محكمة الآخرة/ أيمن الجندى

هذه محكمة الدنيا.. فماذا عن محكمة الآخرة؟!).
استيقظ فوجد نفسه فى «يوم القيامة»!!. لشد ما تبدو له حياته الماضية غائمة وضبابية. يذكر أنه كان مريضاً، ثم اشتد تعبه، وفجأة لا شىء. لم يعد يشعر بشىء. ببساطة كان موجوداً، ثم صار غير موجود، لكنه لم يعلم وقتها أنه صار غير موجود. انزلق من الحياة إلى الموت بأسهل مما ينام.

آه.. الآن يعود له جزءٌ من ذاكرته. يذكر بشكل ضبابى أنه استيقظ فوجد نفسه فى مكان معتم. لم يكن مظلماً تماماً، بل كان يتسرب شعاع ضئيل من الضوء من مكان ما.

يذكر أن أصواتاً مكتومة كان يسمعها دون أن يستطيع تمييزها. وكأن جداراً سميكاً يفصله عن جمع حاشد يُحدث ضوضاء. آه (ها هى الذاكرة تعود له رويداً)، يذكر أيضا أن كائناً أجلسه، يجمع بين المهابة والجمال. حينما جلس لمح بطرف عينيه أجساداً لها حيز وارتفاع. كلها تلتف فى كفن قد علاه اصفرار. يذكر أنه استنشق رائحة عضوية ممزوجة بعطر غابر.

آه كلما عادت له ذاكرته يشعر بالإغماء. يذكر أنه داخلته مشاعر معقدة: خوف! هيبة! قلق! دهشة! انبهار!. كان الكائن يسأله بثقة عجيبة، وكأنه يملك سلطة لا حدود لها. سلطة غير أرضية جعلته يسأله ويناقشه الحساب. أجاب بما أجاب (ترى بماذا أجاب! يريد أن يتذكر ويخشى أن يتذكر)، لكنه لم يفكر فى الامتناع عن الإجابة أو الاعتراض.

جلس فى القبر يرقب ما يدور حوله. شاهد الأجساد تتشكل من تراب، ثم تدب فيها الروح فجأة. صعد إلى السطح فوجد الأموات يتدفقون من كل حدب وصوب. تجمعت الكتل البشرية وسارت. راح ينظر حوله فى دهشة. مستحيل أن يتجمع مثل هذا العدد من المخلوقات فى مكان واحد. روّعه المشهد. زحام لم يشهد مثله فى حياته. كتلة بشرية متماوجة متماسكة ملتصقة لها بلايين الرؤوس والأقدام.

كان الكون قد انفرط عقده، واقتربت الشمس من الأرض، وأغرق العرق الجميع، وتحول البحر إلى صهد ونار. وبدأت الجبال تنفجر وتتحول إلى دخان. وتضارب البشر مرتعشين من الهول فى انتظار تقديم كشف الحساب للخالق القهار. كان فى حياته الماضية (أحقاً صارت ماضية!) يتعامل مع الحياة وكأنها لن تنتهى أبداً، وكأنه لن يتعرض للحساب.

كان يزعم لنفسه أنه يؤمن بالله واليوم الآخر. لكنه الآن يشك فى إيمانه هذا! لو كان يؤمن بأن هذا اليوم آت حقا لاستعد له. لكنه كان يخدع نفسه، وكانت نفسه تبادله الخداع. راح يتذكر حياته التى امتدت، والفرص التى ضيعها ليزيد من رصيده فى صحيفة الحسنات! لشد ما يتمنى لو كان ممكنا أن يعود إلى الدنيا من جديد. ولكن ما فائدة التمنى! فليأمل فى أن يكون حسابه يسيراً وينجو من المصير المُرعب الرهيب.

(ملحوظة: هذا النص ينطبق علينا جميعا، وليس على حسنى مبارك

الصفحة:12 3 4 5 6 7 8ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ نتائج البحث 13500

وحده

هذا النص ينطبق على كل انسان يحيا فى دنيانا دون ان

يدرى ان هناك يوم للحساب نقوله بألسنتنا ولكن القلب

غير مصدق او لايعمل من اجلها ولكن هى كلمات ترددها

الالسُن وفقط دون ادراك لحقيقتها اومعناها ومحكمة الاخرة

ما اصعبها وما اصعب الوقوف فيها وانتظار الحكم فهو

حكم ابدى لا مقياس له بمقاييس الحياة فهو عذاب دائم لم

نذق مثله من قبل.نسأل المولى عز وجل ان يغفر لنا الذنوب

والاثام .شكرا ام شروق على المقال القيم والشكر كل الشكر

لصاحب المقال الدكتور ايمن الجندى

هكذا دائما هى كتابات ايمن الجندى

وينبغى فعلا ان نقف دائما امام محاكمات انفسنا وليست محاكمة واحدة بل محاكمات

شكرا سعيد