وثيقة الازهر وثيقة التنوير //يحيى الجمل

الإمام الأكبر أحمد الطيب، قامة كبيرة من قامات العلم والفضل والاستنارة، وقد أكرم الله به الأمة الإسلامية وأزهرها فى هذه الأيام القاسية، التى عز فيها الاعتدال والتسامح وثقافة الحوار.
وفى الآونة الأخيرة تفضل سيادته بدعوة نخبة من المفكرين المشهود لهم بالعمق والإخلاص والموضوعية على اختلاف انتماءاتهم الفكرية بل والدينية لاجتماعات جمعت بينهم وبين كوكبة من كبار علماء الأزهر، وقد عقدوا جميعاً عدة اجتماعات، تدارسوا خلالها ما تمر به البلاد فى هذه الفترة الدقيقة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، التى استطاعت أن تهز نظاماً فاسداً طاغياً من جذوره وأن تسقطه ومازالت تقف تستشرف بناء نظام جديد يليق بمصر وشعب مصر وثورة مصر.
وبعد عدة اجتماعات ودراسات ومناقشات توافقوا جميعاً على مجموعة من المبادئ الكلية التى تمثل الحدود المشتركة التى تصل إلى الأطر الفكرية الحاكمة التى تقود المجتمع فى المرحلة الدقيقة القادمة.
وقد جاء فى صدر الوثيقة التاريخية التى صدرت عن هذه الاجتماعات أنه «اعترافاً من الجميع بدور الأزهر القيادى فى بلورة الفكر الإسلامى الوسطى السديد، فإن المجتمعين يؤكدون أهميته واعتباره المنارة الهادية التى يستضاء بها، ويحتكم إليها فى تحديد علاقة الدولة بالدين وبيان أسس السياسة الشرعية الصحيحة التى ينبغى انتهاجها، ارتكازاً على خبرته المتراكمة، وتاريخه العلمى والثقافى».
وقد حرص المجتمعون على أن يستلهموا فى مناقشتهم روح تراث أعلام الفكر والنهضة والتقدم والإصلاح فى الأزهر الشريف، ابتداءً من شيخ الإسلام الشيخ حسن العطار وتلميذه الشيخ رفاعة الطهطاوى إلى الإمام محمد عبده وتلاميذه وأئمته المجتهدين من علمائه من أمثال المراغى ومحمد عبدالله دراز ومصطفى عبدالرازق وشلتوت وغيرهم من شيوخ الإسلام وعلمائه إلى يوم الناس هذا.
كما استلهموا فى الوقت نفسه إنجازات كبار المثقفين المصريين ممن شاركوا فى التطور المعرفى والإنسانى، وأسهموا فى تشكيل العقل المصرى والعربى الحديث فى نهضته المتجددة، من رجال الفلسفة والقانون، والأدب والفنون، وغيرها من المعارف التى صاغت الفكر والوجدان والوعى العام.
وهكذا لم يقتصر هؤلاء العلماء والمفكرون الأفاضل على ثمار الفكر الدينى المستنير وإنما جمعوا إليه ثمارا لفكر الفلسفى والأدبى فى شتى أنواع المعرفة، كل ذلك من أجل أن يرسموا شكل الدولة العصرية التى نبتغيها جميعاً لمصرنا الحبيبة بما يحقق لهذا البلد عملية التحول الديمقراطى ويكفل العدالة الاجتماعية، ليس هذا فحسب وإنما يجعل مصر تتمكن من دخول عصر إنتاج المعرفة والعلم، ومعروف أن إنتاج المعرفة هى مرحلة من أعلى مراحل البحث العلمى.
إن التقدم فى العالم الآن يقاس بأمم تعلم وتنتج العلم، وأمم تتلقى ما ينتجه غيرها من علم. وشتان بين هؤلاء وهؤلاء.
كذلك فقد أكدت هذه النخبة من علماء الأزهر ومن المفكرين ذوى المنابع المختلفة ضرورة حماية المبادئ الإسلامية من كل صور التطرف والغلو، ومن التيارات المنحرفة التى قد ترفع شعارات دينية طائفية تحيد عن منهج الاعتدال والوسطية، وبذلك تناقض جوهر الإسلام فى الحرية والعدالة والمساواة بين سائر المواطنين، مهما تغايرت عقائدهم الدينية.
وانتهى المجتمعون إلى عدد من القضايا التى تتفق مع سماحة الإسلام وثوابته وتلتقى مع عصارة الفكر الإنسانى الحديث والتى تؤكد:
أولاً: ضروة تأسيس دولة دستورية تقوم على أساس الديمقراطية ومبدأ المواطنة وتكفل التعددية التنظيمية والتداول السلمى للسلطة.
ثانياً: الإيمان بثقافة الحوار وأدب الاختلاف واجتناب تكفير الآخرين أوتخوينهم، واعتبار أن الحث على الفتنة الطائفية جريمة فى حق الوطن.
ثالثا: الاحترام الكامل لدور العبادة لأتباع الديانات السماوية الثلاث وضمان الممارسة الحرة لجميع الشعائر الدينية دون معوقات.
رابعاً: اعتبار التعليم والبحث العلمى ودخول عصر المعرفة قاطرة التقدم الحضارى.
خامساً: تأكيد الانتماء العربى والمحيط الإسلامى والامتداد الأفريقى وتفعيل ذلك كله ومناصرة الحق الفلسطينى بكل ما يقتضيه هذا الحق من إقامة الدولة المستقلة مكتملة السيادة.
سادساً: الدعوة إلى استقلال مؤسسة الأزهر وعودة هيئة كبار العلماء التى تقوم -إلى جوار أغراض أخرى- بترشيح واختيار شيخ الأزهر وضمان استقلاله وحيدته.
هذا بعض ما جاء فى هذه الوثيقة الرائعة التى تنادى بالكثير من بنودها جلّ المخلصين من نخبة ومفكرى هذا البلد الذى من الله عليه بهذا الرجل العظيم الإمام الدكتور أحمد الطيب حفظه الله ورعاه.
وفى نهاية هذا المقال من وثيقة الأزهر التى أطلق عليها وثيقة التنوير، هل يجوز لى أن أتوجه إلى ما يسمى الآن «الأحزاب المؤتلفة» والتى تسعى إلى تكوين قائمة موحدة تخوض بها الانتخابات، التشريعية وتسعى إلى تكوين حكومة وحدة وطنية تعمل على إنقاذ الثورة التى انطلقت فى الخامس والعشرين من يناير، وتعمل على استكمال مسيرتها، هل يجوز لى أن أتوجه إلى هذه الأحزاب والقوى السياسية التى فى الشارع المصرى أن تجعل من هذه الوثيقة -«وثيقة الأزهر»..وثيقة التنوير- إحدى المرجعيات الأساسية العسكرية لهذا الائتلاف.
أى نظرة موضوعية علمية لما ورد فى نهاية هذه الوثيقة من مبادئ يؤكد أنها تلتقى تماماً مع كل ما نريده للدولة العصرية التى نسعى إليها جميعا، والتى تحقق لنا مصر التى نريدها بإذن الله والله الموفق.

الوثيقة تناولت مجموعة من النقاط الحيوية وخاصة فكرة استقلال الازهر

الشريف التى اراها ملحة فى الوقت الحالى .فالازهر يحتاج الى عودة

السيادة له على نفسه من جديد فهو كيان مستقل بذاته وصوته نابع من داخله

وهذه الخطوة لابد منها لكى يعود الازهر كما كان ولا يخضع لأى ضغوط

من اى جهة .شكرا ام شروق على نقل المقال

شكرا سعيد

والوثيقة وضعت النقاط على الحروف وبها كثير من الايجابيات القوية

شكرا لك

» شيخ الازهر يلقى بيان غدا الإثنين لتفعيل وثيقة الازهر
» شيخ الازهر وندوة "التوافق الثقافي في ضوء وثيقة الأزهر
» مستشار الطيب وثيقة الازهر ليست مقدسه وقابله للتعديل
» شفيق يزور شيخ الازهر بساحة الطيب فى الاقصر وشيخ الازهر يقول الازهر لا يدعم اى مرشح للرئاسه
» شيخ الازهر يرسل وفدا من قيادات الازهر للمشاركة فى جنازة عمر سليمان