كيف يكون الاختلاف ؟؟؟

الاختلاف سنة كونية وارداة الهية .فالمولى عز وجل خلقنا مختلفين عن بعضنا البعض فى الاشكال والالوان والالسنة
وهذا الاختلاف لايعنى ان نعيش فى عزلة عن بعضنا البعض ولكن يعنى ان يتفهم كل منا افكار الاخرين وحتى لو رفض
الفكر فلا يجب عليه ان يرفض الشخص ذاته وكما قال الشيخ الشعراوى رحمه الله ( اكره المعصية ولكن لا تكره العاصى )
فكلنا ذوى معصية ويجب ان نساعد بعضنا البعض للتخلص من معاصينا وذنوبنا واخطائنا التى نقع فيها ومن هذا المنطلق
فلابد ان نحصر موضوع الاختلاف فى مجموعة من الضوابط التى تجعلنا نتعايش مع بعضنا البعض فى ظل اختلافنا سواءا
فى الافكار او العقائد او الاشكال او الالوان ....الخ .هذه الضوابط على سبيل المثال لا الحصر :

1-احترام بعضنا البعض :

الاحترام المتبادل يعتبر من اهم الاساليب التى تساعدنا كبشر على التعايش مع بعضنا البعض حتى فى ظل وجود اختلاف
اى ان كان شكل او لون هذا الاختلاف . والاحترام يعنى احترام العقل والفكر حتى لو كان عقلا مريضا وفكرا عقيما فالفكر
لا يُحارب الا بالفكر اما ان نحارب هذا الفكر بالاضطهاد والكراهية فهذا لا يعتبر علاج ولكن يعتبر زيادة فى مستوى المشكلة
وقد يكون عامل من عوامل انتشار هذا الفكر العقيم انطلاقا من مبدأ ( الممنوع مرغوب )

2-المصارحة المطلقة

حين اتحدث عن الصراحة المطلقة لا اعنى عدم احترام الخصوصيات ولكن اعنى الصراحة المطلقة فى كل ما هو اجتماعى وعام
بمعنى ان يصارح افراد المجتمع بعضهم البعض فى كل ما يخص مجتمعهم من مشكلات قد تلحق الضرر بجمبع افراد المجتمع
اما عن الجانب الشخصى فكل انسان له الحرية فى ان يكون له جزء من الخصوصية وهذا الجزء مصرح به ويكفله الدين والقانون
والوسطية هى العنصر المحدد والفاصل بين ما هو شخصى او اجتماعى وديننا دين الوسطية وعلمنا كيف نفرق بين العام والخاص

3- الاخذ بالمذهب الظاهرى

علينا ان نحاسب الناس على ما يظهرون لنا ولا نبحث فى خفايا الانفس والا اصبحنا كمن يحاول الحصول على اختصاصات
ربانية .فمنهج الاسلام واضح لنا الظاهر ولله الباطن وأى انسان يحاول ان يعرف ما تبطن نفسى او حتى يخمنه مجرد التخمين
فإنه بذلك يتعدى صلاحياته التى حددها الدين الاسلامى الحنيف . فنحن كبشر يصعب علينا الوصول لخبايا الانفس مهما وصل
بنا مستوى الذكاء .فالعقل محدود بحدود لا يجب عليه ان يتعداها والا اصبح كمن ينازع الله فى شئونه . فحين اقول لك انى اعنى
كذا فعليك ان تصدق ذلك ثم تدع ما فى نفسى لله يحاسبنى عليه كيفما يشاء اما اذا اردت ان تحاسبنى واحاسبك فنحن بذلك نتعدى
على حق من حقوق الله وهذا ما لا يمكن لبشر مهما كانت مكانته . نحن لسنا فى دولة الكهنوت ليكون هناك قس الاعتراف
فالمولى عز وجل هو وحده من اراه سبحانه اهلا لاعترافى وطلب الصفح منه .كيف اشكو لعبد اخطائى وهو عاجز عن ان
يغفر لى ؟ وان كانت شكواى له من اجل انتظار النصيحة فهنا تدخل فيها الاستعانة ولا استعانة الا بالله .

4- لا تحجر على رأى من يخالفك الرأى

وارد جدا ان يختلف افراد المجتمع فى العديد من الامور وهنا وجب علينا ان نستمع لوجهة نظر كل انسان ولا نحكم عليه
بدون سماع رأيه فهذا يعتبر قمة فى الظلم . فالمولى عز وجل يعلم كل ما اصبنا فى دنيانا من خير وشر ومع ذلك لا يقذف
بنا فى النار دون حساب ولتسأل نفسك لما يحاسبنى الله وهو بكل ذنوبى عليم ؟ والاجابة بسيطة جدا فالمولى عز وجل عادل
لا يُظلم عنده مخلوق وكما قال سبحانه (عن أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرويه عن ربه عز وجل أنه قال : ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا ، يا عبادي ، كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم ، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم ، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم ، يا عبادي ، إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا ، فاستغفروني أغفر لكم ، يا عبادي ، إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني ، يا عبادي ، لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها ، فمن وجد خيرا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) أخرجه مسلم في صحيحه.
فكيف لمخلوق ان يحجر على رأى انسان ويمنعه من الدفاع عن نفسه ويغلق اذانه عن السماع مهما كان الخطأ الذى ارتكيه
هذا الانسان . كيف تحاسب انسان مثلك دون ان تعطيه فرصة للدفاع عن نفسه ؟ كيف ذلك وانت لا تعلم ما تُسر نفسه فى حين
ان المولى عز وجل يعلم كل ما تخفى نفسه وكل ما فعل فى دنياه ومع ذلك يحاسبه وينتظر رده على التهم الموجهة اليه ؟
بل ويعطيه الفرصة الاخيرة ليكذب وينكر التهم عن نفسه وعلى الرغم من علم المولى عز وجل ان عبده كاذب لا يقول له
انت كاذب ياعبدى بل يجعله يشهد على نفسه وذلك واضح فى قوله سبحانه (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون ) صدق الله العظيم



يتبع ان شاء الله

حوار مع ليبرالى :

تحدثت فى السطور السابقة عن مجموعة من الضوابط التى يجب ان نراعيها كافراد

مجتمع حتى تستمر الحياة فى ظل وجود الاختلاف على الرغم من ان الحياة لن تستمر

الا اذا وجد هذا الاختلاف والدليل على ذلك ان كل شىء فى حياتنا تقريبا يتعامل مع

نقيضه فالسالب يقبل الموجب ويتنافر مع السالب وكذلك الموجب لا يقبل بالموجب ولكنه

يقبل بالسالب فالحياة شد وجذب اخذ وعطاء وأنا مؤمن ان الاختلاف شىء حتمى ولابد

منه والا لما استمرت الحياة ولانتهى الغرض من وجودها من الاساس ولو شاء الله

لجعلنا جميعا امة واحدة ولكن منذ بدء الخليقة بدأت علامات الاختلاف على ابنى ادم

حين قتل الاخ اخيه بسبب الخلاف على امرأة وانتهت القصة بمقتل احد الاخوين واستمر

هذا الخلاف ليشمل كافة مناحى الحياة سواء اختلاف عقدى او اختلاف وجهات نظر

والاختلاف متعدد الاشكال والمسميات وما شدنى للحديث عنه ما يحدث الان من خروج

للعديد من المسميات والفرق التى تجلى ظهورها بطريقة واضحة فى مصر ابان ثورة

25يناير . ومن هذه المسميات خرج علينا مفهوم يدعى( الليبرالية ) وكلنا يعى ما هى

الليبرالية ونعرف بوجودها ولكن الذى لم اكن اعرفه من قبل هو مفهوم ( الليبرالية الاسلامية)

والتى يرى اصحابها ان لا تعارض بين الليبرالية والاسلام فالليبرالية تدعو الى الحرية

والاسلام ايضا يدعو الى الحرية متناسيا صاحب هذا الرأى تماما الاختلاف الواضح

والشاسع بين مفهوم الحرية الليبرالية والحرية الاسلامية فالحرية الليبرالية لا سقف لها

ولا حدود اما الحرية الاسلامية فلها سقف وحدود وهى اوامر الله ونواهيه ولكن للاسف

مبدأ عدم المصارحة الذى تحدثنا عنه مسبقا غير متواجد هاهنا فهو يريد ان يقنعنى

ان لا تعارض بين الاسلام والليبرالية وهو يعلم تمام العلم ان الحرية فى الليبرالية تعنى

حرية الفرد فى ان يعمل ما يحب وقتما يحب دون وجود لاعتبارات دينية او حدود

شرعية ولكن كل ما يريد فعله يفعله وكل ما يجد فيه سعادته يفعله بدون خوف او حتى

مراعاة للبشر هنا فقدنا نقطة هامة من نقاط الحوار الا وهى المصارحة المطلقة وفقدنا

ضابط اخر من ضوابط الاختلاف والنقاش الا وهو الاحترام المتبادل لان اول شروط

الاحترام هو احترام العقل وهنا لم يحدث ذلك فحين تقول لى ان الليبرالية لا تتعارض

مع الاسلام فأنت هنا تحاول خداعى . حين تحاورت مع اخى الليبرالى او مدعى

الليبرالية الاسلامية اتهمنى سريعا اننى من المتشددين وممن يقيدون الحريات ولا يستبعد

انى من الفلول رغم انى اخبرته اكثر من مرة انى لا اتبع اى جماعة ولا انتمى لأى

حزب ففقدنا مبدأ اخر من مبادىء الاختلاف والنقاش الحضارى الا وهى الدخول فى

مكامن النفس وعدم الاخذ بالمذهب الظاهرى والكلام الذى يخرج من اللسان ففقدنا

بذلك ضابط اخر من ضوابط الاختلاف .قلت له فلنبتعد عن الحديث فى نقاط الاختلاف

وتعالى لنلتقى فيما نتفق عليه قال وما هو ما نتفق عليه فقلت نتفق ان الهنا اله واحد

ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم فقال بكل ثقة اتفق معك فى ذلك طبعا فقلت له

اذا انت مؤمن تمام الايمان ان الاسلام دين الحق وان محمد نبى الحق فقال لى امال

كافر يعنى ؟؟؟؟ فقلت له حاشا لله ان اتهمك بالكفر ولكن طالما انك مؤمن بالله ورسوله

فأنت مؤمن بشرع الله فقال بكل تأكيد انا مؤمن بشرع الله فقلت له ما رأيك لو أردنا

تطبيق شرع الله فى مصر ؟ فقال لو كان اللى هيطبق شرع الله هم علماء الدين الموجودين

حاليا فأنا أرى الحرية افضل مليون مرة من ان يطبق شرع الله امثال هؤلاء . فقلت له

بغض النظر عمن سيطبق الشرع فقال وليه افترض حاجة ليس لها وجود لما ييجى اللى

اشوفه ممكن يطبق شرع الله ابقى اقول رأيى لكن مش هفترض حاجة ملهاش وجود

فقلت لنفسى لا جدوى من الحوار فصاحبنا يتهرب من السؤال ويريد علماء تفصيل لكى

يطبقوا له الشرع كما يحب ويريد وبما يتطابق مع فكره واعتقاده الليبرالى والذى انا

على يقين تام انه لا يدرك معنى هذه الكلمة ولو ادرك معناها لما قالها . للأسف الشديد

فقدنا كل ضوابط الاختلاف سابقة الذكر ونحتاج الى ضوابط جديدة فالحوار مستمر الى

ما شاء الله طالما فينا لسان وفيهم اذان واما ان نقنعهم واما ان نقنعهم لان لا قناعة لنا

ولن نرضى بغير الاسلام ان شاء الله وللأسف الشديد ليس صديقى الليبرالى فقط من

فقد هذه الضوابط ولكن العديد منا فقدها ولابد من البحث عن سبل وطرق اخرى

وضوابط اخرى ايضا ليستمر الحوار .


يتبع ان شاء الله