هلوسات مجازية

على اعتاب المستقبل يقف الحاضر فى حيرة من امره خطوات تأخذه نحو المستقبل

وخطوات تجره الى ان يكون جزءا من الماضى شأنه شأن ما سبقه من ايام وليال .

حاضرنا يحاصرنا طمعا فى استكمال الرحلة طمعا فى ان يصبح جزءا من مستقبل

والعالم صنع من الوهم الاكبر .وهم لمدة زمنية كبيرة بعض الشىء

كما قال الفليسوف (ديكارت) العالم وهم مدته الزمنية طويلة بعض الشىء . فى محيط

الزمن نحن جزء من حياة تنتهى طالت ام قصرت وجميعنا يعلم ذلك ويؤمن به ومع ذلك

نتشبث بالحياة بكل ما أوتينا من قوة وكأنها الحياة الدائمة التى لافناء فيها .يا حاضرى

ويا امسى انتم جزء من عالم يتأكل ولا وجود له الا فى خيالى المريض وحين افيق فى قبرى

ستبدأ حياتى اعلم ذلك علم اليقين ومع ذلك انا متمسك بالماضى والحاضر والمستقبل ليس حبا

فيهم ولكن ايمانا منى انها اجزاء ان لم تكن لها اهمية فى حياتى اليوم فهى تمهيد للحياة الحقيقية

وهى غرس وما اصعب الغرس فى عالم من الوهم ومن السراب تموت فيه كل الحقائق ولا تبقى

سوى حقيقة واحدة هى ( الله) سبحانه وتعالى الذى يحيط بالكون وهو من وضعنا فى هذا الايطار

وهذا المحيط الزمنى الذى يتأكل يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة . نحن فى طريقنا الى

خروج من دنيا الوهم الى علياء الحق وحين تنتهى الرحلة الوهمية تبدأ أولى خطوات الرحلة الحقيقية

الرحلة التى قد يعبر اليها البعض بأرواحهم وتظل الاجساد باقية فى عالم الوهم الى حين عودة الروح

فلابد للروح من عودة والا لاصبح طريقهم الى العالم الحقيقى سالكا مسلكا ابديا . قناعات غريبة

وتفكير عجيب يسيطر على عقل كل منا وكل انسان له عقل مختلف عن اقرانه من بنى البشر فسبحان

من خلقنا على الاختلاف وفطرنا عليه . بعض القوم يؤمنون بالمجاز من الحديث ويعتبرونه عين الحق

ويعتبرون الحديث بلسان غير لسان القوم قمة الاعجاز ويعتبرون النية هى مقر العمل ويؤمنون بذلك

اتعجب كثيرا حين أرى هؤلاء أول من يكذبون النوايا ويقتلون المجاز أمام كلمات جوفاء قد لا يعيها

الا قائلها . هلوسات اتسانية تقود الى الجنون فى عالم يشبه رحم الام والروح هى الحبل السرى

الذى يقطعونه عند المولد ليظل متعلقا فى ظلال عالم لا تدركه الابصار يقود الجسد من واقع عالم

خفى لا يجوز عنه السؤال قد ندركه بالمحسوسات وقد نذوب فيه بأحاسيسنا ومشاعرنا وقد تلتقى

فيه المواجيد وتسمو الارواح لاعلى درجاتها ناظرة للأجساد من أعالى العلياء مطالبة اياه بالنهوض

ومحاولة الوصول وهو عاجز عن ذلك فهو مربوط بجاذبية أرضية وشهوانية نفسية وزمان ومكان

وحدود تمنعه من الارتقاء . حين نحاول الارتقاء هناك الف قيد يمنعنا ولكن فى غفلة من الظروف

قد يحدث ان تنعدم كل القيود ليسبح الجسد مع الروح فى ملكوتها حينها فقط تستطيع يا حاضرى ان

تلتقى بمستقبلى فى عالم لا يعرف الماضى لانه موجود قبل وجود الماضى .عالم وضعت معالمه

قبل وجود الوجود لتسبح فيه ارواح واجساد طاهرة تفنى باخلاص ولو لحظات عن مجرات الكرة

الارضية لتتذوق بعضا من نعيم الحق لكى تستطيع استكمال رحلة المجهول فى عالم وهمى لم

يُصنع الا من ان يفنى فلا بقاء له الا لاصحاب الوهم الذين سرعان ما ينتهى وهمهم لتبدأ معاناتهم فى

دنيا أدنى من دنياهم وفى عذاب اكبر من عذاب اوهامهم . اللهم اجعلنا ممن عرفوا الوهم وتخلوا عنه

واهدنا سبلنا لنفيق من هلوسات الحياة وخداعها الزائف .