يحدث احيانا لايمان القدوسى

منذ عرف الناس الزواج كنظام اجتماعي يحدد العلاقة بين الرجل والمرأة وميثاقا غليظا يربطهما معا أمام الله ولم يتم حسم السؤال الأشهر:

أيهما أنجح زواج العقل أم القلب ؟ زواج تقليدي باختيار الأهل ثم توافق الطرفين وينساب الحب بينهما هادئا بعد الزواج أم زواج الحب الجارف والإصرار علي شخص المحبوب رغم العقبات والتفاوت بينهما في كل شئ ؟

وإذا كان التليفزيون هو صندوق الفرجة الذي يعرض مسلسلات وأفلام بلا حصر تناقش هذا السؤال بأشكال متعددة وعادة ينتصر لزواج الحب لأنه أكثر إثارة ويحتوي علي الكثير من المواقف الدرامية المؤثرة التي تجعل العرض التليفزيوني جذاب وغير متوقع ، فإن صندوق الدنيا يحتوي علي قصص من الواقع أكثر إثارة وغرابة والحقيقة أن صندوق الدنيا ينتصر لقصص الزواج التقليدي فهو زواج آمن ولديه الكثير من الأعمدة التي تسانده وتجعله يصمد لهبات الحياة وأعاصيرها.



أهم أعمدته رضا الأهل ومباركتهم ومشاركتهم بنظرتهم الثاقبة وخبرتهم في الاختيار ثم توافر عناصر التكافؤ والتناسب التي لها الغلبة علي المدى الطويل ، فالعلاقة الزوجية هي علاقة ممتدة علي مدي زمني طويل وخلال هذا الزمن تتبدل الأحوال يتغير الشكل وتتغير الظروف وتطرأ مفاجآت قدرية ولكن يظل التكافؤ والتناسب الجوهري قائما ، أما زواج الحب القائم علي الانبهار بالشكل الخارجي مثلا فإنه قد ينتهي بالتغيرات التي تطرأ بمرور الزمن.



زواج الحب فورة بركان أما زواج العقل فهو انسياب نهر هادئ محمل بالخصوبة والحياة ، زواج الحب لحظة جاذبية صاعقة أما زواج العقل فهو جينات وراثية مضمونة ، زواج الحب طبخة جديدة من عناصر غير مؤتلفة وزواج العقل طهي الأم الذي لا يعلي عليه.

تثبت الدراسات الاجتماعية في الشرق والغرب ومشاهدات الواقع أن الزواج التقليدي هو الأنجح والأكثر استمرارا كما أنه أساس قيام علاقات الأسر الممتدة وتشابكات المجتمع القوي الذي يفرد ظله علي كل محتاج وضعيف ، فهو تناسب أسر وتداخل عائلات تقوي نسيج المجتمع وتثبت أركانه.



ولكن السؤال الأعمق هنا هو لماذا لا يستمع الناس لصوت العقل ما دام هذا هو الوضع الأمثل علي مدار التاريخ ؟

هل اتعظ المحبون مما جري لقيس بن الملوح الذي لقب بمجنون ليلي ؟ أو بمصرع روميو وهزيمة أنطونيو ؟ ولماذا تنازل ملك انجلترا عن عرشه في سبيل زواجه بالمرأة التي أحبها وكانت مطلقة أمريكية ( ولم تكن جميلة ) ولماذا تصر فتاة عاقلة رزينة علي الزواج بشاب بسيط وترفض العريس اللقطة الذي يرشحه لها أهلها ويناسب وضعها الاجتماعي ؟ .

لا تسير الحياة دائما بالعقل وحده لأنها لو استمرت هكذا لأصبحت جامدة صلبة لا تتغير ، وإرادة الله أن يكون جوهر الحياة هو التغيير والتداول ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) ومثلما خلق الله الأنهار العذبة المنسابة في هدوء ووداعة خلق أيضا البراكين الثائرة التي تقذف بحممها من جوف الأرض إلي سطحها جالبة معها دمار ومتاعب ثم فوائد وخصوبة وتغيير.

مفتاح الحياة الحركة الدائبة والتغيير وسبحان من له الدوام وحده من يغير ولا يتغير ، ولذلك ومهما كانت النصائح السديدة سيظل الحب وسيلة للتغيير والحراك الاجتماعي

وسوف تخطو تلك الغادة الهيفاء بجمالها الرائع لتخطف قلب ذلك الشاب الثري ابن الطبقة العليا فيجن بها حبا ويفضلها علي ابنة عمه المتصنعة الباردة ، بعد الزواج قد تحدث اختلافات متوقعة ولكن أولادهما سوف يمنحون الحياة طبعة جديدة وبصمة مختلفة ، سوف يصعد درجات من السلم الاجتماعي فرع من العائلة الفقيرة بينما يهبط فرع من سلالة الحسب والنسب درجات عكسية فيعتدل الميزان ولا يميل إلي ما لانهاية لحساب طرف واحد.

الحياة لا تتحيز إلا لمصلحتها هي ومن مصلحتها التغيير والتفاعل ووضع مقادير مختلفة لصنع توليفات جديدة ، سوف يخفق قلب المرأة الثرية للشاب الشهم ذو المواقف الجريئة فتختاره ويتقاسما معا شجاعة الفقراء ونعومة الأثرياء ، ربما لأن حياتها في ظل الوفرة لم يكن ينقصها سوي لذعة الحب.



عدنا مرة أخري للمربع الأول فوجدنا أن زواج الحب وزواج العقل في كل منهما خير حسب وجهة نظر أصحابهما والظروف المحيطة بهما ولكن المعيار الوحيد الواجب اعتباره هنا هو الصدق.

الصدق ذلك المعني الرائع الذي نفتقده عبر عقود من الغش والتدليس والتزوير تسللت حتى لمشاعرنا ، نعم يخدع الكثيرون أنفسهم عندما يتوهمون الحب أو ينخدعون بمن ينصب عليهم باسمه وتكون الطامة الكبرى زواج فاشل وخاسر ومصائب جديدة تضاف لحالات الفشل الاجتماعي التي تمتلئ بها أروقة المحاكم وعيادات أطباء النفس.

الصدق في أحد معانيه هو الانضباط والبعد عن العشوائية فلا نبحث عن الحب في الطرقات ومدرجات الجامعة ثم نلقي بأوهامه علي أول عابر سبيل ، هذا حب مغشوش ومكتوب عليه الفشل ، ولكن نسير بخطي واثقة دائما في طريق النور والصدق ، فإذا كنت فتاة فإن قلبك هو جوهرة حياتك التي تضنين بها علي من لا يستحقها وتترفعين بمشاعرك الراقية عن حب الشوارع ومغامرات الطريق.

فإذا تقدم لخطبتك رجل مناسب وزكاه أهلك وارتاحت له نفسك فأنت ممن اصطفاهم الله وهيأ لهم سبيل الرشد والسعادة بشكل آمن ومدعم من الأهل والمجتمع فلله الحمد علي هذه النعمة.

ولذلك لا أفهم سر نفور بعض الفتيات من هذه الطريقة التقليدية في الزواج وكأنها مصممة أن تنتظر حب قد لا يأتي وتصر علي أن تضع العربة قبل الحصان ، علي أساس أنه لا توجد سوي قاعدة واحدة ( الحب يأتي أولا ) مع أن العكس صحيح جدا بل هو الأقرب للصواب ( الزواج يأتي أولا ثم يتبعه الحب )

يحدث أحيانا أن يأتي الحب أولا ، فهي تتبادل الإعجاب العفيف مع ابن عمها أو جارها أو زميلها في العمل ثم يتوج الإعجاب بالزواج ومع وجود ذلك الشعور بالتقارب بينهما يتم التنازل عن بعض الشروط المادية وتسهيل الزواج وعادة عندما تكون الفتاة مقتنعة بمن تزوجته تفعل المستحيل من أجل إنجاح الزواج ويكون ذلك الشعور المتبادل هو الحافز الأول لاستمرار الزواج.

الحب أم العقل أساس الزواج ؟ كثيرا ما يكون العقل هو الخطوة الأولي التي تفتح طاقات الحب والسعادة بعد الزواج وإذا جاء الحب أولا وتوجناه بالزواج فإن ذلك يحدث أحيانا.

ايمان القدوسى

مش عارف اقولك ايه
بس فعلا موضوع يستحق النقاش المتطور
ان شاء الله لي عوده ثانيه لطرح بعض النقاط في الموضوع للنقاش
شكرا معالي السفير

زواج الحب فورة بركان أما زواج العقل فهو انسياب نهر هادئ محمل بالخصوبة والحياة ، زواج الحب لحظة جاذبية صاعقة أما زواج العقل فهو جينات وراثية مضمونة ، زواج الحب طبخة جديدة من عناصر غير مؤتلفة وزواج العقل طهي الأم الذي لا يعلي عليه.]]
كلام عاقل وحكيم
اللهم استر أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم

ابوحسام

شيخ فراج

شكرا على المرور الجميل بالموضوع والاجاية ببساطة

ان الزواج الناجح هو زواج العقل والقلب فلا هذا يصلح

ولا ذاك يصلح ولكن يجب الجمع ما بين هذا وذاك