· يستحب للزائر قبل الزيارة
مباشرة أن يتصدق بشيئ وإن قل, مستحضراً أنه من الأدب تقديم صدقة بين يدي نجواه
لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في قوله تعلى:
(ياأيها الذين ءامنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا
بين يدي نجواكم صدقة ذلك خيرٌ لكم وأطهر فإن لم تجدوا فإن الله غفورٌ رحيم(12)
ءأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم فأقيموا
الصلاة وءاتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله والله خبيرٌ بما تعملون(13 )
)(المجادلة 12-13), ولكونه صلى الله عليه وسلم حياً في قبره بعد
وفاته.
·
على الواقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
يفرغ قلبه من الدنيا ومافيها وألا ينشغل بأي أمر من أمور
الدنيا.
· لاينشغل الزائر بأي فرد أو صديق أو عظيم إذا قابله عند الزيارة,ويرد
عليه التحية إذا حياه ولايسترسل معه في الكلام.
· وألا تأخذ الواقف بين يدي رسول الله صلى
الله عليه وسلم الزخارف ولايجيل البصر فيمن حوله, ولايسترق النظر إلى ماهو موجود في
المقصورة وداخلها.
· يقف
الزائر من النبي صلى الله عليه وسلم على مسافة,ولايقترب من المقصورة إلا ماكان يقرب
من شخصه الكريم لو كان حياً.
· يستعين الزائر بالله-تعالى- في رعاية الأدب في هذا الموقف
العظيم,فيقف وقفة المتأدب الخاشع الخاضع المحب, ويغض الطرف ويرخي النظر ويجعل نظره
إلى أسفل,قال الكرماني الحنفي:يضع يمينه على شماله كما في الصلاة,وقال العلامة ابن
حجر:وإرسال اليدين عند الوقوف أولى من وضع اليمنى على اليسرى.
· يوقن الزائر-تمام اليقين- أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم حي في قبره يسمعه ويرد عليه السلام ويدعو
له.
فكما هو معلوم أن الأنبياء أحياء في
قبورهم وأن أجسادهم لايأكلها التراب,والموت المنسوب إلى الرسل والأنبياء أمرٌ
لايساويهم فيه غيرهم, وقد تواترت الأحاديث في حديث الإسراء والمعراج عن حياة
الأنبياء وصلاتهم وراء النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الأقصى ,وفي صحيح سنن
أبي داود عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال:" مامن مسلم يسلم علي إلا رد الله-تعالى- علي روحي حتى أرد عليه السلام", وفي
هذا الحديث دليل على وجود النبي صلى الله عليه وسلم حياً حياة برزخية في قبره,وأنه
لاتخلو لحظة في ليل أو في نهار إلا ويوجد في المسلمين-في أنحاء الأرض- من يسلم على
النبي صلى الله عليه وسلم,وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: إن هذا إعلام بثبوت
الحياة دائماً لثبوت رد السلام دائماً لثبوت السلام دائماً" لذا تجد بعض الزوار من
يلقي السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يتابع الخطاب بل يصمت فترة ليتلقى
الإجابة.
· يستحضر الزائر
أن النبي صلى الله عليه وسلم رحمة الله للعالمين ويمثل صورته الكريمة في خياله,وأنه
صلى الله عليه وسلم عالم بحضوره وقيامه وزيارته له ومكنون قلبه, ويستحضر في قلبه
حياة النبي صلى الله عليه وسلم في قبره المكرم,وأنه صلى الله عليه وسلم يعلم
بزائريه على اختلاف درجاتهم وأحوالهم وقلوبهم وأعمالهم,وأنه لايمكن لأحد أن يصل إلى
الله من غير طريقه صلى الله عليه وسلم.
·
يستحضر الزائر أن أعماله تعرض على النبي صلى الله عليه
وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم:" حياتي خيرٌ لكم تحدثون ونحدث لكم,ووفاتي خيرٌ لكم
تعرض على أعمالكم ,فمارأيت من خير حمدت الله عليه,ومارأيت من شر استغفرت الله
لكم".
· لايرفع الزائر
صوته عند السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولايخفيه,وأقله: السلام عليك
يارسول الله.
· وبعد السلام يخاطب الزائر رسول الله صلى الله عليه وسلم همساً,أو في
نفسه,ولا ينسى أن الأصل في الزيارة هو الشهادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بآداء
الأمانة وتوصيل الرسالة فيبدأ بالثناء عليه صلى الله عليه وسلم ويدعو الله أن يجزيه
عن أمته خير الجزاء.
· ثم يخاطب الزائر رسول الله صلى الله عليه وسلم بما في قلبه,ويستحسن
البعض أن يكون الخطاب بلا قراء منظمة أو مسجوعة,وإذا كان فلا مانع من ذلك,ولايرفع
الزائر صوته بقراءة أو نحوها مما قد يشتت فكر من جاوره في الزيارة,وإذا حضره البكاء
فلا يمنع نفسه ولايطيل ولايصدر صوتاً في بكائه.
· على الزائر لأول مرة أن يعلم أنه قد
تفاجئه حلة من فقدان شوقه الشديد السابق للمصطفى صلى الله عليه وسلم,وقد يكون هذا
من لطف الله عز وجل به حتى لايدفعه شوقه وحبه الشديد للنبي صلى الله عليه وسلم لعلو
صوته أو الإتيان بأي أمر ليس فيه حد الأدب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحبط
عمله دون أن يشعر.
· على الزائر تجنب الكلام والمجادلة مع أي شخص في هذا الموضع,وأن
يتأدب مع من ينظم الزيارة من حرس,ويطيع أوامرهم بصمت وحب وأدب دون أي جدال أو
مقارعة أو مناقشة.
· قال البرزنجي: إذا استقبل الوجه الشريف فالأفضل الوقوف,فإن طال
القيام به جلس ليكثر من الصلاة والتسليم عليه,والأولى أن يجلس مفترشاً أو متروكاً
أو جاثياً على ركبتيه,فإذا ذلك أليق بالأدب معه صلى الله عليه وسلم من التربيع
ونحوه.
· إن كان أحد
المسلمين قد أوصى الزائر بتبليغ السلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فليسلم عليه
ويبلغه ذلك,ويقول:السلام عليك يارسول الله من فلان بن فلان.
1- هل
يستقبل المسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الدعاء أم يستقبل
القبلة؟
· من الأدب للزائر عدم اعطاء ظهره للنبي صلى الله عليه وسلم في زيارة
أو دعاء أو صلاة.
· الزيارة من الروضة(من جهة الرأس الشريف):كان الصحابة والتابعون رضي
الله عنهم يزورون النبي صلى الله عليه وسلم من الروضة مقابل الرأس الشريف(أي من
شباك النبي صلى الله عليه وسلم الذي بين أسطوانة السرير والحرس) لأن المواجهة
الشريفة على عهدهم كان بها منازل أمهات المؤمنين.
· الزيارة من المواجهة الشريفة(من جهة
الوجه الشريف): وظل ذلك هو مكان الزيارة حتى أدخل الوليد بن عبد الملك بيوت أمهات
المؤمنين في المسجد, فصار الناس يزورون النبي صلى الله عليه وسلم من مقابل وجهه
الشريف أي من مكان المواجهة الشريفة الحالية,فكانت العادة الجارية في هذا الوقت أنه
بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمشوا إلى ناحية المحراب
العثماني,ويقفوا مستقبلين القبلة ويدعوا(وهذا من الأدب حتى لايعطوا ظهورهم للنبي
صلى الله عليه وسلم)
· وفي هذه الزيارة من المواجهة الشريفة قال البرزنجي:يسن للزائر إذا
أتى القبر المكرم أن يستدبر القبلة, ويستقبل الوجه الشريف وهو مذهبنا ومذهب جمهور
العلماء,ونقل عن الإمام أبي حنيفة مايوافق ذلك.
· ولكن أغلب السلف وأهل المدينة والصالحون
يزورون النبي صلى الله عليه وسلم من مقابل الرأس الشريف وظهورهم للروضة,وهذا يعطي
الفرصة لمن ينتهي من الزيارة أن يميل جانياً ويتجه إلى القبلة بالدعاء دون أن يعطي
ظهره للنبي صلى الله عليه وسلم.وذكر الفيروز آبادي في المغانم المطابة أن سيدنا زين
العابدين بن الحسين رضي الله عنه كان اذا جاء يسلم على رسول الله صلى الله عليه
وسلم وقف على الأسطوانة التي تلي الروضة,ويستقبل السارية التي فيها الصندوق اليوم(
أسطوانة الصندوق وهي داخل المقصورة النبوية الآن),فيسلم على رسول الله صلى الله
عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ويقول: ها هنا رأس رسول الله صلى الله
عليه وسلم.
· وفي
هذه الزيارة من الروضة من جهة الرأس الشريف قال ابن مُفلح وهو من مشايخ
الحنابلة:"تستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبر
صاحبيه,فيسلم عليه مستقبلاً له لا للقبلة,ثم يستقبلها(أي القبلة) ويجعل الحجرة عن
يساره ويدعو".
· وذكر البرزنجي أن الإمام مالكاً خالف في ذلك,فرأى أن الأولى إنما
يكون في حال الدعاء أيضاً مستقبلاً للرأس الشريف (وهذا من تمام الأدب عنده صلى الله
عليه وسلم) .
أي أن الإمام مالكاً رحمه
الله أبى أن يعطي الزائر حتى جنبه للنبي صلى الله عليه وسلم ويستقبل القبلة
ليدعو,وأوصى بأن يكون وجه الزائر في الدعاء أيضاً تجاه رسول الله صلى الله عليه
وسلم وورد قول الإمام مالك رحمه الله في موقف الزائر إذا سلم على النبي صلى الله
عليه وسلم ودعا يقف ووجهه إلى القبر لا إلى القبلة".
· وذكر العديد من العلماء أن استقبال القبلة بالدعاء ليس بواجب,بدليل
دعاء الإمام على المنبر في صلاة الجمعة وغيرها وظهره للقبلة,وهو دليل على جواز دعاء
المسلم في أي اتجاه.
· روى ابن حميد قال: ناظر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور أمير
المؤمنين مالكاً في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم,فقال له الإمام مالك: ياأمير
المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد النبوي,فإن الله –تعالى- أدب أقواماً فقال
تعالى: ( ياأيها الذين ءامنوا لاترفعوا أصواتكم فوق صوت
النبي) ( الحجرات :2) ومدح أقواماً فقال تعلى : ( إن
الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة
وأجر عظيم) (الحجرات: 3) وذم أقواماً فقال: ( إن الذين
ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لايعقلون) (الحجرات:4) وإن حرمته حياً
كحرمته ميتاً فاستكان المنصور,وقال: ياأبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو أم أستقبل
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ولم تصرف وجهك عنه, وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم
عليه السلام إلى يوم القيامة,بل استقبله واستشفع به,فيشفعك الله, قال الله –تعالى-:
( ولو أنهم إذا ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم
الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما) ( النساء: 64)
· ومن الأدب الأ يستدبر الزائر قبر الرسول
صلى الله عليه وسلم في صلاة ولا في غيرها,قال الشيخ عز الدين بن عبدالسلام: وإذا
أردت الصلاة,فلا تجعل حجرته صلى الله عليه وسلم وراء ظهرك ولا بين يديك,وتأدب معه
بعد وفاته أدبك معه في حياته من احترامه والإطراق بين يديه,وترك الخصام وترك الخوض
فيما لاينبغي أن يخوض فيه في مجلسه,فإن أبيتَ,فانصرافك خيرٌ من
بقائك.
ذكر البرزنجي أنه جرت سنة أهل
المدينة بإدخال جنائزهم المسجد النبوي من باب الرحمة,وإن لم يكن صوب طريقهم تيمناً
وتفاؤلاً بباب الرحمة,ثم يؤتى بالميت تجاه الوجه الشريف,فيقف حملته قليلاً يسألون
له الشفاعة منه صلى الله عليه وسلم,ثم يذهبون به إلى الصديق ثم إلى الفاروق,ثم يؤتى
به إلى المحراب العثماني,فتوضع رجلاه إلى يسار الإمام ( إلى الشرق) كما عليه
الناس,فيصلى عليه ثم يخرجونه من الروضة المشرفة إلى باب جبريل ومنه إلى البقيع,وأما
إذا صلي عليه في الروضة عند المحراب النبوي,فإنه يُجعل رجلاه إلى يمين الإمام ورأسه
جهة القبر الشريف. وكذلك إذا صلى الإمام في المحراب النبوي الصلوات المفروضة,وانتهى
من الصلاة كان لايستدير يعطي وجهه للناس-كالمعتاد في أي محراب- بل كان الإمام
يستدير ويعطي جنبه للناس ووجهه للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك تأدباً مع النبي صلى
الله عليه وسلم.
· ومن آراء كل من سبق من الأئمة والعلماء
يتضح أنه من الأدب للزائر عدم إعطاء ظهره للنبي صلى الله عليه وسلم بأي
حال.
منقووول
السبت يوليو 14, 2012 1:01 pm
