مسرح كبير

صدق الكاتب الانجليزى ويليام شكسبير حين قال وما العالم الا مسرح كبير

فالدنيا بكل ما فيها عبارة عن مسرح يعرض مسرحية طويلة المدة وهذا هو

الاختلاف بين المسرح الصغير والمسرح الكبير . فمسرح الدنيا يعرض

مسرحية من فصول لا متناهية يشترك فيها جميع البشر ويلعبون ادوارهم

بدقة متناهية وهذا يعود الى سبب هام جدا الا وهو ان الممثلين اندمجوا فى

ادوارهم ونسوا تماما ان حياتهم بأكملها ما هى الا جزء من رواية متشعبة

ومتعددة الاتجاهات والقضايا . ان الحياة بكل ما فيها مجرد وهم كما الديكور

المكذوب فى المسرحيات . هناك فرق بسيط بين من يجيد لعب دوره باتقان

ومن يفشل فى القيام بدوره على النحو المطلوب فالممثل البارع هنا يختلف

تماما عن الممثل البارع فى المسلسلات والمسرحيات قصيرة المدة ففى مسرحنا

الكبير كلما ازداد اتقان الممثل لاداء دوره كلما برهن ذلك على كونه انسان

فاشل بعكس المسارح الصغيرة ففى المسارح الصغيرة يكون المطلوب من الممثل

اداء دوره بمهارة وذلك باتفاق مسبق لذا فمهارته فى اداء دوره هو الشيىء المطلوب

اما فى مسرحنا الكبير فالممثل الفاشل هو الممثل الذى يجب ان يصفق له الجمهور

بكل ما أوتوا من قوة لانه ادرك تماما حقيقة هذا العالم وادرك ان دوره فيه سينتهى

مهما كانت نسبة النجاح التى حققها وادرك ايضا انه ليس من الضرورى ان يتقن

دوره فى هذا العالم بقدر ما هو ضرورى ان يعى ان هذا الدور ما هو الا وسيلة

للوصول الى غاية هذا الغاية هى الحياة الحقيقة التى لا تحتاج منا الى تقمص

شخصيات او اداء ادوار إنها دار البقاء . ان الهروب من الدور المرسوم فى هذا

المسرح الكبير هو النجاح الحقيقى فلا يجب ان ننخدع بهذه الدنيا ونظن ان دورنا فيها

لن ينتهى فرغم انها مسرح كبير الا ان الادوار فيها تمر سريعا وتنتهى رواية كل

انسان منا لتبدأ روايات اخرى فى هذا المسرح الكبير . انسان يموت وانسان يولد للحياة

من جديد ليقوم بدوره دون ان يعى حقيقة ما هو فيه من وهم او يستيقظ ويعى الحقيقة

ويعلم ان دوره مهما طال فلابد له من نهاية فيختصر الطريق ويرفض الواقع بكل ما

فيه وبكل تفاصيله ورواياته . ان حياتنا وسط ما بين الخيال والحقيقة فالخيال هو الذى

نحياه الان اما الواقع والحقيقة هى دار البقاء ودار الحيوان . فأعمل لدنياك كأنك تعيش

ابدا واعمل لاخرتك كأنك تموت غدا . عفوا يا دنيا سئمت الاستمرار فى اداء دورى

فيكِ وما لى حاجة الى مسرحك فما عاد يعنينى ..