فى الطريق اليه

موضوع: فى الطريق اليه الخميس أغسطس 11, 2011 1:10 pm

ايمن الجندى

إذن فهو الموت. لم يكن غافلا - كطبيب - عن دلالة العرق البارد الذى يحتشد على جبينه، ولا الآلام المبرحة التى تضغط على صدره، ولا تهدج أنفاسه وحالة انعدام الحيلة التى يمر بها الآن. كانت السيارة تشق طريقها صوب المستشفى، تسابق الزمان، وهو يرمق أضواء المدينة بغرابة. أتراه آخر عهده بهذه الأضواء؟! الشوارع التى تعرّف عليها طفلاً، وذَرَعَها مراهقاً، وكابدها رجلاً، أتراه سفراً بلا عودة، ذهاباً بلا إياب. آه أيتها الحياة، كم أحببتك! أنا الذى ظننتُ لفترة طويلة أننى طفلك المدلل، المُصطفى بين الأبناء! الذى ما أصبحت السماء زرقاء إلا لأجله، ولا تلونت الزهور وطارت الفراشات إلا تمهيداً لقدومه، فإذا بى أكتشف - ويا لهول الاكتشاف - أنك أم قاسية، لا تعبئين بالفرد، ولا تهتمين إلا بالجيل الجديد، مقصودك فقط أن تستمر الحياة.

ترى هل سيظل حيّا حتى وصوله المستشفى؟! التشخيص واضح فى ذهنه: احتشاء فى عضلة القلب يُدمّر الجدار بنجاح، أو جلطة تسد الشريان الرئوى. جيد أن يموت وهو يعرف السبب. وإن كان الموت يأتى، حين يأتى، بلا أسباب. فى البدء ظل يكابر ويؤجل الذهاب للمستشفى. لكنه حين جدّ الجدّ استنجد بجاره، الذى أصابه الذعر حين رآه. أسنده إلى سيارته وهو يندب حظه، ثم راح يقود السيارة فى ارتباك. ومن حين لآخر يلتفت ويسأله: هل مات أم مازال على قيد الحياة؟! ابتسم فى إعياء. جيد أن يتذوق الفكاهة وهو على أعتاب الأبدية. ضحك وهو يتذكر أنه تعرض كثيراً لتلك المواقف. للجثث عادة سيئة يا جارى العزيز، وهى أنها لا تعرف اللياقة، وتقتحم حياة الآخرين بلا استئذان. من التناقض تكمن المفارقة. ومن المفارقة تُولد الفكاهة. استقبل الحياة وهو يبكى، والآن يفارقها وهو يضحك، وبين الضحك والبكاء يختبئ لغز الحياة.

الطريق مزدحم بالسيارات، وقلبه مزدحم بالذكريات. أهو الموت الذى هِبْتَه طويلا؟! الموت الذى تخبط فيه الفلاسفة، وحيّر الإنسان! الموت مهيب الأركان، شديد البنيان، صامت اللسان، بليغ البيان! الحقيقة الساطعة التى لا يمارى فيها اثنان. ترى: هل يمكن أن ينجو هذه المرة؟ تعرّض للموت فى مواقف كثيرة. لكن هناك دائما مرة أخيرة. تريد أن تحيا إلى الأبد! هه! أنت مضحك حقا! تريد أن تكون الاستثناء الذى يُؤكد القاعدة! أيها الموت اذهب وابحث عن طعام آخر فأنا مازلت صغيراً. عندك خمسة مليارات نَفس أخرى يا أخى انتق منها ما تشاء. ولكن! هل يوجد فى الكون أحد آخر؟ لماذا يشعر بأنه وحيد تماما، وعارٍ تماما، بلا سند ولا غطاء. كلهم أشباح. الجميعُ بلا استثناء رفقةُ طريق لا أكثر. ثم يأتى الموت فيودع الحبيب حبيبه، ويفترق الخليل عن خليله. كلهم خيالٌ زائلٌ، كلهم أوهام.

لحظة الموت تخلع الحقيقة لثامها، وتكتشف أن الكون فارغ تماما. لا أحدٌ فى الكون الشاسع فيما عدا أنت والله. رباه كم أشعر بالغربة! رباه كم أنا وحيد

الموت هى الحقيقة الوحيدة فى حياتنا ومع ذلك لا نصدقها

الا بعد ان نموت وحتى لو صدقناها لا نعمل لأجلها ولكن

تُلهينا الحياة عن نقيضها رغم ان فى الموت حياة وحياة هى

الحق هى الدائمة ومع ذلك ملذاتنا وشهواتنا الدنيوية تعمل

على اغرائنا لننسى الحقيقة الوحيدة فى حياتنا .شكرا ام شروق

على الموضوع القيم والشكر موصول للدكتور ايمن الجندى

صاحب المقالات المتميزة

الله يعطيك ألف عافيه
أستاذة/ زهرة
تقبـل الله منا ومنكم صالـح الأعمال
وأثابك الله وجعلك مـن أهل الجنة
جزاك الله ألف خير إن شاء الله
تحياتي الطيبة

حاج حمادة

سعيد

شاكرةلكما

جزاكم الله خير الجزاء

» اهتديت اليه ولن تضل بعده ابدا
» يا سالكين اليه الدرب لا تقفوا
» من لا يأتى الينا نذهب اليه
» غربة الوطن والحنين اليه
» قطاع الطريق أيمن الجندي