صخرة الشاطئ
..................
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]..........................
ذهبت الي ذلك المكان المهجور علي شاطئ البحر لأجلس فيه قليلاً مع نفسي حيث
إعتدت علي ذلك بين الحين والآخر
مكان يكاد يخلوا من الرواد تماماً إلا ما ندر .. صخرة إنغمس نصفها تقريبا في رمال الشاطئ
وبقي النصف الآخر ظاهراً يكسوه ظلٍ لغصنٍ ممتد فوقه من شجرةٍ قريبة
جلست عليها متوجهاً بناظريَّ صوب مياه البحر الهادئة وأمواجه الرقراقة التي اسمع صوتها بين
الحين والآخر كلما داعبت الصخرة التي اجلس عليها ....سكون وهدوء يجعل عقلك وقلبك
يسبحان في عالم من الخيال والأحلام والذكريات الجميلة ...وبينما أنا كذلك إذ مرت بخاطري
سيتاريوهات وأقوال وحكايات غير متناسقة او مترابطة مع بعضها البعض وكأنها أضغاث احلام
متضاربة وينتقد كل منها الآخر..وإذا بي أنتبه فجأة وكأن هناك صوت يأتيني من بين الأمواج..صوت
لا أعرف صاحبه ..لكني استطيع تمييزه من رقته وعذوبته...تقدمت نحوي وجلست بجواري علي الجزء
الخالي من الصخرة
قالت :أراك شارد الذهن ..قليل الكلام ...حتي مع نفسك...تنشد الهدوء دائماً ..وتعجبك هذه الصخرة
التي تجلس عليها ...فهي هادئة ...ساكنة ..مثلك..أيروق لك منظر البحر والأمواج؟ مع انه لا يروق
لي شكله الذي عليه الآن
قلت : ولماذا لا يروق لك شكله الذي عليه الآن ؟؟
قالت : أريده بحراً هادراً هائجة امواجه تضرب الساحل بكل قسوة فتتكسر علي اطراف البر ثم ترتد
الي الوراء لتنستقبل موجة أخري في طريقها إلي نهايتها ...فتتحد معها وتساندها كي يكون التلاطم
أشد قسوة مما كان في المرة الأولي
قلت : أنتِ تريدين بحرا هادراً ..وأنا اريد امواجاً هادئة كي استطيع ان أُسمعها همساتي وتسمعني همساتها
تريدينه عاصفاً كليلة ماطرة عاصفة من ليالي الشتاء....وانا اريد ربيعه ونسيمه العليل كي يبعث قي نفسي
الراحة والطمأنينة ويجدد خلايا عقلي وقلبي ويمنحني أنشودة العشق والهوي
تريدين منه عنف أمواجه ..واريده رقراقا صافياً كي لا يتعكر ماؤه إذا امتزجت امواجه القويه بما علي
الساحل من رمال وأتربة وغبار..وأن تكون صخرتي التي أجلس عليها في مأمن من ضربات أمواجه...نعم
إنها تشبهني هذه الصخرة في هدوئها وسكينتها ونظراتها الدائمة الي هذا الجمال الطبيعي المتمثل في زرقة
سماء مياه البحر ..بل أنني اكاد احسدها علي طول بقائها في هذا المكان
ق
الت : أنت لا تفهم ما أعني ؟؟؟؟؟
قلت : بل أفهم جيداً ولكنكِ أنتي التي لا تشعرين.. ويبدو أنكِ فاقدة لنعمة الشعور والأحاسيس
وشتان مابين أن تفهم ... وأت نحس وتشعر
قالت : أتسميها نعمة؟؟
قلت : نعم إنها من اجمل النعم التي وهبها الله للإنسان ويا لشقاء من من حرم منها
قالت : أفكارك خيالية ومثالية
قلت : ان تكون كذلك أفضل من أن تكون مادية ..ميتة ...فاقدة للروح ونبض الحياة ..اليس كذلك؟؟
ق
الت : لذلك تجلس وحيداً؟؟
قلت : من قال انني اجلس وحيداً ؟ إنني اتكلم مع البحر ..مع الموج ..مع نسماته الجميلة ...مع نبتاته
التي يعلوها الماء بقليل وهي تترنح يميناً ويساراً بفعل اتجاه الامواج الهادئة وكأنها تتراقص طرباً لوجودي
في حضرتها
قالت : فما الوحدة بالنسبة لكْ؟؟
قلت : أن يكون قلبي خاوياً من الأحساس بالجمال
أن لا يكون به وفاءاً لذكري
ان يكون قد خلا من نبضةِ عِشْق
وسِحْرُ كلِمَة
وجمالُ مَعْنَي
ورِقِّةِ مشاعِرْ
وحرَكَةَ وِجْدان
ثم تركت صخرتي التي اجلس عليها عائداً من حيث أتيت وانا اسمع نداءاتها
الي أين انت ذاهب؟؟ إنتظر قليلاً ...سنجد قاسماً مشتركاَ لأفكارنا
ولكني لم ادير وجهي الي الخلف ...فقط رفعت يدي في إشارة تدل علي انني غير راغب
في تكملة الحديث ...فصخرة الشاطئ لا تحتمل منهجين مختلفين من الفكر يتقاسمان الجلوس
عليها في آن معاً ...وذهبت تاركاً خلفي
صدي كلماتها
......................
عبد الفتاح........................