قيادة حتى النعش

كانت جنازة مهيبة لامرأة تشعر امامها بصغر عقلك وبضعفك

امرأة تعلم منها الكبير والصغير اسمى معانى التربية فى الحياة

رغم كبر سنها ورغم انها لم تحصل على ادنى قدر من التعليم

لكنها كانت مدرسة مفتوحة يتعلم منها الجميع معنى العطاء والحب

بلا مقابل . هناك نوع من البشر يسمونهم بركة البيت أعنى واحدة

منهم .هذا النوع الذى انقرض من عالمنا وبلا رجعة وكأنه اخر

ما تبقى من الزمن الجميل فحين يلتقى الانسان بهذا النوع فى وقتنا

الحالى يشعر انه حصل على كنز او أثر من عالم جميل . وكى

لا اذهب بعيدا عنها فيكفى عنها البُعد اكثر ما شدنى فى هذه

الجنازة بعيدا عن البكاء والنحيب المعتاد واصوات الناس العالية

التى لا تأتى الا بما حرم الله الا من رحم ربى .كان هناك شىء

اشاهده لاول مرة الا وهو اسلوب تحرك النعش وكيفية قيادته

فى هذه اللحظة ايقنت تمام اليقين ان الميت يقود الجنازة حسب

رغبته وحيثما اراد وبعيدا عن نظرة دينية او الدخول فى متاهات

وجدت النعش يتحرك للاماكن التى كانت تشتاق حقا الى

ان تزورها .لم يذهب النعش الا للمكان الذى لطالما اشتاق ان

يرى فيه احبابه فقد كانت اماكن تواجد فيها غاليا عليها لطالما

تمنت ان تراه قبل ان تلقى ربها ولكن شاء الله ان تموت وهى

فى شوق اليه ومع ذلك لم يحرمها مولاها من أن تكون اخر

روائح تخرج بها من دنيانا الزائفة هى رائحة الاماكن التى

لطالما تواجد فيها فلذة كبدها وحبيبها الغائب وابنها المحبوب

حقيقة لابد ان ندركها جميعا هناك بشر حتى فى موتهم يتمتعون

بروح القيادة ويقودون من خلفهم. عجبا لنا احياء نسير على

الارض ولا نستطيع قيادة انفسنا . رحم الله تلك المرأة التى

رأيتها قائدة حية وميتة وأعاد للأسلام والمسلمين روح القيادة