كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Support

 

 صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 44

صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Empty
مُساهمةموضوع: صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين    صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Icon_minitimeالجمعة يناير 20, 2012 11:46 am

يستْ هذه بالترجمةِ المستفيضة لحياة الشيخ
الفاضِل محمد الخضر حسين، وإنَّما هي "بطاقة" تجتهد؛ لتكشفَ هذه الحياة الخصْبة في سطور.






فمِن أُسرة جزائرية "شريفة" يَرتفع
نسبُها إلى الأمراء الأدارسة بالمغرب، جاء والدُه، ومِن أُسرةٍ تونسيَّة، اشتهرتْ بالعلم والفضْل والتقوى - هي أسرة
عزوز - جاءتْ والدته.






وفي مدينة "نفطة"، مِن أعمال "الجريد"، بجنوب القُطر التونسي، وُلِد شيخنا في 26 من رجب سنة 1293هـ 16
من أغسطس سنة 1876م، وفي "نفطة" كانت نشأتُه الأولى، التي تأثَّر فيها بأبيه، وبخالِه
السيد محمد المكي بن عزوز، الذي كان مِن كِبار العلماء،
وموضِعَ احترام رجالاتِ الدولة العثمانية يومئذٍ، والذي قَضَى
الشطرَ الأخيرَ من حياته في الآستانة؛ تلبيةً لرغبةِ السلطان عبدالحميد (1258-
1336هـ 1842-1918م)، وله مُؤلَّفاتٌ عِلميَّة معروفة، وترجمةٌ
في بعضِ كُتب التاريخ.






وفي هذه النشأة الأولى "بنفطة"، حفِظ شيخُنَا القرآن الكريم،
وألَمَّ بجانبٍ من الآداب، والعلوم العربيَّة، والشرعيَّة.






وفي الثانية عشرة من عمره (1305هـ 1888)
انتقَل مع أُسرته إلى تُونس العاصمة، وبعدَ عامَيْن (1307هـ 1889م) الْتَحَق "بجامع الزيتونة
المناظِر في تونس والمغرب للجامِع الأزهر الشريف.






وفي الزيتونة تقدَّم الفتَى في تحصيل العِلْم، وظهرتْ أمارات نبوغه في علومِ العربية، وعلوم
الشريعة، وتجلَّى ذوقُه الأدبي، في الإنشاء وفي
التذوُّق، حتى لقدْ طلبتْه الحُكومة ليتولَّى بعض
الخطط العِلمية، قبل إتمامه دراسته، لكنَّه اعتذرَ عن عدمِ القَبول لرغبةِ حُكومة تونس الفَرنسية؟!






كانتْ رحلته الأولى خارجَ تونس إلى
الشرق - ولَمَّا يزل طالبًا - فزار طرابلسَ الغرب، في ليبيا، سنة 1317هـ
سنة 1899م، فأقام بها أيامًا، ثم عاد إلى تونس، فلازَم جامع الزيتونة.






وفي سَنة 1321هـ الموافقة لسنة 1903م
نالَ شهادةَ العالمية، وأصبح مِن علماء الزيتونة، وفي نفس العام الذي
تخرَّج فيه في جامع الزيتونة أنشأ مَجلَّة (السعادة العُظمى)، التي كانتْ
رائدةً للمجلاَّت العلمية والأدبية في بلادِ الشمال الإفريقي يومئذ، فلفتَ الأنظارَ إلى قلمِه ولِسانه، فلقد كان خطيبًا
ومحاضرًا، إلى جانبِ كونه أديبًا وشاعرًا وكاتبًا.






وفي سنة 1324هـ 1905م تولَّى قضاءَ
مدينة بنزرت ومنطقتها، إلى جانبِ التدريس والخَطَابة بجامعِها الكبير.






وفي 17 من ربيع الآخِر سَنة 1324هـ 9
مِن يونيو سنة 1906م، ألْقَى في نادي قدماء خرِّيجي المدرسة الصادقية محاضرةً عن "الحرية في الإسلام"، فكشَفَ
بها عن موقِفٍ فِكري ذي مغزًى في بلد يستبدُّ بحُكمه المستعمِرون الفَرنسيُّون، ثم ما لَبِث أنِ استقالَ مِن قضاء بنزرت،
وعادَ إلى تونس العاصمة، مُدرِّسًا بالمدرسة
الصادقية، وكانتِ المدرسة الثانوية الوحيدة بتونس
يومئذ، وكان ذلك في سنة 1326هـ 1908م، وفي العام التالِي لتدريسه بالصادقية (سنة 1327هـ/
1909م) تطوَّع للتدريسِ بجامِع الزيتونة، ثم أُحيلَتْ
إليه مهمَّة تنظيمِ خزائنِ الكُتب الخاصَّة بهذه الجامعة،
وتَمَّ تعيينه رسميًّا، مدرسًا بجامع الزيتونة.






وفي سَنة 1325هـ - سَنة 1907م،
اشترَك في تأسيس "الجمعية الزيتونية"، ثم كُلِّف بالخطابة في "الخلدونية"، وفي 11 من شوال سنة 1327 هـ 26
من أكتوبر 1909م، ألْقَى محاضرةً في نادي الجمعية الخلدونية عن "حياة اللغة العربية".






وفي العام التالي (سنة 1328هـ/ 1910م) نظَمَ قصيدةً يدعو فيها علماءَ جامع الزيتونة إلى
العِناية بتنشئة جِيلٍ من الكتَّاب والأدباء والدُّعاة، فوضحتْ
مقاصدُه من وراء الدعوة إلى إحياء قِيم "الحرية" و"العروبة"، وأدوات "الكتابة" و"الخطابة" في وطنٍ يخضَع لاستعمار ينهَبُ
خيراتِه، ويستبدُّ بمقدَّراته، ويمسخ هُويتَه العربية الإسلامية.






ولَمَّا قامت الحرب الطرابلسيَّة في 5
من شوال سنة 1329هـ 29 مِن سبتمبر سنة 1911م بيْن إيطاليا والدولة
العثمانية، وزحفتِ الجيوش الإيطالية فاحتلَّتْ طرابلس وبنغازي، وقَفَ
الشيخ الخضر بقَدمِه ولسانه، ومِن خلال مجلته (السعادة العظمى) يَستنفِرُ الأُمَّة؛
لتقاومَ الغزو الإيطالي، ويستنهض الدولة العثمانية لاستخلاصِ الحق
من غاصبيه، ومِن بيانه في ذلك قصيدة مطلعُها:




وَدُّوا عَلَى مَجْدِنَا
الذِّكْرَ الَّذِي هَبَّا
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

يَكْفِي مَضَاجِعَنَا نَوْمٌ
مَضَى حُقُبَا
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







ثم سافَر إلى الجزائر زائرًا
لأمَّهات مُدنها، ومحاضرًا فيها، وعاد إلى تونس
يُواصِل دروسه بالزيتونة، ونشاطَه في المحاضرات والخطابة والكتابة، في الإصلاح الإسلامي، والنهضة العربية، وإِذْكاء الرُّوح
الوطنية.






وفي هذه الفترة رفَض رغبةَ الحكومة
ضَمَّه في سِلك القضاء في مَحْكمة فَرَنْسية.






وكان لا بدَّ من الصِّدام بيْن سعي
الشيْخ المناضل، وبيْن سلطات الاستعمارِ الفَرَنْسي
في تونس، فوجَّهتْ هذه السلطات إليه في سنة 1329هـ 1911م تُهمَة "بث رُوح العداء للغَرْب، وبخاصَّة لسلطة
الحماية الفَرَنسية في تونس
"، فلمَّا
استشعر الشيخُ الخطرَ على حياته، غادَر تونس إلى الآستانة، بحُجَّة الرغبة في زِيارة خاله السيد محمد المكي بن عزوز، الذي
كان يعيش هناك، وكانت رحلتُه هذه إلى الآستانة عبرَ
مصر، فدمشق.






لكنَّه لم يلبثْ أن حنَّ إلى وطنه تونس، فعادَ إليه، عبرَ نابولي في إيطاليا ونشَر أخبارَ رِحلته
هذه، وعينتْه الحكومة عضوًا بإحدى لِجان التاريخ
التُّونسي، لكن الجو الخانق الذي كان مفروضًا على تونس مِن سُلطات
الاحتلال الفَرَنسي دَعاه إلى الهجرة ثانية، فقصَد
إلى دمشق، وفي طريقه إليها مرَّ بالقاهرة فلَبِث فيها مدَّة وجيزة تعرَّف فيها على كوكبة مِن العلماء الأعلام المناضِلين
في سبيلِ النهضة العربية والإحياء الإسلامي، منهم: الشيخ
طاهِر الجزائري (1268 – 1328هـ 1852 – 1920م)، والسيد محمد رشيد رضا (1282 – 1354هـ
1865 – 1935م)، والسيد مُحِب الدين الخطيب (1303 – 1389هـ 1866
– 1969م)، وأحمد تيمور باشا (1288 – 1348هـ 1871 – 1930م)، وفي دِمشق عُيِّن
مدرسًا للغة العربية في المدرسة السلطانية 1330هـ سنة 1912م، وخلال
تلك الفترة سافَر إلى القُسطنطينية فوَصَلها يوم إعلان حرْب البلقان "الروسية - العثمانية"، في ذي القعدة سنة 1330هـ أكتوبر سنة 1912م، ثم عاد إلى
دمشق، ومنها سافَر بسِكَّة حديد الحجاز إلى المدينة
المنوَّرة سنة 1331هـ سنة 1913م، ثم عاد إلى
دمشق، ومِن دمشق سافَر إلى الآستانة، ولقِي وزير حربيتها أنور باشا (1299 – 1340هـ 1882 – 1922م)، فاختارَه محرِّرًا عربيًّا
بالوزارة، ولقد أُتيحتْ له الفُرْصة ليلمسَ عوامل
الفساد التي تفتك بمقوِّمات الدولة العثمانية، فسجَّل ذلك شِعرًا في
قصيدته التي نظَمَها سنة 1332هـ 1914م، والتي يقول فيها:




أَدْمَى فُؤَادِي أَنْ أَرَى الْ صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

أَقْلاَمَ تَرْسُفُ فِي
الْقُيُودْ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

فَهَجَرْتُ قَوْمًا كُنْتُ فِي صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

أَنْظَارِهِمْ بَيْتَ القَصِيدْ صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

وَحَسِبْتُ هَذَا الشَّرْقَ لَمْ صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

يَبْرَحْ عَلَى عَهْدِ
الرَّشِيدْ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

فَإِذَا الْمَجَالُ كَأَنَّهُ صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

مِنْ ضِيقِهِ خُلُقُ الْوَلِيدْ! صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







وفي سنة 1333هـ 1915م أرْسَله أنور
باشا إلى العاصمة الألمانية بِرلين في مهمَّة رسمية، فمكَث بها تسعةَ أشهر،
اجتهد خلالَها أن يتعلَّمَ اللغة الألمانية، وعندما تحدَّث إليه
المديرُ الألماني للقِسم الشرقي بوزارة الخارجية الألمانية، خلالَ صُحبته
بقطار ضواحي برلين، عن قول ابن خلدون (732 – 808هـ 1332 – 1496م) قائلاً: إنَّ
العَرَب أبعدُ الناس عن السياسة، رفض هذا التفسيرَ العُنصري لكلام ابن
خلدون، ودافَع عن العَرَب، ونظَم أبياتًا قال فيها:




عَزِيزِي مِنْ فَتًى أَزْرَى بِقَوْمِي صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

وَفِي الْأَهْوَاءِ مَا يَلِدُ
الهُذُاءَ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

سَلُوا التَّارِيخَ عَنْ حُكْمٍ
تَمَلَّتْ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

رَعَايَاهُ الْعَدَالَةَ
وَالْإِخَاءَ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

هُوَ الْفَارُوقُ مَنْ يُدْرِكْ
مَدَاهُ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

أَمِيرٌ هَزَّ فِي الدُّنْيَا
لِوَاءَ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







ومِن بِرلين عادَ إلى الآستانة، وما لبِث أن
ضاقتْ به، فحنَّ إلى دمشق، وعاد إليها.






وفي دمشق اعتقلَه السفَّاح أحمد جمال
باشا (1289 – 1340هـ 1872 – 1922م) الحاكِم العام في سورية، في رمضان
سنة 1334هـ يوليو 1916م، لعِدَّة أشهر، حتَّى أنقذَه من السِّجن تدخُّلُ
وزير الحربية العثماني أنور باشا، فغادَر دمشق
بعدَ الإفراج عنه إلى الآستانة، فأوْفَدَه أنور باشا ثانية، إلى بِرلين سنة 1335هـ 1917م، فالْتَقَى فيها بزعماء
الحَرَكات الإسلامية هناك، مِن مثل الشيخ عبدالعزيز جاويش (1293
– 1347هـ 1876- 1929م)، والدكتور عبدالحميد سعيد (1299 – 1359 هـ 1882
– 1940م)، والدكتور أحمد فؤاد (1303 – 1350هـ 1886 – 1931م)، ثم عادَ بعد فترة
طويلة، إلى الآستانة، ومنها رجَع إلى دمشق، وإلى التدريس في المدرسة
السلطانية بقِيَّة سنة 1335هـ و1336هـ - 1917م و1918م – فشرَح لنُجباء الطلاب
كتابَ ابن هشام (708 – 761هـ - 1309 – 1360م) "مغنى اللبيب" في عِلم العربية، وهو الشَّرح الذي
كان الأساس لبحْثِه في "القياس وشروطه وموافقة
أحكامه
"، وهو البحث الذي طوَّره فيما بعد، كتابًا نال به عضوية "هيئة كبار العلماء" بالجامِع
الأزهر، وطبع سَنَة 1353هـ - 1934م.






وفي سنة 1337هـ 1918م سافَر من دمشق
إلى الآستانة، وكانتِ الحرب العالمية الأولى في نهايتها، ومنها توجَّه إلى
ألمانيا للمرة الثالثة، فقضَى بها سبعةَ أشهر، وكانتْ نذر الزوال
للدولة العثمانية تطلُّ في الأُفق، فعاد من ألمانيا
إلى دمشق مباشرة.






وصادفتْ عودته إلى دمشق إقامَةَ
الحُكم العربي بقِيادة فيصل بن الحسين (1300 –
1352هـ 1883 – 1933م)،
سنةَ 1338هـ 1919م، لكن الاحتلال الفَرَنسي عاجَل
هذا الأملَ العربي سنة 1338هـ 1920م، ففكَّر الشيخ، الذي هاجَر من تونس المحتلَّة بالفَرَنسيِّين، في العودة إليها بعدَ
أنِ احتلُّوا دمشق أيضًا، لكنَّه رحَل إلى القاهرة،
وألْقَى بها عصا تَرْحاله الذي استمرَّ عشر سنوات، فاستوطَنَ القاهرة سنة 1339هـ
1921م.






وفي القاهرة أعانَه الاستقرارُ على
الإنتاج العِلمي المنظَّم، والنشاط الإصلاحِي الدائم، فوضحتْ معالِم
نهجه في التجديد والإصلاح، وتكوَّنتْ مِن حوله
حلقاتُ الطلاب والمريدين، وأخذتْ تأثيرات عِلمه وإصلاحه تلفت إليه أنظارَ العلماء وطلاَّب الإصلاح.






ففي سَنة 1340هـ 1922م ألَّف رسالته "الخيال في الشِّعر العربي"، واشتغل عِدَّة سنوات في التحقيق
لِكُتب التراث بالقسم الأدبي في دار الكُتب المصرية، وتجنَّس بالجنسية
المصرية، ثم تقدَّم إلى امتحان العالمية بالجامِع
الأزهر، فحصَل عليها بجدارة، وأصبَح واحدًا من علماء الأزهر الشريف.






ولم يكن التجنُّس بالجِنسيَّة
المصرية، ولا الانخراط في "هيئة كبار العلماء"، والاشتغال بالبَحْث والتحقيق - لم
يكن في ذلك ما يَعوق الشيخ الخضر عن مواصلةِ النهوض بمسؤولياته وواجباتِه
كعالِم مسلِم، ومجاهِد عربي.






وأيضًا رعاية حقوقِ وطنه الأصلي تونس، وأشقَّائه الرازحين بالمغرِب تحت نير الاستعمار
الفَرَنسي، فنَهَض الشيخ في 1342هـ 1924م بتأسيسِ (جمعية تعاون جاليات إفريقيا الشمالية)؛ لتكتيلِ وتحريكِ جهود أبنائِها في خِدمة قضية تحريرِ هذه
البلاد مِنَ الاستعمار، ولقد كانتْ هذه الجمعية
مكانَ اللقاء والتعاون بيْن أحرار تلك البلاد ومناضليها، فضمَّتْ عضويته من
المغرب: الفضيل الورتلاني (1378هـ 1959م)، ومن الجزائر البشير الإبراهيمي (1306
– 1385هـ 1889 – 1965م) ومن تونس: الحبيب بورقيبة (1321 – 1421
هـ 1903 – 2000م).






وفي سَنة 1344هـ 1925م بدأتْ معاركه
الفِكرية الكُبرى بكتابه (نقض كتاب الإسلام وأصول
الحُكم
)، ولقد كان الشيخ صَدِيقًا لأسرة
عبدالرازق، يتردَّد على منزلهم، وبينه وبينهم علاقاتُ المودة والاحترام،
وعندما قارَب طبع كتاب الشيخ على عبدالرازق (الإسلام وأصول الحكم) على التمام،
طلَب آل عبدالرازق من الشيخ الخضر عناوين زُعماء العالَم الإسلامي ومفكِّريه؛ ليُهدوا إليهم الكتاب، فأتاهم بقائمةِ
العناوين مِن صديقه محب الدين الخطيب، فلمَّا طُبِع كتاب (الإسلام وأصول الدين) أُهديثْ
إليه نسخة منه، ففاجأتْه أفكار صاحبه، فعكَف على الرد عليه ونقضه، فطبع الردّ في
نفْس السنة، ونفذت طبعتُه خلالَ شهر واحد.






وفي العام التالي (1345هـ 1926م) ظهَر كتاب (في الشعر الجاهلي) للدكتور
طه حسين فردَّ عليه الشيخ بكِتابه (نقض كتاب في الشعر
الجاهلي
)، فصنع معه ما صَنَع مع كتاب (الإسلام وأصول الحكم) عندَما فنَّده فِقرةً فِقرةً،
وفِكرةً فِكرة، مع أدبٍ رفيع في الحوار، وبراعةٍ
في الجدَل، كشفتْ عن عقل متمكِّن ومتمرِّس في ميدان البحْث والمناظرة،
يغترف صاحبه من مَعِين من العلم لا يَغيض.






لقد أدَّى الرجل بهذين الكتابين حقَّ دِين
وأمَّة، ونهَض بفَرْض كِفائي وجَبَ على الأمَّة جمعاء، وكان بحقٍّ كما قال هو:




نَاضَلْتُ عَنْ حَقٍّ يُحَاوِلُ
ذَو هَوًى
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

تَصْوِيرَهُ لِلنَّاسِ شَيْئًا
مُنْكَرَا
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







وفي سَنة 1346هـ 1927م، اشترَك مع
صديقِه العلاَّمة أحمد تيمور باشا في تأسيس (جمعية الشبَّان المسلمين) التي جاءتْ طليعةَ الجمعيات
الإسلامية التي تكوَّنت للتعريف بالإسلام، والذَّوْد
عن حضارته في تلك الحِقبة التي تميَّزت بزحفِ فِكرة "التغريب" على وطنِ العُروبة وعالَم الإسلام،
ولقد رَأَس أوَّل اجتماعٍ تحضيري لتأسيسها في 25 من نوفمبر سنة 1927م.






كذلك نهَض الشيخُ الخضر بتأسيسِ (جمعية الهداية الإسلامية
التي ضمَّتْ كوكبةً من المثقَّفين ثَقافةً دِينية ومدنية، وأصدر لها مجلَّة (الهداية الإسلامية
وكون لها مكتبةً عامَّة جعل من مكتبته الخاصة نواةً لها.






ولقدِ امتدَّ نشاط هذه الجمعية إلى الأقاليمِ، فقامتْ لها فروعٌ فيها، وكانت محاضراته
المستمرَّة فيها، ومقالاته في المجلة جهدًا مُنظَّمًا
ومستمرًّا، قَدَّم من خلاله معالِمَ دعوته للإحياء الإسلامي والنهضة
العربية، وتحرير دِيار العروبة والإسلام، ولقد
جمعتْ مقالاته ومحاضراته هذه في كتاب مِن ثلاثة أجزاء هو "رسائل الإصلاح"[1].






وعندما أصْدر الأزهرُ مجلَّته التي
بدأت باسم (نور الإسلام) في سنة 1349هـ 1930م، عُهِد إلى الشيخ الخضر برياسة
تحريرها، فنهَض بهذه المهمَّة من عددها الأول (المحرم سنة 1349هـ 1930م)، حتى
عدد ربيع الآخر سنة 1352 هـ يوليو 1933م عندما استقال من رياسةِ تحريرها، رافضًا التعاونَ مع الأستاذ محمد فريد وجدي (1295
- 1373هـ 1878- 1954م)، الذي عُيِّن دون إذن الشيخ خضر
مديرًا لتحرير المجلَّة، وكان بينهما جدلٌ فِكري يومئذٍ في الصُّحف
والمجلاَّت، ولم تفلح وساطةُ الشيخ الظواهري (1295 - 1363هـ 1878 - 1944م)
شيْخ الأزهر في إثنائه عن الاستقالة، وكان معاشه يومئذٍ أقلَّ
مِن خمسة جنيهات، لكن نشاطه تواصَل في التدريس بكُلية أصول الدِّين.






وعندما تكوَّن "مجمع اللغة العربية" بالقاهِرة في سَنة 1351هـ 1932م، مِن
عشرين عضوًا عاملاً، كان الشيخ الخضر واحدًا من أقدمِ هؤلاء الأعضاء، ومِن
أكثرهم إنتاجًا؛ فلقدْ شارَك في كثيرٍ من لجانِ المجامِع العِلمية
مِن مثل: لجنة اللهجات، ولجنة الآداب والفُنون الجميلة، ولجنة دراسات معجم
فيشر، ولجنة الإعلام الجُغْرافية، ولجنة الأصول، ولجنة معجم ألفاظ
القرآن الكريم، ولجنة المساحة والعمارة، ولجنة
المعجم الوسيط - الأمر الذي يعكِس وزنه العِلمي وثِقله الفِكري، وثقافته الموسوعية، وجهده الدؤوب في خِدمة الفِكر، كذلك
نشرتْ له مجلَّة المجمع العديدَ من الأبحاث، من مثل:



1-
"المجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة العربية".



2-
"شرْح قرارات المجمع والاحتجاج بها وتكملة
مادة لغوية ورَد بعضها في المعجمات ولم ترد بقيتها
".



3-
"الاستشهاد بالحديث في اللغة".



4-
"وصف جمع العاقل بصفة فعلاء".



5-
"اسم المصدر في المعجم".



6-
"طرق وضع المصطلحات الطبية وتوحيدها في البلاد
العربية
".



7-
"شعراء البديع في نظر الأدباء".



8-
"من وُثِّق من علماء العربية ومن طُعِن فيه".






ولم يقفْ نشاطه المجمعي عندَ مجمع القاهرة، فلقد
اختِير عضوًا بالمجمع العِلمي العربي بدمشق.






وفي سَنة 1366هـ سنة 1947م رأَس
تحريرَ مجلة (لواء الإسلام)،
وبدأ فيها تفسيرَه للقرآن الكريم.






وفي سَنة 1370هـ سنة 1951م، نال
عُضوية "هيئة كبار العلماء" برِسالته "القياس في اللغة العربية".






عندما قامتِ الثورة المصرية في 23 من
يوليو سَنَة 1952م كان منصِب شيخ الأزهر شاغرًا، فوقَع اختيار الثوْرة
وحكومتها على الشيخ الخضْر إمامًا أكبر، وشيخًا للإسلام ووجهًا مشرِقًا
لهذه الجامعة العَريقة، تطلُّ مِن خلالِه على عالَم العُروبة والإسلام
فتوجَّه ثلاثةٌ من الوزراء إلى منزِل الشيخ بشارع خيرت، في يوم الثلاثاء 26
من ذي الحجة سَنَة 1371هـ 16 مِن سبتمبر سنة 1952 طالبِين منه قَبول
مشيخةِ الأزهر فنَهَض بالأمانة ما وسعتْه الطاقة، وعندَما أحسَّ بضغوط
تَحُول بينه وبيْن تنفيذ ما يُريد، أو تَطلُب منه تنفيذَ ما لا يَرضَى،
صمَّم على الاستقالة في 2 مِن جمادى الأولى سنة 1373هـ 7 من يناير سنة 1954م
قائلاً كلمته الشهيرة: "يكفيني كوبُ لبن وكِسْرة
خبز، وعلى الدنيا بعدَهما العَفاءُ
"!






ولقدْ ألْمَح إلى ملابساتِ استقالته عندَما قال: "إنَّ الأزهر أمانةٌ في عُنقي
أُسلِّمها حين أسلمها موفورةً كاملة، وإذا لم يتأتَّ أن يحصُلَ
للأزهر مزيدٌ من الازدهار على يدي، فلا أقلَّ من ألاَّ يحصل له نقص".






ومنذ ذلك التاريخ تَفرَّغ للبحْث
والكتابة والمحاضرة، حتى وافاه الأجَل، فانتقل إلى جوار ربِّه مساءَ يوم
الأحد 13 من رجب سنة 1377هـ 3 من فبراير سنة 1958م،
فشيَّعه العلماءُ والفضلاء، والعارِفون لفَضْله وعِلمه ونضاله، حتى لقد امتدَّ موكِب جنازته ما بيْن ميدان باب الخَلْق
والجامع الأزهر الشريف.






ولم يُخلِّف الرجلُ وراءَه من حطام الدنيا شيئًا، حتى لقدْ دُفِن - بناء على وصيته - بمدفن الأُسرة
التيمورية مع صديقه العلاَّمة أحمد باشا تيمور؛
لكنه خلَّف - غير النِّضال والأثَر الطيِّب، والذِّكْر الحَسَن، والقُدوة
الصالِحة - كنوزًا مِن الفِكر شاهدةً على عقلِه المبدِع والمجدِّد، وجهده
الدؤوب، وعزْمه الذي لم يعرفِ الوهن أو التقصير، فغيْر خُطبه ومحاضراته
ومقالاته وأبحاثه التي لم تُجْمَع، خلَّف لنا هذه المؤلَّفات:



1-
(رسائل
الإصلاح
) في ثلاثة أجزاء.



2-
نقض كتاب الإسلام وأصول
الحكم.



3-
نقض كتاب في الشِّعر
الجاهلي.



4-
القياس في اللغة
العربية.



5-
الخيال في الشِّعر
العربي.



6-
آداب الحرْب في الإسلام.



7-
خواطر الحياة (ديوان شعره).



8-
تعليقات على كتاب (الموافقات) للشاطبي.






لقد كان - رحمه الله - عقلاً إسلاميًّا مجدِّدًا، ومناضلاً في سبيلِ النهضة العربية والإحياء
الإسلامي، يتحلَّى بخُلُق الأولياء والصِّدِّيقين
والشُّهداء.






فهو في تونس يُواجِه الاستبدادَ الاستعماري، والمسخَ الحضاري بالدعوةِ إلى إحياء
العربية؛ لتكونَ سِلاحًا في معركة الأمَّة من أجْل حريتها،
واستخلاص هُويتها العربية الإسلامية، ويَستنهِض الشعبَ بإبراز قِيمةِ
ومكانة "الحرية" في الإسلام، ويدفَع الثمن هجرةً مِن الرُّبوع التي نشأ
فيها.






وهو في المشرِق بدمشق يواجِه
تَسلُّطَ السفَّاح أحمد جمال باشا فيدفع الثمن سجنًا
وتعذيبًا، فلقد كان عداؤه للاستعمار الأجنبي وللاستبداد الداخلي شديدًا ودائمًا.




فَلاَ كَانَ مِنْ عَيْشٍ أَرَى
فِيهِ أُمَّتِي
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

تُسَاسُ بِكَفَّيْ غَاشِمٍ
وَغَرِيبِ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







وهو في مصر يتصدَّى لخطرِ الغزو
والفِكر الممثَّل في تيار "التغريب"، فينقص كتابي علي عبدالرازق وطه حسين،
ويُسهِم بالفِكر، في إنهاض العروبةِ وتجديدِ الإسلام، ويسلك سُبُل
التنظيم الاجتماعي والفِكر والقومي والعِلمي، من
خلالِ (جمعية الهداية الإسلامية) ومجلَّتها، و(جمعية تعاون جاليات
إفريقيا الشمالية
)، و(جمعية الشبَّان المسلمين)، و(هيئة كبار العلماء)، و(المجامع اللُّغوية)، و(القسم الأدبي بدار الكتب المصرية)،
ومجلات (نور الإسلام
و(لواء الإسلام)... إلخ؛ ليجمعَ الأنصار حولَ فِكرة
التجديد، وليمهِّدَ السُّبُل لهذا الفِكْر كي يُوضَع في الممارسة والتطبيق.






لقدْ جمَع إلى وعيه بتراثِ أمَّته وكنوزها
الحضارية وعيًا بالتحديات المعاصرة التي تَحُول بينها وبيْن النهضة والإحياء، فكان
لسان "الأصالة" المعبِّر عن مشكلات المعاصَرة وضروراتها، يذود عن "فِكر الإسلام ومجد العروبة"، ويدعو إلى النهضة الحديثة المرتكزة على "المعارف" و"الصناعات":




أَبْنَاءَ هَذَا العَصْرِ هَلْ
مِنْ نَهْضَةٍ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

تَشْفِي غَلِيلاً حَرُّهُ
يَتَصَعَّدُ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

هَذِي الصَّنَائِعُ ذُلِّلَتْ
أَدَوَاتُهَا
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

وَسَبِيلُهَا لِلْعَالِمِينَ
مُمَهَّدُ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

إِنَّ المَعَارِفَ
وَالصَّنَائِعَ عُدَّةٌ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001

بَابُ التَّرَقِّي مِنْ سِوَاهَا
مُوصَدُ
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Clip_image001







ولقدْ أصاب صديقُه العالِمُ الفاضِل محبُّ الدين الخطيب، عندما وصفَه فقال: هذا رجلٌ آمَن
بالإسلامِ ودعوته، وأحبَّ مَن صَدْر حياته أن يكونَ مِن الذين
قال الله سبحانه فيهم:



﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا
رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ
عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا
وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا
بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
[فصلت: 30][2].










رابط
الموضوع
: http://www.alukah.net/Culture/0/28643/#ixzz1jzhPc86L



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين    صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Icon_minitimeالسبت يناير 21, 2012 8:56 pm

شكرا ام شروق على الموضوع القيم وعلى تعريفنا

بالشيخ الجليل . جزاكِ الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زهرة الجنوب
...........
...........
زهرة الجنوب


عدد المساهمات : 26070
العمر : 44

صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين    صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين  Icon_minitimeالأحد يناير 22, 2012 6:35 pm

شكرا سعيد
جزاك الله خيرا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://wamadat.forumegypt.net
 
صفحة مشرقة لمشايخ الازهر والشيخ محمد الخضر حسين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدي الاسلامي :: إسلاميات-
انتقل الى: