كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
كل جديد ومتميز وحصرى تجدونه هنا فى ومضات السها
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


واحـــــة الإبــداع والفــن والتــألق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها Support

 

 البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها Empty
مُساهمةموضوع: البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها   البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 24, 2012 8:23 am

لم تكن مسألة التطبيع مع الكيان الصهيوني لتثير حفيظتي لو أنها جاءت من شخصيات سياسية مطبّعة فقد اعتدنا منهم هذه الاستفزازات لمبررات واهيات، بل إنهم لا ينتظرون تبريراً أصلاً ما دام ذلك يتوافق مع مراد حلفائهم السياسيين في العالم؛ ولكن الذي يدفع المرء للغضب جداً هو جرأة نفر من الفقهاء والعلماء والدعاة على صدم مشاعر المسلمين واستفزازهم بمعية أرباب الحكومات؛ وهو أمر ينبغي أن نقف عليه طويلاً: فما سر أن يذهب اثنان من أعلام الدعاة والفقهاء إلى بيت المقدس في معية زعامات حكومة عربية تفتح أبوابها للتطبيع بأنواعه، وتعلن اعترافها بالكيان الصهيوني، واعترافها باحتلال شطر كبير من القدس نفسها -وأعني به الشطر الغربي من المدينة المحتلة-؟، ولماذا يترافق هذا مع دعاية سياسية عالية الطنين في ضرورة زيارة هذه الأماكن؟ بل إن السلطة الفلسطينية في رام الله وهي واحدة من أكبر أجهزة التطبيع والتي تنال تمويلها من المجتمع الغربي ومن الضرائب التي تجنيها دولة الكيان الصهيوني لها، هذه السلطة التي لا تكتفي برفع الصوت في كل منبر سياسي للدعاية للتطبيع، بل إنها حملت نحو مائة فلسطيني هذه الأيام من مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان لزيارة الضفة الغربية بحجة زيارة الوطن، بموافقة إسرائيلية كاملة وتصريح زيارة موثق، وفيها شروط إسرائيلية واضحة بعدم دخول المرفوضين أمنياً!

وقد تابعت مع كثيرين حجج المطبعين من هؤلاء القوم، ولا يعنيني هنا أن أذكر أعيانهم فقد جهروا بعملهم وبعضهم ما زال يدافع عن خطيئته فيما التزم بعضهم بالاعتذار الضمني، فأنا أتعامل هنا مع الأفعال وليس الأشخاص، ولا أبيح لأحد أن يستخدم نقاشي وكلامي في خصوماته السياسية والفكرية للانقضاض على أحد، والعبرة عندي أن ما فعله هؤلاء خطيئة يجب بيانها وكشف الشبهات فيها، ولست هنا في معرض الجدال الأصولي أو الفقهي الذي لا يمس جوهر ما نتحدث عنه إذ إن بعض الجهات تستخدم مشروعية زيارة المسجد الأقصى واستحبابها للتغطية على الجريمة التي ارتكبوها وهو ما سنفصله في هذه الورقات، وما يعنيني أيضاً هو أن أكشف للفقهاء والعلماء خطورة هذا الفعل الذي يقع فيه بعض المجترئين دون سؤال لأهل العلم والشأن، وأن أساعد هؤلاء العلماء في تفنيد شبهات بعض المنتسبين إليهم ممن لبَّست عليهم كثرة مرافقتهم للسلاطين وتزيين ذلك لهم.

وقد فرحتُ بتجديد فتوى مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر بشأن الزيارة والإدانة الضمنية التي وجهوها لمفتي الجمهورية المصرية في زيارته الشخصية للقدس بدعوة ملكية!

الحجة الأولى: لا توجد أختام إسرائيلية على الجواز!

الختم على جواز السفر هو من أفعال السيادة التي تمارسها الدول على أراضيها بإعلان الدولة موافقتها على دخول الأجنبي إلى أرضها، وهو ما تفعله سلطات الكيان الصهيوني مع كل أجنبي أو فلسطيني غير مقيم في القدس راغب في زيارة بيت المقدس، ولأن الصهاينة يعلنون سيادتهم الكاملة على بيت المقدس دون اكتراث لوضعها القانوني في الشرائع الدولية التي تعتبر الشطر الشرقي من القدس أرضاً محتلة، والتزام جميع دول العالم بالإجراءات التي يفرضها الاحتلال لدخول المدينة، فإن هذه السيادة في عرف القانون الدولي سيادة ذات بعد قانوني أيضاً لأن الدولة المحتلة مسؤولة عن الأرض التي تحتلها والسكان الذين فيها.

ولأن الحاجة الإسرائيلية كبيرة جداً في حث العرب والمسلمين على زيارة المسجد الأقصى والسياحة فيه كما سأشرح بالتفصيل فقد راعت الدولة الصهيونية بالاتفاق مع أصدقائها العرب على تخفيف مظاهر السيادة الإسرائيلية والتي تتسبب في اعتراض العلماء والمثقفين والسياسيين الوطنيين على هذه الإجراءات الصهيونية، ولذلك لجأ هؤلاء إلى حيلة جديدة تتمثل في إعداد قوائم سفر أو جوازات مؤقتة لمن ترشحه الدولة الصديقة للزيارة، شرط موافقة الدولة الصهيونية عليها، واستكمال الإجراءات السيادية المعتادة على هذه الوثائق التي لا يطّلع عليها الواقعون في مؤامرة التطبيع. أي أن هؤلاء المشايخ الذين وقعوا في فخ التطبيع حصلوا على موافقة إسرائيلية كاملة وختم إسرائيلي على وثيقة رسمية تحوي أسماءهم.

ودولة الكيان الصهيوني التي تجعل من القدس عاصمة أبدية وموحدة لها لا تجامل في أمر فرض سيادتها على هذه المدينة، ومن يظن غير ذلك فهو واهم، وإن ما تفعله مع حلفائها هو تيسير الإجراءات بما يهوّن من شأن الاستفزاز لضمان مصالح أكبر.

الحجة الثانية: الزيارة دعم كبير لصمود القدس وأهلها! ولا يجوز ترك القدس وحدها بيد اليهود!


تبدو هذه الحجة العاطفية مقنعة للعامة نظراً لسطحيتها وسهولة تسويقها وبروز بعض الجهات الفلسطينية المروجة لها وهي جهات تطبيعية معروفة تورطت في أكثر من التطبيع إلى حيث التنسيق الأمني اليومي حفاظاً على المصلحة الأمنية الصهيونية أولاً بتدمير البنية التحتية للمجاهدين وعزلهم عن المجتمع الفلسطيني، ويزعم هؤلاء أن القدس باتت وحيدة في مواجهة المحتل وأنها لا تجد من يناصرها في مواجهة التحديات الصهيونية الضخمة وأن حضورنا الدائم هناك يمنع المحتل من الاستفراد بالمدينة ويعزز الرقابة عليها، وأن ذلك يكشف عن الجرائم اليومية بحق المدينة.

وهذه التقريرات المذكورة هنا لا تحتاج إلى زيارة تطبيعية لكشفها فالإعلام المتخصص والعام يكشف منذ عقود عن الوجه القبيح للصهيونية وأعمال التهويد الدؤوبة، وهناك عشرات المؤسسات العربية والإسلامية ومئات المؤسسات المقدسية التي تناضل من أجل وضع العرب والمسلمين في صورة ما يجري دون أن تحظى أعمالهم بالحضور الملائم، وكان أولى بالعلماء والدعاة أن يستمعوا لصرخاتها وأن يعلنوا تضامنهم معها وأن يفتحوا المجال في منابرهم للمساهمة في واجب الإعلان والتبليغ على الأقل، وهو الأمر الذي قل أن تجده فيهم إذ لم يجعلوا من هذه القضية أولوية لهم، بل كانت إن أحسنّا الظن في قائمة اهتماماتهم!.

والقدس لم تكن يوماً وحدها فالمقدسيون اليوم الذين يقطنون في محافظة القدس يزيد تعدادهم عن ربع مليون، لكن المشكلة أنهم محرومون من الزيارة في مواسم كثيرة، بل إن الفلسطينيين في الضفة الغربية صارت الصلاة في القدس من أحلامهم التي يفعلون الكثير لجعلها حقيقة، وإذا كان من جهد يبذل هنا فهذا الجهد ينبغي أن يكون في توطين هؤلاء المقدسيين وتمكينهم من حماية الأقصى والرباط فيه، ولا يمكن لزيارة عابرة أن تقدم شيئاً يذكر في مواجهة الآلة الصهيونية اليومية التي تفعل الكثير كل دقيقة.

ولا يعني هذا أننا نعني الفلسطينيين والمقدسيين وحدهم بل إننا ندعو كل من يحمل جوازاً لدولة أجنبية غير عربية أو مسلمة تعترف بالكيان الصهيوني أن يذهب إلى المدينة ويشارك في فعاليات التضامن والنصرة بكل ما أوتي من قدرة، وندعو أهلنا في الأرض المحتلة عام 1948 وفي أرض الجولان السوري المحتل أن ينصروا القدس بحضورهم لأن هذا الحضور لا تستفيد دولة الكيان الصهيوني منه بل إنه يكاد يكون مرفوضاً لديهم، فهم يريدون زيارات تخدم خططهم السياسية والاقتصادية والأمنية، لا زيارات تفتح المجال لمواجهات وصراعات، ولو أن العلماء والفقهاء الذين بادروا إلى مفاجأة الناس بفعلهم هذا حثوا الناس على هذا الأمر ويسروا لهم أسبابه بما لهم من علاقات وإمكانات لكان أولى وأجدر بالثناء والقبول.

والمشكلة اليوم ليست في أن نترك المحتل يفعل ما يشاء لأنه يفعل ما يشاء حقاً في القدس دون رادع، وإنما المشكلة هي في عجزنا عن الردع حتى بكلمة موجعة مؤثرة، فهو يفعل ما يشاء ويعلن عن ذلك بوقاحة وتفصيلٍ، ويفتخر بذلك في كل مكان، ولو أننا تقصينا ما يعلن المحتل عنه من سياسات التهويد وأعمالها لأغنانا عن كثير من المشاهدات فهذه اعترافاته المعلنة.

وبمعنى آخر فإن هذه الزيارات لهؤلاء الدعاة لا تحقق معنى النصرة ولا تزيد الأمر وضوحاً ولا تقدم وسيلة دعم أو إسناد بل ضررها أكبر من ذلك كما نشرح.

الحجة الثالثة: السلطات الشرعية الفلسطينية شجعتنا على الزيارة ورحبت بذلك علناً.

السلطة الفلسطينية اليوم سلطة خرجت نتيجة التزام دولي وموافقة إسرائيلية وتقديرِ مصلحة إسرائيلية أيضاً، وهي اليوم تقوم بدور النائب عن المحتل في تقديم الخدمات للفلسطينيين وتحمّلها أعباء تحصيل الدعم والمعونة والمساعدات الدولية ودور تأمين الاحتلال ومنع الاعتداء عليه والإجهاز على أي مقاومة ضده، ومشروع هذه السلطة من أوله إلى آخره هو مشروع إداري وأمنيّ ليس فيه شيء من المصلحة الشرعية، بل إن هذه السلطة أخلّت بواجب الجهاد وانضمت إلى الغاصب المحتل فهي سلطة نيابة عن المحتل وغير شرعية بالمفهوم الديني، وغاية هذه السلطة كما شرحنا مراراً أن تستمر في تحصيل الأموال لدفع رواتب العاملين فيها وتنظيم دخول المساعدات المشروطة وإدارتها، وهي اليوم معروفة بأنها فاشلة سياسياً لم تستطع تحقيق أي إنجاز سياسي ألزمت نفسها به ولا تملك أية خيارات سوى التفاوض مع المحتل لتحصيل بعض المكاسب المؤقتة لا تحصيل حقوق ثابتة.

وهذه السلطة الفاشلة العاجزة المكلفة بهذه الأمور تحتاج إلى امتصاص الغضب الشعبي المتصاعد من عجزها وتخلف برنامجها وسقوط رؤيتها السياسية فلذلك تعمل هذه السلطة ليل نهار من أجل تلويث كل من تقدر على تلويثه بالتطبيع، للاحتجاج به على سوء سلوكها وسقوط رأيها في جعل التطبيع سلوكاً مقبولاً.

وأكثر من كان يحتفي بزيارات الدعاة إلى القدس هم رموز التطبيع الذين عُرف عنهم الإغراق في التنسيق الأمني ومواجهة الحالات الجهادية ضد الاحتلال. لأن ذلك من شأنه أن يشجّع الكيان على تقديم تنازلات تفاوضية، وتجعله يتخذ قرارات "شجاعة" بطمأنينة ودون خوف كما يزعمون.

وبوضوح شديد فإن السلطة الفلسطينية اليوم هي أحد أهم أدوات التطبيع في المنطقة وأخطر جسورها بغرض تحقيق التواصل غير المباشر مع الصهاينة من خلال جهات "فلسطينية محايدة". ويجدر هنا التوضيح بأن سلطات الكيان الصهيوني لا تمانع في وصول أي شخصية دينية أو أدبية إلى مناطق السلطة. بل هي ترحّب بذلك، ما دام الزائر يأتي بموافقتها أو علمها ولن يمارس أي دعوى تحريضية ضدها وسيخدم دعواها الديمقراطية القائمة على احترام الخصوم (لا الأعداء). ومن المهم الرد على ما يروج له سياسيو السلطة بأن زيارة السجين هنا في فلسطين ليست تطبيعاً مع السجان. وهي مقولة مضللة تعتمد عنصر المشابهة في الوصف وتتجاهل المقدمات والنتائج، والدليل أن السجّان الصهيوني يشجّع على هذه الزيارة ويسهّل إجراءاتها، وفي الوقت نفسه يضع العقبات أمام أهل المعتقلين الذين يرغبون في زيارة أبنائهم. ونقول لكل عالم وداعية ومثقف: إننا نحن نحتاج إليك خارج هذا السجن، كي ترسم لنا آفاق الحريّة الممكنة.

وإذا كان هؤلاء الدعاة بحاجة إلى من يعرّفهم بالواقع ويشرح لهم خطورة أعمالهم فهناك جهات علمية ودعوية إسلامية كثيرة تعي خطورة هذا الأمر وهي مستعدة أن تعينهم على الفهم، ولا يستطيع أحد حتى من رموز هذه السلطة الفلسطينية أن يزايد على أمثال الشيخ رائد صلاح والحركة الإسلامية في 48 وهي التي تجعل من حماية الأقصى واجبها وشعارها وسلوكها اليومي.

والشيء المؤسف أن الاحتلال بينما كان يرحب بزيارة الرجلين للقدس وييسر إجراءاتها كان شيخا القدس الشيخ حامد البيتاوي رحمه الله والشيخ رائد صلاح تتجدد قرارات منعهما من الاقتراب من المسجد الأقصى ودخول القدس.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سعيدالعارف الضبع
المراقب العام للمنتدي



عدد المساهمات : 17528
العمر : 37
الموقع : الرياض

البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها Empty
مُساهمةموضوع: رد: البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها   البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها Icon_minitimeالثلاثاء أبريل 24, 2012 8:25 am

الحجة الرابعة: الزيارة تحت الاحتلال فعَلَهَا علماء كبار أيام احتلال الصليبيين للقدس ولا يوجد من منع الزيارة سابقاً في هذه الحالة.

كنت تحدثت في مقالة سابقة عن سقوط دعوى الاحتجاج بزيارة الإمام الغزالي للقدس في زمان احتلالها من الصليبيين، وهي الزيارة التي احتجّ بها الحبيب الجفري في جملة ما احتجّ به، فجاء شيخٌ وصفه الحبيب الجفري في صفحاته الإلكترونية بالعلامة يقال له محمد الأمين أكتوشني الشنقيطي فردّ عليّ وأكد حصول زيارة الغزالي للقدس، واستنتج الأكتوشني من كلام بعض المؤرخين أن الإمام أبا حامد الغزالي حجّ إلى بيت الله الحرام سنة 488هـ وأنه أقام في دمشق عشر سنوات، وأن بعض المؤرخين قالوا إن زيارته للقدس كانت بعد استيطانه في دمشق، وافترض أن الزيارة ستكون وفق حساباته عام 498 هـ أي في الوقت الذي كانت فيه مدينة بيت المقدس تحت الاحتلال.

وهذا استنتاج خاطئ من وجوه:

- أن مدينة بيت المقدس حينها كانت تحت سيطرة صليبية كاملة قاسية ولم تكن هناك أية اتفاقيات مع أية قوة إسلامية بل كانت حروباً مستعرة طُرد فيها آلاف المسلمين من المدينة بل هُجّرت مدن بأكملها مثل مدينة الرملة ودمّرت مدن أخرى حول بيت المقدس كما حدث مع عسقلان، وكان الريف الفلسطيني هو آخر أماكن وجود المسلمين يعملون في الفلاحة والخدمات، وقد قُتل في تلك السنوات الأولى من الاحتلال الصليبي عدد من العلماء منهم الإمام الجوال مكي بن عبد السلام المقدسي الرميلي، وكان كثيرون منهم قد فروا قبل سيطرة الصليبيين على المدينة وبقي في المدينة الحاميات العسكرية وآلاف اللاجئين من المدن الفلسطينية المنكوبة قبل وصول الصليبيين إلى بيت المقدس، وأستبعد جداً أن يكون الإمام الغزالي زار بيت المقدس في تلك الحقبة الأولى من الاحتلال الصليبي الدمويّ.

- وقد تحدث ابن الأثير في الكامل بوضوح أن الغزالي رحمه الله سافر إلى دمشق وزار القدس عام 488 هـ يقول ما نصه في حوادث هذا العام: "وفيها –أي عام 488 ه- توجه الإمام أبو حامد الغزالي إلى الشام وزار القدس وترك التدريس في النظامية واستناب أخاه وتزهد ولبس الخشن وأكل الدون وفي هذه السفرة صنف إحياء علوم الدين وسمعه منه الخلق الكثير بدمشق وعاد إلى بغداد بعدما حج في السنة التالية وسار إلى خراسان "وربط زيارة القدس بزيارة دمشق في ذلك العام يوضح تقارب ميقات الزيارتين إلى دمشق والقدس".

- وأما الدليل القاطع فهو ما حكاه الغزالي نفسه عن رحلته إلى بيت المقدس في كتابه "المنقذ من الضلال"، إذ يقول ما نصه -مع اختصارات لا تؤثر في موضع الجدل-: "ففارقت بغداد، وفرقت ما كان معي من المال... ثم دخلت الشام، وأقمت به قريباً من سنتين... فكنت أعتكف مدة في مسجد دمشق، أصعد منارة المسجد طول النهار، وأغلق بابها على نفسي، وثم رحلت منها إلى بيت المقدس، أدخل كل يوم الصخرة، وأغلق بابها على نفسي. ثم تحركت في داعية فريضة الحج، والاستمداد من بركات مكة والمدينة وزيارة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من زيارة الخليل صلوات الله وسلامه عليه، فسرت إلى الحجاز، ثم جذبتني الهمم، ودعوات الأطفال إلى الوطن، فعاودته بعد أن كنت أبعد الخلق عن الرجوع إليه، فآثرت العزلة به أيضاً حرصاً على الخلوة، وتصفية القلب للذكر. وكانت حوادث الزمان، ومهمات العيال، وضرورات المعيشة، تغير في وجه المراد، وتشوش صفوة الخلوة، وكان لا يصفو لي الحال إلا في أقوات متفرقة. لكني مع ذلك لا أقطع طمعي منها، فتدفعني عنها العوائق، وأعود إليها. ودمت على ذلك مقدار عشر سنين". فهذا النص يحسم بوضوح أنه توجه إلى الشام عام 488 ه وأمضى في دمشق سنتين ثم رحل إلى بيت المقدس أي قبل الاحتلال الصليبي لها، ثم توجه إلى الحج بعد زيارة مدينة الخليل جنوبي بيت المقدس ثم عاد إلى وطنه؛ وأن السنوات العشر التي حكاها المؤرخون لم تكن سنوات إقامة دائمة في دمشق وإنما سنوات الاستغراق الصوفي أثناء وجود الغزالي في الشام بين دمشق والقدس والحجاز؛ وبذلك تسقط حجة أخرى للشيخ الجفري والشيخ أكتوشني الشنقيطي، وهناك حجج أخرى لي أؤكد فيها هذا مضمون النص من كلام شهود زاروا القدس مع الغزالي ورافقوه في دمشق والقدس وكانت لهم معهم طرائف وحكايات أوردها المؤرخون بأسانيدهم سأوردها في موضعها لاحقاً إن شاء الله إذا لم يقتنع المشايخ الأجلاء بحجتي هذه.

- ويحتج الشيخ أكتوشني أن الإمام أبا محمد عبد الكريم السمعاني زار القدس وهي تحت الاحتلال الصليبي، ونقل كلاماً للإمام الذهبي يؤيد ما ذهب إليه، ولو قرأ الشيخُ كلام الذهبي جيداً لعرف أن الذهبي يستنكر ذلك أو يستغربه إذ إن ما فعله السمعاني لم يكن مألوفاً آنذاك؛ يقول الذهبي: "زار -أي السمعاني- القدس والخليل وهما بأيدي الفرنج؛ تحيّل، وخاطر في ذلك، وما تهيّأ ذلك للسلفي ولا لابن عساكر"؛ وكلام الذهبي واضح في أن ما فعله السمعاني لم يستطع فعلُه كبار الحفاظ المرتحلين في طلب الحديث كابن عساكر والحافظ السلفي، أي أن السمعاني كان يقوم بعمل استثنائي لم يفعله أحد من معاصريه مخاطراً بحياته ومستخدماً الحيلة في ذلك، ولم نعرف تلك الحيلة التي اجترحها السمعاني لفعل ذلك، والتغطية عليها دون توضيح يوحي بأنها حيلة غير مأمونة.

وأما زيارات الأعلام الآخرين لبيت المقدس فقد كانت في مواسم الهدنة المؤقتة بين جيوش المسلمين ومملكة بيت المقدس الصليبية، والتي كان من شروطها تمكين المسلمين من زيارة بيت المقدس والسماح بمرور الحجاج المغاربة، ولا يخفى أن تلك الهدنة كانت عسكرية بين جيوش متقاتلة ولم تكن في مثل حالتنا التي تحالف فيها بعض دولنا مع المحتل وعمل على حمايته وضبط حدوده ورعاية أمنه، ومع ذلك فقد مُنع كثيرون من زيارة بيت المقدس لانفساخ الهدنة منهم الإمام أبو النجيب السهروردي الذي لم يستطع تحقيق حلم الزيارة عام 558 ه؛ والطريف في الأمر ورود بعض الروايات التي تتحدث عن زيارات نفر من الصوفية لبيت المقدس للصلاة فيه أيام نور الدين زنكي في مواسم الهدنة، إضافة إلى جماعات من المغاربة القادمين من الأندلس بحراً الذين كانوا يدفعون مبالغ كبيرة للصليبيين للسماح لهم بالمرور لأداء فريضة الحج، وكثيراً ما يقع هؤلاء في الأسر إذا انفسخت الهدنة وهم في أرض الأعداء فكانت هناك صناديق خاصة لفداء الأسرى المغاربة وتحريرهم.

الحجة الخامسة: منعُ الزيارة من المصالح المرسلة التي لم يتفق العلماء عليها.

من أغرب ما وقفت عليه من تبريرا
ت أن منع بعض الفقهاء لزيارة الأقصى تحت الاحتلال يندرج في جملة المصالح المرسلة، ثم أفاض بعضهم في أن هذه المصالح ليست محل اتفاق وهي غير ملزمة في الفتوى إن رأى غيرُك غيرَ اجتهادك؛ والحقيقة أننا نتحدث هنا عن مفاسد جمة من هذه الزيارات وهي مفاسد سياسية كبيرة تؤدي إلى مفاسد شرعية مباشرة، فالتطبيع يعني الانتقال في العلاقات بين الطرفين (المتنازعين) من مرحلة العداء إلى مرحلة طبيعية وتنتفي فيها حالة التناقض أو الحرب وتقوم على أساس المصالح المتبادلة وحسن الجوار والتعاون في الميادين والمجالات كافة.

وجوهر التطبيع كما شرحت في كتابي "دليل مكافحة التطبيع الثقافي" والذي نشره المكتب العربي لمقاومة التطبيع الثقافي، هو إحداث تغيير على الجانب العربي والإسلامي.. على أن يبدأ هذا التغيير بالتسليم بوجود "إسرائيل" كدولة يهودية في المنطقة.. ويمتد إلى تقييد قدرات العالم العربي العسكرية وتغيير معتقداته السياسية.. وإعادة صياغة شبكة علاقاته.. إضافة إلى تحقيق مطالب أمنية وإقليمية... وصولاً إلى تغيير المواقف تجاه هذا الكيان.. بصورة جذرية.

وبقدر ما يبدو التطبيع في ذاته هدفاً من أهداف الاستراتيجية الصهيونية لتحقيق أهداف العدو في المنطقة فإنه أيضا يعد أداة من أدواتها في العمل، ويتكامل مع أدوات العمل الأخرى من عسكرية ودبلوماسية.. فالعمل العسكري مهما كانت طاقاته وقدراته يبقى عاجزاً عن تحقيق جزء هام من الأهداف الحيوية للحركة الصهيونية؛ فهو مثلاً عاجز عن تحقيق إدماج "إسرائيل" في المنطقة، وعاجز عن تلبية احتياجاتها المنظورة لمصادر المياه، كما أنه عاجز عن تلبية احتياجات النمو الاقتصادي، وهذا ما تتكفل به الاستراتيجية الإسرائيلية للتطبيع.

يدير استراتيجية فرض التطبيع جهات أمريكية وأوروبية بالدرجة الأولى بالتنسيق مع المستوى السياسي الصهيوني وفي غياب تام للمستوى الثقافي الصهيوني مما يدل أن الجمهور المستهدف من هذه الاستراتيجية هو الجمهور الفلسطيني والعربي.

ومن ملامح هذه الاستراتيجية:

- تهيئة الفلسطيني والعربي والمسلم ليقبل بالأمر الواقع ويعمل على نشر ثقافة القبول بالآخر، واعتباره المحطة الأولى والأهم لإنجاز مشروع التطبيع.

- اعتماد سياسة الاختراق للوصول إلى مراكز الحصانة الثقافية العربية المتمثلة في المؤسسات الدينية والثقافية والإعلامية من خلال أنظمة البحث الأكاديمي الموضوعي ومناهجه المنفكة عن السياسة.

- اعتماد سياسة التشويه أو التشكيك (من الداخل) ضد التيارات المناهضة للتطبيع.

- اعتماد سياسة التطويق لمنع التيارات المناهضة للتطبيع من الوصول إلى المنابر الإعلامية، وحرمانهم من فرص التمويل الدولية.

- تسخير الإعلام الخاص والدولي لخدمة برامج التطبيع، وحجب منافذ الإعلام المضاد، وتغيير اتجاهات التعامل مع الرموز والقيم من خلال التأثير النفسي غير المباشر.

- استهداف قطاع الشباب والمرأة.

- التوجّه إلى النخب الدينية والفنية والثقافية ذات الحضور الجماهيري في توجيه خطاب متردد أو محايد تجاه التطبيع.

- الترويج لثقافة بناء المستقبل والإعراض عن الماضي بكل ما يحمله من أفكار ومواقف وحوادث تاريخية غيّرت الواقع.

إن الانتماء الثقافي والديني للأمة العربية والإسلامية يشغل حيزاً مهماً من اهتمامات الفكر الصهيوني كمصدر عداء للصهيونية و"إسرائيل"، وفي تقدير أهميته في ميزان الصراع، إذ ينظر إليه في الفكر السياسي الصهيوني على أنه يغذي الصراع كمصدر أساسي من مصادر كراهيتهم، حيث يحفل القرآن والسنة والتراث العربي بالصور السلبية عن بني إسرائيل وعنصرية التراث اليهودي ومجتمعه .

والتطبيعُ الذي يحتاجه الكيان الصهيوني هو تطبيع سياسي اقتصادي وهم غير معنيين بالتطبيع الثقافي فهم يريدون أن يبقوا غرباً قوياً في الشرق الأوسط, ولا يريدون أن ينفتحوا على ثقافة الشرق الأوسط العربية الإسلامية، ولكنهم يستخدمون التطبيع الثقافي والديني من خلال محاولة دفعنا لكسر الحواجز وهدم الجسور النفسية العالية بيننا وبينهم، مما يتيح لهم تنفيذ مخططهم الاستعماري على الصعد السياسية والاقتصادية والأمنية، ولذلك لا تجد أي نشاط رسمي صهيوني يهتم بجانب التواصل الثقافي مع المنطقة في إطار موضوعي محايد غير متأثر بالسياسة.

ويسعى الصهاينة وحلفاؤهم إلى إزالة ما يسميه بعض الدبلوماسيين الأكاديميين المتصهينين بحالة اللبس المتكونة في عقلية الفلسطيني والعربي والمسلم حول (إسرائيل)، بحيث يصبح الكره غير منطقي. ويرون أن إنجاز التطبيع يلغي عمق الثقافة والحضارة ويغرس حقائق مشوهة ومبتورة ويخلق حالة من الرضا والقبول بالواقع؛ ويعمل على تقويض حقائق ظلت لعقود متتالية قاعدة للثقافة الإسلامية والقومية العربية.

ويمثل التطبيع الثقافي والديني الدعامة الرئيسية للتغلغل "الإسرائيلي" في المنطقة العربية لأنه أعمق وأكثر استقراراً من أي ترتيبات أمنية كالمناطق المنزوعة السلاح، ووضع قوات دولية وغيرها من الترتيبات الأمنية .

فالتطبيع الثقافي والديني يبقى هو العامل الحاسم على المدى البعيد لأن الصراع يترسخ في وعي الشعوب وثقافتها وذاكرتها الجمعية ووجدانها، فتصعب عملية هز القناعات وتدمير مقومات الذاكرة الوطنية واختراق الثوابت التاريخية والدينية والحضارية دون إقامة جسور للتواصل والتطبيع الثقافي ومن هذا المنطلق فقد قامت الاستراتيجية "الصهيونية" وتجلياتها المعاصرة على محاولة نزع العداء من الوجدان والعقل والذاكرة، استكمالاً لنزع الأسلحة المقاومة، وهي المهمة التي تضمنها الاتفاقات السياسية والأمنية، وضرورة استراتيجية انعقد حولها الإجماع الفكري في "إسرائيل" ويلتف خلفها المخططون والمنفذون، فقامت بتأصيلها والتنظير لها مراكز بحوث علمية وجامعات ومعاهد وهيئات أكاديمية "إسرائيلية" بحيث تتميز مراكز الدراسات "الصهيونية" ارتباطاتها وتأثيرها على عملية صنع القرار في الدولة "الصهيونية" إضافة إلى أنها تجد الكثير من الدعم والمساندة من أطراف متعددة مثل المؤسسات العامة ومنشآت القطاع الخاص، مما جعل هذه المراكز مستقرة في أوضاعها المالية.

إن أخطر جبهات التطبيع هو التطبيع الثقافي والديني الذي معناه ابتداءً التخلي عن كل ما يحويه المخزون الثقافي من النصوص التي تصنفهم أعداءً.. إلى السماح للفكر اليهودي والصهيوني بالتمدد باتجاه كل القطاعات كما لو أنه إحدى حالات الفكر السائدة التي يحق لها التمظهر في عالمنا بشكل عادي. ولا يستبعد أبداً أن يسعى الصهاينة من ضمن مشروعهم الذين يحاولون فرضه على الأنظمة الى أن يصبح الفكر الصهيوني والإيديولوجيا اليهودية مادة للتدريس في مدارس ومعاهد وكليات داخل العالم العربي والإسلامي.

والصهاينة بحكم خبرتهم في التعاطي مع تشكيل الرأي العام.. يدركون أبعاد هذه الخطوط ويعرفون أن إحراز أي تقدم على هذا المسار إنما يعزز التحرك على الجبهات السياسية والأمنية والاقتصادية لخدمة المشروع الصهيوني التوسعي.

الحجة السادسة: النبي عليه الصلاة والسلام زار مكة في عمرة القضاء وهي تحت قريش وسيادتهم.

وهذا الاحتجاج من أغرب احتجاجاتهم، وهو يكشف بوضوح أنهم لم يتبيّنوا بعد أن سبب رفضنا للزيارة هو وجود محظورات سياسية قوية تفضي إلى مفاسد حقيقية في المستقبل، والفارق كبير بين الحالتين، أي أنه قياس مع فارق، فالتقدير السياسي لدى النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع في الاعتبار اختراق المنظومة الأخلاقية والسياسية والهيبة العامة لقريش في أوساط القبائل العربية إذ تشكّل موافقة قريش على زيارة رسول الله إلى مكة لأداء شعائر دينية اختراقاً سياسياً مهماً يكشف عن تنازل كبير من قريش لصالح المسلمين نتيجة شعور قريش القبيلة الأكثر عداء للإسلام آنذاك وحاملة راية العداء بتحول موازين القوى؛ ولذلك كانت المصلحة السياسية والتقدير الاستراتيجي النبوي باتجاه دخول مكة وهي تحت سيادة كفار قريش، ويأتي هذا في سياق تمكين الإسلام وتعزيز حضوره وضمان انتشاره أي أن هذا التقدير كان صادراً عن مربع سياسي يتجه صوب التمكين السياسي، بعكس الحالة في القدس اليوم فإن التقدير السياسي والاستراتيجي يؤكد بوضوح أن هذه الزيارات تخدم الاحتلال خدمة كبيرة، وأن الفائدة التي قد تعود على المقدسيين من ورائها كبعض المنافع الاقتصادية وبعض الاهتمام الإعلامي لزمان قصير عابر أقل بكثير من حجم الخسارة المتوقعة.

وفي الختام فإنني أتمنى حقاً ألا يستطيل علينا عدونا بمثل هذه الاجتهادات المرهقة وأن يريحنا هؤلاء الأفاضل من تصرفاتهم بحجة أنها زيارات شخصية فعندما يكون الشخص ذا وزن اعتباري فلا مجال للحديث عن سلوك فردي، فهؤلاء لهم مريدوهم وأتباعهم ومن يثق بهم، وقد يضلون بضلالهم ونسأل الله السلامة واللطف.

* مدير مؤسسة فلسطين للثقافة، مدير مركز المخطوطات والوثائق الفلسطينية


نقلا عن مؤسسة فلسطين للثقافة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
البيان الوافي في الرد على شبهات مبيحي زيارة المسجد الأقصى تحت الاحتلال الصهيوني وبيان خطرها
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المـــنــتـــدى الـــعـــــــام :: الموضوعات العامة-
انتقل الى: