الله أنا بأرض صيد أصيد بقوسى وبكلبى الذى ليس بمعلم وبكلبى المعلم فما يصلح لى فقال الرسول ما صدت بقوسك فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك المعلم فذكرت اسم الله عليه فكل، وما صدت بكلبك غير المعلم فأدركت ذكاته فكل) وروى مسلم عن عدى بن حاتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا رميت بسهمك فاذكر اسم الله عليه .
فإذا وجدته ميتا فكل ، إلا أن تجده قد وقع فى الماء فمات .
فإن لا تدرى الماء قتله أو سهمك) ولو رمى صيدا فوقع فى الماء أو على سطح أو جبل ثم تردى منه على الأرض فمات حرم .
لقوله تعالى فى سورة المائدة { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية } المائدة 3 ، إلخ الآية .
ولهذا أجمع فقهاء المسلمين على أن الصيد إن وجد فى الماء ميتا أو تردى من فوق سطح أو جبل ميتا لا يحل أكله، لجواز أن يكون موته اختناقا بالماء أو قتل مترديا من السطح أو الجبل، فيدخل فى هذه المحرمات المنصوص عليها فى هذه الآية الكريمة .
لما كان ذلك فإن الصيد الذى وقع فى الماء لا يحل أكله أو الانتفاع به إذا خرج ميتا فاقدا كل مظاهر الحياة، وكذلك ما تردى من فوق جبل أو سطح فمات قبل إرداكه .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/269)

نزول المريض على رأى الأطباء

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
شعبان 1400 هجرية - 9 يونيه 1980 م

المبادئ
1 - على المريض النزول على رأى الأطباء لأن من الضرورات فى الإسلام المحافظة على النفس من التلف .
2 - إذا تيسر وجود الطبيب المسلم للعلاج كان أولى، وإلا جاز ذلك للطبيب غير المسلم للضرورة .
3 - على المريضة أن تطلقع أولياء أمرها على رأى الأطباء ليكونوا على علم ودراية بسبب زوال غشاء البكارة، وأنه ضرورة علاج للمحافظة على صحتها .
ولهم أن ياشروا معها كل ذلك . 4 - الدم الأسود الذى ينزل من رحم المرأة قبل ميعاد الدولة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام هو من ألوان دم الحيض حسبما قرر الفقهاء، وعليها أن تعتبر ذلك مبدأ الدورة الشهرية مادام يسيل تلقائيا إلى الخارج .
5 - تحرم عليها الصلاة كما يحرم عليها الصوم إلى انقطاعه كعادتها أو إلى مدة أقصاها عشرة أيام .
6 - تقضى الصوم إن كان فى شهر رمضان ولا تقضى الصلاة

السؤال
بالطلب المقدم من الآنسة ف س بأمريكا المتضمن أنها طالبة بإحدى الجامعات بأمريكا، وتبلغ من العمر ثلاثين عاما ولم يسبق لها الزواج، وأنها دخلت إحدى المستشفيات للعلاج من روم فى رجلها اليمنى، وعند الكشف عليها وجد الأطباء أن لديها أوراما غير معروفة داخل الرحم المر الذى يتطلب إدخال آلة لأخذ عينات من هذه الأورام وتحليلها، وهذا يعنى إجراء فحص داخلى مما يتسبب عنه إزالة غشاء البكارة ، ولما امتنعت عن إتمام هذا الإجراء أخرجوها من المستشفى على أن تعود إليها فى أقرب وقت لإجراء هذه الفحوص قبل أن يستفحل الأمر، وأشاروا عليها بإحضار أحد الأطباء المسلمين ليقف على أن هذا الفحص لازم للعلاج .
ثم انتهت إلى السؤال عن هل إجراء مثل هذه العملية من الناحية الدينية جائز أو يعتبر زنا وإذا جاز لها إجراء تلك العملية فما هى الخطوات التى تتبعها ليعرف الأهل ما حدث وما حكم الصلاة فى حالة نزول نزيف أسود قبل ميعاد الدورة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام وما حكم الصوم أيضا فى رمضان فى حالة نزول هذه المادة السوداء التى تشبه القهوة وليس دم حيض

الجواب
إنه قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تداوى وأمر بالتداوى .
فقد روى عن أسامة بن شريك قال (جاء أعرابى فقال يا رسول الله أنتداوى قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله) رواه أحمد .
وفى لفظ ( قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى قال نعم عباد الله تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا، قالوا يارسول الله وما هو قال الهرم) رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه .
لما كان ذلك وكان الظاهر من السؤال أن الأطباء الذين تولوا فحص السائلة قد قرروا لزوم أخذ جزء من الأورام الداخلية بالرحم لتحليلها لمعرفة، نوعها وتشخيص المرض إن كان تحديد طرق العلاج، كان على السائلة النزول عند رأيهم، لأن من الضرورات فى الإسلام المحافظة على النفس من التلف .
ففى القرآن الكريم قوله تعالى { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة } البقرة 195 ، وقوله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، ولا شك أن إهمال العلاج من باب إهلاك النفس الإنسانية ومؤد إلى قتلها، وهو مرحم ومنهى عنه شرعا بهذه النصوص .
وإذا تيسر وجود الطبيب الملم كان أولى، وإلا جاز ذلك للطبيب غير المسلم للضرورة، أو أخذا بمذهب الإمام مالك رحمه الله الذى يجيز العمل برأى الطبيب غير المسلم الثقة .
ومن ثم فعلى السائلة المبادرة إلى إجراء هذا الفحص حماية لنفسها عن الهلال امتثالا، لأمر الله بالمحافظة على النفس فى القرآن الكريم، وترخيص الرسول صلى الله عليه وسلم فى التداوى بل وأمره به .
وعليها أيضا أن تطلع أولياء أمرها على رأى الأطباء، ليكونوا على علم ودراية بسبب زوال غشاء البكارة، وأنه ضرورة علاج للمحافظة على صحتها، وعليهم أن يباشروا معها كل ذلك .
أما عن الدم الأسود المشبه للقهوة الذى ينزل من رحم السائلة قبل ميعاد الدورة الشهرية بأسبوع أو خمسة أيام، فإن الدم الأسود من ألوان دم الحيض حسبما قرر الفقهاء .
وتبعا لذلك عليها أن تعتبر هذا مبدأ الدورة الشهرية مادام يسيل تلقائيا إلى الخارج، وعندئذ تحرم عليها الصلاة كما يحرم الصوم إلى حين انقطاع الدم كعادتها، أو إلى مدة أقصاها عشرة أيام، ويجب عليها أن تقضى الصوم إن كان فى شهر رمضان ولا تقضى الصلاة .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/270)

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:34 pm


جراحة تحويل الرجل إلى امرأة وبالعكس جائزة للضرورة

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
شعبان 1401 هجرية - 27 يونية 1981 م

المبادئ
إجراء عملية جراحية بتحويل الرجل إلى امرأة أو العكس جائز متى كان المقصود منها إبراز عضو خلقى مطمور ولا يجوز ذلك لمجرد الرغبة فى التغيير فحسب

السؤال
بالطلب المقدم من السيد / أ س أ - من ماليزيا المتضمن أن مركز البحث الإسلامى فى ماليزيا طلب منه بيان حكم الشريعة الإسلامية فى إجراء عمليات جراحية يتحول بها الرجل إلى امرأة وما أشبه ذلك .
وبيان ما إذا كان يوجد من النصوص الشرعية والفقهية ما يؤيد ذلك وطلب السائل بيان الحكم الشرعى فى هذا الموضوع حتى يتسنى له أن يرسله إلى حكومة ماليزيا

الجواب
عن أسامة بن شريك قال (جاء أعرابى فقال يا رسول الله أنتداوى .
قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله) - رواه أحمد وفى لفظ (قالت الأعراب يا رسول الله ألا نتداوى .
قال نعم . عباد الله تداووا .
فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحدا .
قالوا يا رسول الله وما هو . قال الهرم) . رواه ابن ماجه وأبو داود والترمذى وصححه ( منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 8 ص 200 ) وعن جابر قال (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بن كعب طبيبا فقطع منه عرقا ثم كواه) رواه أحمد ومسلم .
( المرجع السابق ص 204 ) وفى حديث عرفجه الذى قطع أنفه يوم الطلاب قال (أصيب أنفى يوم الكلاب فى الجاهلية فاتخذت أنفا من ورق (فضة) فأنتن على، فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتخذ أنفا من ذهب) ( صحيح الترمذى بشرح ابن العربى المالكى ج - 7 ص 269 و 270 طبعة أولى المطبعة البهية المصرية بالأزهر سنة 1350 هجرية - 1931 م ) - قال ابن العربى فى شرحه لهذا الخبر إنه استثناء من تحريم الذهب بإجازة الانتفاع به عند الحاجة على طريق التداوى .
وعن عروة بن الزبير أن زينب بنت أبى سلمة أخبرته أن أم سلمة أخبرتها أن النبى صلى الله عليه وسلم كان عندها وفى البيت مخنث (بفتح النون وكسرها) وهو المؤنث من الرجال وإن لم تعرف منه الفاحشة، وفإن كان ذلك فيه خلقه فلا لوم عليه، وعليه أن يتكلف إزالة ذلك وإن كان بقصد منه فهو المذموم ( صحيح البخارى بشرح ارشاد السارى للقسطلانى ج - 7 ص 1460 طبعة سادسة المطبعة الأميرية ببولاق 1305 هجرية مع شرح النووى على صحيح مسلم فى باب اخراد المتشبهين بالنساء من البويت ) وفى فتح البارى بشرح صحيح البخارى ( ج - 9 ص 273 طبعة حسنة 1348 هجرية المطبعة البهية المصرية بالأزهر ) لابن حجر العسقلانى فى باب المتشبهين بالنساء (أما ذم التبشبيه بالكلام والمشى فمختص ممن تعمد ذلك وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتركه والإدمان على ذلك بالتدريح، فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم، ولا سيما إن بدا منه ما يدل على الرضا به، وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين ، وأما إطلاق من أطلق - كالنووى - وأن الخنث الخلقى لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثنى والكسر فى المشى والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك، وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم .
واستدل لذلك الطبرى بكونه صلى الله عليه وسلم لم يمنع المخنث من الدخول على النساء حتى سمع منه التدقيق فى وصف المرأة، كما فى ثالث أحاديث الباب الذى يليه، فمنعه حينئذ .
فدل على أنه لاذم على ما كان من أصل الخلقة .
لما كان ذلك كان من فقه هذه الأحاديث الشريفة وغيرها من الأحاديث الواردة فى التداوى إجازة إجراء جراحة يتحول بها الرجل إلى امرأة، أو المرأة إلى رجل متى انتهى رأى الطبيب الثقة إلى وجود الدواعى الخلقية فى ذات الجسد بعلامات الأنوثة المطمورة، أو علامات الرجولة المغمورة، باعتبار هذه الجراحة مظهرة للأعضاء المطمورة أو المغمورة تداويا من علة جسدية - لا تزول إلا بهذه الجراحة، كما جاء فى حديث قطع عرق من أبى بن كعب وكيه بالنار حسبما تقدم .
ومما يزكى هذا النظر ما أشار إليه القسطلانى والعسقلانى فى شرحيهما على النحو السابق حيث قالا ما مؤداه إن على المخنث أن يتكلف إزالة مظاهر الأنوثة، ولعل ما قال به صاحب فتح البارى (بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك) واضح الدلالة على أن التكلف الذى يؤمر به المخنث قد يكون بالمعاجلة والجراحة علاج، بل لعله أنجح علاج .
ولا تجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة فى التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة، وإلا دخل فى حكم الحديث ( منتقى الأخبار وشرحه نيل الأوطار للشوكانى ج - 6 ص 192 ) الشريف الذى رواه البخارى عن أنس قال (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم، فأخرج النبى صلى الله عليه وسلم فلانا وأخرد عمر فلانا) رواه أحمد والبخارى .
وإذا كان ذلك جاز إجراء الحراحة لإبراز ما استتر من أعضاء الذكورة أو الأنوثة، بل إنه يصير واجبا باعتباره علاجا متى نصح بذلك الطبيب الثقة .
ولا يجوز مثل هذا الأمر لمجرد الرغبة فى تغيير نوع الإنسان من امرأة إلى رجل أو من رجل إلى امرأة .
وسبحان الذى خلق فسوى والذى قدر فهدى .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/271)

حكم ماء الزنا

المفتي
بكرى الصدفى .
جمادى الأولى 1325 هجرية

المبادئ
1 - ماء الزنا لا اعتبار له شرعا فلا يثبت به نسب .
2 - الإقرار بنسب ولد مع ذكر أنه من الزنا لا يعتد به ولا يثبت النسب .
3 - إذا ادعى نسب هذا الولد غليه من ذلك فلا يقبل ذلك منه لقطع نسبه منه شرعا قبل ذلك

السؤال
فى رجل مسلم وجد عنده امرأة نصرانية وعاشرها دون يعقد عليها وأنجب منها بنين وبنات ثم توفى هذا الرجل المسلم وترك ما يخصه فى وقف وقدره ثمانية أفدنة فهل هؤلاء الأولاد يكون لهم استحقاق فى ذلك الوقف المذكور بعد وفاة ذلك الرجل المسلم

الجواب
صرح العلماء بأن ماء الزنا لا اعتبار له فلا يثبت به النسب .
فإذا قال الشخص المذكور إن الأولاد المذكورين أولادى من الزنا لا يثبت نسبهم منه ولا يجوز له أن يدعيهم لأن الشرع قطع نسبهم منه فلا يحل له استلحاقهم به فلا يكون لهم شىء فى ريع الوقف المذكور فى هذه الحادثة حيث كان الأمر كما ذكر فى السؤال والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/272)

الحرام لا يحرم الحلال

المفتي
محمد بخيت .
رمضان 1336 هجرية - 20 من يونية 1918 م

المبادئ
الزنا بامرأة لا يحرم أختها

السؤال
شخص متزوج بامرأة وزنى بأختها .
فهل تحرم عليه امرأته

الجواب
نفيد أنه لا تحرم امرأة الرجل المذكور عليه بزناه بأختها .
بل الواجب على ذلك الرجل أن يستغفر الله تعالى ويتوب بأن يندم على ما وقع منه ويعزم على أن لا يعود إليه

(7/273)

تحريم بالزنا

المفتي
عبد الرحمن قراعة .
صفر 1345 هجرية - 10 من اغسطس 1926 م

المبادئ
1 - إذا زنى رجل بامرأة ثم تزوج بانتها ودخل بها ثم زنى بأمها حرمتا عليه .
2 - التكفير عن هذا الذنب يكون بالتوبة والندم والعزم على عدم العودة لمثل ذلك

السؤال
زنى شاب بامرأة ثم تزوج بابنتها وبعد دخوله بها زنى بأمها .
فهل تبقى هذه الزوجة على ذمته شرعا وكيف يكفر عن هذا الذنب

الجواب
علم ما جاء بخطابكم المؤرخ 6 اغسطس سنة 1926 الذى يتضمن أن شابا زنى بإمرأة ثم تزوج بابنتها وبعد دخوله بها زنى بأمها وتستفهمون عن بقاء هذه الزوجة على ذمته شرعا بعد ذلك وعن كيفية مايلزم للتكفير عن هذا الذنب .
وجوابنا عن ذلك أن كلا من المرأتين البنت وأمها حرمت على هذا الشاب حرمة مؤبدة .
أما الأم فلوطئه بنتها وأما البنت فلوطئه لأمها قبل العقد وبعده .
ومنه يعلم أن هذه البنت لم تكن زوجة له فى حالة من الحالات . وأما التكفير عن ذلك الذنب فيكون بالتوبة والندم والعزم على عدم العود لمثل ذلك ومع هذا فهو لا يفيد حل نكاحه لواحدة منهما

(7/274)

ولد الزنا لا يثبت نسبه

المفتي
علام نصار .
ربيع الثانى 1370 هجرية - 28 يناير 1951 م

المبادئ
1- قبول الإقرار بالنسب مبنى على احتمال تخلق الولد من نكاح أو وطء بشبهة .
2- الزنا لا يصلح سببا لثبوت النسب ولو ادعاه الزانى .
3- إقرار الرجل بالنسب وقيد الولود باسمه بواسطته لا يعتد به بعد إقراره بأنه من زنا

السؤال
بكتاب نيابة الأزبكية رقم 7511 المؤرخ 19 يوليه سنة 1950 المرفق به المذكرة الخاصة بالجناية رقم 1671 سنة 1949 جنايات الأزبكية المتضمن أن امرأة مسلمة غير متزوجة اتصلت بشخص مسيحى متزوج وعاشرها فحملت، وفى يوم 13 يونية سنة 1948 وضعت مولودة ثم التجأت المرأة إلى شخص مقيم فى منزلها طالبة منه قيد الطفلة فى دفتر قيد المواليد، فقبل وقام بالتبليغ وقرر أنه والد المولودة، وبسؤال المرأة قررت أنها حملت بالطفلة من الشخص المسيحى، وبسؤال المسيحى أقر باتصاله بالمرأة وأنها حملت أثناء المعاشرة لها .
ومن الجائز أن تكون هذه المولودة نتيجة تلك المعاشرة، وبسؤال الشخص الذى قيدها قرر أن المرأة هى التى طلبت منه تبنى هذه المولودة فقبل وقام بقيدها بدفتر المواليد، وذكر أن هذه المولودة ليست ابنته وأنه لا يعرف والدها الحقيقى .
وطلب الإفادة عما يأتى : 1- حكم هذه المولودة شرعا .
2- هل للشخص الذى قيدها أن يستحق مثل هذه المولودة فيثبت فى دفتر المواليد أنه والدها، أم أن مثل هذه المولودة تعتبر مقطوعة النسب فلا تستلحق وما قيمة الإقرار فى دفتر المواليد شرعا

الجواب
نفيد أن المنصوص عليه شرعا أن الإقرار بالولد إنما يصح شرعا ويثبت به النسب إذا كان الولد مجهول النسب ويولد مثله لمثل المقر ويصدق المقر فى ذلك إن كان من أهل التعبير عن نفسه .
وأن الزنا لا يصلح سببا لثبوت النسب .
وأنه إذا صرح به لا يثبت النسب ولو ادعاه الزانى - ومعنى هذا أن قبول الإقرار بالنسب فيما ذكر مبنى على احتمال تخلق الولد من نكاح أو وطء بشبهة - أما إذا تمخض الزنا سببا فلا يثبت به النسب - وعلى ذلك فالجواب عن السؤال الأول أن هذه المولودة لا يثبت نسبها من المسيحى، لأن وطأه لأمها محض زنا، كما روته مذكرة النيابة على لسانها، والزنا لا يثبت به نسب لاسيما من مسيحى وعن الثانى أن استلحاق الشخص الذى قيد هذه المولودة لنفسه غير مقبول شرعا، ولا يثبت به نسب البنت منه لتصريح أمها بأنها من الزنا، وتصريحه هو بأنها ليست بنته، وإنما أراد إنقاذ أمها من عثرتها وظهور أمرها بأن يتبنى البنت وإن لم تكن له - فالمصرح به أولا وآخرا أن البنت ليست من هذا الشخص، وبمثله لا يثبت النسب شرعا - لما سبق تقريره فى النصوص الشرعية .
والجواب عن السؤال الثالث أنه لا قيمة لإقراره بنسبة البنت إليه وقيدها باسمه فى دفتر المواليد للأسباب السابق ذكرها .
والله أعلم

(7/275)

وطء الأم

المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة 1374 هجرية - 23 يونية 1955م

المبادئ
زنا الرجل بأمه أو بإحدى محارمه كبيرة شنعاء .
وهى أفظع فى الإثم وأبلغ فى العقاب، ويجب الإقلاع عنها والندم على ارتكابها، والتوبة عنها، وليس الانتحار تكفيرا لها، بل هى جريمة أخرى يعاق عليه شرعا

السؤال
من السيد/ .
عن بيان الحكم الشرعى فيمن غره الشيطان فزين له مواقعة أمه فواقعها .
فهل إذا تاب واستغفر الله من هذه السيئة يغفر الله له، أم ينتحر

الجواب
إن زنا الرجل المكلف العاقل المختار بأجنبية من أفحش الكبائر التى نهى الله ورسوله عن ارتكابها، وتوعد المقترفين لها بالعذاب الشديد .
قال تعالى { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا } الإسراء 32 ، وزنا الرجل بإحدى محارمه كبيرة شنعاء، أفظع فى الإثم وأبلغ فى العقاب وإنه كبيرة يقلع عنها المسلم، ويندم على ارتكابها، ويتوب عنها مع عدم العودة إليها مرة ثانية، ويرجى أن تقبل توبته منها - فأمره إلى الله سبحانه وتعالى وليس الإقدام على الانتحار وقتل النفس سبيلا إلى تكفير هذا الذنب الكبير .
إنما هو جريمة أخرى نهى الله عنها، وتوعد مقترفها بالعقاب الشديد فلا تقدم على قتل نفسك، وتب إلى ربك مما اقترفت من الزنا، ودوام على الطاعات وعلى الاستغفار، وأمرك إلى الله .
والله أعلم

(7/276)

الإكراه على الزنا

المفتي
حسن مأمون .
ذو القعدة 1376 هجرية - 26 يونية 1957م

المبادئ
1- إكراه الرجل على الزنا ولو بملجئ لا يرخص له به، لأن فيه قتل النفس حكما، وهى ولد الزنا بضياعه، ولا يستباح ذلك ولو لضرورة ما كالقتل .
2- إكراه المرأة على الزنا يملجئ يرخص لها به، لأن نسب الولد لا ينقطع عنها، بل ينسب إلى الأم، لم يكن الزنا فيه فى معنى القتل من جانبها .
3- يسقط الحد عنها بزناها مكرهة .
ولا يسقط عن الرجل بذلك لأنه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غيره شبهة تدرأ الحد .
4- لا يحل للمرأة المكرهة على الزنا بملجئ أو بغيره قتل نفسها لتنجو من عار الزنا

السؤال
بالطلب المتضمن أن امرأة مسلمة وقعت أسيرة فى يد عدو أراد اغتصابها، وحاولت الدفاع عن نفسها وشرفها فعجزت ويئست فانتحرت حتى لا تمكنه من نفسها - فهل تعتبر شهيدة، أو منتحرة وعليها عقوبة الانتحار

الجواب
جاء فى الدر شارح التنوير وحاشيته رد المحتار ولو أكره على الزنا بملجئ لا يرخص له، لأن فيه قتل النفس وهى ولد الزنا بضياعه، لأنه هلك حكما، لعدم من يربيه، فلا يستباح بضرورة ما كالقتل .
وفى جانب المرأة يرخص لها الزنا بالإكراه الملجئ لا بغيره، لأن نسب الولد لا ينقطع بل ينسب إلى الأم، فلم يكن الزنا فى معنى القتل من جانبها، بخلاف الرجل لكن يسقط الحد فى زناها لا زناه .
لأنه لما لم يكن الملجئ رخصة له لم يكن غير الملجئ شبهة له وجاء فى در التنقى شرح مجمع الأنهر - والحاصل أن الزنا لا يرخص للرجال بحال، لتضمنه قتل النفس .
وأما فى حقها فيرخص بالملجئ ثبوت نسبه منها، فلم يكن زناها فى معنى القتل إلا بغير الملجئ لكنه يسقط الحد عنها للشبهة لا عنه، لأنه لما لم يرخص له الملجئ لم يكن غير الملجئ شبهة له - ومما سبق يتضح أن المنصوص عليه شرعا، أن المرأة إذا أكرهت على الزنا بمجلئ كقتلها إن لم تطاوع المكره رخص لها فى الزنا ولا حد عليها .
وإذا أكرهت بغير الملجئ سقط الحد عنها أيضا عند المطاوعة - لوجود الشبهة ولكن لا يرخص لها فى الزنا - وفى كلتا الحالتين لا يحل لها أن تقتل نفسها لتنجو من عار الزنا لأن قتل نفسها جريمة شنيعة، لا يقبل الله صاحبها ولا يرضى عنه، وهى فى هذه الحالة لا تقل إثما عمن قتل نفسا حرم الله قتلها بغير حق .
قال الله تعالى { ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } النساء 29 ، وقال عليه الصلاة السلام فيما روى عن سيدنا أبى هريرة رضى الله عنه (من قتل نفسه بحديدة فحديدته فى يده ينوجأ بها فى بطنه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن قتل نفسه بسم فسمه فى يده يتحساه فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو مترد فى نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا) وعن جابر رضى الله عنه أن رجلا قتل نفسه بمشاقص ( المشقص سهم فيه نصل عريض ) فلم يصل عليه النبى صلى الله عليه وسلم - رواه الجماعة إلا البخارى .
والله أعلم

(7/277)

لا قنوط من رحمة الله

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
20 ذو الحجة 1401 هجرية - 18 أكتوبر 1981 م

المبادئ
1 - على من ارتكب ذنبا ألا يقنط من رحمة الله، وأن يرجع إليه بالتوبة، ويكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصدقات .
لما ورد أن هذه الأمور تمحو الخطايا . 2 - الواقع فى الذنب لا يتحدث به، وإلا كان من المجاهرين بالذهب الذين لا يقبل الله لهم توبة

السؤال
بالطلب المقدم من السيد / .
المتضمن أنه عصى الله مع بنت أخ زوجته المتزوجة وندم على ما فعل، ويسأل هل لو تاب إلى الله يقبل الله توبته وما كفارة خطئه

الجواب
قال الله تعالى { قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم } الزمر 53 ، وقال تعالى { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين .
الذين ينفقون فى السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين .
والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون } آل عمران 133 - 135 ، وفى الصحيحين عن ابن مسعود رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أى الذنب أعظم قال أن تجعل الله ندا وهو خلقك قلت ثم أى قال أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك .
قلت ثم أى قال أن تزنى بحليلة جارك فأنزل الله تعالى تصديق ذلك قوله تعالى { والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما .
يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا - إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما } الفرقان 68 - 70 ، وفى صحيح البخارى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أيها الناس توبوا إلى ربكم فوالذى نفسى بيده إنى لأستغفر الله وأتوب إليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة .
ومن هنا كان على من ارتكب ذنبا أن يرجع إلى الله بالتوبة ويكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصدقات وعمل الحسنات، فقد ورد أن هذه الأمور تمحو الخطايا حيث روى عم عمرو ( رواه الطبرانى وغيره البيان والتصريف ج - 1 ص 130 ) بن العاص رضى الله عنه قال أراد معاذ بن جبل سفرا فقال أوصنى يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم إذا أسأت فأحسن .
وروى ( زاد المسلم ج - 1 ص 12 ) عدى بن حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (اتقوا النار ولو بشق تمرة) رواه البخارى ومسلم .
وعن ( رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح ) معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار) ... وعن أبى هريرة ( رواه مالك ومسلم - الدين الخالص ج - 2 ) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) ... وقال صلى الله عليه وسلم (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) .
( أخرجه الامام أحمد فى الزهو - البيان والتصريف ج - 1 ص 65 ) فبادر أيها المسلم بالتوبة إلى الله مما اقترفت من إثم كبير، توبة خالصة نادما على ما فرطت فى جنب الله، ولا تتحدث بهذه المعصية وإلا كنت من المجاهرين بها وقد سترها الله عليك، ولا يقبل الله توبة مجاهر بالذنب لأنه قدوة سيئة، وأكثر من الصدقات والإحسان إلى الفقراء واليتامى والمساكين رغبة فى مغفرة من الله ورضوان، فإنه سبحانه وعد التائبين المتصدقين بالقبول وهو سبحانه القائل { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما } النساء 110 ، والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/278)

القضاء فى الغيبة

المفتي
حسونة النواوى .
رمضان 1313 هجرية

المبادئ
1 - إذا كان المدعى عليه فى المصر واختفى أو تعنت أو كان ذا سلطان لا يجب الخصم إلى حضور مجلس القضاء يعذر إليه بالحضور قبل الحكم عند محمد وأبى يوسف .
2 - إذا غاب المدعى عليه بعد إعلانه يقضى عليه بلا إعذار لأنه أرفق بالناس .
3 - لا تعارض بين ذلك وبين ما جاء فى لائحة المحاكم الشرعية من وجوب العمل بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة لأن قول أبى يوسف المأخوذ به هنا هو المعول عليه والمعتمد فيما يتعلق بالقضاء

السؤال
بإفادة من حضرة قاضى محكمة مصر الكبرى الشرعية مؤرخة 19 رمضان سنة 1313 منظور بالمجلس الشرعى بمحكمة هذا الطرف قضايا متنازع فيها بعض أشخاص بعضها فى مواريث وبعضها فى حقوق أخرى والمدعى عليه فى كل منها منكر لما ادعى عليه وفى بعضها أقام المدعى بينه شهدت له بما ادعاه بحضور وفى وجه خصمه المدعى عليه وقبل الحكم فيها غاب المدعى عليه عن المجلس وامتنع عن الحضور إليه مع وجوده فى مصر وطلبه مرارا تعنتا منه بقصد الإضرار بخصمه ولم يمكن إحضاره بأى طريقة من الطرق .
والمدعى متردد على المحكمة متضررا من عدم حضور خصم ويطلب الحكم له فى دعواه وحيث إن أبا يوسف رحمه الله يرى فى مثل ذلك أن يقضى على المدعى عليه فى غيبته كما هو مصرح به فى جملة نصوص معتبرة فى المذهب منها ما فى الخانية من كتاب الدعوى والبينات .
إذا غاب المدعى عليه بعد ما سمع القاضى عليه البينة أو غاب الوكيل بالخصومة بعد قبول البينة قبل التعديل أو مات الوكيل ثم عدلت تلك البينة لا يقضى بتلك البينة .
وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى يقضى .
وقال شمس الأئمة الحلوانى رحمه الله تعالى وهذا أرفق بالناس .
وما فى الانقروية من مسائل شتى القضا ما نصه قال عن أبى حنيفة إذا اختفى المشهود عليه لا يقضى عليه حتى يحضر وقال محمد يعذر ثلاثة أيام ينادى على بابه فإن ظهر وإلا قضى عليه وإن غاب عن المصر لا يقضى عليه وقال أبو يوسف فى الأمالى يقضى عليه من قضاء خزانة الأكمل نقلا عن العيون قال هشام قلت لمحمد ما تقول فى رجل له حق على ذى سلطان فلا يجيبه إلى القاضى فأخبرنى أن أبا يوسف كان يعمل بالإعذار وهو قول أهل البصرة وبه نأخذ والإعذار أن يبعث إلى بابه من يناديه أياما إن القاضى يدعوك إلى مجلس الحكم فإن أجابه وإلا جعل القاضى وكيلا عنه ولا يأخذ أبو حنيفة بالإعذار وفى فصل القضا على الغايب من الانقروية أيضا والذى توجه عليه الحكم ثم اختفى لا يقضى عليه عند أبى حنيفة وقال محمد ينادى على بابه ثلاثة أيام فإن خرج وإلا قضى عليه وإن لم يختف لكنه غاب لا يقضى وكتب بهامشها نقلا عن البزازية فى نوع من المعاملة فى الفصل الثانى وإن لم يتوار ولكنه لا يقضى عليه لعجز القاضى عن الإعذار وهذا أوفق للقياس وقال الثانى يقضى وهو أرفق بالناس وبالهامش أيضا فى فصل القضا على الغايب قال وفى دعوى التتمة وذكر فى آخر الباب الثانى والثلاثين فى آداب القاضى إذا ثبت له على غيره مال إما بإقرار أو بينة قامت عليه بحضرته ثم غاب المطلوب عن خصمه وامتنع من الحضور معه فالقاضى على قول أبى يوسف ينصب عنه وكيلا ويحكم عليه بالمال إن سأل الخصم ذاك وما نقل فى الهندية فى الباب الحادى والثلاثين فى القضا على الغائب أن المذكور عن أبى يوسف فى عامة الكتب أنه كان يقول أولا إن القاضى لا يقضى فى فصل البينة حتى يحضر الغايب وفى فصل الإقرار يقضى حتى ابتلى بالقضا وقال يقضى فيهما جميعا واستحسن ذلك حفظا لأموال الناس وصيانة لحقوقهم كذا فى الذخيرة .
وحيث مما توضح يعلم أن المشهود عليه إذا كان فى المصر واختفى أو تعنت أو كان ذا سلطان لا يجيب خصمه على القاضى .
محمد وأبو يوسف يقولان بالإعذار وأما إذا غاب عن المصر .
محمد مع أبى حنيفة يقولان لا يقضى عليه لعجز القاضى عن الإعذار وأبو يوسف لأنه أرفق بالناس فضلا عن أن قول أبى يوسف هو المعول عليه والمعتمد فيما يتعلق بالقضا وعلى حسب ما نص بالبند العاشر فى لائحة إجراءات المحاكم الشرعية يجب العمل بأرجح الأقوال فى مذهب الإمام الأعظم وقد رؤى مكاتبة فضيلتكم للنظر فى ذلك والإفادة بما يتراءى ليجرى العمل على موجبه

الجواب
الذى نراه فى أمثال المسائل المذكورة بهذه الإفادة هو العمل يقول أبى يوسف لأنهم نصوا على أن الفتوى على قوله فيما يتعلق بالقضا لزيادة تجربته والله أعلم ،والتعليل المذكور مذكور فى شرح الدر المختار من كتاب القضا نقلا عن البزازية .
قبيل فصل فى الحبس

(7/279)

لا تبطل الشهادة اذا حصل التعريف بغير اشارة

المفتي
حسونة النواوى .
محرم 1314 هجرية

المبادئ
لا تلزم الإشارة من الشهود إلى المدعى عليه اذا تم تعريفه بغيرها

السؤال
بإفادة من قاضى مديرية الدقهلية مؤرخة 17 محرم سنة 1314 مضمونها أنه لحصول الاشتباه عنده فى صحة الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مركز فارسكور الشرعية بثبوت وص4اية من يدعى على منتصر الوصاية المختارة على أولاد أخيه بدر منتصر القصر قد حول النظر فيه على مفتى المديرية فأفاده بما يفيد اشتباه فى صحته أيضا ولذا يؤمل الإطلاع عليه والإفادة بما يزيل هذا الاشتباه ومضمون الإعلام المذكور صدور الدعوى الشرعية بعد التعريف الشرعى بمحكمة فارسكور المذكورة من على منتصر بدر على يوسف حليمة بن عبد الرازق بأن عليه وبذمته للحاج بدر منتصر عمدة الناحية المذكورة ابن بدر منتصر ستة وتسعين قرشا فضة جيدة مضروبة ضرب مصر رايج ومستعمل كل قرش منها بأربعين نصفا فضة صاغا ميريا وذلك عن قرض شرعى كان اقترضه المدعى عليه من الحاج بدر منتصر المذكور حال حياته وأقرضه ذلك من ماله الخاص به شرعا وقبضه منه واستهلكه فى شئون نفسه وصار مثله دينا لازما وحقا واجبا بذمته له إلى الآن وأن الحاج بدر منتصر المذكور توفى إلى رحمة الله قبل تاريخه ببندر الزقازيق شرقية ودفن بها وانحصر إرثه الشرعى فى أمه وزوجته وبنته فرحة البالغة وأولاده القصر الخمسة وهم عبدالحليم وبدر وعبدالهادى وصديقة وأحمد وأنه لا وارث للمتوفى المذكور سواهم وأن من جملة ما خلفه وتركه الحاج بدر المذكور ويورث عنه شرعا مبلغ القرض المذكور الذى بذمة هذا المدعى عليه المذكور وأن المدعى عليه ممتنع من أداء ذلك المبلغ للورثة المذكورين وأن الحاج بدر منتصر المتوفى المذكور سنة 1303 وهو فى حال صحته ونفوذ تصرفاته وجواز أمره وطواعيته واختياره أقام هذا المدعى وصيا مختارا من قبله على القصر المذكورين وأنه قبل الوصاية المذكورة لنفسه حال حياته وبعد وفاته ومات مصرا على الوصاية المذكورة وطالب هذا المدعى عليه بنصيب محاجيره الخمسة القصر المذكورين وقدره سبعة وأربعون قرشا وعشرون فضة من مثل مبلغ القرض المرقوم ليحوزه لهم إرثا من والدهم المذكور للذكر مثل حظ الأنثيين وسأل سؤاله عن ذلك وبسؤاله عن ذلك أجاب معترفا بترتب المبلغ المذكور بذمته للحاج بدر منتصر المذكور وأنه باق بذمته له إلى الآن وأنكر ماعدا ذلك فكلف هذا المدعى إثبات ما ادعاه وأنكره هذا المدعى عليه فأحضر شاهدين شهد كل منهما على انفراده فى غيبة الآخر بعد استشهاده عقب الدعوى والجواب المذكورين بوفاة المتوفى المذكور وانحصار إرثه فى ورثته المذكورين وبوصايته لأخيه هذا المدعى الوصاية المختارة على أولاده الخمسة القصر المذكورين وقبولها منه لنفسه حال حياته وبعد وفاته وموته مصرا عليها على الوجه المطابق للدعوى .
ولما لم يبد هذا المدعى عليه طعنا ولا جرحا فى الشاهدين المذكورين ولا فى شهادتهما زكيا وعدلا سرا ثم علنا بشهادة شاهدين فعند ذلك حكم قاضى محكمة المركز المذكور لهذا المدعى على هذا المدعى عليه بثبوت الوصاية المختارة المذكورة على القصر الخمسة المذكورين من قبل والدهم المذكور وبوفاة المتوفى المذكور وانحصار إرثه فى ورثته المذكورين لا وارث له سواهم وأمر هذا المدعى عليه بأداء سبعة وأربعين قرشا وأربعة وعشرين فضة لهذا المدعى مثل نصيب محاجيره فى مبلغ القرض المذكور ليحوزه لهم إرثا من والدهم المذكور فامتثل لذلك حكما وأمرا وامتثالا شرعيا بالطريق الشرعى .
وتوضح بفتوى مفتى المديرية المذكورة المحررة منه لقاضيها أن وجه اشتباهه عدم الإشارة فى الشهادة من الشهود للمدعى عليه الحاضر مع أنها لازمة كما فى التنوير وشرحه (وهى أن على حاضر يحتاج الشاهد إلى الإشارة إلى الضمين) وأن المدعى قال فى الدعوى وصار مثله دينا لازما بذمته له مع أن المستقر فى الذمة هو الدين لا مثله

الجواب
بالاطلاع على الإعلام الشرعى الصادر من محكمة مركز فارسكور الشرعية المؤرخ بتاريخين ثانيهما 26 شعبان سنة 1312 المنوه عنه بهذه الإفادة ظهر أنه صحيح شرعا ولا وجه للاشتباه فيه

(7/280)

وفاة ووراثة بالزوجية

المفتي
حسونة النواوى .
ربيع ثان 1314 هجرية

المبادئ
1 - الشهادة بالزيادة على الدعوى تكون مخالفة لها ويكون ذلك مانعا من قبولها .
2 - لا تقبل دعوى الطلاق على ميت لأن شرط الدعوى بذلك أن يكون حاضرا

السؤال
بافادة من نايب مديرية الجيزة المؤرخة فى 8 ربيع آخر سنة 1314 مضمونها أنه مرسل طيه المرافعة المختصة الشيخ أحمد السقارى الوكيل عن عديلة عوض الله بزوجية ووراثة موكلته المذكورة للمرحوم الحاج أحمد صوان والد المدعى عليه للاطلاع والإفادة عن الحكم الشرعى فى ذلك مع الإفادة أيضا عما إذا كان مدعى الطلاق المذكور عجز عن إثباته هل يكلف مدعى الوفاة والوراثة والزوجية ببينة تشهد له طبق دعواه المذكورة أم لا وذلك لاشتباه مفتى المديرية وصورة الملخص المذكور (دعوى الشيخ أحمد السقارى الوكيل عن السيد أفندى شعراوى الوكيل عن الست عديلة عوض الله على عثمان أفندى صوان ابن المرحوم الحاج أحمد صوان الثابت من التوكيلين المذكورين شفاها لدينا بالمجلس بوفاة ووراثة ورثة المرحوم الحاج أحمد صوان المذكور الذى من ضمنهم زوجته الست عديلة المذكورة وبزوجبتها ووراثتها له وسؤال المدعى عليه المذكور وإجابته بإنكار زوجية ووراثة الست عديلة المذكورة لوالده المرحوم وادعائه هو والوكيل عنه فى ذلك الشيخ على ناصر الثابت توكيله لدينا شفاها بالمجلس أيضا بأن الست عديلة المذكورة بعد أن تزوجها الحاج أحمد رضوان المذكور وعاشرها معاشرة الأزواج طلقها ثلاثا وهى فى ذلك الوقت تقيم بناحية البتانون منوفية بطوعه واختياره وفى حال صحته وسلامة عقله وانقضت عدتها منه فى حال حياته ومات وهى أجنبية منه وبسؤال سيد أفندى شعراوى المذكور وإجابته بأن الست عديلة موكلته المذكورة زوجة للمرحوم أحمد صوان المذكور وأنه مات وهى حلال له وعلى عصمته وكانت مقيمة معه بمنزله بمنيل الروضة لحين وفاته وكلف الشيخ على ناصر المذكور بإحضار البينة الشرعية التى تشهد له طبق دعواه الطلاق المذكورة فوعد بإحضارها ثم أحضر شاهدين شهدا بأن الحاج أحمد صوان المذكور طلق زوجته عديلة المذكورة فى ناحية البتانون منوفية وهو فى حال صحته وكمال التصرفات الشرعية لا إكراه ولا إجبار بقوله لها أنت طالق بالثلاث فى نظير إبرائها له من مؤخر صداقها وذلك فى أواخر شهر رمضان سنة 1300 وانقضت عدتها وخرجت من عصمته قبل وفاته الصادرة الدعوى المذكورة بمحكمة مديرية الجيزة الشرعية بتاريخ 17 يونية سنة 1896

الجواب
بالاطلاع على هذه الإفادة والملخص المرفق بها ظهر أن شهادة الشاهدين على الوجه المسطور بذلك الملخص غير مقبولة شرعا، وحينئذ فمتى كانت دعوى الطلاق صحيحة وأثبتها المدى بالبينة الشرعية يحكم له بذلك، وإن عجز عن إثباتها فبعد تحليف الزوجة بالوجه الشرعى يمنع من دعواه المذكور مادام عاجزا عن البرهان الشرعى .
وإذا كانت دعوى مدعى الوفاة والوراثة والزوجية صحيحة شرعا وأراد المدعى المذكور إثباتها بالبينة الشرعية لأجل التعدى فلا مانع من ذلك ويجرى ما تقتضيه الأصول الشرعية .
والله تعالى أعلم وجه كون الشهادة المذكورة غير مقبولة زيادتها على الدعوى بما قاله الشاهدان فى شهادتهما (فى نظير إبرائها له من مؤخر صداقها) وقد نصوا على أن الشهادة لو خالفت الدعوى بزيادة يحتاج إلى إثباتها فإن ذلك يمنع من قبولها .
كما يؤخذ من الأنقروية وغيرها، ولا يقال إن الشهادة بالطلاق حسبة وهى لا تتوقف على دعوى حتى يحتاج لعدم المخالفة بينهما .
لأنا نقول إن ما هنا شهادة بعد الموت بالطلاق وهى من قبيل الشهادة بالمال .
فلابد من تقدم دعوى عليها . وعلى فرض كونها حسبة فهى غير مقبولة أيضا لأنه قيد القبول فى النهاية بما إذا كان الزوج حاضرا، أما إذا كان غائبا فلا .
كما فى تكملة ابن عابدين عند قول المصنف (وبلا طلب لو فى حقوق الله تعالى كطلاق امرأة) فى كتاب الشهادات

(7/281)

شهادة المسيحى على عقد زواج المسلم مبطلة له

المفتي
عبد الرحمن قراعة .
محرم 1342 هجرية 5 سبتمبر 1923 م

المبادئ
إذا كان أحد الشاهدين على عقد زواج المسلم مسيحيا بطل العقد

السؤال
فى رجل مسلم تزوج بمسلمة وكان شهود العقد أحدهم مسلم والثانى مسيحى، فهل يكون العقد صحيحا شرعا أو باطلا

الجواب
فى متن التنوير وشرحه مانصه .
وشرط حضور شاهدين حرين أو حر وحرتين مكلفين سامعين قولهما على الأصح فاهمين أنه نكاح على المذهب مسلمين لنكاح مسلمة ومنه يعلم أن العقد المذكور باطل شرعا لكون أحد الشاهدين المذكورين غير مسلم .
كما ذكر بالسؤال والله أعلم

(7/282)

شهادة الوكيل لموكله غير جائزة

المفتي
عبد المجيد سليم .
محرم 1361 هجرية 3 فبراير 1942 م

المبادئ
لا يجوز للوكيل أن يشهد فيما هو موكل فيه وإن لم يخاصم بالفعل ولا تقبل شهادته فى ذلك ولو بعد عزله من الوكالة

السؤال
شخص وكل آخر وخوله الخصومة عند للحصول على نصيبه فى تركة ما .
فهل لهذا الوكيل أن يشهد بصحة دعوى موكله فى القضية التى وكل فيها وما حكم هذه الشهادة مع العلم بأنه أخفى على المحكمة أنه وكيل من شهد له، مع العلم بأنه كان وكيلا عمن شهد له وقت أداء الشهادة

الجواب
اطلعنا على هذا السؤال .
ونفيد بأن علماء الحنفية اتفقوا على أن من يكون خصما فى شىء لا تقبل شهادته فيه .
فالوصى بعد قبوله الوصاية لا تقبل شهادة فيما هو وصى فيه سواء أخاصم بالفعل أم لا، ولو كانت شهادته بعد عزله من الوصاية .
وإن لم يقبل الوصاية بعد وفاة الموصى ولم يرد حتى شهد عند القاضى فالقاضى يقول له أتقبل الوصاية أم تردها فإن قبل أبطل شهادته لصيرورته خصما من وقت الموت، وإن رد الوصاية أبقى شهادته لعدم صيرورته خصما وإن سكت ولم يخبر بشىء توقف القاضى فى شهادته لأن سبب الرد موقوف .
وأبو يوسف جعل حكم الوكيل بمجرد قبوله الوكالة كحكم الوصى، فلا تقبل شهادته فيما وكل فيه سواء أخاصم بالفعل أم لا، ولو كانت شهادته بعد العزل .
وأبو حنيفة ومحمد لا يجعلان للوكيل حكم الوصى .
إذ قالا إن الوكيل لا يصير خصما إلا بالمخاصمة بالفعل أمام القضاء .
وقد فرقا بين الوصى والوكيل بفرق يعلم مما ذكره صاحب المحيط فى كتاب الشهادة .
والظاهر أنه على رأيهما إذا شهد وهو وكيل قبل المخاصمة أن القاضى يتوقف فى شهادته فلا يحكم بقبولها ولا يردها، فإن عزل قبل المخاصمة قبلها، وإن خاصم عن الموكل فى المشهود به ردها قياسا على الوصى الذى لم يقبل الوصاية ولم يردها حتى شهد .
هذا، وقد قالوا إن الفتوى على على قول أبى يوسف فيما يتعلق بالقضاء وتوابعه التى فيها الشهادة لزيادة تجربته يراجع شرح الرسالة المسمى مقصود رسم المفتى لابن عابدين وعلى ذلك يكون قول أبى يوسف هنا هو المفتى به .
وحينئذ لا يكون للوكيل المذكور أن يشهد فيما هو موكل فيه وإن لم يخاصم بالفعل ولا تقبل شهادته إذا شهد فى ذلك ولو بعد عزله من الوكالة .
وبهذا علم الجواب عن السؤال والله تعالى أعلم

(7/283)

سماع دعوى الوراثة بالزوجية وعدمه

المفتي
حسن مأمون .
جمادى الثانية 1375 هجرية - 15 يناير 1956 م

المبادئ
1- لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق/ طبقا لنص المادة 17 من القانون 25 سنة 1929 .
2- تسمع دعوى المطلق إرثه بسبب الزوجية لمطلقته المتوفاة بعد سنة من تاريخ الطلاق، مادامت لم تقر قبل وفاتها بانقضاء عدتها ولا تطبق عليه المادة آنفة الذكر

السؤال
من السيد/ .
ما حكم الفقرة الثانية من المادة 17 من قانون المحاكم الشرعية رقم 25 لسنة 1929 التى نصها (كما أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الإرث بسبب الزوجية لمطلقة توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق) هل حكم هذه الفقرة خاص بعدم سماع الدعوى التى ترفع من الزوجة التى توفى زوجها بعد سنة من تاريخ الطلاق، ولا تمنع من سماع دعوى الزوج الذى ماتت مطلقته بعد سنة من تاريخ الطلاق، أو أن حكم الاثنين واحد فتشملهما هذه الفقرة ويكون حكم الزوج كحكم الزوجة

الجواب
إن حكمة تشريع هذه الفرقة كما جاء بمذكرتها التفسيرية من أن المشرع لاحظ بعد أن اعتبر كل طلاق يقع رجعيا بمقتضى المادة الخامسة من القانون المذكور إلا ما نص على كونه بائنا فيها - أن هذا قد يغرى بعض النساء على الدعاوى الباطلة بعد وفاة أزواجهن، فيدعين كذبا أن عدتهن لم تنقض من حين الطلاق إلى وقت الوفاة وأنهن وارثات، وليس هناك من الأحكام الجارى عليها العمل الآن ما يمنعهن من هذه الدعاوى مادام كل طلاق يقع رجعيا، لأن الطلاق الرجعى لا يمنع الزوجة من الميراث إذا مات زوجها فى العدة، ومن السهل على فاسدات الذمم أن يدعين كذبا أنهن من ذوات الحيض، وأنهن لم يحضن ثلاث مرات، ولو كانت المدة بين الطلاق والوفاة عدة سنين، وعسير على الورثة أن يثبتوا انقضاء عدتها لأن الحيض لا يعرف إلا من جهتها، ودعوى إقرارها بانقضاء العدة لا تسمع إلا بالقيود المدونة بالمادة 119 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، وهيهات أن تحقق هذه القيود، لهذا رؤى منع سماع دعوى الوراثة بسبب عدم انقضاء العدة إذا كانت المدة بين الطلاق والوفاة أكثر من سنة سواء أكانت الدعوى من الزوجة أو من ورثتها من بعدها فهذا كله يدل على أن حكم هذه الفقرة خاص بعدم سماع هذه الدعوى إذا كانت مرفوعة من الزوجة أو من ورثتها بعد وفاتها وذلك فضلا عن أن نص الفقرة المذكورة صريح كل الصراحة فيما ذكر غير محتاج إلى تأويل أو إيضاح .
أما الزوج فإن حكمه فى مثل هذه الحالة باق على الأصل الفقهى، ولم تتعرض له هذه الفقرة ولا غيرها .
ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم .
ے

(7/284)

دعوى الدين على التركة

المفتي
حسن مأمون .
ذو الحجة 1378 هجرية - 8 يونية 1959 م

المبادئ
1- دعوى الدين على التركة على وارث واحد صحيحة شرعا متى كان هو واضع اليد على أعيان التركة، وكونه مستأجرا لبعض الأعيان غير مانع من صحة الدعوى .
2- لا حاجة إلى إدخال جميع الورثة فى مثل هذه الدعوى

السؤال
من السيد/ .
بالطلب المتضمن أن شقيق السائل توفى سنة 1954 عن زوجته وأمه وبنته وإخوته الأشقاء ومنهم السائل، وقد قسمت تركته بين ورثته المذكورين فخص السائل جزء منها بصفته شقيق المتوفى وقد استأجر السائل باقى أعيان التركة من باقى الورثة المذكورين، ثم رفعت زوجة المتوفى المذكور دعوى على شقيقه المذكور بمؤخر صداقها باعتباره وارثا وواضعا يده على أعيان التركة، وطلب بيان الحكم الشرعى فيما إذا كانت هذه الدعوى صحيحة وهى مرفوعة عليه وحده ومعه باقى الورثة أو لا

الجواب
إن جاء فى الفتاوى الأنقروية أنه ذكر الحاكم - ادعى الدين فى التركة لا حاجة إلى ذكر كل الورثة، بل إذا ذكر واحدا منهم وبرهن عليه أنه واجب عليه أداء الدين من تركته التى فى يده يكفى .
وهذا ينطبق على السائل بصفته وارثا، وأما بصفته مستأجرا والعقار فى يده فمادام طرفا فى الدعوى فالحكم يسرى عليه وينفذ .
ومن هذا يعلم أن الدعوى المذكورة صحيحة على السائل بصفتيه المذكورتين والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/285)

نزاع فى أعلام شرعى

المفتي
أحمد هريدى .
ربيع الآخر 1385 هجرية - 12 يولية 1965 م

المبادئ
وجود نزاع فى الوراثة أو فى دليلها يقتضى رفع الأمر إلى القضاء للفصل فى النزاع بحكم ملزم

السؤال
من السيد/ .
بالطلب المتضمن أن رجلا توفى سنة 1925 عن أولاد ذكور وإناث، وقد قاموا بعمل إشهاد شرعى بوفاة والدهم وإثبات ورثته الشرعيين، وأثناء السير فى المادة تقدم اثنان ذكر وأنثى إلى المحكمة وقالا إنهما ولدا المتوفى، وقدما للإثبات شهادتى ميلادهما على أنهما من سيدة أخرى كان المتوفى يعاشرها حال حياته وليس لديهما وثيقة شرعية، ولا يعلم الورثة عن ذلك شيئا، وأنكروا نسبة الولدين المذكورين إلى مورثهم، وطلب السائل بيان ما إذا كان للولدين المذكورين حق فى ميراث المتوفى المذكور .
وهل يكونان من أولاده

الجواب
إذا قدم الولدان اللذان يدعيان أنهما ولدا المتوفى ما يثبت نسبهما منه شرعا كانا ولديه ويرثان منه ميراث الأولاد، وكانت لهما سائر الحقوق التى للأولاد الشرعيين ثابتى النسب .
وإذا حصل نزاع فى نسبتها إلى الميت أو فى الدليل المقدم منهما لإثبات النسب فيجب رفع الأمر إلى القضاء ليفصل فى النزاع بحكم ملزم .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/286)

شهادة الكافر على المسلم


المفتي
أحمد هريدى .
ربيع الآخر 1388 هجرية - 20 يولية 1968 م

المبادئ
1- شهادة أهل الذمة جائزة على المسلمين فى السفر للضرورة بشرط عدم وجود مسلمين عند الحنابلة ويرى الإمامان مالك الشافعى عدم جواز شهادتهم مطلقا، لا على ذميين ولا على مسلمين، ويرى الإمام أبو حنيفة جواز شهادتهم على بعضهم فقط .
2- مذهب الظاهرية عدم جواز قبول شهادة الكافر أصلا إلا على الوصية وفى السفر ويحلف الكافر مع شهادته .
3- يرى الإمام ابن تيمية أن ما نقل عن الإمام أحمد من تعليل جواز هذه الشهادة وقبولها بالضرورة يدل على جوازها وقبولها فى كل ضرورة حضرا وسفرا

السؤال
من السيد/ .
قال أن سيدة رفعت دعوى تطليق للضرر على زوجها وهما مسلمان أمام قضاء الأحوال الشخصية فى الجمهورية العربية المتحدة، وأن وقائع القضية وحوادثها وأسباب طلب التطليق حدثت بين الزوجين أثناء إقامتهما بالخارج فى بلد غير إسلامى، وفى مكان لم يوجد فيه أحد من المسلمين أثناء جريان الحوادث ووقوع الأسباب، وأهل المكان جميعا والجيران من غير المسلمين وقد شهدوا الحوادث وعلموا الأسباب، ولم يقبل القضاء شهادة أحد من هؤلاء المحيطين العالمين بحقيقة أمور الزوجين وأحوالهما، وما جرى بينهما بحجة أنه لا ولاية لكافر على مسلم .
ويقول السائل هل يضيع الحق نتيجة لهذه الظروف .
وهل تقف الشريعة الإسلامية جامدة أمام هذا الوضع، ولا تجد حلا لمثل هذه المشكلة يخرج الناس من الضيق والحرج ويطمئنهم على حقوقهم ويحفظ عليهم مصالحهم

الجواب
المسالة على هذا الوضع لها جانبان جانب القضية المعروضة على القضاء، والتى يطلب فيهل حل يكفل تحقيق العدالة وصيانة حقوق الزوجية ومصالحها وجانب المشكلة الناشئة من عدم قبول شهادة غير المسلمين على المسلمين - أما الجانب الأول فإن قضاء الأحوال الشخصية فى الجمهورية العربية المتحدة مقيد بالنسبة لمسائل الأحوال الشخصية للمسلمين بما تقرره المادة 280 من المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والإجراءات المتعلقة بها، وهى تنص على مايأتى تصدر الأحكام طبقا للمدون فى هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة، ماعدا الأحوال التى ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة، فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقا لتلك القواعد وقد استبقى المشرع هذه المادة بنصها المذكور فى التنظيم القضائى الذى أعقب إلغاء المحاكم الشرعية، وإحالة المسائل التى كانت تفصل فيها إلى دوائر للأحوال الشخصية أنشئت بالمحاكم الوطنية، وبقى القضاء مقيدا بحكمها لا يملك أن يطبق غير الأحكام التى نصت عليها، وليس فى لائحة المحاكم الشرعية ولا فى القوانين التى صدرت لتلك المحاكم، ولا فى مذهب أبى حنيفة ما يجيز شهادة غير المسلمين على المسلمين، فلا يستطيع القضاء فى ظل هذا النظام أن يقبل هذه الشهادة فى موضوع القضية المعروضة وأما الجانب الثانى فإنا نطمئن السائل على أن الشريعة الإسلامية وهى التى عاشت قرونا متطاولة لم يتح لشريعة من الشرائع فى العالم كله أن تعيش مثلها، وفى هذا المدى الطويل طوفت فى الآفاق شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وتقبلت فى جميع البيئات والمجتمعات، ولاقت مختلف العادات والتقاليد وعاصرت الرخاء والشدة، والسيادة والاستبعاد، والحضارة والتخلف وحكمت فى أزهى العصور وأرقى المجتمعات، وواجهت فى ذلك كله الأحداث والمشاكل والحاجات، فلم تقصر عن حاجة، ولم تضق بمشكلة ولا قعدت عن الوفاء بأى مطلب، ولا تخلفت بأهلها فى أى وقت، ولكن تخلف أهلها حين فرطوا فيها وتهاونوا فى الاستمساك بعروتها الوثقى - هذه الشريعة تفيض بالرحمة واليسر - وإليكم بيان آراء الفقهاء والعلماء المسلمين فى حكم شهادة غير المسلمين على المسلمين - قال الله تعالى { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشترى به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين .
فإن عثر على أنهما استحقا إثما فآخران يقومان مقامهما من الذين استحق عليهم الأوليان فيقسمان بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين .
ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافون أن ترد أيمان بعد أيمانهم واتقوا الله واسمعوا والله لا يهدى القوم الفاسقين } المائدة 106 ، 107 ، 108 ، قال أبو عبد الله أحمد بن محمد الأنصارى القرطبى المالكى فى تفسيره الجامع لأحكام القرآن فى سبب نزول هذه الآيات لا أعلم خلافا أن هذه الآيات نزلت بسبب تميم الدارى وعدى بن براء - روى البخارى والدارقطنى وغيرهما عن ابن عباس قال كان تميم الدارى وعدى يختلفان إلى مكة للتجارة فخرج معهما فتى من بنى سهم فى بعض الروايات مولى لبنى سهم يقال له بديل بن أبى مريم بتجارة فتوفى بأرض ليس بها مسلم، فأوصى إليهما بأن يبلغا ما ترك أهله - فى بعض الروايات وكانا نصرانيين، وأن الموصى كتب وصيته ثم جعلها فى المتاع فدفعا تركته إلى أهله وحبسا جاما من فضة مخوصا بالذهب فاستحلفهما رسول الله - صلى الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Empty
مُساهمةموضوع: رد: الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر   الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر Icon_minitimeالسبت فبراير 25, 2012 9:38 pm

صحة الشهادة ومدى حجية الصور الفوتوغرافية

المفتي
أحمد هريدى .
ربيع الأول 1389 هجرية - 22 مايو 1969م

المبادئ
1- قول المدعى أمام القاضى لا بينة لى على الدعوى أو ليس عندى شهود عليها سوى أشخاص عينهم .
ثم أحضر شهودا أو أحضر غير من عينهم لا يسمع القاضى ولا يقبل شهادة واحد منهم إذا سمعها عملا بالمادة 191 من القانون 78 سنة 1931 وهذا هو رأى أبى حنيفة .
ويرى الإمام محمد من الحنفية قبول الشهادة فى الصورتين فى الأصح وهو الأرجح فى المذهب .
2- مذهب المالكية فى ذلك أنه إن عجز المدعى نفسه عن البينة ثم أتى ببينة كنت عنه غائبة غيبة بعيدة، وثبت عذره فى عدم الإتيان بها تقبل بينته، كما يرى المالكية أنه إذا سمع القاضى شهوده ثم أراد إحضار بينة أخرى على الدعوى لا يمنع من ذلك وتقبل منه إلا فى حالة ما إذا استوثق القاضى واستقصى ما عند المدعى بكل الطرق اللهم إلا إذا أثبت عذرا لدى القاضى .
3- إذا قدم المدعى شهودا لم تثبت الدعوى بشهادتهم، فطلب المدعى التأجيل لسماع شهادة امرأة واحدة يجوز للقاضى القضاء برفض الدعوى مادامت شهادتها وحدها لا تكفى فى إثبات الدعوى .
4- الشهادة بحق من حقوق العباد يجب أن تكون مسبوقة بدعوى صحيحة شرعا .
5- يشترط فى صحة الشهادة أن تكون موافقة للدعوى نوعا وكما وكيفا وفعلا وانفعالا ووصفا وملكا ونسبة .
فإن اختل شرط من ذلك لا تقبل ولا يحكم بمقتضاها .
6- الشهادة بأقل مما ادعاه المدعى لايقتضى رفض الدعوى ولكن يستوجب الحكم بما شهد به الشهود فقط، وترفض الدعوى بالنسبة للباقى .
7- الموافقة اللفظية بين الدعوى والشهادة ليست ضرورية بل تكفى الموافقة فى المعنى .
8- لا يلزم فى صحة الشهادة أن يبين الشاهد مصدر علمه بما شهد به .
9- للقاضى سؤال الشاهد عن الأزمنة والأمكنة والألوان والأوصاف والتفاصيل التى تتعلق بوقائع الدعوى وحوادثها، كما أن له أن يسأله عن مصدر علمه بما شهد للتوثيق، ومعرفة أنه شهد عن علم لا عن مجرد سماع من الغير أو ظن بما يشهد .
10- إذا أغفل الشاهد بيان مصدر علمه بما شهد ولم يسأله القاضى عن ذلك فإن هذا وحده لا تأثير له فى صحة شهادته، فإذا رد القاضى شهادته لهذا السبب وحده كان ذلك مخالفا للقانون، لأن الأمر فى هذه الحالة لا يخضع لسلطة القاضى فى تقدير الدليل، وإنما يصبح منطويا على مخالفة للقانون .
11- لا يجوز الأخذ بالصور الفوتوغرافية للأوراق والمستندات الكتابية فى حالة عدم وجود أصلها

السؤال
بالطلب المتضمن أن هناك نزاعا مرددا أمام القضاء بإحدى الدول العربية الشقيقة حول ملكية عقار، وأنه يراد استطلاع الرأى لدى الحنفية والمالكية وما تقتضيه أحكام المجلة العدلية فى المسائل الآتية : أولا - إذا استشهد المدعى بشهود توفرت فيهم شروط الشهادة الشرعية وحضر بعض هؤلاء وأدوا الشهادة أمام القاضى، وطلب المدعى التأجيل لحضور الباقيين وسماع شهادتهم .
فهل يجوز للقاضى أن يحكم فى الدعوى دون انتظار لسماع شهادة الشهود الذين لم يحضروا رغم اصرار المدعى على سماع شهادتهم وفى واقعة النزاع استشهد المدعى بثلاثة رجال وسيدة وسمعت المحكمة شهادة الرجال الثلاثة ولم تحضر السيدة وتمسك المدعى بسماع شهادتها وطلب التأجيل لحضورها .
فهل يجوز للقاضى أن يقضى برفض الدعوى دون انتظار لساع شهادة السيدة بمقولة أن شهادتها لا جدوى منها ثانيا - هل ينبغى لاعتبار الشهادة موافقة للدعوى أن يبين الشاهد مصدر علمه بما شهد به ولو لم يطلب إليه القاضى ذلك، فإذا قال الشاهد الدار المتنازع عليها ملك المدعى أو ملك مورثه، فهل يلزم للأخذ بشهادته بيان مصدر علمه بذلك ولو لم يستوضحه القاضى ويطلب إليه البيان ثالثا - ما هو الحكم فى الشريعة الإسلامية بشأن حجية الصورة الشمسية (الفوتوغرافية) كدليل ومدى إمكان الاعتداد بها فى الإثبات فى حالة عدم وجود الأصل الذى أخذت منه الصورة .
وهل يصح قضاء القاضى برفض الاستدلال بالصورة الشمسية فى هذه الحالة مطلقا بمقولة أنها عاطلة عن الحجية ما لم يقدم أصلها

الجواب
عن النقطة لأولى ذكر الفقهاء أن المدعى إذا قال للقاضى - عند طلب البينة منه على دعواه - لا بينة لى على الدعوى .
أو ليس عندى على ما أدعى به سوى فلان وفلان وعد شهودا وعينهم، ثم أحضر شهودا فى الصورة الأولى، أو أحضر غير الذين عينهم فى الصورة الثانية، لا يقبل القاضى شهادة الذين أحضرهم ولا يسمع شهادتهم، ولا تثبت الدعوى بشهادتهم إذا سمعت .
وعللوا ذلك بأن المدعى حين ذكر أن لا بينة له أو ليس عنده شهود يعتبر مكذبا لهؤلاء الشهود الذين أحضرهم .
والمقرر أن من شروط صحة الشهادة عدم تكذيب المدعى لشهوده .
ومن ثم لم تقبل شهادتهم وهذا عند الإمام أبى حنيفة. وقال الإمام محمد بن الحسن تقبل شهادة هؤلاء الشهود لاحتمال أن المدعى قد نسى أولا ثم تذكر ثانيا، فلا يحمل ما صدر منه على التكذيب ومثل ذلك ما إذا قال الشاهد لا شهادة لى على هذه الدعوى ثم شهد عليها بعد ذلك لا تقبل شهادته عند أبى حنيفة وتقبل عند محمد والأصح قول محمد وهو قبول الشهادة .
غير أن المشرع المصرى قد رأى الأخذ بالقول المخالف للأصح، ونص فى المادة رقم 191 من المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية على منع القضاة من سماع الشهادة فى الصور المذكور، وعدل بذلك عما هو مقرر أساسا فى المادة رقم 280 من هذا القانون من أن يقضى بأرجح الأقوال من مذهب أبى حنيفة سدا لباب التحايل وإحضار الشهود المأجورين ومنعا للفساد بقدر الإمكان، وطبقا للقول الراجح فى مذهب الحنفية يقبل من المدعى فى حادثة الدعوى أى شهود يحضرهم ممن عينهم ومن غيرهم .
أما فى مذهب المالكية فقد جاء فى الجزء الأول من تبصرة الحكام لابن فرحون المالكى صفحة 41 طبع المطبعة البهية بمصر سنة 1302 هجرية ما يأتى مسألة - قال ابن حبيب قال مطرف فى القاضى يتواضع الخصمان عنده الحجج، فيقول لهما اجتهدا فغنى لسن أقيلكما فيضعان حجتهما ويوقع ذلك فى ديوان القاضى .
ثم يريد أحدهما أن يتحول من حجته إلى حجة أخرى فإنى أرى له أن يقبل الناس من حججهم ولا يظفرها عليهم حججا لا ينتقلون عنها إلى غيرها، لأن الرجل قد يضع حجته فيسقط منها كثيرا نسيانا لها أو عجلا أو حصرا .
إلا أن يستوعب أمر الخصمين بالكشف عن أمرهما ويعجزا أنفسهما ويقولا له ليس عندنا من البينة والحجج إلا الذى وضعناه عندك .
ثم إن القاضى وقف ليستشير فى ذلك فحينئذ إن بدا لأحدهما أن ينتقل عن حجته تلك إلى غيرها تكون أنفع له لم يكن له ذلك إلا أن يرى القاضى لذلك وجها ويثبت عنده عذره، فإن أتى ببينة وكان قد عجز نفسه عنها فإن رأى السلطان أن بينته تلك كانت غائبة عنه غيبة بعيدة أو لم يكن يعرف بها قبل ذلك منه ونظر له ما لم يفصل الحكم بينهما إلى أن قال .
قال فضل بن مسلمة قال ابن عبدوس .
حكى ابن القاسم وغيره من أصحاب مالك رضى الله عنه أنه إذا أتى ببينة لم يكن علم بها أنه يقوم بها .
وهذا النص صريح فى أن المدعى إذا قدم بينة على دعواه وسمع القاضى الشهادة ودونها ثم بدا للمدعى أن يحضر ببينة أخرى على الدعوى فإن المذهب أن تقبل منه البينة ولو كان قد عجز نفسه، أو قال ليس عندى سوى ما قدمت من بينة، لأن الرجل قد يترك شهودا له يعرفون حقه ويشهدون به إما نسيانا أو تعجلا أو حصرا بتأثير الخوف والهيبة، أو عدم معرفة منه بهؤلاء الشهود ثم ينكشف له الأمر ولا يستثنى من ذلك إلا حالة واحدة لا يقبل فيها منه البينة الأخرى وهى ما إذا كان القاضى قد استوثق من أمر المدعى واستقصى ما عنده بكل الطرق وعجز المدعى نفسه وقال ليس عندى من الحجج سوى ما قدمت، وحتى فى هذه الحالة إذا بدا للقاضى أن للمدعى عذرا ووجها فيما قرره وصدر منه وثبت عنده عذره فإن له أن يقبل ببنته فى هذه الحالة، وذلك كله ما لم يكن قد فصل فى الدعوى .
ولكن هل أبدى المدعى فى حادثة الدعوى استعداده لتقديم بينة على دعواه غير التى قدمها وطلب إلى القاضى سماع بينته إذا كان قد فعل فقد طلب حقا مشروعا ومقررا لا يجوز حرمانه منه وإن كان قد اقتصر على من استشهد بهم وتمسك فقط بسماع شهادة السيدة التى لم تحضر، وكان القاضى قد رأى - فى تقديره - أن شهادة الرجال الثلاثة غير كافية للإثبات بقطع النظر عن سلامة التقدير أو قابليته للمناقشة فإنه فى هذه الحالة يجوز للقاضى على أساس تقديره أن يقضى برفض الدعوى دون انتظار لسماع شهادة السيدة، لأن شهادتها وحدها لا تكفى لإثبات الدعوى، إذ أن موضوعها ليس مما يقضى فيه بشهادة امرأة واحدة فلا جدوى من سماع شهادتها إذن .
عن النقطة الثانية نص الفقهاء على أن الشهادة إذا كانت بحق من حقوق العباد وجب أن تسبقها دعوى صحيحة شرعا، ووجب لصحتها أن تكون موافقة للدعوى نوعا وكما وكيفا وفعلا وانفعالا ووصفا وملكا ونسبة، فلو ادعى عشرة جنيهات وشهد الشهود عشرين جنيها، أو ادعى سرقة ثوب وشهدوا بغصبه منه، أو ادعى قتل وليه وشهدوا بالضرب، أو ادعى عقارا محدودا بحدود معينة وشهدوا بعقار محدد بحدود أخرى، أو ادعى زواج ابنته فاطمة وشهدوا بزواج أخته زينب لم تكن الشهادة موافقة للدعوى فى جميع هذه الصور .
وبالتالى لا تقبل ولا يحكم بمقتضاها - العناية وتكملة ابن عابدين من باب الدعوى) وليست الموافقة فى اللفظ بين الشهادة والدعوى ضرورية، بل تكفى الموافقة فى المعنى، وليس كل اختلاف بين الشهادة والدعوى يضر ويمنع من قبول الشهادة، فلوا شهدا بأقل مما ادعاه المدعى تقبل ويقضى بما شهدا به من الدعوى وترفض فى الباقى، وليس من عناصر التوافق بين الشهادة والدعوى بيان الشاهد مصدر علمه بما شهد به، لأنه ليس من عناصر الدعوى ووقائعها شئ يتعلق بذلك حتى تلزم موافقة الشهادة فيه .
والقاضى حين يريد التوثق من الشاهد وشهادته والوقوف على مدى معرفته بما يشهد به وتمكنه منه يسأله عن الأزمنة والأمكنة والألوان والأوصاف والتفاصيل التى تتعلق بوقائع الدعوى وحوادثها، كما يسأله عن مصدر علمه بما شهد به للتوثيق ومعرفة أنه يشهد عن علم لا عن مجرد الظن أو بالسماع من الغير، لأن الشهادة بالسماع لا تقبل إلا فى مواضع معينة وفى المادة رقم 182 من المرسوم بقانون رقم 78 سنة 1931 بلائحة ترتيب المحاكم الشرعية يسأل القاضى الشاهد عن الأزمنة والأمكنة وغيرها وعن طريق علمه بالمشهود به وكيفية وصوله إليه، وعن مجلس الشهادة وغير ذلك مما تبين به درجة شهادته بدون حاجة إلى التزكية وإذا لم يطلب القاضى إلى الشاهد بيان مصدر علمه بما شهد به، ولم يبين الشاهد ذلك من تلقاء نفسه لا تعتبر شهادته مخالفة للدعوى، ولا يقدح فى سلامة شهادته وصحتها إذا كانت قد سلمت من أوجه النقص الأخرى التى تؤثر فى صحتها شرعا .
وإذا كان إغفال شهود المدعى فى حادثة الدعوى بيان مصدر علمهم بما شهدوا به هو وحده السبب فى رد شهادتهم فإن الأمر لا يبقى راجعا إلى سلطة القاضى فى تقدير الدليل، وإنما يصبح منطويا على مخالفة للقانون لأن ذلك لا يستوجب رد الشهادة شرعا كما ذكرنا - بيد أنه وردت فى الوقائع عبارة - إذا قال الشاهد إن الدار ملك المدعى أو ملك مورثه - وقد يؤخذ من هذه العبارة أن الشاهد ذكر أن طريق ملكية المدعى للعقار المتنازع عليه هو إرثه من مورثه وأشار إلى الوفاة والوراثة، فإن كان ذلك صحيحا فإنه يكون واجبا على الشاهد أن يبين وفاة المورث وورثته وملكيته للعين إلى وقت وفاته وتركها ميراثا لورثته ولو لم يسأله القاضى عن ذلك وإذا لم يبين ذلك ويستوفيه على الوجه الذى ذكره الفقهاء تكون شهادته ناقصة وغير صحيحة ولا يعول عليها .
ولا يعتبر هذا بيانا لمصدر علمه بما شهد به، بل هو من صلب الشهادة وتتمها يجب على الشاهد أن يذكره من تلقاء نفسه - تراجع التبصرة لابن فرحون المالكى جزء أول صفحة 199 وتكملة ابن عابدين فى فقه الحنفية جزء أول صفحة 194 وما بعدها طبع المطبعة الأميرية بمصر 1299 هجرية عن النقطة الثالثة اختلف الفقهاء اختلافا كثيرا فى جواز الاعتماد فى الإثبات على الخط والأوراق والمستندات الكتابية والحكم بالحق على ذلك .
فجوزه بعض منهم ومنعه آخرون .
وقد أخذ المشرع المصرى برأى القائلين بالجواز وضمن القوانين الصادرة للمحاكم الشرعية بلوائح ترتيبها والإجراءات المتعلقة بها فى سنة 1897، سنة 1910، سنة 1931 أحكاما واسعة فى الإثبات بالخط والأوراق والمستندات الكتابية وتنظيم الإثبات بها وطرق الطعن فيها .
ولم يكن تصوير المستندات والأوراق الكتابية معروفا من قبل، ومن ثم لم يبن الفقهاء - القائلون بجواز الاعتماد فى الإثبات على الخط والأوراق الكتابية - حكم الاعتماد على الصور الشمسية للأوراق كدليل على الدعوى، ومدى جواز الأخذ بها فى الإثبات .
وقد جرى القضاء فى المحاكم الشرعية على عدم جواز الأخذ بالصور الشمسية للأوراق والمستندات الكتابية فى حالة عدم وجود الأصل، لاحتمال أن يكون قد وقع فى الأصل تزوير على وجه لا يظهر ولا ينكشف فى الصورة كزيادة كلمة أو عبارة تغير مضمون السند أو تغير معنى فيه .
أى أن مبنى إهدار دلالة هذه الصور هو الاحتياط ومنع الضرر .
والشريعة تقتضى ذلك وتوجبه. ومن ثم يكون قضاء القاضى فى حادثة الدعوى برفض الاستدلال بالصورة الشمسية فى حالة عدم وجود أصلها بمقولة أنها عاطلة عن الحجية ما لم يقدم أصلها قضاء صحيحا .
ومما ذكر يعلم الجواب عما جاء بالسؤال والله .
أعلم

(7/288)

احتراف الموسيقى غير مسقط للشهادة

المفتي
أحمد هريدى .
شوال 1389 هجرية - 17 ديسمبر 1969 م

المبادئ
1- يشترط فى الشاهد العدالة الظاهرة .
2- احتراف الموسيقى لا يسقط عدالة الشاهد ولا يسلبه أهلية الشهادة ما لم يصحب ذلك منكرا، أو لم تؤد إلى منكر أو محرم شرعا

السؤال
بالطلب المقدم من السيد / م ع المتضمن أن موسيقيا يمتهن الموسيقى ويتكسب من الألحان - تقدم للشهادة فى محكمة الأحوال الشخصية .
طلب السائل الإفادة عما إذا كانت شهادته تقبل أو لا تقبل

الجواب
يشترط فى الشاهد أن يكون عدلا - لقوله تعالى { وأشهدوا ذوى عدل منكم } والمقصود بالعدالة - هو العدالة الظاهرة، لأن الأصل فى المسلم أن يكون عدلا .
قال صلى الله عليه وسلم المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا محدودا فى قذف .
واحتراف المسئول عنه للموسيقى لا يسقط عدالته ولا يسلبه أهلية الشهادة .
إذ أن الموسيقى تعتبر نوعا من الفن والمعرفة، ومن ثم لا يكون لها تأثير على قبول الشهادة، والعرف له أثره فى مثل هذا الاعتبار، إذ لم يرد من الشارع نص خاص يجعل احتراف الموسيقى أو تعلمها أو تعليمها منافيا للعدالة مادام لم يصحبها منكر، أو لم تؤد إلى منكر أو محرم .
ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال. والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/289)

الحلف بأيمان المسلمين ليس بطلاق

المفتي
محمد عبده .
جمادى الآخرة 1317 هجرية

المبادئ
1 - الحلف بأيمان المسلمين لا يقع به طلاق لأنه ليس من صيغ الطلاق .
2 - لا يجوز للزوجة أن تمنه نفسها عن زوجها فى هذه الحالة

السؤال
امرأة تدعى على زوجها أنه حلف لها بأيمان المسلمين بجميع الطلاق والعتاق أن لا يفعل الأمر الفلانى وفعله ولا بينة لها وهو ينكر دعواها فهل على تصديقها يكون اليمين المذكور طلاقا ثلاثا أم طلقة واحدة رجعية أم بائنة أو لا يلزمه شىء، وعلى تصديقها يجوز لها أن تمكنه من نفسها مع عملها بحلفه أولا، ولو مكنته يكون عليها إثم أم لا

الجواب
حلف الشخص بأيمان المسلمين فيه بحث مشهور فى أن يقع به طلاق لو نواه أو صرح بشموله له كما فى واقعة السؤال .
فقد صرح جماعة بأنه يقع به طلقة رجعية إن نوى به الطلاق أو صرح بشموله .
كما فى قوله الحالف وقال آخرون لا يقع به شىء، لأنه ليس من صيغ الأيمان الشرعية والأيمان الشرعية والذى يظهر أنه كذلك فهو من اللغو الذى يريد قائله التغليظ على نفسه ويستحق التأديب عليه لأنه إحداث فى الشريعة لما ليس منها .
وعلى كل حال فليس للزوجة أن تمنع نفسها منه ولو علمت حلفه لأنه إن وقع عليه طلاق فهو رجعى ولا إثم عليها إن سلمت نفسها لزوجها .
هذا والله أعلم

(7/290)

شهادة ويمين

المفتي
محمد عبده .
رمضان 1317 هجرية

المبادئ
1 - تحليف الشاهد غير جائز عندنا .
2 - لا يشترط اليمين فى صحة الشهادة وإنما يجب ذكر لفظ أشهد .
إلا إذا اتهم القاضى شاهدا فله تحليفه جوازا إذا ألح الخصم فى طلب ذلك .
3 - الحلف بلا داع ممقوت شرعا ومنهى عنه

السؤال
من الدكتور بشارة يوسف فيما إذا كانت الشريعة الإسلامية توجب على الشاهد تأدية اليمين لتكون شهادته مقبولة شرعا .
وإن كان ذلك غير واجب . فهل هو جائز على الإطلاق أو فى أحوال خاصة

الجواب
أما تحليف الشاهد فليس بجائز عندنا ولا تشترط اليمين فى صحة الشهادة .
وإنما يجب لصحة الشهادة ذكر لفظ أشهد فقط إلا إذا اتهم القاضى شاهدا فهل تحليفه جوازا فى حالة التهمة إذا ألح الخصم فى طلب ذلك .
وأما الحلف لغير داع فهو ممقوت شرعا منهى عنه كما فى قوله تعالى { ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم } البقرة 224 ، ومن اليمين ما يكون مثبتا لحق أو دافعا لدعوى فمن وجهت إليه فهو مخير بين أن يحلف وبين أن يدع حقه أو يؤدى ما يطالبه به خصمه والله تعالى أعلم

(7/291)

لا يحلف المفتى بأن هذا هو الحكم الشرعى

المفتي
محمد عبده .
محرم 1332 هجرية

المبادئ
لا يتوقف العمل بفتوى المفتى على حلفه بأنها الحكم الشرعى لأن منزلته مع الحلف كمنزلته فى عدم الحلف فى قوته والعمل به

السؤال
من جناب الخواجة قسطندى كادينا فى الفتوى التى أعطيت بتاريخ 3 محرم سنة 1322 هجرية 258 فتاوى المتعلقة ببنوة ولد لآخر بإقراره ببنوته على الوجه المسطور بالسؤال المحررة عليه هذا الفتوى .
هل هذه الفتوى نافذة ويعمل بها شرعا ولا يتوقف العمل بها على تحليف المفتى يمينا عليها وتكون منزلتها فى القوة منزلة ما لو حلف المفتى يمينا عليها .
أفيدوا الجواب

الجواب
فتوى المفتى هى إفادته للحكم الشرعى وهو لا شك يعمل به شرعا ولا يتوقف العمل به على حلف المفتى بأن هذا هو الحكم الشرعى لأن منزلته مع الحلف كمنزلته مع عدم الحلف فى قوته والعمل به - كما لا يخفى

(7/292)

الحلف بغير الله لا يكون يمينا

المفتي
بكرى الصدفى .
ربيع الأول 1329 هجرية

المبادئ
الحلف بغير الله لا يعتبر يمينا شرعا

السؤال
من حضرة أحمد أفندى أميرة تغيرت على إحدى السيدات المتصلات بها .
فحلفت يمينا بالصيغة الآتية وحياة النبى والبخارى لا ترى وجهى بعد الآن .
فهل هذه اليمين تمنع الأميرة من أن ترى السيدة المحلوف عليها كما كانت من قبل .
وإذا كانت اليمين تمنع فما كفارتها إن رضيت الأميرة عن المحلوف عليها وتريد التكفير عن يمينها أفيدوا الجواب ولكم الثواب

الجواب
فى رد المحتار عن الهداية ما نصه ومن حلف بغير الله تعالى لم يكن حالفا كالنبى والكعبة لقوله عليه الصلاة والسلام (من كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليذر) .
ومن ذلك يعلم أن ما صدر من هذه الأميرة فى حادثة السؤال لا يمنعها من أن ترى المحلوف عليها كما كانت من قبل الأن ذلك ليس يمينا شرعا .
والله تعالى أعلم

(7/293)

يمين وكفارة

المفتي
عبد الرحمن قراعة .
جمادى الآخرة 1342 هجرية - 13 يناير 1924 م

المبادئ
من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها كفر عن يمينه وأتى الذى هو خير

السؤال
فى حالف بالله ليفعلن شيئا من الأشياء ثم ظهر له أن غيره خير منه فهل له أن يفعل الذى هو خير ويكفر عن يمينه أولا .
وأى الأمرين أفضل أفعل ما حلف عليه أم عليه ما هو خير منه أفيدوا الجواب

الجواب
فى صحيح الإمام البخارى ما نصه حدثنا أبو النعمان حدثنا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبى بردة عن أبيه قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فى رهط من الأشعريين استحمله فقال .
والله لا أحملكم وما عندى ما أحملكم عليه قال ثم لبثنا ما شاء الله أن نلبث أتى بثلاث ذود، غر الذرى ( بياض فى الجبهة، والأغر الأبيض من كل شىء ) ( الذود جمع ذادة .
وهى الراحلة من الابل ) فحلمنا عليها فلما انطلقنا قلنا أو قال بعضنا والله لا يبارك لنا .
أتينا النبى صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن يحملنا ثم حملنا فارجعوا بنا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فنذكره فأتيناه فقال ما أنا حملتكم بل الله حملكم وإنى والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يمينى وأتيت الذى هو خير .
أو أتيت الذى هو خير وكفرت عن يمينى انتهى .
وفى شرح الدر أن المحلوف عليه إما فعل أو ترك وكل منهما إما معصية أو واجب كحلفه ليصلين الظهر .
وبره فرض . أو هو أولى من غيره أو غيره أولى منه كحلفه على ترك وطء زوجته شهرا ونحوه وحنثه أولى، أو يستويان كحلفه لا يأكل هذا الخبز مثلا وبره أولى وآية { واحفظوا أيمانكم } تفيد وجوبه - ومن ذلك يعلم الجواب عن هذه الحادثة والله أعلم

(7/294)

الحلف بالقرآن أو بآية منه يمين

المفتي
عبد المجيد سليم .
ربيع الثانى 1358 هجرية 31 مايو 1939 م

السؤال
هل الحلف بالقرآن العظيم كالحلف بالله تعالى بحيث ينعقد به اليمين ويأثم الحانث به وتلزمه الكفارة أم لا

الجواب
إطلعنا على هذا السؤال ونفيد أن الأئمة الثلاثة مالكا والشافعى وأحمد وعامة أهل العلم قد ذهبوا إلى أن الحلف بالقرآن أو بأية منه أو بكلام الله يمين .
وذهب أبو حنيفة وأصحابه إلى أن الحلف بالقرآن ليس بيمين .
قال ابن قدامة - من الحنابلة فى المغنى ما نصه وجملته أن الحلف بالقرآن أو بآية منه أو بكلام الله يمين منعقدة تجب الكفارة به بالحنث فيها .
وبهذا قال ابن مسعود والحسن وقتادة ومالك والشافعى وأبو عبيدة وعامة أهل العلم .
وقال أبو حنيفة وأصحابه . ليس بيمين ولا تجب به كفارة فمنهم من زعم أنه مخلوق ومنهم من قال لا يعهد اليمين به ولنا أن القرآن كلام الله وصفه من صفات ذاته فتنعقد اليمين به كما لو قال .
وجلال الله وعظمته . وقولهم هو مخلوق قلنا هذا كلام المتزلة وإنما الخلاف مع الفقهاء .
وقد روى عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال القرآن كلام الله غير المخلوق وقال ابن عباس فى قوله تعالى { قرآنا عربيا غير ذى عوج } الزمر 28 ، أى غير مخلوق الخ ما قال وقد علل شمس الأئمة السر خس كون الحلف بالقرآن ليس يمينا بأن الناس لم يتعارفوا الحلف بالقرآن فقد جاء فى المبسوط من الجزء السابع صفحة 24 ما خلاصته أنه إذا قال والقرآن لا أقربك لا يكون موليا لأن الناس لم يتعارفوا الحلف بالقرآن والمعتبر فى الأيمان العرف فكل لفظ لم يكن الحلف به متعارفا لا يكون يمينا .
وقد طعن عليه بعض الناس وقالوا القرآن كلام الله تعالى والكلام صفة المتكلم فلماذا لم يجعل الحلف بهذه الصفة يمينا ولكنا نقول .
كلام الله تعالى صفة ولكن الحلف به غير متعارف .
فكان هذا بمنزلة قوله . وعلم الله . وكذلك اختار صاحب الهداية فى تعليل كون الحلف بالقرآن غير يمين على مذهب متقدمى الحنفية أنه غير متعارف ومن أجل ذلك ذهب صاحب فتح القدير إلى أنه يمين لأن العرف الآن الحلف بالقرآن وبهذا يتبين أن الحلف بالقرآن الآن يمين عند الحنفية أيضا للعرف كما قال صاحب الفتح فلا فرق الآن بين الحلف بالقرآن والحلف باسم من أسمائه تعالى وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم

(7/295)

الحلف بالقرآن

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
جمادى الأولى 1365 هجرية - 15 من أبريل 1944 م

المبادئ
1 - الحلف بالقرآن يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها .
2 - كفارتها إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام

السؤال
أقسم شخص يعمل دكتورا على كتاب الله الكريم ألا يشترى الدخان بهذا النص وقد بطل التدخين فعلا فزاد وزنه حتى خاف على قلبه من السمنة فصار يلهث إذا ما جرى أو سار مسرعا أو تحدث مسرعا وقد خاف إخوانه الأطباء عاقبة ذلك فنصحوه بالعودة إلى التدخين .
فهل من كفارة عن ذلك اليمين يوصى بها الدين الحنيف غير صيام الثلاثة أيام

الجواب
وبعد .
فإن الحلف بالقرآن العظيم قد تعارفه الناس فى أيمانهم مثل الحلف بقوله والله العظيم فيكون يمينا لأن القرآن كلام الله تعالى وممن ذهب إلى ذلك محمد بن مقاتل وقال .
وبه أخذ الجمهور وقال فى التفاوى الهندية وبه نأخذ .
واختاره الكمال بن الهمام الحنفى فى فتح القدير (كما فى الدر وحاشية ابن عابدين وقال الإمام ابن قدامة الحنبلى فى المغنى .
إن الحلف بالقرآن يمين منعقدة تجب الكفارة بالحنث فيها وبهذا قال ابن مسعود والحسن وقتادة ومالك والشافعى وأبو عبيدة وعامة أهل العلم مستدلين بأن القرآن كلام الله وصفة من صفات ذاته فتنعقد اليمين به كما لو قال وجلال الله وعظمته) .
وكذلك تعارف الناس وخاصة فى هذه الأزمان الحلف بالمصحف أو وضع اليد عليه وقولهم وحق هذا وقد قال العلامة العينى من الحنفية إنه يمين وأقره صاحب النهر وقال ابن قدامة وإن حلف بالمصحف انعقدت يمينه .
وكان قتادة يحلف بالمصحف ولم يكره ذلك إمامنا (يعنى أحمد بن حنبل) وإسحق لأن الحالف بالمصحف إنما قصد بالحلف المكتوب فيه وهو القرآن فإنه بين دفتى المصحف بإجماع المسلمين انتهى .
والذى يتجه فى النظر أنه يمين منعقدة فإذا حنث الحالف فيها لزمته كفارة اليمين وهى ما ذكر فى قوله تعالى { إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم } المائدة 89 ، والآية صريحة فى أنه لا يصار إلى الصوم إلا عند العجز عن الأنواع الثلاثة المذكورة قبله وأن الحانث مخير بين هذه الأنواع الثلاثة وأن مصرف النوعين الأولين هم المساكين وهم كما قال فى المغنى الصنفان اللذان تدفع إليهما الزكاة المذكوران فى أول أصنافهم فى قوله تعالى { إنما الصدقات للفقراء والمساكين } التوبة 60 ، والفقراء مساكين وزيادة لكون الفقير أشد حاجة من المسكين ولأن الفقر والمسكنة فى غير الزكاة شىء واحد لأنهما جميعا اسم للحاجة إلى مالا بد منه فى الكفاية انتهى .
فذكر المساكين فى آية الكفارة ليدخل فيهم الفقراء بالأولى وهذا قول عند الحنفية كما ذكر فى الهداية فلا يجوز أن تصرف هذه الكفارة لغير المساكين كما هو صريح الآية فلا تصرف لباقى مصراف الزكاة المذكورين فى آية { إنما الصدقات للفقراء } التوبة 60 ، كما ذكره صاحب المغنى وهو الذى يبنغى التعويل عليه لصراحة آية الكفارة .
فيه والكفارة بالإطعام أن يطعم عشرة مساكين غداء وعشاء فى يوم واحد أو يطعم مسكينا واحدا غداء وعشاء مدة عشرة أيام .
ويجوز أن تكون بأن يملك عشرة مساكين نصف صاع من بر أو صاعا من نمر أن شعير لكل واحد أو يملك مسكينا واحدا كل يوم من العشرة هذا القدر المذكور .
والكفارة بالكسوة أن يكسو عشرة مساكين لكل مسكين ثوب يستر أكثر بدنه .
وجوز الحنفية إعطاء قيمة الطعام والكسوة للمساكين المذكورين لأن المقصود نفعهم وقد تكون القيمة لهم أنفع كما فى الزكاة وصدقة الفطر .
ومنع إخراج القيمة مالك والشافعى وأحمد فإن لم يجد الحانث شيئا من الإطعام والكسوة وعتق الرقبة صام ثلاثة أيام متتابعة .
وأجاز أحمد فى رواية تفريق الأيام وبه قال مالك والشافعى فى أحد قوليه كما نقله فى المغنى .
أما نصف الصاع فقد نقل ابن عابدين فى باب صدقة الفطر أنه قدح وثلث بالكيل المصرى فالربع المصرى وهو أربعة أقداح يكفى عن ثلاث انتهى .
بتصرف . وعلى ذلك . يعطى العشرة المساكين ثلاثة عشرة قدحا وثلث قدح بالكيل المصرى من التمر والشعير وستة أقداح وثلثى قدح من القمح إذا كان الإطعام بطريق التمليك .
أو قيمة ذلك بحسب السعر الحاضر وقت إخراج الكفارة والله تعالى أعلم

(7/296)

الحلف بكتاب الله يمين منعقدة تجب فيها الكفارة

المفتي
جاد الحق على جاد الحق .
ذو الحجة 1400 هجرية - 2 نوفمبر 1980 م

المبادئ
1 - الحلف على كتاب الله الكريم يمين بالله تعالى تعارف الناس الحلف به وألفاظ الأيمان يراعى فيها العرف .
2 - متى حنث فى يمينه وجبت عليه كفارة اليمين الواردة فى قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم } الخ الآية .
3 - الكفارة واحدة عند الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وإحدى الروايات عن الإمام أحمد .
وفى رواية أخرى عنه أنه تجب بكل آية من المصحف كفارة

السؤال
بالطلب المتضمن أن السائل حلف يمينا على كتاب الله الكريم أنه لن يصلح زوجة ابنه فى أى يوم من الأيام إذا زعلت أو غضبت وراحت بيت أبيها، وكان يقصد بهذا اليمين أنه لن يقوم بصلحها من أبيها فى أى يوم نظرا لما حدث بينهما من مشاكل قبل الزواج وبعد الزواج .
وقال إنه ذهب فعلا لصلح زوجة ابنه ذلك لعدم وجود ابنه فى مصر ولم يتم الصلح بينه وبين أبيها .
وطلب السائل الإفادة عن الحكم الشرعى فى هذا اليمين

الجواب
إن الحلف على كتاب الله الكريم يمين بالله تعالى .
فقد تعارف الناس الحلف به .
وألفاظ الأيمان يراعى فيها العرف، وجرت أقوال الفقهاء بذلك قال صاحب مجمع الأنهر وفى الفتح (ولا يخفى أن الحلف على المصحف الآن متعارف فيكون يمينا) وقال العينى (لو حلف على المصحف أو وضع يده عليه أو قال وحق هذا فهو يمين، ولا سيما فى هذا الزمان الذى كثر فيه الحلف) وهو مذهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد .
ومن ثم يكون القسم الذى أقسمه الحالف على كتاب الله الكريم بأنه لن يصلح زوجة ابنه إذا زعلت أو غضبت يمينا منعقدة، وتجب فيها الكفارة إذا حنث الحالف .
ولما كان الحالف قد توجه لصلح زوجة ابنه من أبيها فإنه يكون قد فعل المحلوف عليه وحنث بذلك فى يمينه فتجب عليه كفارة اليمين .
وهى المبينة فى قوله تعالى { لا يؤاخذكم الله باللغو فى أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون } المائدة 89 ، فكفارة اليمين حسبما جاء فى هذه الآية الكريمة هى إطعام عشرة مساكين .
ويجزىء فى إطعام كل مسكين ما يجزىء فى صدقة الفطر، وذلك بإعطاء كل مسكين نصف صاع من قمح (والصاع بالكيل المصرى قدحان وثلث) ويجوز فى مذهب الإمام أبى حنيفة إخراج القيمة نقدا .
فإن لم يطعم العشرة المساكين فليكسهم الكساء المتعارف الذى تجوز فيه الصلاة .
فإن لم يستطيع الطعام ولا الكسوة فليصم ثلاثة أيام متتاليات .
وهى كفارة واحدة عند الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعى وإحدى الروايات عن الإمام أحمد .
وعنه رواية أخرى أنه تجب على من حلف بالمصحف وحنث فى يمينه بكل آية منه كفارة .
والأخذ بما اتفق عليه الأئمة الثلاثة والرواية الأولى عن الإمام أحمد أولى .
والله سبحانه وتعالى أعلم

(7/297)

اقرار بأخوه فى الرضاع

المفتي
محمد عبده .
جمادى الآخرة 1317 هجرية

المبادئ
الإقرار بالرضاع لا يقبل الرجوع فيه

السؤال
رجل أقر بأن زيدا أخوه من الرضاع وأنه رضع من والدة المقر فى زمن الرضاع الشرعى زيادة عن خمس رضعات متفرقات مشبعات وثبت المقر على ذلك وصدق بصريح التصديق على الوجه المسطور أمام شهود عدول ثم جحد ذلك الرضاع والثبات والتصديق .
فهل ينفعه جحوده بعد ذلك ويحل له تزوج بنت أخيه المذكورة أم كيف الحال

الجواب
حيث أقر هذا الرجل بالرضاع المذكور وأصر على ذلك ودام عليه وأشهد على نفسه بالإقرار، فلا يقبل رجوعه عنه، ولا يجوز له أن يتزوج بنت أخيه رضاعا المذكورة لثبوت الحرمة بذلك والله أعلم

(7/298)

اقرار بالنسب من المحجور عليه للسفه

المفتي
محمد بخيت .
ذى القعدة 1337 هجرية 4 أغسطس 1919 م

المبادئ
1 - الحجر بسبب السفه والتبذير لا تأثير له على الإقرار بالنسب مادام المقر له بالنسب طفلا يولد مثله لمثل المقر وكان مجهول النسب معروف الأم .
2 - تجب عليه النفقة شرعا لذوى قرباه .
فإذا طلب مالا من القاضى لذلك أجابه القاضى إليه .
ولكن لا يعطيه المال بل يدفع إلى ذوى قرباه بشرط قيام الدليل على القرابة والإعسار .
3 - لا يصدق المحجور عليه للسفه فى إقراره بالنسب إذا كان رجلا إلا فى أربعة أشياء، فى الولد والوالد والزوجة ومولى العتاقة ولا يصدق فيما عدا ذلك

السؤال
من الشيخ محمد الطاهر فى رجل قد حجر عليه لسفهه وتبذيره الفائق الحدود وسوء تصرفه وسوء سيرته وما هو عليه من الخلل فى قواه العقلية وقد أقر ببنوة ولد له معروف الأم فقط .
هل يؤاخذ بإقراره هذا أم يثبت نسب الولد منه أم لا أفيدوا الجواب

الجواب
اطلعنا على هذا السؤال وعلى الإعلام الصادر من ديوان البطركخانة المارونية فى 15 يوليو سنة 1912 وتبين أن البطركخانة المذكورة حجرت على الخواجة نجيب خليل دى صعب عن جميع التصرفات الشرعية بأمواله وممتلكاته .
وحيث إنها قالت فى أسباب الحجر (وحيث لدى المذكرة السرية قد أجمع رأى أعضاء ديواننا المشار إليه بوجوب الحكم بالحجر على نجيب المدعى عليه بسبب ما ثبت وما هو مشهور عنه عند العموم من السفه والتبذير وسوء التصرف الغير المنطبق على المعقول واستمراره الظاهر حتى الآن على ذلك محافظة عليه وعلى ثروته الخ) وحينئذ يكون محجورا عليه بسبب السفه وحيث كان كذلك فيكون إقراره ببنوة الولد المذكور صحيحا شرعا متى كان يولد مثله لمثله كما نص على ذلك فى الفتاوى الهندية بصحيفة 59 جزء خامس حيث قال مانصه وإن طلب (أى المحجور عليه للسفه) من القاضى مالا يصل به قرابته الذين يجبر على نفقتهم أجابه إلى ذلك .
ولكن القاضى لا يدفع المال إليه بل يدفعه بنفسه إلى ذوى الرحم المحرم منه ولا ينبغى للقاضى أن يأخذ بقوله فى ذلك حتى تقوم البينة على القرابة وعسرة القريب كذا فى المبسوط قال ولا يصدق السفيه فى إقراره بالنسب إذا كان رجلا إلا فى أربعة أشياء .
فى الولد والزوجة ومولى العتاقة .
فأما فيما عدا ذلك لا يصدق . ومثل ذلك فى تقرير المرحوم العلامة الشيخ الرافعى نقلا عن العناية شرح الهداية بصحيفة 281 جزء ثان

(7/299)

ماتدخره الزوجة من مصروف المنزل ملك لها

المفتي
عبد المجيد سليم .
رمضان 1347 هجرية 7 مارس 1929 م

المبادئ
1 - المبالغ التى توفرها الزوجة من مصروف يدها ملك لها خاصة إذا كان تمليك الزوج لهذه المبالغ لها تمليكا صحيحا فى حال صحته وقبضها لذلك .
2 - إذا أقر الزوج لزوجته بأشياء موجودة بالمنزل وقت الإقرار كان إقراره صحيحا، وتكون الأشياء ملكا للزوجة المقر لها بهذه الأشياء، حسب إقراره بذلك

السؤال
تزوج شخص بسيدة ودفع لها معجل صداقها .
ثم ملكها مبلغا من المال بمقتضى إقرار أمام شهود لتجهيز نفسها من ملابس وحليات ومجوهرات وقد أقر الزوج حال صحته بأن جميع أساسات المنزل والمفروشات والفضيات ملك لتلك الزوجة .
وقد اقتصدت الزوجة لنفسها مبلغ من المصاريف الشهرية التى كان يعطيها لها زوجها المذكور .
فهل المال الذى ملكه الزوج لزوجته لتجهز به نفسها وكذلك الفضيات وجميع أثاث المنزل وكذلك المجوهرات .
يكون ملكا للزوجة المذكورة .
وكذلك المبلغ الذى اقتصدته من مصروف منزلها .
أم تكون هذه الأشياء ضمن تركته . وهل للورثة حق الرجوع إليها فى ذلك أم لا

الجواب
نفيد أن المال الذى ملكه الزوج لزوجته المذكورة لتجهز به نفسها من ملابس وحليات ومجوهرات وخلاف ذلك والمبالغ التى اقتصدتها ووفرتها من مصروف يدها كما ذكر بالسؤال ملك لها خاصة ، وليس لأحد من ورثته معارضتها فى ذلك إذا كان تمليكه هذه المبالغ لها تمليكا صحيحا فى حال صحته الموجودة بالمنزل وقت الإقرار، فإنها تكون ملكا لزوجته المذكورة المقر لها بهذه الأشياء حسب إقراره بذلك، فليس لأحد من ورثته حق فيها أيضا كما يعلم ذلك من الرجوع غلى باب الإقرار من كتاب تنقيح الحامدية .
وهذا حيث كان الحال كما ذكر فى السؤال .
والله أعلم

(7/300)

انكار الزوجية بعد الاقرار بها غير معتبر

المفتي
عبد المجيد سليم .
رجب 1348 هجرية 17 ديسمبر 1929 م

المبادئ
إذا أقر المسلم رسميا بزوجته بامرأة مسلمة وأنه دخل بها ثم أنكر ذلك رسميا فلا عبرة بإنكاره بعد إقراره

السؤال
اعترف رجل مسلم أمام هيئة رسمية بزواجه بامرأة مسلمة أيضا واعترف بالدخول بها ومعاشرتها معاشرة الأزواج .
وقد صادقته هى ووالدها وخالها على ذلك ثم رجع أمام هيئة رسمية أخرى وأنكر كل ذلك وقال إنه كان وعدا بزواج .
لا غير . فهل إنكاره بعد الاعتراف له أثره وقيمته أم لا

الجواب
إذا كان الأمر كما ذكر بالسؤال فلا اعتبار شرعا لإنكار المقر بعد إقراره المذكور والله تعالى أعلم

(7/301)

اقرار المورث بدين لبعض الورثة

المفتي
حسنين محمد مخلوف .
ذو الحجة 1372 هجرية - 18 أغسطس 1953م

المبادئ
الإقرار لبعض الورثة بدين لا سبب له بمحرر باطل ما لم يجزه بقية الورثة .
2- القول بتنفيذ الإقرار بالدين للوارث من ثلث المال بلا إجازة الورثة عملا بالمادة 37 من القانون 71 سنة 1946 غير صحيح، لأن الوصية غير الإقرار بالدين .
3- إجازة الورثة له يخرجه من التركة جميعها قبل الوصية الواجبة والميراث

السؤال
توفى شخص فى 17/11/1948 وانحصر ميراثه الشرعى فى أولاده الذكور والإناث، وفى بنت ابنه المتوفى قبله - وقد ترك المتوفى المذكور أطيانا مقدارها 20 فدانا و11 قيراطا ومنقولات وخلافها - استحقت بنت ابنه مقدار الوصية الواجبة وقدره 9ر1 علما بأنه مديون دينا بعضه مضمون ببعض ما تركه من أطيان وديونا أخرى عادية، ومقدار هذه الديون 654 جنيها و 835 مليما وقت الوفاة بما فى ذلك مبلغ 450 جنيها بكمبيالة محررة من المورث فى مرض الوفاة إلى أحد أولاده قابلة للطعن، لأنها وصية اختيارية والقاصرة وصيتها واجبة، كما أن مقدار ثمن الأطيان وخلافها المتروكة 7868 جنيها و 860 مليما - فهل ما تأخذه بنت الابن يتأثر بهذه الديون أم لا

الجواب
اطلعنا على السؤال، والجواب - أنه إذا كان هذا المتوفى قد حرر فى مرض موته السند المنوه عنه بالسؤال (الكمبيالة) لابنه م .
ع بالمبلغ المذكور فيه ولم يكن لهذا الدين سبب سوى هذا الإقرار كان الإقرار باطلا ما لم يجزه بقية الورثة، لكونه إقرارا بدين لوارث وهو لا يجوز لحديث (لاوصية لوارث) قال صاحب التكملة (إن نفى الوصية فى الحديث يدل على نفى الإقرار بالطريق الأولى، لأن بالوصية إنما يذهب ثلث المال وبالإقرار يذهب كله فإبطالها للإقرار بالأولى كما فى المنبع) انتهى - وهذا يدل على أن الإقرار غير الوصية .
إذ هو إخبار وحكاية وهى إنشاء تمليك فلا يصح القول بأن هذا الإقرار ينفذ للوارث من ثلث المال بلا إجازة الورثة عملا بالمادة 37 من قانون الوصية رقم 71 لسنة 1946 .
لأن حكم هذه المادة خاص بالوصية وهى غير الإقرار كما أسلفنا، وعلى هذا إذا لم يجز باقى الورثة هذا الإقرار يعتبر كأن لم يكن، ولا تتأثر به الوصية الواجبة ولا أنصباء الورثة، أما إذا أجازوه فيخرج من التركة قبل الوصية الواجبة والميراث .
والله تعالى أعلم

(7/302)

الاقرار بالبنوة

المفتي
حسن مأمون .
شعبان 1376 هجرية - 26 مارس 1957 م

المبادئ
1- اشترط الفقهاء فى صحة الإقرار بالبنوة أن يكون المقر له مجهول النسب، وأن يولد مثله لمثل المقر، وأن يصدقه المقر له إن كان من أهل التمييز .
2- يجب أن يراقب الناس ربهم، فلا يلحقون بهم أبناء غير شرعيين يضاربهم ذوو ارحامهم .
3- الفقه الإسلامى الذ1ى قضى بصحة الإقرار ببنوة من كان مجهول النسب راعى فى ذلك حمل حال المسلمين على الصلاح، وأن المقر لم يفعل ذلك إلا وهو مستوثق أن الولد ابنه شرعا .
4- أخذ ولد من ملجأ اللقطاء والإقرار ببنوته بقصد الإضرار بالورثة بعد الوفاة لا يتفق مع روح الإسلام وتعاليمه وإبطاله للتبنى .
5- بناء الأحكام على ما هو الحق والعدل خير من بنائها على قول يقوله الناس ويدعونه زورا وبهتانا .
6- الإقرار بالبنوة متى توفرت شروطه صحيح ويعامل المقر له معاملة الابن من النسب

السؤال
هل الإقرار بالبنوة يقتضى أن تقوم الزوجة برفع دعوى ضد زوجها تطالبه فيها بثبوت نسب ولد مجهول النسب منه، لأنها زوجته رزقت منه بهذا الطفل على فراش الزوجية الصحيحة وأن يصادق الزوج على جميع وقائع الدعوى حتى يمكن الحكم لها بثبوت النسب .
2- هل الإقرار بالبنوة بأية طريقة من الطرق الشرعية تتيح للمقرين بالبنوة والمقر لهم استخراج شهادة بأسمائهم .
3- كيف يكون الإقرار بالبنوة وثبوت النسب

الجواب
إن الفقهاء قد اشترطوا فى صحة الإقرار بالبنوة شروطا ثلاثة وهى : أولا - أن يكون المقر له مجهول النسب، فلا يصح الإقرار ببنوة ولد نسبه معروف .
ثانيا - أن يكون الولد المقر له بحيث يولد مثله لمثل المقر .
ثالثا - أن يصدق المقر له المقر فى إقراره إن كان المقر له أهلا للتمييز فإن كان صغيرا غير أهل للتمييز صح الإقرار بتوفر الشرطين الأولين فقط .
وقد قلنا فى هذه الفتوى أيضا ويجب أن يراقب الناس الله سبحانه وتعالى فلا يلحقون بهم أبناء غير شرعيين حتى لا يدخلوا فى عائلتهم من لا يمت إليها بصلة النسب الصحيح - والفقه الإسلامى الذى قضى بصحة الإقرار بالبنوة لمن كان مجهول النسب قد راعى فى ذلك حمل حالة المسلمين على الصلاح، وأن المقر بالنسب لم يقر به إلا وهو مستوثق من أن الولد الذى اقر ببنوته ابنه شرعا، ولم يقصد من ذلك أن يضار الرجل ذوى رحمه وأقاربه ويكيد لهم ويحرمهم من الإرث عن طريق إقراره بنسب ولد مجهول النسب وهو فى الواقع ليس ابنا له، فما يفعله الناس من أخذ ولد مجهول النسب من ملجأ اللقطاء وإقرارهم ببنوته إقرارا له آثاره من ناحية القضاء للإضرار بمن يستحقون الإرث فيهم بعد وفاتهم لا يتفق مع روح الإسلام وتعاليمه .
فلنتق الله كل من يريد تغيير حكم الله، ومن يعترض على ما قضى به الإسلام من إبطال التبنى بدعوى أن نظام التبنى معمول به عند الأمم الأخرى، فإن بناء الأحكام على ما هو الحق والعدل خير من بنائها على قول يقوله الناس ويدعونه زورا وبهتانا .
وهذا لا يتعارض مع كفالة اليتامى والفقراء ورعايتهم والإنفاق عليهم وتربيتهم من غير أن يترتب عليها ما يترتب من حقوق للأبناء على الآباء وللآباء على الأبناء فإذا كان الطفل المشار إليه فى السؤال .
والموصوف من السائل بأنه مجهول الوالدين ليس ابنا فى الحقيقة والواقع للسائل، ولم تلده زوجته، وإنما قصدا معا أن يتخذاه ولدا لهما ويريدان أن يتبينا طريق ذلك بهذا السؤال كان ذلك منهم منافيا لروح الشريعة الإسلامية، لما فيه من الإضرار بمن يرثانهما بعد وفاتهما ويسعهما أن ينفعاه من طريق الوصية له بما لا يزيد على ثلث التركة، وهذا لا يمنع من أن الإقرار بالبنوة متى توفرت شروطه صحيح، ويعامل المقر له معاملة الابن من النسب من ناحية وجوب النفقة والإرث وغيرهما من الحقوق التى تثبت للابن على أبيه وأمه وللوالدين عليه طبقا للراجح من مذهب الإمام أبى حنيفة، ويكفى فيد صدور إشهاد به من الزوجين أمام الجهة المختصة يعترفان فيه بأنه ابنهما والله أعلم

(7/303)

اقرار بطلاق بائن قبل الدخول والخلوة وأنه الثالث

المفتي
حسن مأمون .
رجب 1377 هجرية - 26 يناير 1957 م

المبادئ
1- إقرار الرجل فى إشهاد طلاقه لزوجته قبل الدخول والخلوة أنه الثالث لسبقه باثنتين غير مقيدتين قبل هذا التاريخ تبين به منه بينونة صغرى فقط بإقراره الأول، ولا يقع الثانى والثالث الذى وثقه المأذون، لأن الزوجية انقطعت بالأول البائن، ولم تصبح بعده محلا لإيقاع الطلاق عليها .
2- توثيق المأذون هذا الإشهاد ووصفه بأنه الثالث غير صحيح شرعا، ويجوز له العقد عليها برضاها، ويملك به عليها طلقتين

السؤال
بالطلب أن رجلا ذهب إلى مأذون السيدة زينب، وطلق زوجته البكر قبل الدخول والخلوة الطلاق المكمل للثلاث بعد إقراره فى الإشهاد بأنه طلقها قبل ذلك طلاقين غير مقيدين وأن المأذون أثبت هذا الطلاق، وفهم الرجل المطلق بأنها بانت منه بينونة كبرى، لا تحل له بعد حتى تنكح زوجا غيره .
وسأل هل يجوز لهذا الزوج أن يعيد زوجته هذه إلى عصمته

الجواب
إن المطلقة قبل الدخول بها والخلوة تبين من زوجها بينونة صغرى لا تحل له من بعد إلا بعقد ومهر جديدين بإذنها ورضاها وبإقرار م .
ع بتاريخ 30 ديسمبر سنة 1957 بأنه طلق زوجته م.ط قبل الدخول والخلوة طلاقين غير مقيدين قبل هذا التاريخ، تبين منه زوجته هذه بينونة صغرى بالأول منهما، فلا يلحقها الطلاق الثانى الذى أقر به ولا الطلق الثالث الذى وثقه المأذون، لأن الزوجية انقطعت بالطلاق الأول البائن، ولم تصبح الزوجة محلا لإيقاع الطلاق عليها فلا يلحقها واحد منهما ويلغو كل منهما، ومن ثم يكون توثيق المأذون هذا الطلاق الأخير ووصفه بأنه الطلاق المكمل للثلاث غير صحيح شرعا، ويكون لهذا المطلق شرعا الحق فى إعادتها إلى عصمته بعقد ومهر جديدين فإذنها ورضاها بما تبقى له عليها من الطلاق وهو طلقتان فقط وبهذا علم الجواب عن السؤال والله أعلم

(7/304)

اقرار رجل ببنوة ولد من زوجة ونفيها هى لذلك

المفتي
حسن مأمون .
رمضان 1377 هجرية - 29 مارس 1958 م

المبادئ
1- إقرار الرجل بولد من زوجة معينة ومصادقتها له فى ذلك يقتضى ثبوت نسبه منهما وزوجيتها له ولو كانت مصادقتها له بعد وفاته، ويرثان هذا الرجل ويرثهما عند وفاة أى منهما .
2- إذا لم تصادقه الزوجة ولو بعد وفاته يثبت نسبه منه وحده ويتوارثان بهذه العلاقة، ولا توارث بين الرجل والمرأة لعدم وجود سبب يقتضيه .
3- إذا أقامت المرأة حجة على ولادتها للولد ولو شهادة قابلة ثبت نسبه منها ويتوارثان، ولا أثر لثبوت الزوجية بذلك بين الرجل والمرأة لجواز أن يكو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الموسوعة الشاملة لفتاوى الازهر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» شفيق يزور شيخ الازهر بساحة الطيب فى الاقصر وشيخ الازهر يقول الازهر لا يدعم اى مرشح للرئاسه
» شيخ الازهر يرسل وفدا من قيادات الازهر للمشاركة فى جنازة عمر سليمان
» شيخ الازهر يلقى بيان غدا الإثنين لتفعيل وثيقة الازهر
» مؤتمر صحفى لشيخ الازهر حول قانون الازهر
» الموسوعة العلمية للاطفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المـــنــتـــدى الـــعـــــــام :: الموضوعات العامة-
انتقل الى: