كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
الحق والحقيقة فى الفكر العربى Support

 

 الحق والحقيقة فى الفكر العربى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

الحق والحقيقة فى الفكر العربى Empty
مُساهمةموضوع: الحق والحقيقة فى الفكر العربى   الحق والحقيقة فى الفكر العربى Icon_minitimeالثلاثاء سبتمبر 04, 2012 8:30 pm

إنه طائر الحكمة.... اسم جميل ورائع للباحث عن الحقيقة الموضوعية، والحق الأزلي الأبدي.





زاده في بحثه أجنحة ترتفع به إلى الأعالي... إلى السماء الصافية مقترباً من النجوم في ألقها، وآخذاً من الشمس الكثير من نورها، وضيائها، والنور هو الأسلوب والطريقة الوحيدة لليقين، واليقين انكشاف الحقيقة، ومن سما في تحليقه وعلا اقترب وهو على بعد كبير من الحقيقة الأزلية



"الله جلت قدرته" "الحق العدل الحكم".



والله الحق: الموجود حقيقة، موجود على وجه لا يقبل العدم ولا يتغير، والكل منه وإليه، ولا وجود للوجود إلا به، وكل شيء إلى زوال إلا وجهه الكريم.



والله العدل يضع كل شيء في موضعه، وقال تعالى: "أن الله يأمر بالعدل والإحسان" سورة النحل الآية 90.



والعدل: الذي يعطي كل ذي حق حقه، والعدل وسط بين الإفراط والتفريط، ففي غالب الأحوال يحترز من التهور الذي هو الإفراط، والجبن الذي هو تفريط، ويبقى على الوسط الذي هو الشجاعة، وقال تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس".



والحكم: والحكم لغوياً بمعنى المنع، والله العظيم صاحب الفصل بين الحق والباطل، ولا يقع في وعده ريب، ولا في فعله غيب.



"من تعاريف أسماء الله الحسنى"



وفي الحكايات، فطائرٌ الحكمة إن حطّ لا يقف إلا على أكبر شجر السنديان، وهو رائع في النطق والصمت، وحكيم في اليقظة وفي النوم... أمن شبيه له؟!... ذلك محال استحالة ضم الحكمة بورودها، وأزهارها، ورياحينها، وزنابقها في أضمومة واحدة فهي أكبر وأكثر من أن تُجمع، وهي واسعة، ومنتشرة في جميع أرجاء المعمورة بل قبل خلقها وبعد نهايتها، وأصعب من أن يحاط بها جميعها، ومهما حاول البعض أن يتشبه ويشبه طائر الحكمة فهو عاجز العجز كله، ففي أجنحته طرق ولين واسترخاء، والله جلت قدرته هو الحكيم، وهي صيغة المبالغة لغوياً لصاحب الحكمة، وهو العليم بالأشياء وإيجادها على غاية الإحكام والإتقان والكمال، ومعارفنا جزء من معرفته الشمولية.



ما أردته، وما هدفت إليه أن أبين أن الحق والحقيقة يشكلان ركنين من أركان الفكر العربي، وعمادين له شأنه في ذلك شأن كل الحضارات البشرية عبر التاريخ، والتاريخ كان دوماً صراعاً بين الحق والباطل، بين الرياء والزيف والحقائق، ومن يعد إلى الأوراق القديمة في حضارتنا العربية، وما كتب فيها يجد الشواهد والأعلام والقيم...



يجدها في الحكايا، وفي الشعر، وفي الأمثال، وفي الأدب بل وحتى في كتب العلم، ويتوجها جميعاً ما جاء في كتاب الله، وأحاديث نبيه الصادق الأمين.



ففي كتاب "المنتظم" رائعة من روائع القصص تتحدث:



"عن الخليفة المنصور، وكان يمشي في شوارع بغداد فسمع رجلاً يقول: اللهم إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض يحول بين الحق وأهله من الظلم والطمع، فأسرع المنصور في مشيه حتى ملأ مسامعه، ومن ثم خرج فجلس ناحية المسجد، ثم أرسل إليه فدعاه، فصلى ركعتين، واستلم الركن مع الرسول، فسلم عليه، فقال المنصور: ما هذا الذي سمعتك تقوله عن ظهور البغي في الأرض، وما يحول بين الحق وأهله من الظلم والطمع فوالله حشوت مسامعي ما أمرضني فأقلقني. فقال: يا أمير المؤمنين إن أمنّتني على نفسي أنبأتك بالأمور، وإلا احتججت منك واقتصر على نفسي ففيها لي شغل شاغل. فقال: أنت آمن على نفسك. فقال: يا أمير المؤمنين إن الذي دخله الطمع حنى حال بينه وبين الحق وإصلاح ما ظهر من البغي والفساد في الأرض لأنت. قال: ويحك. كيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء بيدي، والحامض في قبضتي؟! قال: وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك يا أمير المؤمنين. إن الله عز وجل استرعاك أمور المسلمين بأموالهم، فأغفلت أمورهم، واهتممت بجمع أموالهم، وبينك وبينهم حجاب من الآجر والجص وأبواباً من الحديد، وحجبة معهم السلاح، ووزراء وأعواناً فجرة. إن نسيت لم يذكروك، وإن أحسنت لم يعينوك، وقويّتهم على ظلم بالرجال والأموال والسلاح، وأمرت أن لا يدخل عليك من الناس إلا فلان وفلان، تأمر بإيصال المظلوم والملهوف والجائع والعاري ولا أحد إلا وله في المال حق. رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك، وآثرتهم على رعيتك، وأمرت أن لا يحجبوا. تجبي المال ولا تقسمه. قالوا: هذا قد خان الله فما لنا لا نخونه وقد سُخرِّ لنا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس إلا ما أرادوا، ولا يخرج لك عامل أمرهم أقصوه عنك حتى تسقط منزلته عندك فلما انتشر ذلك عنك وعنهم أعظمهم وهابوهم، وكان أول من صانعهم عمالك بالهدايا والأموال ليتقووا بها على ظلم من دونهم من الرعية بالثروة والقوة، وامتلأت الدنيا بالطمع بغياً وفساداً، وصار هؤلاء شركاءك في سلطانك وأنت غافل، وأن متظلم حيل بينه وبين الدخول إلى مدينتك وإن أراد رفع قصة إليك عند ظهورك.



نهيت عن ذلك، ووقفت للناس رجلاً ينظر في مظالمهم، فإن جاء ذلك الرجل يبلغ سألوا صاحب المظالم أن لا يرفع مظلمته إليك، فإن صرخ بين يديك ضـُرب ضرباً ليكون نكالاً لغيره، وأنت تنظر فلا تنكر ولا تعتبر فما بقاء الإسلام وأهله؟!... وقد كان بنو أمية، وكانت العرب لا ينتهي إليهم مظلوم إلا رُفعت مظلمته، ولقد كان يأتي من أقصى الأرض حتى يبلغ سلطانهم فينادي:



يا أهل الإسلام، فيبتدرونه، فيرفعون مظالمهم إلى سلطانهم، فينصف لهم، وقد كنتُ يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصين وبها ملك، فقدمتها مرة، وقد ذهب سمع ملكهم، فجعل يبكي، فقال له وزراؤه: ما لك لا بكت عينك؟ فقال: أما أني لست أبكي على المصيبة إذ نزلت بي، ولكن المظلوم يصرخ فلا أسمع صوته، وقال: أما إن كان ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب، نادوا في أن لا يلبس ثوباً احمر إلا مظلوم، فكان يركب الفيل في طرفي النهار حتى يرى المظلوم فينصفه.



هذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله قد غلبت رأفته بالمشركين، ورقته على نفسه في ملكه، وأنت مؤمن بالله عز وجل وابن عم نبيه ألا يغلبك شح نفسك برأفتك بالمسلمين.



فإنك لا تجمع الأموال إلا لواحد من ثلاث إن قلت: أجمعها لولدي فقد أراك عبراً في الطفل الصغير يسقط من بطن أمه وما له على الأرض، وما من مالٍ إلا دونه يد شحيحة تحويه فلا يزال الله يلطف بذلك الطفل الصغير حتى تعظم رغبه إليه، ولست بالذي يعطي بل الله يعطي من يشاء مما يشاء، وإن قلت: أجمع المال لسلطاني فقد أراك الله عز وجل عبراً فيمن كان قبلك ما أغنى عنهم ما جمعوا من الذهب والفضة، وما أعدوا من السلاح والكراع ما ضرك وولد أبيك ما كنت فيه من ضعف أراد الله عز وجل ما أراد، وإن قلت: أجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنت فيها، فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزلة لا تدرك إلا بالعمل الصالح للمؤمنين.



هل تعاقب من عصاك بأشد من القتل؟!... قال: لا. قال: فكيف تصنع بالملك الذي ما أنت فيه من ملك الدنيا، وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل، ولكن يعاقب من عصاه في العذاب الأليم، وهو الذي يرى منك ما عقد عليه قلبك وأضمرته جوارحك، فبما إذا انتزع منك ملك الدنيا من يدك ودعاك إلى الحساب، هل يفي عنك ما كنت فيه شيئاً؟!... فبكى المنصور بكاءً شديداً حتى ارتفع صوته، ثم قال: يا ليتني لم أخلق ولم أك شيئاً، ثم كيف احتمالي فيما خولت ولم أر من الناس إلا خائناً.



قال: يا أمير المؤمنين عليك بالأعلام المرشدين. قال: ومن هم؟ قال: العلماء. قال: قد فروا مني. قال: هربوا منك أن تحملهم على ما ظهر من طريقتك، ولكن افتح الأبواب، وسهل الحجاب، وانتصر، وامنع الظلم، وخذ الشيء مما حل وطاب واقسمه بالعدل، وأنا ضامن لك عن من هرب أن يأتيك فيعاونك على صلاح أمرك ورعيتك. فقال المنصور: اللهم وفقني أن أعمل بما قال هذا الرجل".



والحق في التعريف صدق الحديث والحق اليقين بعد الشك، وعرف أيضاً قول الحق في مواطن الهلاك وقيل أن تصدق في موضع لا ينجيك منه إلا الكذب.



والحق عند (واصل بن عطاء) رئيس المعتزلة "الحق يعرف من وجوه أربعة: كتاب ناطق، وخبر مجمع عليه، وحجة عقل، وإجماع" - من كتاب الأوائل- "والمروءة لا تكتمل إلا عندما تنسى الحق لك وتذكر الحق عليك" - من كتاب المستطرف في كل فن مستظرف- "وحامي الحقيقة هو من يحمي ما يحق عليه أن يمنعه" - من كتاب أدب الكاتب-.



ومذاهب الصوفية ترى أن الرغبة هي رغبة النفس في الثواب، ورغبة القلب في الحقيقة، ورغبة السر في الحق، وقد سبق الأوائل الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى صاحب المعلقة الشهيرة، فقد أنشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه شعراً له يقو ل فيه:



فالحـق مقطـعه ثلاث يمين أو نفار ٌ أو جلاء.



وجعل عمر يتعجب من علمه بالحقوق، وتفضيله بينها ويقول:



"لا يخرج الحق من إحدى ثلاث، إما يمين، أو محاكمة، أو حجة".



وقول الحق والعمل بالحق إحسان فمن بدأ إحساناً عليه أن يكمل به، ومن صنع معروفاً فليتمه، ومن ذلك جاء المثل العربي القديم في كتاب الأمثال لأبي عبيد بن سلام:



"حق من كتب بمسك أن يختم بعنبر"، وتحذرنا الأمثال فتقول "لا تصحب من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له".



والفكر العربي في هذا المجال بل في الكثير من المجالات حواء كبير فيه القيم والأخلاق، وهو الأرض الخصبة التي نمت فيها بذرة الإيمان والدين، فزادت من عطائها كماً وتنوعاً، ومَزج الإسلام في مطلع عصوره بين القيم العربية والأصول الدينية فكانت الخلية من جسم العربي تضج وتفوح رموزا عبقة وعطوراً ونفحات.



وعن ذلك عبّر كتاب التعاريف وفي نصه "الضياء عند أهل الحقيقة رؤية الأغيار بعين الحق، فإن الحق بذاته نور، ولا يدرك ويدرك به، ومن حيث أسمائه نور بدرك فإذا تجلى للقلب من حيث كونه يدرك به شاهدت البصيرة الأغيار بنوره فإن الأنوار السمائية من حيث تعلقها بالكون مخالطة بسواد الضيعة"، والضياع هو: التفريط فيما له غنى وثمرة.



إنها البداية على طريق الهداية والحق، وهل لهذه البداية نهاية؟!... نقول: أبداً، فالحق كما ذكرنا أبدي وسرمدي يستمد كنهه من الحقيقة الأزلية الله الحق جلت قدرته.



والشاعر الجاهلي الأفوه الأودي، وهو يمني توفي عام 54 ق. ﻫ يحدد مرحلة من مراحل الحق فيقول:



إلى حفـرة يأوي إليـها بسـعيه فذاك بيت الحق لا الصوف والشَعر



وهالـوا عليه الترب رطباً ويابساً ألا كل شيء ما سـوى تلك يُجتبر



وهو الشجاع المتبني للأصول القائل:



وآخذ حقـي من رجـال أعزة وإن كرمت أعراقهم والمناسب



والإيمان بالذات الإلهية يأتي على لسان الشاعر زهير بن أبي سلمى المتوفى13 ق. ﻫ فيقول:



بـدا لي أن الله حق فـزادنـي إلى الحق تقوى الله ما كان باديا



ويحاربه في إيمانه ولربما سبقه الشاعر الجاهلي الحارث المذحجي، وهو مجهول تاريخ الولادة والوفاة فيقول:



فلما أراد اللـه رشـدي وزلفتـي أضـاء سـبيل الحـق لي وهدانيا



فألقيت عني الغيّ للرشـد والهدى ويممت نـوراً للحقيـقة باديـا



وصرت إلي عيسى بن مريم هاديا رشـيداً فسـماني المسيح حواريا



بني اتقـوا الله الذي هـو ربكـم براكـم لـه فيـما بـرا وبرانيـا



كانت البداية لمعرفة الطريق، وكانت المحطة والبيت القبر وعذاباته، ولكن أمن نهاية؟!...



هنا يقول العزيز القدير في كتابه:



"والوزن يومئذ الحق فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون" سورة الأعراف الآية 8



والحق أزلي أبدي، والحكمة من ذلك أن لا حدود زمانية أو مكانية له، والحق يتنوع ويزداد عبر الزمن والأيام يقتات من تجارب الحياة وأصولياتها، ولقد جاء في القرآن الكريم ليحدد الحق الأول فيقول:



"فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون" سورة يونس الآية 32.



وعَودٌ إلى طريف الحكايا، وفي كتاب (إعلام الناس بما وقع للبرامكة) للأتليدي، وتحت عنوان إن من البيان لسحراً يقول:



"يحكى أن بعض الملوك أرسل رجلاً من بطانته إلى بعض الجهات ليعرف خير عاملها، ويطالعه بأخبار الرعية، فلما وصل الرجل فطن له العامل، فأرسل إليه بمال وتحف، ثم قال: عرفت ما جئت له، وأنا أرغب إليك في كتاب تكتبه إلى الملك تذكر فيه أني حسن السيرة وسالك طريق العدل، فإن أنت فعلت ذلك فلك مني ما تشتهي رغبتك إليه من الخير والعطاء، وإن أبيت أمرت الشرطيين أن ينهوا إلى من أمرك في الملأ ما يوجب قتلك إما حداً أو سياسة، فأقتلك بمحضر من قاضي البلد، ووجوه الناس فتذهب كأمس الماضي فلما لم يجد الرجل بداً من موافقته، ولم يكن ليخون مرسله. كتب بحضرته كتاباً إلى الملك " أما بعد أعز الله الملك وأكرمه، فإني قدمت إلى مدينة كذا وكذا فوجدت العامل فلاناً آخذاً بالحزم عاملاً بالعزم قد ساوى بين رعيته، وعدل بينهم في أقضيته، وأرضى بعضهم بعضا، وجعل طاعته عليهم فرضا، وأنزلهم منزلة الأولاد، وأذهب ما بينهم من الأحقاد، وأراحهم من السعي في الدنيا وفرغهم للعمل في الأخرى، أغنى القاصد وأرضى الوارد فجميع أهل عمله داعون للملك، يودون النظر إلى وجهه الكريم والسلام"، فلما وصل الكتاب منه إلى الملك فكر وقال لوزيره: إن فلاناً لم يكن عندي بمتهم، فإن كتابه هذا يدل على ظلم العامل، فالتمس لي رجلاً يصلح لعمله فإني قد عزلته"، فقال الوزير: أصلح الله الملك وكيف ذلك؟!... قال: لأن قوله آخذاً بالحزم عاملاً بالعزم أي خائف مني لما اعتمده في الولاية، وأما قوله ساوى بين رعيته وعدل بينهم في أقضيته فمعناه وأنه لم يخص أحداً بظلمه بل الجميع سواء، وقوله وأرضى بعضهم بعضاً أي ذهبت أحقادهم لأن الشدائد تذهب الأحقاد، وقوله أنزلهم منزلة الأولاد معناه أخذ أموالهم ورأى أنها له آخذاً من قوله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك"، وقوله وأراحهم من السعي في الدنيا معناه أنه أخذ أموالهم ولم يترك لهم ما يسعون به لا ما به يتجرون، وقوله فرغهم للعمل في الأخرى معناه أنهم لزموا المساجد والعبادة لفقرهم، وقوله أغنى القاصد وأرضى الوارد فإنه يعني نفسه أي أعطاه مالاً ليكتب إلي بذلك، وأما قوله فجميع أهل عمله داعون لنا معناه أن يبصرنا ونطلع على ما هم فيه، وقوله يودون النظر لوجهنا أي يشكون إلينا ما لقوه منه ويستغيثون بنا، ثم إن الملك طلب العامل وأحضره على بابه، وأنصف الناس منه، وردّ عليهم ما كان العامل ظلمهم، واقتص منه فيما عليه فيه القصاص، وقابله على فعله".



وحكاية ثانية عن العدل والحق، والخوف من الله ففي كتاب - صفوة الصفوة- يقول:



"عن ابن عامر كان ابناً لشريح (وهو قاض)، قال لأبيه: بيني وبين قوم خصومة فانظر فإن كان الحق لي خاصمتهم، وإن لم يكن لي الحق لم أخاصمهم، فقصّ قصته عليه، فقال: انطلق فخاصمهم، فانطلق إليهم فخاصمهم إليه، فقضى على ابنه، فقال له لما رجع إلى أهله: والله لو لم أتقدم إليك لم ألمك فضحتني فقال: والله يا بني لأنت أحب إلي من ملء الأرض مثلهم، ولكن الله هو أعز عليّ منك أن أخبرك أن القضاء عليك فتصالحهم فتذهب ببعض حقهم".



ونكمل التجوال مع الشعر فنجد أن المثقب العبدي، وهو شاعر جاهلي من أهل البحرين 71-36 ق. ﻫ يقول:



أكرم الجار وارعـى حقـه إن عرفان الفتى الحقَّ كرم



وبشار بن الغدير المري شاعر جاهلي توفي عام 14 ق. ﻫ يقول:



قد نحبس الحق حتى لا يجاوزنا والحق يحبسـنا في حيث يلقانا



وحسان بن ثابت شاعر النبي صلى الله عليه وسلم يقول:



هداهـم به بعد الضلالة ربهم وأرشدهم من يتبع الحق يرشدُ



وعند الصوفية الزاهدين في الدنيا، وفي كتاب طبقات الصوفية جاء فيه "سمعت ابن سالم يقول: اجتهد في المراعاة لتلحقك الرعاية، فإن من كان في رعاية الحق في حصن حصين"، والشبلي يقول: "قلوب أهل الحق طائرة إليه بأجنحة المعرفة، ومستبشرة إليه بموالاة المحبة".



وعن الحق والحقيقة يقولون: "النفس هي الزيتونة المستعدة للاشتعال بنور القدس لقوة الفكر، والزيت نور استعدادها الأصلي".



والصوفي أبو حمزة يقول: "إذا سلمت منك نفسك فقد أديت حقها، وإذا سلم منك الخلق فقد أديت حقهم".



ويبادر حكيم ناصح، وعالم يقدر الأمور حق قدرها، فيوجه نصحه لأولي الأمر ويقول في (كتاب الكاتب)، وفي نصحه:



"لا تأخذن عن أحد من خاصتك وأعوانك وحاشيتك إنما قو الاحتمال له، ولا تكلف أمراً فيه شطط، واحمل الناس كلهم على مرّ الحق فإن ذلك أجمع لأمتهم، وألزم لرضا العامة، واعلم أنك جُعلت بولاياتك خازناً وحافظاً وراعياً، وإنما سمي أهل عملك رعيتك لأنك راعيهم وقيمهم، تأخذ منهم ما أعطوك من عفوهم ومقدرتهم، وتنفذه في قوام أمرهم وصلاحهم، وتقويم أودهم. فاستعمل عليهم ذوي الرأي والتدبير والتجربة والخبرة بالعمل والعلم بالسياسة والعفاف، ووسع عليهم في الرزق بذلك تستدعي زيادة النعمة من ربك، وحسن الأحدوثة في عملك، وأحرزت به المحبة من رعيتك، وأعنت على الصلاح، ودُرت الخيرات في بلدك، وفَشت العمارة بناحيتك، وظهر الخصب في كورك، وكثر خراجك، وتوفرت أموالك، وقويت بذلك على ارتباط جندك، وإرضاء العامة بإفاضة العطاء فيهم من نفسك، وكنت محمود السياسة مرضي العدل، ويتابع:واجعل في كل كورة من عملك أميناً يُخبرك أخبار عمالك، ويكتب لك بسيرتهم وأعمالهم حتى كأنك مع كل عامل، وراجع أهل البصيرة والعلم به، ثم خذ فيه عدته".



في تلك الحقب الزمنية كانت روائع أمتنا تفصّل الحق وتصفه في أدق جزئيا ته وفي أشمل شموليا ته لتشمل الحكم والسياسة، بينما كان الكثيرون على وجه البسيطة يعيشون وفق شريعة الغاب , فأكرم بها من أمة وأكرم به من ارث عظيم حوى كنوز الأصول والقيم.



والإمام الشافعي يقول: "ما أوردت الحق والحجة على أحد فقبلهما مني إلا هبته، واعتقدت مودته، ولا كابرني على الحق أحد ودافع الحجة إلا سقط من عيني"، ويكمل أحاديث له في نقائها وصفاها ليقول:



"أشد الأعمال ثلاثة:الجود من قلة، والورع في خلق، وكلمة الحق عند من يُرجى ويُخاف".



والمرأة العربية كان لها باع، ومساهمة في إيضاح وتوضيح الحق، فالشاعرة سودة الهمدانية:وهي من همدان شهدت معركة صفين مع علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تقول:



قد حالف الحق لا يبغي به ثمنا فصـار بالحق والإيمان مقرونا



وفي معجم الأمثال لوحة وصورة جميلة للحق ففيه:



الحق أبلج والباطل لجلج. الأبلج:الواضح، واللجلجة:التردد في الكلام.



ويتوجها جميعها كلام الله جلت قدرته، فلقد وردت كلمة الحق وما اشتق منها مائتين وسبعاً وثمانين مرة في القرآن الكريم.



"قد جاءت رسل ربنا بالحق" سورة الأعراف الآية 53.



"يريد الله أن يحق الحق بكلمته ويقطع دابر الكافرين"سورة الأنفال الآية 7.



"ولا تلبسوا الحق بالباطل وأنتم تعلمون" سورة البقرة الآية 42.



"الحق من ربك فلا تكونن من الممترين" سورة البقرة الآية 147، الممترين: الشاكين.



والرسول العربي الكريم صلى الله عليه وسلم يوضح بعضاً من الحقوق:



"إن لربك عليك حقاً، ولنفسك عليك حقاً، ولأهلك عليك حقاً فاعط كل ذي حق حقه" كلمات قالها سلمان، وقال رسول الله لقد صدق سلمان.



وهو القائل: "من اقتطع حق امريء مسلم بيمنيه فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة، لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة". ظاهرين: قائمين بأمر الله غالبين. ويقول عليه الصلاة والسلام "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"



أليس الحق أزلياً إلى يوم القيامة... أليس فيه الوزن للحق، ولمن ثقلت موازينه فأفلح في عبوره إلى النهاية السعيدة.



رغبت وقد أردت التخفيف من صلابة التعابير لأنها تعبر في مضامينها عن رؤى فلسفية، فآثرت سرد القصص فيها، ففي القصص عبر وحكم وتسلية، والحكاية التالية رغم حكمة الحق فيها إلا أن بها شيئاً من الطرفة، وصاحب الحكم فيها هو الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، والمعروف عن الإمام إضافة إلى مآثره العظيمة أنه كان ذا مزحة. قال زر بن حبيب:



"جلس رجلان يتغديان، مع أحدهما خمسة أرغفة ومع الآخر ثلاثة أرغفة، فلما وضعا الغذاء بين أيديهما مرّ بهما رجل فسلم، فقالا: اجلس وتغد معنا، فجلس وأكل معهما، واستووا في أكلهم الأرغفة الثمانية، فقام الرجل وطرح إليهما ثمانية دراهم، وقال: خذاها عوضاً مما أكلت لكما ونلته من طعامكما، فتنازعا، فقال صاحب الخمسة أرغف لي خمس دراهم ولك ثلاث. قال صاحب الأرغفة الثلاثة: لا أرضى إلا أن تكون الدراهم بيننا نصفين فارتفعا إلى أمير المؤمنين عليّ فقصا عليه قصتهما، فقال لصاحب الثلاثة: قد عرض عليك صاحبك ما عرض، وخبزه أكثر من خبزك فارض بالثلاثة، فقال: والله لرضيت عنه إلا بمر الحق، فقال علي: ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد وله سبعة دراهم. قال الرجل: سبحان الله، فقال له: علي هو ذلك. قال: فعرفني في مر الحق حتى أقبله، فقال علي: أليس للثمانية أرغفة أربعة وعشرون ثلثاً أكلتموها، وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلاً، ولا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء. قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثاً أكل منها ثمانية وبقي له سبعة أكلها صاحب الدراهم، وأكل واحداً من تسعة فلك واحد بواحدك وله سبعة، فقال الرجل: رضيت".



الحقيقة



أعود ثانية إلى طائر الحكمة، وفي نظرة إعجاب وتطلع أراه يغرد ويقول بأن الحكمة جماع الحقائق وقصرها المنيف الكبير، يعيش في ردهاته العديدة كل حكيم رام من الحياة ثراءها الفكري، ومن الآخرة العبودية والاستكانة والخشوع، ففي حياته تجوال دائم في جنبات القصر، وبحث مستمر عن أجمل نبتة خضراء تلون الوجود، وزهرة فيها كل ألوان قوس قزح، وألوان القوس ليست في تعدادها وتدرجها كرؤيتنا لها بل من تداخلها وتمازجها تبدع الآلاف من الألوان توشي الطبيعة بزخارفها، والزهرة في تلونها العديد العديد... تعبق بروائح المسك والعنبر وكل العطور إلا عطر الجنة فهو أكملها وعشق التطيب به يختلج في جوارحنا ضياء ومتعة وأملا ً، والتفكر بداية الرحلة الزمانية للوصول إلى الحقيقة.



وفي كتاب "التعريفات": التفكر تصرف القلب في معاني الأشياء لدرك المطلوب، وسراج القلب يرى به خيره وشره ومنافعه ومضاره، وكل قلب لا تفكر فيه فهو في ظلمات يتخبط.



وقيل هو إحضار ما في القلب من معرفة الأشياء، وقيل التفكر تصفية القلب بموارد الفوائد، وقيل مصباح الاعتبار ومفتاح الاختيار، وقيل حديقة أشجار الحقائق وحدقة أنوار الدقائق، وقيل مزرعة الحقيقة ومشرعة الشريعة، وقيل فناء الدنيا وزوالها وميزان بقاء الآخرة ونوالها، وقيل شبكة طائر الحكمة.



وفي ريا ض الشعر والأدب تقول الشاعرة الخنساء، وهي تندب أخاها:



حامي الحقيقة يسال الوديعة معــ ـشاق الوسيقة جلد غير ثنيان



وقالت العرب في إطار المديح والثناء "فلان يسوق الوسيقة، وينسل الوديعة، ويحمي الحقيقة".



الوسيقة: الطريدة من الإبل، ويسقها أي يقبضها، والوديعة: حر نصف النهار، وينسل الوديعة تقال للرجل المشمر القوي. أي ينسل نسلانا في وقت الحر نصف النهار.



والشاعر إبراهيم طوقان يقول:



تلك الحقيقة والمريض القلب تجرحه الحقيقة



وابن عبد ربه الأندلسي يجعل القلب كباقي العرب مكان الحقيقة، من أهل قرطبة 860 - 939 م صاحب كتاب العقد الفريد يقول:



عاين بقلبك إن العين غافلـة عن الحقيقة واعلم أنها سقر



والحراق 1770 - 1845 م شاعر وإمام جليل دفن بثغر تطوان يقول في غزله، ونظرة المحب إلى الحبيب:



ويصير ليس بناظر من ذاته إلا الذي هو في الحقيقة ذاته



وتكون السياسة في حقائق التاريخ فحافظ إبراهيم يحذر الزعيم سعد زغلول من أحابيل المحتلين، وهو مهندس مصري وشاعر قومي 1871-1932م ويقول:



إن ملـوا فـدع الخـيال فإنـما عنـد الحقيقة يسـقط التمثيـل



الشبر في عرف السياسة فرسخ واليـوم في فلك السـياسة جيل



والشاعر خليل ناصيف اليازجي، لبناني 1856 - 1889 يجعل الحقيقة دواء يقول:



ولقد رأيت الصبر مراً طعمه لكنه عنـد الحقيقة يعـذب



ولربما عيف الدواء كراهة لكن ينال به الشفا إذ يشرب



وفلاسفة الصوفية وشعرائها أضافوا معان جميلة إلى الحقيقة فهم ينطلقون من السر، والسر عندهم لطيفة إنسانية مودعة في القلب كالروح في البدن، وهو ألطف من الروح، وهو محل المشاهدة كما أن الروح محل المحبة، والقلب محل المعرفة.



قال ابن عربي: السر يطلق لمعان، فيقال سر العلماء بإزاء حقيقة العالم به، وسر الحال بإزاء معرفة مراد الله فيه، وسر الحقيقة بإزاء ما تقع به.



والشاعر الصوفي عبد القادر الجيلاني 1078 - 1166 م عاش في بغداد، وكان قد ولد في جيلان في أواسط آسيا يقول:



وجودي سرى في سرِ سرِ الحقيقة ومرتبتـي فاقت علـى كـل رتبة



وفي إطار تعريف الحقيقة يقول السكاكي في كتاب "الإيضاح في علوم اللغة" للقزويني:



"الحقيقة العقلية هي الكلام المفاد به ما عند المتكلم من الحكم فيه، والتلبيس ستر الحقيقة وإظهارها بخلاف ما عليه، والحقيقة ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه، وبلغ حقيقة الأمر أي يقين شأنه، واليقين انكشاف الحقيقة"، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول:



"لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب مسلماً بعيب هو فيه".



وكتاب (أبجد العلوم) يحدد أنواع الحقيقة ففيه "المراد بالعقل قوة للنفس تدرك النائيات بنفسها، والمحسوسات بالوسائط، وبصورة الشيء ما يكون آلة لامتيازه سواء كان نفس ماهية الشيء أو شبحاً له والظرفية على الحقيقة، والقائلين بأن العلم صورة فرقتان:



الأولى: تدعي أن الصور العقلية، مثل وأشباح للأمور المعلومة وهنا تبدو الحقيقة بحسب المجاز كأن يقال مثلا ً النار موجودة في الذهن.



والثانية: تدعي أن الصورة مساوية في الماهية للأمور المعلومة بها، بل الصور هي ماهيات المعلومات حاصلة في النفس فيكون العلم والمعلوم متحدين بالذات مختلفين في الاعتبار، ويكون للأشياء وجودان خارجي وذهني".



والعالم يتوجه فكرة إلى واحدة من الحقائق، وينظر ما يعرض لذاته واحداً بعد واحد، ويتمرن عليه حتى يصير إلحاق العوارض بتلك الحقائق ملكة فيكون علمه حينئذ بما يعرض لتلك الحقيقة علماً مخصوصاً، وقد يكون مستفاداً من وقائع الزمن ويسمى علماً تجريبياً، وقد يكون بالبحث وإعمال الفكر ويسمى علماً قياسياً، والعلم محصور في التصور والتصديق.



وكان للحقائق علماً عند العرب سمي بعلم الحقائق، وفي ذات الكتاب أبجد العلوم "علم السلوك هو معرفة النفس ما لها وما عليها من الوجدانيات، ويسمى بعلم الأخلاق وبعلم التصوف أيضاً، وفي مجمع السلوك واشرف العلوم علم الحقائق والمنازل والأحوال، وعلم المعاملة والإخلاص في الطاعات والتوجه إلى الله تعالى".



وهناك الحكمة المسكوت عنها، وهي أسرار الحقيقة التي لا يطلع عليها علماء الرسوم والعوام على ما ينبغي، بل يضرّهم أو يهلكهم ذلك، وهي تتركز في الغيبيات حول أحوال الناس في الآخرة - من كتاب التعريفات-



وحتى الأدب فهو على أنواع أربعة:



أدب الشريعة، وأدب الخدمة، وأدب الحق، وأدب الحقيقة، وهو جماع كل خير آداب البحث صناعة نظرية. من كتاب (التعاريف).



وهكذا وفي نهاية التطواف يتأكد لنا وبجلاء عِظم الحق في الذهن والفكر العربي، والحق أبلج يفرّع الزمن منه حقوقاً أكثر وأكثر فكلما تنوعت الحياة أضافت حقوقاً جديدة على الحقوق الرئيسية الثابتة الدائمة وهي الصدق - المساعدة- الجهاد- الأمانة- البر...



حقوق أبدية هي للآخرين فرض علينا، والواجب يتطلب منا أداءها برضى نفس، وسعادة، ومن الأساسيات تتكاثر حقوق مكملة والطرق إليها متنوعة... إن برّ الوالدين يكون في الحب، الطاعة، وإيفاء حقوقهم وتأمين مطالبهم، والعناية بهم، وتربية الأولاد على القيم والأخلاق حق أساسي، وتعليمهم أساسي لكن الزمن أضاف إلى التعليم حقوقاً سميت بمراحل التعليم وتنوعاته.



والحق حقيقة واجبة الوجود فإن غاب وجوده واندثر أصبحت الحياة خواء مدمرة لا قيمة لها، والحقيقة يكسبها الحق الرونق والألق، وهي بدونه زيف حقيقة، لا تلبث أن تتلاشى وتضيع في زوايا العدم، فالظلم وفي غفلة من المبادىء والمعارف يصبح حقيقة، لكنه وبمقدار ما يعمله من تدمير للحرث والنسل إلا أنه يحمل وفي ذاته نهاياته السريعة، فالظلم لا يدوم بينما العدل يحمل معه الطيبة والسعادة والفرح ويجمع نفار القلوب، وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم:



"إن منكم منفرين" أي من يلقى الناس بالغلظة والشدة ينفّرون من الإسلام والدين.



والحقيقة وإن كانت متعلقة بموضوع أو علم أو سلوك فإنها ظرفية لها عمر يكبر ويصغر وفق ما حدد لها، فهي آنية كحقيقة البرق والرعد، وهي يومية متناوبة بين الليل والنهار كحقيقة نور الشمس، ونور القمر والنجوم، وهي شبه دائمة دوام الحياة لكنها قد تغيب لفترات وجيزة كحقيقة الصدق والعلم والمعرفة.



لكن هناك الحقيقة الأساسية، وهي منبع كل الحقائق ومصدر كل الإشراقات والشروق والإضاءات والنور، وهي مصدر الوجود وفيها مكمن الروح.



إنها الحقيقة الأزلية الدائمة الوجود.



إنه الله جلت قدرته الحق العدل الحكم.



أما قلت إن الحق حقيقة واجبة الوجود.



والشاعر ابن قيم الجوزية 1292 – 1349 م، وهو شاعر دمشقي من أركان الإصلاح الإسلامي، وأحد كبار العلماء تلميذ لشيخ الإسلام ابن تيمية، سجنا سوية في قلعة دمشق، وله كتب عديدة يقول:



إن كان رب العرش حقاً لم يزل أبـداً إلـه الحـق ذا سـلطان



بل ليس في المعقول غير ثبوته للخالـق الأزلـي ذي الإحسـان



والله سـابق كل شـيء غيـره مـا ربُّنـا والخلـق مقـترنان



والله كان وليـس شيء غيره سـبحانه جـل العظيم الشـان



لكنه الأزلـي ليـس بمحـدث ما كان معـدوماً ولا هـو فـان



إن الحق والحقيقة، بل الحقوق والحقائق منابع فياضة في عبقرية الفكر العربي الإسلامي.


منقوووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحق والحقيقة فى الفكر العربى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القرآن وتقويم الإنسان \الشيخ جاد الحق على جاد الحق
» مجموعة كتب الشيخ جاد الحق على جاد الحق
» الشيخ جاد الحق على جاد الحق
» غزوة الفكر
» نظرية الشك فى الفكر الانسانى

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المـــنــتـــدى الـــعـــــــام :: قسم الحوار-
انتقل الى: