عندما يستيقظ الخيال / قصة قصيرة

عندما يستيقظ الخيال / قصة قصيرة 
على درجات الشهرة قد ارتقى وعلا نجمه وأحبه الجميع ، كان مخلصا يؤدى ادواره بجدارة تصل احيانا ذروتها لتعطى الإيحاء للمشاهد استحالة التصديق انه يقف امام مشهد تمثيلى 
ولكن هل يدرك المشاهد ماذا يعترى هذا الشخص الكائن امامهم فى هذا الوقت حتى يصل الى هذا الحد؟
اذا اقتربنا منه نجده يتقمص الدور بشكل مرضي . نعم بشكل مرضى يصعب الخروج منه إلا بعد فترات طويلة تهدأ النفس وتسترجع طبيعتها .بل والغريب فى الأمر انه فى المشاهد الخطرة والمعروف انه يتم استبدال البطل بالدوبلير او الفوتوشوب يرفض بإصرار الاستعانه بأى وسيلة ويعرض حياته للأهوال وسط غيظ طاقم الإخراج والمونتاج وارتباكهم 
ثم يشاهد ما فعل بعد ذلك فلا يستشعر الرضا عما فعل فيطلب الإعادة مرارا وتكرارا والنتيجة فى النهاية انه ما سمعنا به راضيا عن اى عمل اداه حتى الآن .
لذا كانوا يتحرون الدقة فى اختيار ما يرشح له خوفا على حياته ..ومن غرائبه ايضا انه ما اهتز قلبه ولا التفت الى احداهن ولو بالتمثيل لذلك ايضا استبعد قبول اى ادوار رومانسية لن يستطيع التأقلم معها وكثيرا ما اختلى بنفسه يبثها حزنه ورغبته فى ان يهدأ هذا القلب فقد غلبه الشوق الى محبوبة يكاد يستمع الى نبضات قلبها ويراها بدقة إذا اغمض عينيه بكل تفاصيلها ولفتاتها وابتساماتها وكلماتها التى تتدفق بلسما يطيب الجروح ويمحو الآلام 
بحث عنها فى كل الوجوه . سافر هنا وهناك عله يجدها ولم يحدث .سنوات انقضت وهو على هذا الحال .
على الاجانب الآخر فناننا صاحب الأنامل الذهبية واللوحات العبقرية والتى تستحق العالمية عن جدارة يواصل النجاح بلوحاته المذهلة التى تكاد تتجسد حقيقة امامنا 
وتتشابه الصفات بقوة فالرسام ايضا مجنون بفنه يسعى الى طلب الكمال فيما تخط ريشته وفى كثير من الأحيان بعد كل الجهود التى يبذلها فى رسم إحدى اللوحات يمزقها باكيا لأنه لم يصدقها او يقنع بها لذا لم يبق من ابداعاته إلا القليل النادر ويقصده الهواة بالإسم ويخرجون باللوحات التى استطاعوا الحصول عليها كأنهم حصلوا على كنز ثمين 
وايضا يعانى صاحبنا من نفس مشكلة ممثلنا المشهور .لم يجد نصفه الآخر بعد ولم تستطع إحداهن اختطاف قلبه ..
ولا ادرى كيف التقى هذا بذاك فى يوم من الأيام وكيف ان ممثلنا جلس اليه طالبا منه رسم محبوبته واصفا له إياها بدقة بالغة ...وكيف ان الفنان لبى الطلب بكل راحة ومصداقية فى تطبيق ما وصفه الآخر .ّ..استغرقت منه اللوحة الكثير من الوقت اختلى فيه بنفسه أشهر عدة وهو لا يتوانى عن التخيل والتطبيق الى ان اكتملت صورتها 
لم تكن فائقة الجمال كنجمات السينما او عارضات الأزياء ولكنها كانت ساحرة بكل ما تعنيه الكلمة ....خفق قلب الفنان وجن جنونه بلوحته ورأى فيها مبتغاه وصار مولعا بها حتى انه كان يحادثها وتحادثه ..ّكل ما فيها ينبض بالحياة واكتفى بها واحتجب عن العالم ولم يخرج من خلوته ولم يستطع الرد على المهاتفات المتكررة من صديقنا الممثل خوفا على المحبوبة فليس على استعداد ان يفرط فيها مهما حدث 
ضاق الممثل بهذا الهروب والمشتاق لا عقل له فقرر ان يقتحم عليه مرسمه ليعلم ما الذى جعله لم يفى بالوعد ويحجبه هكذا .
وبالفعل تم ....ومن اجل الحظ السئ لكلاهما رآه واقفا امام اللوحة وقفة الراهب فى محرابه 
والعجيب ان الدنيا دارت به فقد رآى عشقه اخيرا امام عينيه انها هى بكل تفاصيلها جرى مهرولا اليها وقلبه يكاد يقف من السعادة ..وقبل ان تمتد يده اليها يباغته الرسام مانعا إياه بشدة ...كلاهما مستغرق فى عالمه ظنا انها تخصه وحده ولا يحق للآخر حتى ان ينظر اليها 
ولكم ان تتخيلوا ما حدث بينهما فى هذه اللحظة من شجار حقيقي عنيف ادى بهما الى تدخل الشرطة واصبحت قضية رائجة بين وسائل الإعلام عن المشهورين الذين تعاركا من أجل لوحة !
مثل كلاهما امام القضاء كل يحكى قصته معها وأحقيته بها بتعبيرات صادقة جعلت حتى القاضى حائرا مكتوف الأيدى امام هذه القضية المعقدة 
ولكم ايضا ان تتخيلوا حيرتى انا شخصيا فى انهاء هذه القصة ! فلمن سأعطى اللوحة ؟
من منهما احق بها ؟؟؟
زهرة