بس إوعى تعملها تانى

بقلم: د. أيمن الجندى

هذه حكاية حقيقية أرويها كما حدثت: كان الميكروباص ينطلق بحمولته من الموقف إلى أحد الأحياء العشوائية خارج حزام المدينة. الميكروباص يهتز، والأغانى السوقية ذات الإيقاع الصاخب ترتفع.

السائق فى الأربعينيات، يفرمل بطريقة عنيفة لالتقاط الزبائن، ومن حين لآخر يسلى نفسه بالبصق من النافذة.

يوجد أيضا ثلاثة ركاب تبدو عليهم الشراسة! سكان أحد هذه الأحياء الجهنمية على أطراف المدينة. ملامحهم شبه مُخدّرة بعد أن (ضربوا البرشام). باقى الركاب فى الميكروباص على شاكلة واحدة، كلهم يبدو عليهم (الغلب) والبهدلة.

بعد قليل التقط الميكروباص شابا كفيفا، يضع على عينيه نظارة سوداء. لحظات ومال على أحد الشباب الشرسين، وناوله دفترا صغيرا مهترئا، مع هاتف جوال متواضع الشكل. قائلا له وهو ينظر إلى ناحية الصوت: «لو تسمح تطلب لى النمرة دى».

بعد قليل قال الشاب الكفيف بصوت منزعج: «إيه ده؟ أنا كنت حاطط فى الدفتر عشرين جنيه». انتبه الشاب وقال له بشراسة: «عشرين جنيه إيه؟ إنت حتتبلى عليا؟!» لكن الشاب أردف فى لهجة باكية: «العشرين جنيه اللى كانوا هنا؟ شوف كده يكونوا وقعوا هنا ولا هنا».

فى الأحوال العادية كان الضحية سيلتقط الطعم ويبحث عن الورقة المزعومة تحت الأقدام قبل أن يعلن أنها غير موجودة. ووقتها كان الكفيف سيستعدى عليه الركاب حتى يصلا فى النهاية إلى تسوية، ولكن من قال إننا أمام حالة عادية! نحن مع مدمنين من أحط الطبقات التى طحنتها الحياة. وبسرعة فهم الشاب الخدعة، وانهال عليه بالصفعات واللكمات. قائلا له: «إنت حتشتغلنى يا روح أمك!».

قال السائق وهو يبصق من النافذة: «أهو كل يوم كده! يركب ويعمل مشكلة».

وعلى الفور انتقل السباب إلى السائق نفسه: «لما إنت عارف إنه بيعمل مشاكل بتركبه ليه يا بن الـ..؟».

كل هذا معتاد حتى اللحظة، خناقة من التى تحدث فى الميكروباصات، لكن الشىء غير العادى أن الشاب المضروب كان يبكى بطريقة طفولية، مما يدل على أنه ليس كفيفا فقط وإنما أيضا خفيف العقل. وهنا بدأ التحول: موقف التنوير الذى حوّل الحكاية من مجرد شجار عادى إلى حادثة إنسانية تستحق أن تُكتب.

نوع من التراجع حدث رغم البرشام الذى تعاطوه! فى البدء تراخت اللكمات، مع كلمات من قبيل «طب خلاص، ماتزعلش، ما هو إنت اللى ابتديت بالغلط».

هل قال أحد من قبل إننا شعب طيب! وفى أعماقنا السحيقة نقطة نور تأبى إلا أن تعلن عن نفسها؟! هل قالوا إن هناك سقفا مع الضعفاء لا يتجاوزه حتى الذين يتعاطون البرشام؟!

وفجأة اشترك الجميع فى مراضاة الشاب الكفيف، توقف السائق عند أقرب متجر حتى يجلب له «شربة» ماء، نزل أحد الشباب ليبتاع له رغيفا طازجا وبعض كرات الطعمية الساخنة من بائع كان يقليها جوار المتجر! وبأريحية مفاجئة أملاها الموقف الإنسانى تطوع أحد الركاب بشراء كمية وفيرة من الخبز والطعمية تكفى الجميع، وفجأة أصبحوا أسرة واحدة! ساد شعور من الرضا والامتلاء، وبدا للجميع- ولو لوهلة عابرة- أن هذه الحياة هى أفضل حياة ممكنة، رغم ما فيها من العنت وكبد العيش وقلة الأرزاق!

كان الليل قد هبط بالكامل، حينما وصل الميكروباص إلى غايته، وبينما كان الشاب الكفيف ينزل وقد كفّ عن البكاء، إذا بأحد الشباب الذين ضربوه منذ قليل قد دس فى جيب قميصه ورقة بخمسة جنيهات، وهو يربت على كتفه مداعبا ومحذرا: «بس إوعى تعملها تانى!!».

هو الشعب المصرى مهما كانت اخلاق اهله ولكن هناك سقف

معين تنتهى عنده كل الانحرافات وحتى لو كان انسان ممن

يتعاطون المواد المخدرة ولكن يجب ان تجد داخله نقطة بيضاء

نحن شعب يمتلك طيبة قلب غير عادية من الممكن ان تغفر

وتسامح لكل من ظلموا لسبب بسيط اننا نشعر بالشفقة حيالهم

شكرا ام شروق على المقال الرائع للدكتور ايمن الجندى

انا هعلق بحاجه واحده بس
اوعي تعمليها تاني ههه
رائع جدا هذا المقال والله يا زهرتنا
تسلم الايادي ودا بيثبت للعالم كله
ان الشعب المصري فيه طيبه متناهيه
جدا جدا ولصفه الحميده يتحلي بها الشعب المصري
تحياتي يا ام شروق

سعيد

عبقرينوو

شاكرة لكما

الطيبة خصلة جميلة تساعد على التغاضى والتسامح

» إوعى تكون نسيت
» إوعى تزعل يا زملكاوى
» شوف وإنت ساكت ..إوعى تضحك
» إوعى تخليه يدخل المطبخ
» حصريا \ أنا هتجوز تانى