كنت اظن

عاش العبد حياته وهو يظن انه يفهم الحياة ويستطيع ان يتعامل معها حسب هواه وان يسيرها تبعا لمراده وبعد قضاء هذا المدة
التى تمثل عمره والتى هى وسط بين ولادة وموت . عاش هذه الفترة وهو يظن انه استطاع ان يأخذ من الدنيا الدروس والعبر
الى ان تنتهى حياته فيُفاجأ وأولى خطوات المفاجأت كشف الحجاب ( فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) فى هذه اللحظة
يُكشف للانسان الغطاء فيرى بعين غير العين .تبدأ الحقائق فى التجلى امام ناظره ويعرف الدنيا على حقيقتها فيُدرك انه عاش
ومات ولم يفهم شيئا . وهذا خطاب تصورى بين الرب وعبده حين يسأل الرب سبحانه وتعالى عبده . عبدى لقد اعطيتك عقلا
فبما استفدت به ؟ عبدى لقد أرسلت إليك رسلى فلم لم تؤمن بهم ؟ عبدى لما خدعتك الدنيا وكان بامكانك خداعها وأن تأخذ منها
ما يرضينى ما لا يغضبنى ؟ كلها اسئلة توجه الى العبد الذليل فلا يجب اجابة سوى قوله كنت اظن كنت اظن كنت أظن
فيقول له مولاه كنت تظن ؟؟؟ او لم انهك عن الظن وأرسلت لك اليقين ورسلى عليك شهود .فيقول العبد كنت اظننى على
الصواب ولم اسمع سوى صوت عقلى ينادينى فأصدقه ونفسى تأمرنى فأطيع وما ظننت يوما انى لست على الحق .فيقول المولى
عز وجل لقد كنت ممن قلت فيهم ( الذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يُحسنون صُنعا ) فيقول وعزتك ما أردت
الا الخير فيقول المولى عز وجل اعلم يا عبدى ولكنك اصممت أذنك عن سماع الحق ولم تسمع الا ما يرضيك وما تحب ان
تسمع وهذه وحدها تلزمك الحساب .فيقول العبد رحمتك وسعت كل شىء فيرد المولى عز وجل ( فسأكتبها للذين يتقون )
هل كنت تقيا ؟ هل خشيت الله فى عباده ؟ هل حاسبت نفسك قبل ان تحاسب غيرك ؟ وهل وقفت مع نفسك ولو لحظات وقلت
لعلى مخطىء ولعلهم على الحق ام عشت حياتك تظن انك الوحيد المحق فرحت تهجو هذا وتسب ذاك ونصبت نفسك اماما
عليهم وانت لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا . عبدى لم تعترف بأخطائك فى الدنيا وحتى الان وبعد ان عرفت الحق تريد ان
تتنصل من اخطائك وتهرب منها ياللنفس التى تسكنك ولا تُريك الا ذاتك . هنا يقول العبد عرفت الحق يا رب ولكنى اخشاك
واخشى عذابك فأغفر وأرحم وانت خير الراحمين