يا واقفا في جبين الموت ما جـَـزعَــــا
و صامداً في عرين الخَوف ما خَضَعا
و سَائِحا في بـلادِ الله مُـذْ وُجــِــــــدَت
ملامحُ البعد يطويهَــا فمــا رَجـعــَـــا
و آكل الحُزن في أرض يبيتُ بــهَــــا
على المــوائد مذبوحــــا فما شـَبـِـعـــا
أبصــرتـُه عندمــــا أبصـرت أمـَّـتـَـــه
تبكي على أهلهــا دهــرا فما نفــعـــــا
و جرحها بـَـانَ من تحت اللثـام فـلــــم
أرَ الخـــدود التي عاينـتــهــا طمعـــــا
و لم أر الخـــوف إلا فــي تنهــُّـدهــــا
و صوت طفلٍ بكى ظلما فما رضعــا
وصورة الحزن يجثـوا في مرافئهـــا
كمركب صارعته الريح فانصــــرعـا
يا واحة القلب يا شامي التي ظـمئــت
لكم مشينا على نهـــر الجــراح معــــا
وكم شربنــــا معا أحــلام غربــتــنــا
وكــم أقمــنا على أنقاضــنا الضـيعــا
وكم كتبنا الهـــوى عذبــــا جدائـــلـــه
تميل والليل يغرينــــا إذا أنـقشـــعـــا
ألستِ أنتِ..؟ نعم قالت وقد كتـمـت
جرحا بخاصــرة الأيــــام مــا رُقـعــا
وثوبهـــا الــرث أبلتـــه السنين فـــلا
يزال يمســك وجـه الأرض ما ارتفعا
هــي العفاف الذي لا زال يمـسـكـهــا
ككـل حرف علـى أوراقـــهـا انطبعـــا
ألبستهــا الشعر تاجا فاستحـال علــى
حروفهــا بحــر شعـر عندهــا ابتُدعـا
و سجـَّـرتـه يداهـــا فارتمـــى كسفـــا
و فـــار في فمهــا كالـــنار واندلعـــا
فهـي النـداء الذي لو قلــتــه سرحـت
نفسي وصرت لها داع ومستمـــعــا
لأنهـــا بيــن أركــان الفــؤاد هـــــوى
و بعدها القـلب مـا آوى ومـا وسـعــا
و دونها كل نــخــل الأرض أتــعـبــه
طول الوقــوف إذا قــامٌ لهــا فـَــرِعـا
و أنها نجمـــة في الصبــح ودعــهـــا
قلب المحب إذا فجــــــرٌ بهـــا طلعـــا
كأنهــا ذاتهـــا تمشــي على مهــــــــل
و خلفها المجد في جري له اندفــعــــا
و خلفـها خيـــل أهل الرافدين مضــت
على أذان ليــــوم الزحف قد رُفــعــــا
وأنـــهــــا أفصـــــح الأقــوام منزلـــة
وأنها أجــمل الأخـــلاق متـَّـســـعـــا
وأنها فوق جفن العيــــن شـــاخصــة
يـــعود طرفــي إليها أيـــنـما وقــعــــا
وأنها قصتي الأحلـــى التي رسمــت
على الجراح وفي قلب لها انخلـــــعا
يا جــارة القدس يا أرضا أحِــنُّ لـهــا
ويا غبارا لخيل الفتـــح ما انقـشــعــا
لا زلت أسمع صوت الخـيـل هـــادرة
في ضفتيـك وقلبي عنــدك امتـنـعــــا
لما رأيتــــك بان الفجــر فـي أفــقـــي
والنور بين فجاج الارض قد سطـعـا
و حين ســارت ركاب القوم تاركــــة
باب الفؤاد على آمالـــــــه شـُـــرِعـــا
و حين صلى بك الفرسان وارتحلـوا
رأيت قلبـي علــى آثـــارهــم ركـعـــا
و حين أبصرت جرحا فيك أفزعـنـي
من كف عبد لقيـط فيـــك ما صـنعـــا
و قاسـيـــون الذي قد كـان يحــرسنــا
بالأمس قــــام على أبنـائــنــا فــزعــا
و ضــاق صدري ولم أفطن لجاحـدة
تلــومُ والماء من كثبـــانها انــدفــعــا
فزمــــزمتــه لأن لا يستـــباح فـــلـــم
تبـالِ من ظمــأ فـــي أهــلنــا وقــعـــا
و أمـة دونهـــا باعــت عروبتـــهـــــا
و حبل إيمانــهـــا في كفــها انقـــطعـا
و أستبدلـت دينــهـــا أحـــلام سافـــرة
و كـــل ما بـعد ديـــن الله ما نفـــعـــا
و أن ساستــنا حاموا الحمى زمـــنـــا
و من يحوم الحمى يوما فقد رتــعــــا
و أن ساســتنـــا من قســـمـوا دمــنــا
و فرقــــونا على آثـــارهم شـِـيـَعــــا
و هـــم أذاقوا بلاد العرب غربـــتــها
و هم أقاموا على أنقاضها البـيـعــــــا
و كممـــوا أحرف القـرآن مسـمَعــَـها
و جاملوا الكفـــر في طغيانه ورعــا
ماذا نقـــول إذا صـــاح النـــداء بـنــا
و دكـَّـت الأرض دكا والمدى اتسعـا
و جــاءهــــــا كل حيٍّ باسطـــا يــَـدَه
و كل أمـــر الى باريـــه قـــد رُفـِـعـَـا
و نحن نظلم بعضـا فــي تخـــاذلـنــــا
و في سكوت على جور بـهــا وقـعـــا
كم ســورة الفتــح أبكتنـي مطالعـُـهــا
" إنا فتحنـا " ففاضت أدمعي هلـعـــــا
و سورة الليـل إذ يغـشـى يجـــد لهـــا
في كل يوم ســــؤال هالنــي فــزعـــا
و عيــن قلبــي لــم تبــرح تسيـل دمـا
و صوت شعــري من أصدائها ارتفعـا
فلا تخــافِ بــلادا مـــن مــــدائـنــهـــا
نور الجهــاد على أمصـارنا سـطعـــــا
يــوم ستسمعـــك الدنيا وإن جهِـلـَت
عليـــك فــــالله فـي عليـــاءه سـَمِـعـــا
منقوووووول