ملوك الفشر

موضوع: ملوك الفشر السبت أبريل 14, 2012 7:59 pm

ذكرتني مقالة صديقنا الدكتور أحمد عبد الظاهر فنجان شاي تلك التي يتحدث فيها عن فشر المكفوفين بالذين كانوا يعرفون بالفشر في حتتنا.
والفشر هو عبارة عن تعويض يصرفه الفشار لنفسه بعد أن يعلن الواقع إفلاسه التام وعجزه عن تلبية حاجات الفشار.
والدليل على ذلك أنك لن تسمع فشرة خرج منها الفشرة مهزوما أو خاسرا أو مظلوما.
والفشر
نوعان: فشر عام وفشر خاص، فالفشار العام لا يترك مجالا من مجالات الحياة
إلا ضرب فيه بسهم، أما الفشار الخاص فهو مقتصر على مجال معين لا يكاد
يتخطاه إلى سواه كالبنات أو المال أو القوة البدنية.
وللفشر في النوع
الإنساني بوجه عام وعند العرب بوجه خاص وعند المصريين بوجه أخص تاريخ
طويل، وذلك لأن أمة من الأمم أو أسرة من الأسر أو فردا من الأفراد لا
يستطيع أن يعيش ملاصقا للحقائق طيلة عمره بل لا بد أن يلتمس في واقعه
المغلق فجوة تدخل منها بطولته المحتملة أو المتوهمة أو المؤجلة إلى أجل غير
معلوم.
وأشهر من عرفوا بالفشر بين عرب الجاهلية عمرو بن معد يكرب حتى حين اعتنق الإسلام لم ينهه إسلامه عن الفشر.
فرغم
أنه كان شجاعا لا يشق له غبار في ميادين القتال فإنه لم يكن يتوانى عن
الفشر مضيفا إلى نفسه ما لم يفعل، تروي كتب الأدب أنه قعد في مجلس يحدث
الناس عن معركة من معاركه ويقول لهم كيف استطاع في معركة القادسية أن يمسك
بجنديين فارسيين معا ويضرب كليهما بالآخر حتى قتلهما، وحين نبهه أحد
الجالسين أن هذا لم يحدث وأنه كان معه في المعركة قال له عمرو يا ابن أخي
تلك قصص نرهب بها العدو.
كما تروي كتب الأدب قصة ذلك الأعرابي الذي
أخذ يقص على جلسائه قصة القوس النادرة التي اشتراها فأطلق منها سهما على
طائر فصعد الطائر فصعد وراءه السهم، فنزل الطائر فنزل وراءه السهم، فتيامن
الطائر فتيامن وراءه السهم، فتياسر الطائر فتياسر وراءه السهم، إلى أن
أدركه السهم!!!.
وتقص علينا كتب الأدب قصة الأعرابي الذي كان يرعى في
أرض الملك النعمان فلما رأاه النعمان سأله ألا تخاف النعمان؟ فقال له
الأعرابي مستهزئا وما النعمان!!! إني لطالما تجولت بيدي هذه على سرة أمه.
فلما
أحاط به جنود الملك النعمان ورأى خرزات الملك تتلألأ قال له الأعرابي يا
نعمان لا تحسبن أنك ظفرت بشيء والله لقد علمت العرب أني أكذب رجل فيها.
ولم يكن الفشارون في حينا يقلون اقتدارا عن قدماء الفشارين، فلهم أيضا في الفشر مذاهب شتى والناس فيما يفشرون مذاهب.
كان
جارنا رضى البسكي الذي كان يعمل سائق تاكسي والذي تزوج امرأة لها طفلان ثم
ولدت له ثمانية آخرين لا يكف عن الفشر إلا في حالتين حين يأكل أو حين
ينام، فهو يقص عليك بصوت ندي ووجه متهلل كيف استطاع أن ينتزع العاهرة من
ستة عشر شابا بعد أن تهددهم بالمطواة حين انتابته نوبة الشهامة، .
وكم كنت أقول لأصحابنا أمامه إن رضى
من كثرة الفشر يقول لبائع الكبدة إديني سندوتش كدبة، أما قبولي أنا لفشره
فكان يتوقف على الظروف فإن كنت محتاجا إلى توصيلة بالتاكسي فإنني أفتعل
التصديق وأسمع كل قصة من قصصه وأنا أمصمص شفتي قائلا يا سلام يا سلام، أما
إن لم تكن لي به حاجة فإنني أبادره بقولي غور يا ابن الفشارة هي ناقصة!!!!.
أما
حمدي الزهري ذلك الصعيدي الذي يعمل نجارا مسلحا فهو فشار متخصص، فهو لا
يفشر إلا في مجال واحد هو القتل، فما من يوم يمر على حمدي إلا ويدفن فيه
خمسة أو ستة مساكين من أعدائه هو أو تلبية لمن يطلب منه هذا.
وهو حين
يفعله من أجل غيره لا يأخذ عليه أجرا بل يفعله لوجه الله ويبتغي عليه
الأجر والمثوبة من الله ولم تكن ليالينا تحلو إلا على حكايات حمدي عن
قتلاه.
ولم يكن محمد منير وهو غير المطرب المعروف إلا قمة من قمم
الفشر في حينا، فحين كان مقيما في العراق كان صديقا مقربا للرئيس العراقي
الراحل صدام حسين ولأنه كان يعمل مبيض محارة فإن الرئيس الراحل لم يكن يبيض
بيته إلا مستعينا بمحمد منير.
والسبب الوحيد الذي حمله على ترك العراق هو ما نشب من خصام بينه وبين صدام فما كان من منير إلا أن ترك العراق لكي لا يتسع الخلاف.
ورغم
أنه كان من أخيب الناس في الضمنو فإنه كان يقص علينا كيف استدعاه بعض من
خسروا أموالهم في اللعب فيتوجه منير إلى المقهى ويلاعب ذلك الحريف ويربح
منه آلاف الجنيهات ثم يرد أموال الناس إليهم دون أن يحتفظ لنفسه بجنيه واحد
رغم فقره الذي كان يدعوه إلى اقتراض ثمن الشاي والسجائر.
وكان
صديقنا المقرب أحمد رشاد من أفشر من يمكن أن تقع عليهم عيناك، بدأ حياته
الفشرية وهو طالب في الثانوية العامة حين كان يخبرنا أن ناظر المدرسة يغار
منه ويحرص على إبعاده عن المدرسة لألا يراه المسؤولون الكبار فيقللوا من
شأن الناظر.
ولن أنسى أبدا قوله لي ذات يوم {آه يا أبو صلاح فاتك إنك
تشوف أخوي رشاد إمبارح اسكت مش جاء بالطيارة ونزل بيها على سطح البيت وقعد
معانا شوية وإتعشى وبعدين خد الطيارة وطلع تاني} فقلت له جادا {إخص عليك
يا أحمد مش كنت تنده لي عشان أسلم عليه وأشوف الطيارة.} فيقول لي { إتلهينا
فيه ونسيت أنده لك}
وحين أصبح محاميا وجد ضالته المنشودة في
المحاماة التي لا كلام لأهلها إلا عن الموكلين، والقضاة، والدفوع، والأتعاب
الضخمة، وفي مجال كهذا لا يفوت أحمد أن يحدثني عن الملايين التي عرضت عليه
من منافسي موكليه في مقابل أن يسلم إليهم ورقة أو أوراقا من ملف القضية
وكيف طردهم حفاظا على شرفه.
وذات ليلة زارني حضرة المحامي الهمام
وأخذ كعادته يحدثني عن أتعابه الضخمة ثم دق هاتفه المحمول وبدأ يتكلم {
إيوة أنا الأستاذ أحمد مش عايزك تشك في البراأة أبدا بس يكون في معلومك إني
مش هاخد أقل من ربع مليون جنيه دي مش قضية سهلة وأنت عارف كدا كويس وما
تقلقش القاضي في جيبي} ثم أنهى مكالمته قائلا لي لعلمك أنا عامل له تخفيض
محامي غيري كان مفروض ياخد نص مليون.
وأمام حماسه هذا خجلت أن أقول
له إن هذه الشبكة التي يستعملها لا تعمل في بيتي إطلاقا وإن هذا هو السبب
المباشر في أنني استبدلت بها أخرى.
هؤلاء هم الفشارون يوسعون على
أنفسهم ولا يضيقون على أحد، وأحسب أن حاجة الحياة إليهم لا تقل عن حاجتها
إلى الجادين الصارمين فلو جاز أن تخلو الحياة من الفشر لجاز وبنفس القدرة
أن تخلو من الجد.
صلاح الدين عبد الله

موضوع: رد: ملوك الفشر الأحد أبريل 29, 2012 1:10 pm

انا اعتقد ان الفشارين هؤلاء

لهم ميزه ايضا ...انهم كوميديون ايضا

ومامن شخص جالسهم الا واستمتع بجانب كوميدي

منهم

شكرا زهره
.........

» آخر ملوك خرابستان
» همتي همــــة ملوك
» خطاب ملك ملوك افريقيا بالأمس بتاريخ 15/3/2011