هكذا أفضل

على أطراف القرية, وقرب النهر كان بستان حسن المسور بأشجار التوت والزيزفون وفي زاوية من البستان سكن حماره الذي يحمل عليه كل منتجات بستانه وخاصة الحليب.

كان الحمار صبوراً يتحمل ثقل الخضار وصناديق الفاكهة والحليب لكنه أحياناً لايتعاطف مع حسن ينفر منه يرفس بحافره جرار الحليب قال حسن لزوجته: يبدو هذا الحمار له مزاج خاص.‏

عجيب هذا الحمار كيف أتعامل معه لا أدري ذات صباح أخذ حسن حماره وعلى ظهره جرات الحليب البلاستيكية في طريقه إلى المدينة ليبيعه ، ربط الحمار على سور حديقة قرب حمار كان يقف هناك.‏

تطلع الحمار ملياً بالحمار الذي يحمل الحليب وقال له :‏

منذ زمن أراك تقف هنا, مااسمك , أحب التعرف عليك لنصبح أصدقاء.‏

حمار حسن كشر أسنانه واصطنع ضحكة ساخرة وأجابه:‏

اسمي حائر..‏

ـ وأنا صابر.. لكن من أسماك حائر..؟!‏

أنا أطلقت على نفسي هذا الاسم لأنني حائر من أمري‏

ـ أنت حائر من أمرك .. وكيف..؟‏

أنا لست سعيداً ولامرتاحاً مع هذا الشخص أبداً إن ما أراه منه يزعجني لذلك أحياناً أفكر أن أؤذيه.‏

ـ ماذا ترى ياصديقي..؟‏

ـ أراه يغش الحليب, يضيف إليه ماء ،إن هذا الحليب الذي أحمله على ظهري نصفه ماء وأنا أرفض هذا الغش, إنه أذى للناس, أليس كذلك التفت إليه صديقه وقد شنف أذنيه ولاح بذيله, ثم ضرب الأرض بحوافره..‏

ـ معك حق ياصديقي.... لهذا السبب أسميت نفسك حائراً.‏

اقترب صاحب الحليب من الجرار ليأخذها, لكن حائراً ضرب الأرض بحوافره ورفس صاحبه ثم رفس جرار الحليب فانسكب على الأرض, وهو ينهق بصوت مرتفع .. كأنه يقول:‏

ـ هذا أفضل من أن تبيعه للناس مغشوشاً ونصفه ماء..‏

سحب حسن الحمار بعد أن أهلكه ضرباً بعصاه التي لا ترحم وهو يهدده بالضرب وتأديبه إن فعلها مرة أخرى.‏

وفي اليوم الثاني مر صابر مع صاحبه الخضري قرب البستان فرأى حائراً ملقياً على الأرض يئن ألماً والدماء تنزف من جلده.. توقف قربه مع صاحبه ونظر إليه متأثراً, رفع رأسه حائر وهو ينهق ويئن بحزن وألم وكأنه يقول:‏

إن ماجرى معي ياصديقي أراحني, لعله فهم أن لايغش الناس بعد الآن.‏


منقوووووووول