ظاهرة المستفيدين من رحيل المشاهير\بشير عياد

ظاهرة المستفيدين من رحيل المشاهير

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] 2008-08-23 القاهرة - بشير عياد في قرانا، بالريفِ المصري، حيثُ الحدائقُ الوارفة والمزارعُ المتنوّعة بلا نهاية، تكون البيئة صالحة لتكاثر شيئين: البعوض، ونباتات الظلّ التي لا تقوى وحدها على أن تنمو وتصعد وتصبح لها ملامح إلا إذا تسللت وتسلّقت جذعَ شجرةٍ ضخمةٍ ثابتةِ الجذور قويّةِ الجذع والأغصان، غزيرة الإثمار، ومن خلال هذه الأشجار «المعطاءة» تعيش هذه النباتات الطفيلية فتمتص غذاءها وتنمو في حراستها، ثم، وتلك هي المصيبة، تتسلّقها وقد تلتف على أغصانها فتخنقها كأحبال المشانق، وكارثة الكوارث أن هذه النباتات الطفيلية غير مثمرة ولا صالحة للاستهلاك الآدمي أو الحيواني!! نعود إلى البعوض، وهو «الناموس»، أو «الهاموش» (عند بعض أهالينا)، فهو الذي يحضرني الآن، فهذا «الهاموش» لا يُرى بالعين المجرّدة إذا كان مفرداً، لكنك تراه بسهولةٍ في جماعاتٍ عندما يأتي من أعماق ظلماتِ الليل البعيدةِ ليتزاحمَ حولَ مصباح ٍكبير على واجهةِ بيتٍ أو على أحد أعمدة الإنارة، المصباح الكبير في حالتنا هو نجيب محفوظ، أو يوسف شاهين، أو آخر المصابيح الكبرى محمود درويش!! وماذا عن البعوض أو «الهاموش»؟! أولئك هم من أسميهم «جماعة المستفيدين من المصائب»، فهم على اختلافهم اندسوا بلا مبرر في حدائق الإبداع الأدبي أو الفني، دخلوا أرضه في غفلةٍ من الحرّاس، وبعد حين أصبحوا أدباء وفنانين بنظام «وضع اليد» وهو نوعٌ من السطو على أملاك الغير يتحوّل إلى ما يشبه الملكية بسبب تراخي صاحب الحق الأصيل، وقصور القانون في ملاحقة هؤلاء المجرمين الذين يضعون أيديهم على ما ليس لهم!! في يوم رحيل الأديب العربي الكبير، أبي الرواية العربية نجيب محفوظ، أشفقت على المشاهدين من تلك الوجوه التي تطل عليهم عبر الشاشات وعلى صفحات الصحف لتتحدث عن «الراحل الكبير» وكيف كان يأتمنهم على أسراره ويخصّهم بما لا يعلمه إلا الله، كان الواحد من هؤلاء يرتدي وجهاً صارماً عليه قناعٌ مُستعارٌ يتخلله ما يشبهُ الحزن والفجيعة، ثم تأتي الكلمات شِبه متقطعة للإيحاء بالتألم و «المفاجأة»، وخرج علينا من يقول إنه لن ينسى شهادة الراحل الكبير له و «لإبداعه»، بينما انقطعت علاقة الراحل الكبير بالقراءة قبل أن يولدَ المتحدّث المذكور، ولم يتورَّع هؤلاء المستفيدون من نشر صورهم مع نجيب محفوظ الذي لم يكن يمانع في أن تُلتقط له صورٌ مع أي سائق ميكروباص، أو أي عابر سبيل، باعتبار هؤلاء جميعا أبطال رواياته الحقيقيين، وهم في الوقت نفسه الذين يتوجه إليهم بإبداعه، وهم همّه الأكبر، ومع نهاية هذا الشهر يتم نجيب محفوظ عامين كاملين في الدار الآخرة، ولم أقرأ أية رسالة أو دراسة جادة تتناول أعماله (كما وعدَنا المتحدّثون). عندما رحلَ يوسف شاهين صبيحة الأحد 27 يوليو 2008م، حوصرَ المشاهدونَ في منازلهم بسيول المتحدّثين عن «المخرج العالمي» وعلاقتهم به، وتجاربهم معه، خرج علينا أناس لا وجود لهم على خريطة السينما ليجلدونا بمحاضرات عن فن شاهين وأثره في مسيرة الفن السينمائي، وراح كلّ من صادفته كاميرا طائشة يحلل ويفسّر ويطرّز الكلام بعبارات برّمائية تقال عن أي شيء وعن أي أحد، وبالصدفة البحتةِ ضبطتُ إحداهُنّ على قناة «المستقبل» وهي تحكي عن شاهين وفنه (ويقال إنها شاعرة).. كانت المذكورة تجلس على ظهرها وترتدي ما قلّ ودلّ وتضعُ ساقا فوقَ ساق بمبالغةٍ غير مألوفة، فقلت إنها لا تتحدث عن «راحل كبير» بل تقدم مسابقة للمشاهدين في معرفة لا مؤاخذة لون ملابسها الداخلية!! الصورة الأبشع، أمامكم الآن، منذ إعلان نبأ رحيل الشاعر الكبير محمود درويش، والوجوه الباردة الثقيلة التي تتألم منها الشاشة، تصرُّ على أن تشارك في المناحة، والصحف والمجلات وفضاء الإنترنت، أصبحت كلها وبالا على المواطن العادي المغلوب على أمره، وأصبحت عبئا ثقيلا على الطاعنين في السن من أمثالي، فجأة خرج النمل والبراغيث والهاموش وكل الآفات الأدبية من أجل سرقة الأضواء أو الظهور في الصورة إلى جوار محمود درويش، يطلّ علينا أناس لا محلّ لهم من الإعراب ليقولوا: «في آخر لقاء لي مع الراحل الكبير أسرّ لي بسرٍّ لن أبوح به الآن.. وقال لي.. وأخبرني.. وأطلعني.. و... ني ني ني» وتجد الكلام كله مضافا إلى ضمير المتكلم، فإذا رجعت إلى الواقع وجدت محمود درويش من أشد الناس حرصا وحذرا، وأن أصدقاءه لا يتجاوزون عدد أصابع اليد الواحدة، ولو أنك أحصيت أصدقاءه «الجدد» عبر الشاشات والصحف والإنترنت لوجدت أن الأسهل لك أن تكتب قائمة بأسماء «الذين لم يكونوا من أصدقائه المقربين» حتى ترتاح وتنتهي بسرعة!! ما هذه البجاحة؟ ماذا سيستفيد أي مواطن أو مواطنة من أن يُحشَرَ في عدة أخبار أو لقاءات على الشاشة ثم يموتَ وهو حيّ بينما درويش حيّ فيما ترك وهو تحت الأرض؟ كيف يليق بأي إنسان أن يكذب ويتصنّع الحزن ويختلق الروايات في حق إنسان انقطعت صلته بالوجود وانعدمت فرصته في الدفاع عن نفسه أو بيان الحقيقة؟ لماذا يقبل أي إنسان أن يكون ظلا ويرفض أن يكون أصلا قائما بذاته؟ كيف يقبل أي ضمير أن يتكئ على سيرة ميّت ليرث بعض ضوئه؟ ولن يرث. كلّ هؤلاء «الهاموش» يدركون أن «الميّتَ» الذي يتحدثون عنه سيظل أكثر حضوراً منهم، لكنهم لا يتوَرّعون، وآهٍ لو تفرّغ باحث واعٍ لديه إلمام بعمليات الإحصاء ليصنف لنا ما قاله المستفيدون والنائحات المأجوراتُ في حفل زفاف محمود درويش إلى دار البقاء!! وآهٍ إذا أفقنا بعد أن يخمدَ الضوء لنجد أن محمود درويش يعيش فقط في شعره، وأن أفراد فرقة حسب الله الذين يعزفون في كل اتجاه لا يعرفون إلا لحناً واحداً يرددونه على كل الأبواب!! كان معظم الذين أخذوا توكيل الحديث عن نجيب محفوظ يقولون في جلساتهم الخاصة إنه «يسدّ عليهم الطريق، ويمثلُ عقبة كبرى تمنع وصولهم لمكانته»، وها أنا أنظر منذ عامين لمن يتجرّأ ويتقدّم خطوة فلم أرَ إلا أفواجا من «الهاموش» تتزاحم وتمنع ظهور الحقيقيين، وهاهو محمود درويش يتحوّل إلى وليمة للمدّاحين ومنشدي كل الموالد، ومن بينهم حاسدوه والحاقدون عليه، وسوف تمر الأعوام ولا يبقى من محمود درويش سوى صدقه المسافر في شعره وقوداً وضَوءاً للأجيال المقبلة، أما جماعة «حسب الله» فإنهم يتأهبون لترديد لحنهم الأوحد حول أحد المصابيح الكبرى عندما تحين لحظة القِطاف و «إنا للهِ وإنا إليهِ راجعون».

المقال جميل جدا ولسة كنت بقرأ فيه من شوية عالفيس بوك

وللأسف الشديد هذه الظاهرة منتشرة فى مجتمعاتنا بشكل غريب

والفرق بينهم وبين الهاموش ان الهاموش او الناموس غالبا ما

يكون فى القرى والصعيد ولكن هؤلاء منتشرون فى كل مكان

يحاولون التسلق على اكتاف الاساتذة والادباء الكبار وهذا ليس

فى عالم الادب والشعر وفقط بل وفى الحياة العادية تجد احدهم

يتهافت من اجل ان يظهر على التلفاز ويدعى معرفته بالشخص

الفلانى حتى يكتسب من وراء ذلك شهرة او مكسب اعلامى

ومن المعروف عن الادباء الكبار انهم ينتقوا اصدقائهم بحرص

شديد كما ان وقتهم لا يسع لكثرة الاصدقاء ولكن عندما يموت

الفنان تجد له ملا يين الاصدقاء الذين يتكالبون على قول الاخبار

المكذوبة عن وعلى لسانه ولا يعلمون ان فى ذلك اثم من اشد

الاثام وانه افنراء على حرمة ميت .لو علم هؤلاء ان عملك

هو الشىء الوحيد الذى سيشهد لك ما فعلوا ذلك ولكن هيهات

ان يعى ذلك من سخر حياته فى محاولة الوصول الى القمة

ولو فى صورة ناموس .شكرا استاذ بشير على المقال الرائع

والشكر موصول لأختنا ام شروق على نقل المقال

شكرًا لكم أحبّائي
المقال منشور بجريدة " العرب " القطريّة ، كما تعلمون ، وهاهي الأيام تثبت لنا أن أصحاب التوكيلات الكلاميّة ، والنائحات المأجورات ، ليس لديهم ما يقدّمونه سوى الكذب !!
كلهم نسوا نجيب محفوظ ويوسف شاهين ومحمود درويش وغيرهم وغيرهم ....
نحن ـ كعرب ـ في مأساة طاحنة
الكذّابون يحملون من البجاحة ما ينوء به الجبل
ولا يخجلون ، ولا يسمعون عن قيمةٍ إنسانيّة اسمها " حرمة الموتى " !!!
أحييكم ، وأشكركم كثرًا

شكرا جزيلا اشتاذ بشير على هذا المقال
وانا اقراه تذكرت فئة معينة من مجتمعنا ايضا شاهدناها فى الفترة السابقه وتحديدا ايام ثورة 25 يناير المجيدة وهم ممن قيل عنهم انهم يركبون الموجه حيث شاهدنا عدد كبير من الهاموش ملأ شاشات التلفاز ممن ينسبون انفسهم لثورة 25 يناير ويقولون نحن مع هؤلاء الشباب وابناؤنا منهم على الرغم من أنهم يوم 25 يناير كانو يسبون الشباب الواقفين بميدان التحرير سبا علنيا على شاشات التلفاز ومنهم من قال هؤلاء شباب يستحق الحرق والبعض طالب بالفتك بهم ثم فوجئنا انهم يدعون ولائهم للثورة ولشبابها والبعض قال انه كان معهم وانهم من مؤيديهم
فسبحان الله على اناس يدعون ولائهم لاخرين لاكتساب الشهرة من هذا الولاء والان كله يبحث عن مصلحته الشخصية ونسو الثورة وولائهم المصطنع لها تماما كمن يدعو ولائهم للمشاهير لاكتساب الشهرة والمصلحة الشخصية
مقال جميل استاذ بشير
شرفتنا ونورت منتدانا بوجودك بيننا
وفى انتظار المزيد من روائعك

ألف شكر يا فراولاية
أنا الذي تشرّفَ بانضمامه للمنتدى
أما المتلونونَ والمتحوّلونَ فقد بدأت برأسينِ كبيرين منهم في سلسلة مقالات شديدة القسوة في جريدة أسبوعية تصدرُ في أكتوبر ـ كلّ ثلاثاء ـ سأكتبُ فيها صفحة كاملة بإذنِ الله ، ومع قرب الصدور سأكتبُ لكم حتى تكونوا على علم بها ، وأعتقد أن الصدمة ستكون قاسيةً جدّا إذا علمتم أنني بدأت بعبد الرحمن الأبنودي وعمّار الشريعي ، وقد يأخذانِ منّي خمسة أعداد متصلة .... أرجو عدم الزعل من محبّيهما ، وإذا اختلفنا فلا نفسد للود قضية .
تحياتي وإعزازي لكلّ أعضاء المنتدى الكرام
ولكلّ الذين يمرّونَ من هنا .

هى صدمة طبعا يا استاذ بشير

لان من المعروف ان الابنودى وطنى حتى النخاع

لكن لن نسبق الاحداث وسننتظر مقالات حضرتك ونناقشها ان شاء الله

» ع الأصل دور\بشير عياد
» يا تأسيسية يا \بشير عياد
» عزف منفرد \ بشير عياد
» خاااايف\بشير عياد
» الليل\بشير عياد