تربت بين الزهور والطيور فكان قلبها يحمل رقة الطير ورائحة
الزهور لا تفارقها فى أى مكان حلت فيه . كان الكل يعشق القرب
منها والجلوس معها ليستنشق اجمل الروائح التى تهبها للعالم وكأنها
حديقة مليئة بالزهور تتحرك بين بنى بشر فكلامها ممزوج برائحة
الورد والعطر الربانى لا يفارقها . مذ كانت طفلة يعاملها الجميع
كأمرأة ناضجة مدركة لكل ما يحدث من حولها .
فى حضن القرأن تربت طفلتى وحفظته فوقر فى قلبها فكان
لها شرعا ومنهاجا . عاشت فى ظل أنواره وأرتعت فى بحور
اعجازه وتعلمت فى صغرها ما لم يعرفه أكبر رجل منا فكان
عقلها زينتها وسر جمالها روحا تشع نور لتضىء العالم من
حولها فلا تخطو خطوة الا وتحيطها هالة تجعل كل من يراها
يقول وكأن القمر هبط الارض بأنواره . عذرا طفلتى أراهم
ظلموا القمر فلا وجه للمقارنة بين نور اصله ميت وبين نور
ينبض بالحياة ويملك روحا ترفرف فى عنان السماء ..
كنت اراقبها تكبر امامى وكل يوم يزداد حبى لها حب طفولى
تسكنه البراءة .كبرت طفلتى وكبر حبى لها لكنى لم اجرؤ
يوما ان اصارحها بحبى لها واكتفيت بمتابعتها كل يوم فى
ذهابها وايابها كنت اكبر منها بسنوات ولكنى كنت انظر لها
دوما على انها طفلتى المدللة . تخرجت طفلتى من الجامعة
ولم استطع الانتظار اكثر من ذلك كنت اسرع منها ذهابا
لمعرفة النتيجة وكانت النتجة مبهرة امتياز كالعادة ولكن
هذه المرة تختلف عن كل مرة فهذه المرة شاء الله ان تأتى
قبل انصرافى وكأن القدر يعطينى الفرصة لاعلن عن عشقى
لكنى لم استطع فقوة عينيها كانت تجبرنى على الصمت فما
وجدت لى حيلة الا ان اتقدم لخطبتها وقابلت والدها الذى
اثنى على كثيرا ولكن قال لابد من اخذ رأيها فأنا لم اجبرها
على شىء منذ ان ولدت فذهب اليها واخبرها بطلبى الزواج
منها ولم اتمالك نفسى حين اخبرنى بموافقتها فكدت من فرط
السعادة ان اطير بل شعرت انى طائر يعانق السماء
وتم زواجنا فكانت اجمل عروس وكأنها
حورية من الجنة هبطت لتسعد قلب ادمى ادماه الحب وعشت
معها اجمل ايام عمرى وتعلمت منها ما لم اتعلمه طيلة عمرى
فكانت لى الزوجة والام والاخت والسكن .كانت سعادتى وقت
الضيق وكانت أُنسى وملاذى والحضن الدافىء الذى لا استريح
الا فيه .حقا كانت نعم الزوجة وتمنيت ان اسعدها ما حييت
والان وبعد مرور عشر سنوات من زواجى منها ما زلت
اناديها
(طفلتــــى )