كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Support

 

 المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام    المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Icon_minitimeالأحد مارس 04, 2012 12:22 pm

وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً

قلت من الممكن أن تزيد العبادات عن حدها , و قالوا الا العبادات فهي لا تزيد عن حدها , و قال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ( ففي الصحيحين { أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أحدهم : أما أنا فأصوم لا أفطر , وقال الآخر : أما أنا فأقوم لا أنام , وقال الآخر : أما أنا فلا أتزوج النساء , وقال الآخر : أما أنا فلا آكل اللحم فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال : ما بال رجال يقول أحدهم كذا , وكذا لكني أصوم وأفطر وأقوم وأنام وأتزوج النساء وآكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني }) .

و ما أكثرها من أدلة على فضل العالم عن العابد

قال النبي صلى الله عليه واله وسلم: في تفضيل العلم على العبادة والشهادة: فضل العالم على العابد كفضلي على ادنى رجل من اصحابي0
وقال صلى الله عليه واله وسلم: بين االعالم والعابد مائة درجة بين كل درجتين حضر الجواد المضمر سبعين سنة, وقيل يارسول الله, اي الاعمال افضل؟ فقال صلى الله عليه واله وسلم: العلم بالله سبحانه وتعالى فقيل: اي الاعمال تريد؟ فقال: العلم بالله سبحانه وتعالى فقيل: نسال عن العمل وتجيب عن العلم00 قال صلى الله عليه واله ان قليل العمل ينفع مع العلم وان كثير العمل لا ينفع مع الجهل0
روي انه ذكرعند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: رجلان كان احدهما يصلىالمكتوبة ويجلس يعلم الناس, وكان الاخر يصوم النهار ويقوم الليل فقال صلى الله عليه واله وسلم: فضل الاول على الثاني كفضلي على ادناكم0

وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً ,,,, وسطا يعني بدون مبالغة و بدون تفريط
أهل الوسط والاعتدال فهم الذين يعملون بقول الله تعالى في سورة القصص ( وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تبغ الفساد في الأرض ) يقول ابن كثير " أي استعمل ما وهبك الله من هذا المال الجزيل والنعمة الطائلة في طاعة ربك والتقرب إليه بأنواع القربات التي يحصل لك بها الثواب في الدار الآخرة ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) أي مما أباح الله فيها من المآكل والمشارب والملابس والمساكن والمناكح ، فإن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولأهلك عليك حقا " انتهى كلامه رحمه الله.

قال النبي صلى الله عليه و سلم " يا أيها الناس إنكم لن تفعلوا و لن تطيقوا كل ما أمرتم به، و لكن سددوا و أبشروا "، فإن العبادات التي يمكن للعبد أن يتقرب بها إلى الله عز و جل كثيرة جدا و لا يستطيع أحد أن يأتي بها كلها على الوجه الأكمل و لكن بنيته الحسنة لحب فعل الطاعات و العبادات و المداومة على فعل ما يستطيع من العبادات يأخذ الثواب الوفير بفضل الله عز و جل، و لكن هذا الحديث لا يعني أن لا نعمل الفرائض بحجة أنها فوق استطاعتنا و قدرتنا لأن الله عز و جل ما فرض علينا إلا ما نطيق و نقدر عليه بل و أقل مما نستطيع فعله.
لذلك علينا فعل ما نقدر عليه من العبادات و المداومة عليها و يكون ذلك وسط بين الغلو و المبالغة و بين التفريط و الترك.

منقووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام    المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Icon_minitimeالأحد مارس 04, 2012 12:25 pm

د. راغب السرجاني
يخطئ كثير من الناس -من المسلمين ومن غير المسلمين– في تصور أن المسلم المتدين الملتزم هو مسلم مُتشدد في جانب الصلاة والصوم وغيرهما من جوانب العبادة المختلفة، ويخطئون كذلك في اعتقاد أن المسلم الذي يأتي رخصة من الرخص في الدين هو مسلم مُفرِّط مُقصِّر يحتاج إلى تربية وإصلاح!!

إن هذه المفاهيم -ولا شك- دخيلة على الإسلام، وتتنافى مع مبدأ الرحمة التي بُعِثَ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

الدين يسر
والقاعدة الشرعية الرائعة التي تحكم عبادات الناس وحياتهم هي ما جاءت في كتاب رب العالمين واضحة نقية..

قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185].

وهذا واضح في كل أحكام الشريعة، ولقد حرص الرسول صلى الله عليه وسلم عليه في كل خطوات حياته، وفي كل كلماته وأفعاله..

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ ‏‏يُشَادَّ ‏الدِّينَ أَحَدٌ إِلا‏ ‏غَلَبَهُ؛ ‏فَسَدِّدُوا ‏‏وَقَارِبُوا ‏وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا ‏بِالْغَدْوَةِ ‏وَالرَّوْحَةِ ‏وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ"[1].

وقال كذلك: "يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا"[2].
إنه مبدأ واضح في الإسلام، ومخالفته هي مخالفة صريحة للدين، ولا يُعذَرُ المرءُ هنا بحسن نيته، و بعلو همته؛ فإن التشدد منفرٌ، والتعسير يضر أكثر مما ينفع.

الإسلام دين الوسطية
جَاءَ ثَلاثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ ‏يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ ‏فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ ‏تَقَالُّوهَا[3]، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ ‏‏ ‏قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ؟!! قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلا أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلا أَتَزَوَّجُ أَبَدًا؛ فَجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ ‏ ‏إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: ‏"أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ: كَذَا وَكَذَا، أَمَا والله إِنِّي ‏لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ؛ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"[4].

إن هذه القصة لأَصلٌ من أصول هذا الباب في الإسلام.. وفيها بدت الرحمة البالغة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته جميعًا..

لقد استغل رسول الله صلى الله عليه وسلم القصة ليضع قاعدة عامة رحيمة تحكم حياة الناس في الإسلام، وهي أن الإسلام دين الوسطية، وأنه لا يطلب من معتنقيه أن يفرِّغُوا حياتهم للصلاة والصيام والتَّبَتُّل والاعتكاف..

بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم لِيُثَبِّت هذا المعنى ويُرسِّخه في أذهان الناس سلك مسلكين رائعين.. أما المسلك الأول فهو القدوة.. فهو يقول للناس: إنني -وأنا الرسول المكلف بالتبليغ والتعليم، وأنا القريب من الله تعالى- أقوم بما تريدون أنتم أن تُحرِّموه على أنفسكم، فإذا رأى المؤمن ذلك لم يتحرَّج مطلقًا من الإفطار والنوم والزواج لأنه بذلك مقلِّدٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ..

وأما المسلك الثاني فعجيب!! إنه جانب الترهيب والإنذار.. وعجيب هنا أن يُرهِب ويُنذِر مَنْ زَادَ في العبادة، ونشط في التبتل، فقد يقول قائل: إنه قد لا يفرض على الناس عبادات شاقة، ولكنه لا يجب أن يمنع من أراد لنفسه ذلك، ولكن العجيب هنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -من رحمته المبهرة بالمسلمين- يرفض هذه الزيادة ويندد بها؛ لأنها قد تصبح مسلكًا عامًا بعد ذلك يضر بالعموم، كما أن هؤلاء النفر إذا شددوا على أنفسهم فلا شك أنهم سيضرون بدوائر مهمة محيطة بهم كعائلاتهم وجيرانهم ورَحِمِهم وأعمالهم، وغير ذلك من الدوائر التي تحتاج إلى أن يُفرِّغ لها المسلم أوقاتًا وفكرًا وجهدًا..

من هنا جاء التحذير النبوي الواضح: "فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي"..

هذا هو الإسلام لمن لا يعرفه..

وهذه هي مناهجه وشرائعه لمن لم يطَّلِع عليها..

يقول ‏سَعْدِ بْنِ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ[5] رحمه الله: "أَتَيْتُ ‏عَائِشَةَ رضي الله عنها؛ ‏فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ‏أَخْبِرِينِي بِخُلُقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ‏قَالَتْ: كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْآنَ، أَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَوْلَ اللَّهِ تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [سورة القلم: 4]؟! قُلْتُ: فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَبَتَّلَ. قَالَتْ: لا تَفْعَلْ؛ أَمَا تَقْرَأُ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رسول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]؟! فَقَدْ تَزَوَّجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏وَقَدْ وُلِدَ لَهُ"[6].

هذا هو الفهم الذي فهمته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهو -ولا شك- فهم راقٍ صحيح..
وسطية الرسول
وعند حديثنا عن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم في جانب العبادات، وحثِّه على التيسير والتخفيف قدر المستطاع، فإننا نشير إلى أمرين هامين..

أما الأول: فإنه ليس معنى التيسيرِ التفريطَ! إذ لا بد أن يكون التيسير في إطار الشريعة، والفيصل في ذلك هو حياته ، والتي نستطيع بها أن نحكم على الأمر أهو يُسرٌ أم تفريط؟

وأما الأمر الثاني: فهو أن الغرض من حديثنا هذا هو عرض رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين في جانب العبادات، وليس الغرض منه عرض أوجه التيسير التي شرعها الله عز وجل في كل عبادة، فهذا ليس تشريعًا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هو من الله عز وجل، والرسول صلى الله عليه وسلم قد نقله إلينا، ومثال ذلك: التيسير في قَصْرِ الصلاة للمسافر، والتيسير في التيمُّم لمن لا يجد الماء، والتيسير في الإفطار للمريض، ونحو ذلك من أمور، فهذه قد شَرَعها الله ، وطبَّقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام    المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Icon_minitimeالأحد مارس 04, 2012 12:28 pm

مفهوم الوسطية الإسلامية الأساسي

لقد تميزت الأمة الإسلامية بخاصية منفردة لم تكن لأمة من الأمم السابقة وهي ميزة الوسطية التي جعلها الله - سبحانه وتعالى - خصيصة لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم في قوله تعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ) (سورة البقرة : 143) .

ولفظ " وسطا " يعبر عن معنى جديد في الأديان وخلق سام في الدين الإسلامي .

وقد وردت كلمة الوسط ومشتقاتها في ذات المعنى تقريبا مرات عديدة في القرآن الكريم ، منها : قوله تعالى : (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) (سورة البقرة : 238) .

ومن تفاسير هذه الآية أن المراد بالصلاة الوسطى هي صلاة العصر لأنها واقعة بين صلاتي النهار وصلاتي الليل . وقوله - تعالى - في كفارة اليمين Sad فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ) (سورة المائدة : 89) .

يفسر العلماء " أوسط الطعام " هنا بأنه لا مغالاة في جودته أو في رداءته ، وكذلك في ثمنه ما بين غلو في الارتفاع أو نزول في الانخفاض .

وقوله تعالى : (قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ) ( سورة القلم : 28) .

وأوسطهم أى : أعدلهم ، ولفط الوسط لغة بمعنى أنه ما يكون بين طرفين ، وسط الشيء ما بين طرفيه وأعدله . والتوسط بين النقيضين ، والأوسط بمعنى الاعتدال والأبعد عن الغلو ، وكذلك يأتي بمعنى الأفضل ، إذ الوسط بطبيعة الحال محمي من العوارض والآفات التي تأتي أطراف الشيء . ويستعمل الوسط في الفضائل ثم صار الوسط وصفا للمتصف بالفضائل . . . يقال : رجل وسط وأمة وسط .

ويقول الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى : (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ) أي إنما حولناكم إلى قبلة إبراهيم عليه السلام واخترناها لكم لنجعلكم خيار الأمم ، لتكونوا يوم القيامة شهداء على الأمم لأن الجميع معترفون لكم بالفضل ، والوسط هنا الخيار والأجود . . . ولما جعل الله هذه الأمة وسطا خصها بأكمل الشرائع وأقوم المناهج وأوضح المذاهب .

ومعنى الأمة الوسط أنها أفضل الأمم وأعدلها وأكملها وأبعدها عن الغلو ، فمثل هذه الأمة تحميها وسطيتها مما يلحق بأخواتها - إذا جانبت الوسطية- من النقائص والعيوب من جميع النواحي .

ولن نعني بوسطية الإسلام أو وسطية الأمة الإسلامية وسطية تاريخية ولا جغرافية ولا ثقافية ولا عرقية لأن معيار الصلاح والتقوى هو المقياس الذي وضعه الإسلام منهجا تقاس به أفضلية الأمم والأفراد وكمالها . قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (سورة الحجرات : 13) .

والأمة الإسلامية لكونها أمة وسطا وسط لها مسؤولية ربانية مكلفة بأن تحمل أكمل منهج وأقومه في العقيدة والأخلاق والتشريع إلى بقية المجتمعات الإنسانية ، مكلفة بدعوة الأمم الأخرى إلى الصراط المستقيم ، منهج الله الذي يضمن للإنسان والمجتمع الحق والخير ويحقق له السعادة .

وذلك بالأساليب والطرق الحكيمة الرشيدة التي أرشدها الله سبحانه وتعالى في قوله Sad ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) (سورة النحل : 125) .

وكذلك بالقدوة بأن يصبح المجتمع الإسلامي مجتمعا سليما يحقق لأهله وللبشر جميعا الحق والخير والسعادة والاستقرار ، خصوصا في الأوقات والظروف التي يزداد فيها الانحراف والبعد عن المنهج الرباني ويكثر فيها العنف والتطرف وتشويه صورة الإسلام الحقيقية والنيل منه .

ولله در القائل : ضاع هذا الدين (أي الإسلام ) بين الغالي فيه والجافي عنه ، هذه المقولة تفصح عن خطورة الابتعاد عن الوسطية التي هي أبرز سمات الأمة الإسلامية ، الإسلام وسط فلا إفراط ولا تفريط ، وسط فلا طغيان ولا نقصان ، وسط فلا تشدد ولا ترخص ، وسط بين رعاية حقوق الفرد على حساب الجماعة ، أو العناية بمصالح الجماعة على حساب الفرد ، فالوسطية تعنب العدل ، فلا يظلم جانب على حساب جانب آخر ، والوسطية تعني التوازن فلا يختل أمر على حساب آخر ويريد الله - سبحانه وتعالى - للمسلمين أن يحملوا للعالم رسالة الحب والخير والعدل لتحقيق وسطية هذه الأمة ، وكذلك يريد منهم أن يزيلوا الظلم والطغيان ، فلم يحمل المسلمون السيف في وجه الجاهلية إلا لأنها طغت وتجبرت ووقفت في وجه الدعوة الإسلامية ، ولم يشن المسلمون حربهم ضد الفرس والرومان والغدر اليهودي إلا بتجنيهم على القيم الإنسانية العالية التي يعتز بها بنو البشر .

فالإسلام دين وسط واسع الأفق قابل لكل تجديد في سبيل الرقي والتقدم والبناء ويرفض الجمود والتعصب والعنف والهدم .

فوسطية الإسلام تسعى إلى تحقيق منهج في الحياة لإيجاد التوازن في حياة الإنسان الروحية والمادية وفق فطرة الله التي فطر الناس عليها ، منهج يلتقي فيه عالم الشهادة بعالم الغيب ، لأن الإسلام دين عقيدة ترتكز على المادة والروح معا .

فتلك وسطية اكتملت أصولها في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم كما رسمها القرآن الكريم ، ولم تحدث ظاهرة زيادة شيء جديد لها من بعد ، وليس فيها سر ولا نقصان ولا ما يصدم العقل أو العلم أو الفطرة . فالوسطية مزية فريدة للإسلام حتى يطمع كثير من الناس أن تحقق للبشرية عملا مهمًا ، يقول هاملتون جب : أؤمن بأن الإسلام لا تزال له رسالة يؤديها إلى الإنسانية جمعاء حيث يقف وسطا بين الشرق والغرب ، وإنه أثبت أكثر مما أثبت أي نظام سواه مقدرة على التوفيق والتأليف بين الأجناس المختلفة ، فإذا لم يكن بدّ من وسيط يسوي ما بين الشرق والغرب من نزاع وخصام فهذا الوسيط هو الإسلام .


منقوووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Empty
مُساهمةموضوع: رد: المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام    المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام  Icon_minitimeالأحد مارس 04, 2012 12:30 pm


وسطية الإسلام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
الوسطية سمة بارزة من سمات الشرع الحنيف، فهذه الشريعة الربانية متسمة بأنها شريعة السماحة، ورفع الحرج؛ لأنها موافقة للفطرة السليمة للمرء، والإسلام وسط في كل القضايا الدينية، والدنيوية، والعبادات، والمعاملات، ولذا حدد الله - عز وجل - أنه جعل هذه الأمة أمة وسطاً، ومنهجها منهج وسطي فقال: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}1 "إنها الأمة الوسط التي تشهد على الناس جميعاً فتقيم بينهم العدل والقسط، وتضع لهم الموازين والقيم، وتبدي فيهم رأيها فيكون هو الرأي المعتمد، وتزن قيمهم وتصوراتهم وتقاليدهم وشعاراتهم فتفصل في أمرها، وتقول: هذا حق منها وهذا باطل، وهي شهيدة على الناس، وفي مقام الحكم العدل بينهم، والرسول - صلى الله عليه وسلم - هو الذي يشهد عليها فيقرر لها موازينها وقيمها، ويحكم على أعمالها وتقاليدها، ويزن ما يصدر عنها، ويقول فيه الكلمة الأخيرة، وبهذا تتحدد حقيقة هذه الأمة ووظيفتها.
وإنها للأمة الوسط بكل معاني الوسط سواء من الوساطة بمعنى الحسن والفضل، أو من الوسط بمعنى الاعتدال والقصد، أو من الوسط بمعناه المادي الحسي {أُمَّةً وَسَطاً} في التصور والاعتقاد، لا تغلو في التجرد الروحي، ولا في الارتكاس المادي، إنما تتبع الفطرة الممثلة في روح متلبس بجسد، أو جسد تتلبس به روح، بلا تفريط ولا إفراط، في قصد وتناسق واعتدال {أُمَّةً وَسَطاً} في التفكير والشعور، تستمسك بما لديها من تصورات ومناهج وأصول، ثم تنظر في كل نتاج للفكر والتجريب، وشعارها الدائم "الحقيقة ضالة المؤمن أنى وجدها أخذها" في تثبت ويقين".2
مفهوم الوسطية:
"الوسطية هي: تحقيق لمبدأ التوازن الذي تقوم عليه سنة اللَّه في خلقه، وفق نظام رباني، ومشيئة إلهية، ولحكمة أرادها اللَّه - تعالى -، وتقدير مسبق، وثوابت وسنن لا تبديل لها، وهذا التوازن الذي يعني في الوقت نفسه الاعتدال، والتكافؤ بين العناصر والمقومات والمكونات جميعاً، والتكامل فيما بينها؛ هو القاعدة الثابتة للوسطية، وهو الخاصية الجوهرية التي تتميّز بها، فإذا انتفى هذا التوازن فقدت الوسطية عنصرها الأساس؛ لأنها في هذه الحالة تميل مع الأهواء فتصبح تفريطاً أو إفراطاً، وهما بابان من أبواب التطرف في أحد الاتجاهين الإيجابي أو السلبي، وإن كان لا خير في التطرف من حيث هو وإن حسنت النوايا؛ لأنه شرٌّ كلّه، وعاقبته وخيمة في جميع الأحوال"3.
مظاهر الوسطية:
إننا حين نتكلم عن مظاهر الوسطية في الإسلام؛ نتكلم عن أمور كثيرة، ومتغلغلة في جميع شعائر الدين وفرائضه، ولو تحدثنا عنها لذكرنا كل ما يتعلق عن الإسلام من عقائد، وأحكام، وعبادات، ومعاملات، وعلاقات... الخ، ولكنا في مقام لا يتسع لذكرها وسردها، بل لذكر القليل مما في شرائع الإسلام الواسعة، وأحكامه الشاملة التي تشمل حياة الإنسان كلها.
فمن مظاهر الوسطية:
أولاً: وسطية الإسلام في التشريع: ويبرز ذلك من خلال عدة أمور في الشريعة منها:
1. التدرج في التشريع: ولعل من رحمة الله - عز وجل - التي جاء بها نبينا محمد - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه كان لا يحمل الناس على الأحكام جملة واحدة، إنما كان مبدؤه التدرج، وقد قُررت في كثير من الأحكام وبخاصة في المحرمات كإزالة الأصنام من حول الكعبة، ومن المعلوم أنها لم تُزَل من الكعبة إلا يوم فتح مكة، وكالخمر الذي من المعلوم أيضاً أنه لم يحرم مرة واحدة بل حرِّم على التدرج {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}4، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ}5، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}6، وغير هذه القضايا من التي حرمها الشرع الحنيف.
وقد سار الشارع الحكيم في القضاء على هذه المحرمات على منهج التدرج في التحريم؛ تهيئة للنفوس، وترويضاً للنفوس على تقبل أحكام الله، وضماناً للاستجابة الكاملة لأحكام الدين، وقد كان هذا التدرج في تشريع حرمة المحرمات مسلكاً من مسالك العلاج الرباني الفريد لحكمة عظيمة، فإن التمهل في استئصال العادات القبيحة المتأصلة في النفوس، والسائدة في المجتمع من الأمور المتوارثة عبر قرون غابرة؛ لهو الحل الأنسب، وهذا الذي ينبغي على الداعية إلى الله - عز وجل - أن يسلكه.
2. التيسير في الشرائع المفروضة: فإن المتأمل في جميع شرائع الإسلام يجد أنها مبنية على التيسير، بل إن التيسير منهج رباني، ونبوي، وسمة بارزة من سمات هذا الدين، وتتجلى هذه السمة من خلال سيرته - صلى الله عليه وآله وسلم -، وحرصه على التيسير، حيث كان يحث أصحابه على التيسير، ومن النصوص الدالة على أن ديننا دين مبني على التيسير: قوله - عز وجل -: {يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}7 ، وقوله - تعالى -: {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى}8، {مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ}9، {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}10، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا، وَأَبْشِرُوا وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ))11، وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا، وَبَشِّرُوا وَلَا تُنَفِّرُوا))12، بل أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حين كان يرسل الرسل لدعوة الناس كان يأمرهم بالتيسير فعَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعَثَ مُعَاذاً وَأَبَا مُوسَى إِلَى الْيَمَنِ فقَالَ: ((يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا، وَتَطَاوَعَا وَلَا تَخْتَلِفَا))13 وفي هذه النصوص "الأمر بالتبشير بفضل الله، وعظيم ثوابه، وجزيل عطائه، وسعة رحمته، والنهي عن التنفير بذكر التخويف، وأنواع الوعيد محضة من غير ضمها إلى التبشير"14، وقد كان النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مثلاً أعلى في التيسير، فقد كان التيسر ديدنه ومنهجه فعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: "مَا خُيِّرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا"15، بل أن الشارع الحكيم -وكما قرره الفقهاء - قد جعل من القواعد الكبرى في التشريع أن "المشقة تجلب التيسير".
3. العدل في التشريع: فالاعتدال يرادف الوسطية التي ميَّز الله بها هذه الأمة قال - تعالى -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ}16، وقد فسر الرسول - صلى الله عليه وسلم - الوسط بأنه العدل جاء عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدري - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((يَجِيءُ نُوحٌ وَأُمَّتُهُ فَيَقُولُ اللَّهُ - تَعَالَى -: هَلْ بَلَّغْتَ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ، فَيَقُولُ لِأُمَّتِهِ: هَلْ بَلَّغَكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا مَا جَاءَنَا مِنْ نَبِيٍّ، فَيَقُولُ لِنُوحٍ: مَنْ يَشْهَدُ لَكَ؟ فَيَقُولُ: مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأُمَّتُهُ، فَنَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ، وَهُوَ قَوْلُهُ - جَلَّ ذِكْرُهُ -: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}، وَالْوَسَطُ الْعَدْلُ17))18، "فإذا جعل الله هذه الأمة شهداء على الناس يوم القيامة، وعدَّلهم الله بقوله {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً} أي: عدل، فشهادة العدل مقبولة لا ترد، والحكم به واجب في القضاء، فإذا شهدوا على إنسان بصلاح قبلت شهادتهم، وإن كان الأمر في المغيب غير ذلك، وإذا شهدوا على آخر بفساد قبلت شهادتهم، وإن كان الأمر في المغيب غير ذلك؛ لأن على الحاكم القضاء بشهادة العدول، فهذه الأمة شهود، والله عدلهم، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - زكاهم"19.
إن الحديث عن وسطية الإسلام في التشريع حديث طويل؛ لأنه يشمل جميع جوانب التشريع الإسلامي؛ ولأنه ما من شعيرة إلا وهي محفوفة بالوسطية فلا غلو فيها، ولا تفريط فيها.
ثانياً: وسطية الإسلام في منهج الدعوة: بعد الكلام على الوسطية في التشريع، وذكر بعض جوانبه؛ ينبغي أن نتبعه بالمنهج الوسطي في جلب الناس إلى هذا التشريع، ودعوتهم إليه، فالدعوة إلى الدين الإسلامي لم تكن القوة هي التي توجّه ضد الأفراد، والأنظمة المعادية للإسلام، والتي تمنع عن الناس الدعوة، وتضطهد من يُسْلِم عندها، بل لأن الهدف من هذا الدين هو هداية الناس أجمعين دون أن تقتصر الدعوة على جنس بذاته، أو قوم بذاتهم، أو مكان معين؛ فهي موجهة إلى الناس كافة، ولذا فإن اتباع المنهج السليم الوسطي في الدعوة إليه بالأسلوب الذي يعالج كل ما هو منتشر في أوساط المجتمع مما يخالف شرائع الله؛ مطلوب؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - أرسل رحمة للناس أجمعين، فكان المنهج الذي سار عليه في الدعوة إلى الله منحصراً في نصوص منها: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}20 "على هذه الأسس يرسي القرآن الكريم قواعد الدعوة ومبادئها، ويعين وسائلها وطرائقها، ويرسم المنهج للرسول الكريم - صلى الله عليه وآله وسلم -، وللدعاة من بعده بدينه القويم، فلننظر في دستور الدعوة الذي شرعه الله في هذا القرآن، والدعوة بالحكمة، والنظر في أحوال المخاطبين وظروفهم، فلا تستبد به الحماسة والاندفاع والغيرة؛ فيتجاوز الحكمة في هذا كله، وفي سواه، وبالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق، وتتعمق المشاعر بلطف، لا بالزجر والتأنيب في غير موجب، ولا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية، فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة، ويؤلف القلوب النافرة، ويأتي بخير من الزجر والتأنيب والتوبيخ، وبالجدل بالتي هي أحسن بلا تحامل على المخالف، ولا ترذيل له وتقبيح، حتى يطمئن إلى الداعي، ويشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل، ولكن الإقناع والوصول إلى الحق، فالنفس البشرية لها كبرياؤها وعنادها، وهي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق حتى لا تشعر بالهزيمة، وسرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي وقيمتها هي عند الناس، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها واحترامها وكيانها، والجدل بالحسنى هو الذي يطمئن من هذه الكبرياء الحساسة، ويشعر المجادل أن ذاته مصونة، وقيمته كريمة، وأن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها، والاهتداء إليها في سبيل الله، هذا هو منهج الدعوة ودستورها ما دام الأمر في دائرة الدعوة باللسان والجدل بالحجة"21.
إن من الواجب على الداعية أن يكون منهجه في الدعوة هو أعدل المناهج وأوسطها، متبعاً في ذات الوقت هذا القانون الرباني في الدعوة، متمسكاً بكتاب الله - عز وجل -، وسائراً وفق ما سار عليه النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، متقيداً بأمور ينبغي له ولمن تصدر للدعوة التقيد بها، وأن لا تكون غائبة عنه هذه الأمور، وهي:
- التمسك بما أمر الله - عز وجل - في الدعوة {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وهذا هو المنهج الرباني الذي ينبغي على الداعي السير عليه، وهو المنهج الأحق بالاتباع في كل وقت، وفي أي مكان، مع الالتزام بالدعوة إلى الله - تعالى - على بصيرة وعلم {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}22.
- أن يعلم الداعي أن الهداية بيد الله - تبارك وتعالى -، وأن واجبه هو البلاغ فقط، وهذا هو الذي حدَّه الله -عز وجل - لرسوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: {إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ}23، وقال في آية أخرى: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ}24 هذا هو حد الداعي، أما الهداية فهي من الله - عز وجل -: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}25.
إن الواجب على الدعاة إلى الله مخاطبة الناس ودعوتهم بمنهاج الوسطية في كافة أمور الدين علماً أو إفتاء أو دعوة؛ لأن الدين في أصله يرفض الغلو، والتنطع، والتطرف في كل جوانبه، مع عدم استعجال الداعية في قطف الثمر، ولا يحمله عدم استجابة المدعوين إلى التضجر، وترك دعوتهم، والسخط عليهم، وتتبع أخطاؤهم.
ثالثاً: وسطية الإسلام في السلوك والأخلاق التي يدعو إليها، ويحارب ما يضادها: فقد عجز الإنسان قبل الإسلام أن يوجد له نظاماً يدير به نفسه، ويهذب عقله، ويكمل أخلاقه الفاضلة، ويبعده عن الأخلاق الفاسدة، وحين ظهر الإسلام وقف موقف "الوسط في الأخلاق بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكاً، أو شبه ملاك، فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له، وبين غلاة الواقعيين الذين حسبوه حيواناً أو كالحيوان، فأرادوا له من السلوك ما لا يليق به، فأولئك أحسنوا الظن بالفطرة الإنسانية فاعتبروها خيراً محضاً، وهؤلاء أساءوا بها الظن فعدوها شراً خالصاً، وكانت نظرة الإسلام وسطاً بين أولئك وهؤلاء"26، ولذا فإن الله - عز وجل - قد جعل لهذه الأمة أكمل الأخلاق، بل أن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حدد أن حسن الخلق من كمال الدين فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَاناً أَحْسَنُهُمْ خُلُقاً وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقاً))27، وإن من الأخلاق التي جاء الإسلام بها أن أوجب الصدق، والحفاظ على الأمانة، وحرم الكذب، والغش، وشرب الخمر، والزنا، وكل ما يفسد القيم، وأباح التعامل بالبيع والشراء، وسائر أنواع المعاملات، وحرم التعامل بالربا، والتطفيف، والغرر؛ ليكون المجتمع مجتمعاً متحلياً بكل القيم والمُثُل العليا.
كيف نحقق الوسطية:
وهنا قد يسأل سائل: كيف تتحقق الوسطية مع هذه الاختلافات المتعددة؟، وهذا السؤال مهم خاصة في هذه الفترة التي انقسم الناس فيها إلى ثلاثة أقسام: فقسم يدعي الوسطية وهو في الوقت ذاته واقع في الغلو المذموم، وقسم يدعي الوسطية وهو واقع في التساهل المشؤوم، وقسم هو الذي على الحق فهو محقق للوسطية.
وإن ما يحقق الوسطية في المجتمع أمور من تمسك بها فقد حقق الوسطية على الوجه المطلوب، أهمها وأعظمها هو:
- التمسك بكتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - فهما الواقيان من الوقوع في الخطأ، والخروج عن الصراط الذي ارتضاه الله لعباده، وارتضاه رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - لأمته.
- تأصيل مفهوم الوسطية في النفوس من خلال المناهج الدراسية، ومنابر المساجد، والبرامج الإعلامية عبر وسائل الإعلام، والندوات...الخ.
- تحقيق معنى الوسطية على النفوس، وعلى كل راع بمختلف الفئات.
- على العلماء إيضاح معالم الدين، وأنه دين يدعو إلى الوسطية والاعتدال والتسامح، ويبعد كل البعد عن الغلو والتطرف، وأن الإسلام له روح يتميز بها هي روحية التسامح الإسلامي التي يبشر بها كل أتباعه من سياسيين، وعلماء، ومفكرين، تلك الروحية المنفتحة، الروحية المتسامية المتسامحة، الروحية التي تستوعب المستجدات، وتتعامل بحضارية مع طوارئ العصر، وتعزز قيمة الوسطية في سلوك أفراده ومعتقداتهم، ومشاعرهم، وتصرفاتهم، إلا أن هذا لا يعني التمييع للدين، والتنازل عن الثوابت والمسلَّمات باسم الوسطية والاعتدال، فإن الإسلام جاء ليرفع عن الناس الإصر والأغلال والمشقة، ويضمن لهم حياة طيبة ملؤها السعادة والاستقرار، والله - عز وجل - يبين في أكثر من موضع أن هذا لدين دين يوافق الفطرة، ودين عدل ووسط، وينافي الغلو والتطرف والتنطع، والنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أكد هذا المفهوم، فهو الذي ما كان يخيَّر بين أمرين إلا اختار أيسرهما، ومن هنا تأتي أهمية موضوع الوسطية في الإسلام، وأن الإسلام دين السماحة، فأين المسلمين من فهم هذا الدين؟، وما أحوج الأمة إلى فهم دينها كما أمرها الله - تبارك وتعالى -، ودلها عليه رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فبكتاب الله - عز وجل -، وسنة رسوله - عليه الصلاة والسلام - نحقق الدين، ونقيم شعائره على الوجه المطلوب شرعاً دون غلو وتطرف، ودون إفراط أو تفريط.
نسأل الله - عز وجل - أن يهدينا سواء السبيل، وأن يعلي راية الدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


منقووووووووووول
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المفاهيم المتعددة للوسطية فى الاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الى كل من اتهم عبد الناصر بانه ضد الاسلام بعد ان لخصوا الاسلام فى الاخوان المسلمين
» تصحيح المفاهيم فى قضية التوسل بالمصطفى\ الشيخ فراج يعقوب
» الأوقاف‏:‏ قوافل دعوية تجوب المحافظات لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم
» يا امة الاسلام
» كيف انتشر الاسلام

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المـــنــتـــدى الـــعـــــــام :: قسم الحوار-
انتقل الى: